|
مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني بين الواقعية والاحلام
نشر بتاريخ: 27/08/2005 ( آخر تحديث: 27/08/2005 الساعة: 21:46 )
مقابلة خاصة مع د. حمدي الخواجا، المدير التنفيذي لمركز الديمقراطية وحقوق العاملين
معــــــــــــــــــــا - ما هو الهدف من تأسيس مركز الديمقراطية وحقوق العاملين؟ تم تأسيس هذا المركز بعد اعلان المباديء بين منظمة التحرير واسرائيل في العام 1993 للدفاع عن حقوق العاملين في القطاعات المختلفة وفي سوقي العمل الفلسطينية والاسرائيلية، حيث لم يكن هناك قوانين قادرة على حماية هذه الحقوق، واصبحت الظروف مواتيه لمراقبة اداء السلطة التنفيذية وتحديدا وزارة العمل بعد ان كانت الاراضي الفلسطينية تفتقد الى المؤسسات الرسمية لادارة الشؤون الحياتية للشعب الفلسطيني، اضافة الى التغييب شبه الكامل لدورالاتحادات العمالية ودخولها في صراع حزبي وفئوي ضيق دون الالتفات الى تمثيل حقيقي للعاملين في القطاعات المختلفة، حيث ان النقابات الرسمية مثل الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين واتحاد عمال فلسطين افتقدت وما زالت تفتقد الى القاعدة النقابية وفق المعايير الدولية، فلا هناك انتخابات واستمر رؤساء هذه النقابات يقومون بدور سياسي ليس بالضرورة ان يكون مرتبطا بوضع العمال والموظفين في مواقع العمل المختلفة. واضاف انه يجري تشكيل قيادات هذه الاتحادات وفق تقسيمات سياسية تتفق الحركات السياسية عليها، لذلك تجد قيادات هذه الاتحادات موزعين على هذه الحركات وفق كوته معينة، منهم من هو قيادي في هذه الحركات او موظف متقدم في مؤسسات السلطة الفلسطينية وحتى ان جزء منهم يحمل رتب عسكرية. فكيف تتوقع من هذه النقابات مراقبة اداء الحكومة والتأثير عليها وهم موظفين فيها. وتابع " لذلك كان لا بد من وجود مؤسسة مثل مركز الديمقراطية وحقوق العاملين لتطرح هذه القضايا امام الجمهور بهدف تغيير الوضع القائم وللدفاع عن العاملين الذين لم يكن امامهم مؤسسة ترعى مصالحهم وتدافع على حقوقهم. كما وان الثقافة النقابية استمرت ثقافة تنحسر في مجموعة سياسية ضيقة مما تطلب من المركز العمل على ايصال هذه الثقافة لاكبر عدد ممكن من الجمهور من خلال دوراته وورش عمله واجتماعاته المتكررة مع جمهور العاملين. وعليه فماذا تعملون وكيف تطورتم؟؟ قال الحواجا "بعد انشاء المركز، وجد نفسه امام جيش من المحتجين على ظروف عملهم او المشتكين على اصحاب العمل بسبب عدم حصولهم على الحقوق التي تنص عليها القوانين المحلية، مما تطلب منه انشاء وحدة قانونية لتلقي الشكاوى العمالية وتقديم الاستشارات المجانية لهؤلاء العمال. مضيفا انه كان في ذهن المركز العمل على تعزيز القدرات النقابية للعمال الفلسطينيين من خلال تدريبهم وتحريضهم على ضرورة تغيير الوضع اللاديمقراطي في الحركة النقابية وغير التمثيلي للعمال في شتى القطاعات واكسابهم مهارات نقابية مختلفة مثل اليات العمل النقابي، المفاوضة الجماعية، الحقوق العمالية حسب القوانين المعمول بها، الضغط والتأثير، اضافة الى اهمية التغيير الاجتماعي. ومع توسع عمل المركز انشأ المركز وحدة متخصصة في التنظيم النقابي، على اسسس ديمقراطية لا فئوية و لا حزبية، تتابع المتدربين في مواقع عملهم وتساعدهم في تشكيل نقابات ديمقراطية مستقلة عن التأثيرات السياسية. ومن الجانب الاخر بدأ المركز بالتحضير لنواة تعمل في موضوع الصحة و السلامة المهنية حيث تمكن من انشائها لاحقا لتقوم بدور توعوي تدريبي ضاغط لتحسين بيئة العمل في القطاعات المختلفة، ثم انشأ المركز في العام الماضي عيادة متخصصة لفحص العاملين واكتشاف امراض واصابات المهن التي يعملون بها. ومن خلال مشاركته في التخفيف من وطأة البطالة والفقر قام المركز في العام 2001 باطلاق مشروع تشغيلي يقوم المركز بتغطية نصف راتب العامل ويقوم صاحب العمل بتغطية النصف الثاني ولفترة ثلاث شهور، وقد تمكن عدد من العمال الذين تم تشغيلهم بالحصول على وظائف دائمة لدى مشغليهم. اضافة الى كل ذلك يعمل المركز محليا ودوليا في مناهضة العولمة والليبرالية الجديدة التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية وشركائها الرأسماليين. واردف "عربيا تمكن المركز من الدعوة لعقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد عربي لتعليم وتثقيف العمال وقد تكلل المؤتمر بالنجاح وبدأ الاتحاد ينشط على الصعيد العربي، حيث جزء كبير منه بدون حركة نقابية ديمقراطية فاعلة ومؤثرة. ما هي انجازاتكم منذ تأسيس المركز؟؟ قال هناك انجازات مرئية واخرى غير ذلك، لنبدا بالشق الثاني:" فقد سارع المركز ومنذ انشائه بشن حملات الضغط على السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي لاقرار القوانين ذات العلاقة بالعمال والدعوة الى تلبية احتياجاتهم من العمل والتقليل من فقرهم وافقارهم واجراء الدراسات المحفزة للرأي العام في موضوع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفضح الانتهاكات الاسرائيلية دوليا. اما الشق الثاني فهو يعطينا ارقام حول هذه المنجزات فمثلا حتى العام 2004 تبنينا اكثر من 6500 قضية لعمال يعملون في سوق العمل الفلسطيني والاسرائيلي العام منه والخاص، وتم حل 2894 قضية منها جلبت لمستحقيها حوالي 3.8 مليون دولار. و من الناحية الاخرى تمكنا من توفير اكثر من 40 الف استشارة قانونية للعمال فرادا وجماعات. وعقدنا 650 لقاء توعوي للعمال والعاملات شارك فيها ما لا يقل عن 23 الف مشارك. اصدرنا 40 مادة توعوية (مطوية) في مجالات مختلفة اضافة الى مجموعة كبيرة من التقارير والدراسات والمجلات. وفرنا تدريب لـ 1900 متدرب في 112 دورة تدريبية، وعقدنا 34 ورشة عمل تناقش مواضيع اجتماعية وحقوقية مختلفة، نظمنا مسيرات وشنينا حملات ضغط وبنينا نقابات ديمقراطية مستقلة في قطاعات مختلفة مثل الكهرباء، البلديات، القطاع الصحي، الحجر، وانشأنا اتحاد اللجان المستقلة في قطاع غزة ليمثل اكثر من 12000 عامل وعاملة، ووجدنا 2600 فرصة عمل للعاطلين عن العمل. ما هي توجهاتكم المستقبلية؟ لدينا مجموعة من الاهداف الواقعية، فبالاضافة الى الاستمرار في انشطتنا السابقة، سنعمل بكل قوة باتجاه العمل على دمقرطة الحركة النقابية في فلسطين ولو ادى بنا الامر الى انشاء كنفدرالية للاتحادات واللجان العمالية المستقلة لتكون نموذجا ديمقراطيا يحتذى به ليس فقط من قبل الاتحادات العمالية غير الديمقراطية بل ومن قبل العالم العربي جميعا. فبدون حركة نقابية ديمقراطية سوف لن يكون للعامل الذي يكد ويتعب اي دور يلعبة سواء في مكان عمله او في المشاركة في صنع السياسات الوطنية. وتابع "سنكثف من حملاتنا التي تستهدف تفعيل الدور الرقابي للسلطة الوطنية وخصوصا في مواقع العمل، وتفعيل واستقلالية القضاء وسرعة البت في القضايا العمالية، واستكمال منظومة التشريعات التي تخص الفئات المهمشة ومنهم العمال، فمثلا لدينا مواقف من مشروع قانون النقابات الذي طرح في القراءة العامة للمجلس التشريعي كونه لا يلبي المعايير الدولية من حرية التنظيم النقابي وخصوصا في القطاع العام، ولدينا الحاح لضرورة البدء في وضع نواة لقانون ضمانات اجتماعية حيث ان قانون التأمينات الاجتماعية لا يلبي الحد الادنى من الحاجات الاجتماعية، عوضا عن كونه مجمد التطبيق حتى الان، وتدور الامور حول امكانية شطبه او تاجيله والاستعاضه عنه بقانون تقاعد معدل ليضم القطاعين العام والخاص. كما ان مجموع العوامل التي حولنا تؤهلنا للبدء بالضغط الفعلي باتجاه عرض مطالب الحركة النقابية الخاصة بالاصلاحات الادارية والمالية في المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني هناك الحركة النقابية التي حولنا ستكون السند والمعيل لنا في تحقيق رسالتنا. هل لديكم دورفي مشاريع ومقترحات السلطة الوطنية الخاصة بعملكم وتحديدا وزارة العمل؟؟ ارى بان رئيس السلطة الوطنية يحاول ان يعمل اشياء ايجابية لهذا الشعب، لكنه على ما يبدو يستضم بجملة من المعيقات ومنها معيقات بشرية لها مصالح مختلفة في ابقاء الوضع كما هو، ونتطلع الى شراكة حقيقية بين السلطة الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني كما اشار وزير العمل في بيان صحفي نشر مؤخرا. كما واننا نلاحظ التطور الحاصل في اداء وزارة العمل ونتابعه باستمرار، ربما تكون الوزارة محقة في بعض الامور الا ان هناك جملة من المواضيع التي للوزارة تغيب كبير فيها ومنها تفتيش العمل ودمقرطة الاتحادات العمالية المختلفة واعاقة عمل النقابات التي يساهم المركز في انشائها، واقتراح باقي منظومة التشريعات العمالية، فهل يعقل ان السلطة قائمة منذ 13 سنة وحتى الان غير قادرة على سن قانون للنقابات او تنفيذ قانون التامينات الاجتماعية او تحديد الحد الادنى للاجور او مراقبة اداء المؤسسات الحكومية التي يوجد لديها من العمل الكافي لاشغال وقت موظفيها بدلا من البطالة المقنعة التي يعيشها القطاع العام. فهناك حاجة لتفعيل لجنة الكسب غير المشروع، الرقابة العامة، استقلالية القضاء وسرعة البت في القضايا، تنفيذ قرارات الحكم واعادة الثقة بين الجمهور في القطاع القضائي. اليوم نلاحظ انخفاض في معدلات البطالة بسبب برنامج التشغيل الا ان ذلك غير واقعي كون ان هذا البرنامج هو لبضع شهور وكما صرح وزير العمل انه غير دائم، ولذلك فانه من المتوقع ان تعود معدلات البطالة الى الارتفاع بعد انخفاض وتيرة البرنامج، كما ان هذا البرنامج يوفر اجور اقل من خط الفقر وبالتالي لا يساهم في تخفيض نسبة الفقر في فلسطين ولكنه قد يساهم في تخفيض نسبة المحرومين والجياع للاسر المستفيدة من البرنامج ولكن لفترة محددة فقط، وتعود هذه الاسر بعد انتهاء فترة تشغيل معيليها الى المربع الاول. واوضح الى ان وزير المالية اشار في احدى الصحف الفلسطينية ان 95% من الموازنة يذهب لبند الرواتب بعد ان كان في السنوات الماضية حوالي 50%، والسبب يعود الى انخفاض ايرادات السلطة الوطنية. يعني ذلك ان موظفي هذه الوزارات سوف لا يكون لديهم القدرة على التحرك سواء بطباعة مواد او التنقل او الصرف على اي انشطة تشغيلية اخرى مما يؤثر على انتاجية هؤلاء العاملين ويترك الناس دون خدمات حقيقية لمؤسسات القطاع العام. فهناك حاجة الى تطوير امكانيات السلطة الوطنية ومنها الامكانات المادية والبشرية المدربة. كل ذلك له انعكاسات على منظومة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين ويترك اثار سلبية كبيرة. |