وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حمى الأبراج العالية تضرب إسرائيل التي تحاول التشبه بنيويورك

نشر بتاريخ: 22/02/2014 ( آخر تحديث: 26/02/2014 الساعة: 10:28 )
بيت لحم- معا- كانت حتى قبل سنوات ليست بالكثيرة الأبنية المرتفعة في إسرائيل أمرا مستهجنا ويثير الفضول ومنحت سكان تل أبيب شعورا بأنهم في مدينة نيويورك لكن هذه الابنية باتت في الفترة الأخيرة تشكل جزءا من المنظر العام حيث يوجد عشرات الأبراج المرتفعة المخصصة للسكن تنتشر في جميع المناطق.

ففي مدينة " اور عكيفا" هناك برج مكون من 15 طابقا وفي حيفا تجاوزت الأبراج هناك الـ 30 طابقا ووصلت الحمى إلى حدود مدينة ديمونا في أقصى الجنوب مرورا بعسقلان ويبنا وبيتح تكفا وحولون وفقا لتعبير موقع " يديعوت احرونوت " الالكتروني صاحب التحقيق القصير المنشور اليوم " السبت ".

وخاضت دراسة خاصة أجرتها شركة التسويق العقاري" الدار" ووصلت إلى الموقع الالكتروني في تفاصيل الأبراج العالية وعددها ومكانها فيما أسمته بحمى الأبراج التي تضرب مؤخرا إسرائيل.

ووفقا لمعطيات مكتب الإحصاء المركزي لعام 2013 فان 16% من الشقق السكنية الجديدة التي بنيت في إسرائيل تقع ضمن أبراج سكنية يزيد ارتفاعها عن 16 طابقا ويوجد حاليا في إسرائيل 38:270 شقة سكنية في مراحل البناء المختلفة بينها 13:939 شقة ضمن أبراج سكنية يزيد ارتفاعها عن 16 طابق .

واعتبر مدير عام شركة " الدار " روني كوهن " النسبة متدنية نسبيا داعيا إلى مزيد من البناء العمودي قائلا " لا يوجد في إسرائيل الكثير من احتياطي الأراضي لذلك يجب بناء أبراج مرتفعا قدر الإمكان لمصلحة الأجيال القادمة وبهذا يمكننا أيضا تخفيض أسعار الشقق السكنية ".

لكن لا يفكر الجميع في إسرائيل بطريقة " كوهن " حيث تطرح ظاهرة الأبراج الكثير من الأسئلة المتعلقة بنجاعتها وجدواها مثل هل حقا هناك حاجة لبناء الأبراج ؟ وان شخصا أو جهة ما تحاول استغلال أزمة السكن لربح المزيد من الأموال ومن ثم تترك الناس مع كتل خراسانية هائلة إلى الأبد؟ والاهم كيف يمكن للإسرائيليين التعاطي مع التكلفة المرتفعة لادارة هذه الأبراج ؟

وفقا لأقوال " امير روزنبلوم " صاحب شركة " عيدن شني" لإدارة المباني فان تكلفة صيانة البرج الذي يحتوي على بركة سباحة وغرفة لياقة تتراوح ما بين 18-25 شيقل للمتر المربع الواحد فيما تصل تكلفة صيانة الأبراج الأقل درجة وجودة إلى 650-1200 شيقل للشقة الواحدة ما يعني 12 شيقل للمتر المربع في شقة مكونة من 4 غرف وفي الأبراج التي لا يقف على بابها حراس امن فان تكلفة الصيانة تتراوح ما بين 750-500 شيقل شهريا للشقة الواحدة في الطوابق العليا و 300 شيقل شهرا للشقة الواحدة في الطوابق السفلى .

ويوصي صاحب الشركة المذكورة سكان الأبراج أن يشرعوا منذ السنة الثانية لإشغالهم شققهم بتخصيص ما بين 750-500 شيقل شهريا لأعمال الصيانة وذلك في الأبراج العادية و 2000-3000 شيقل في الأبراج الفاخرة لان تصليح أنظمة الخدمات في الأبراج المرتفعة وصيانتها أمرا يكلف الكثير من المال فعلى سبيل المثال تكلف عملية إصلاح نظام التبريد حوالي 80 ألف شيقل وكلما تقدمت البناية أو البرج " بالعمر" ترتفع تكلفة الصيانة اليومية تماما مثل السيارة "

300 شيقل شهريا في أول عامين من السكن

قالت البروفيسور " راحل الترمان" المتخصصة بتخطيط المدن والقانونية العامة في مركز أبحاث المدينة المنطقة التابع لمعهد " التخنيوين " واتي تعمل ليلا نهارا على وقف ما وصفته بـ "جنون البناء العمودي المرتفع" أول شيء تعتبر الأبراج العالية أبنية ذكية ومتطورة وتتضمن خدمات متطورة وأنظمة تدفئة والتخلص من النفايات والري وكافة الخدمات الأخرى وهذا الأمر يكلف الكثير جدا من الموال وفقط أصحاب الدخول المرتفعة يمكنهم تحمل هذه المصاريف .

وأعرب البروفيسور عن اعتقادها بعدم وجود جهاز أو نظام لإدارة المباني السكنية في إسرائيل وقال " النظام القانوني الموجود حاليا يتعلق بإدارة الأبنية المشتركة المكونة من 3-4 طوابق القائم على التطوع ويتضمن الخدمات الأساسية مثل النظافة "غسيل بالمياه "، المياه الخاصة بالحديقة إضافة إلى عزل السقف ومنع تسرب المياه وهذه العملية تتم كل عدة سنوات لكن في الأبراج هناك غربة "وعلاقات رسمية تربط بين سكانها حيث تختفي مصطلحات مثل الضغوط الاجتماعية والتضامن وحين يدور الحديث عن العلاقات بين 80-120 ساكن ومالك فان نظام إدارة المباني المشتركة سابق الذكر لا يفي بالغرض وفي الضواحي حيث يسود الفقر وقلة الأموال لا يمكن وصف الأبراج بأقل من كارثة قومية ".

وأضافت البروفسور راحل" يعرض المقاول معطيات خاطئة ومضللة تتعلق بالشقق وتكلفتها ويدعي بان هناك شركة ستقوم باعمال الصيانة المطلوبة بتكلفة منخفضة لكن في الحقيقة الخدمات التي تقدمها هذه الشركة هي خدمات أساسية فقط ولفترة أول عامين فقط من عمر البناء ولان من مصلحة المقاول ان يهدأ السكان فانه يتحدث عن 300 شيكل شهريا فقط تدفع للجنة البناية لكن هذا عبارة عن وهم وتضليل لان التكلفة الحقيقية تقف عند حدود 1000 شيكل شهريا لان البرج عبارة عن آلة ذكية ومغلقة تحتاج الى صندوق مالي مخصص لأعمال صيانة المنظومات الثمينة والغالية التي يحتويها البرج ".

وشخصت " راحل" تقاطع المصالح الخاصة ببناء الأبراج المرتفعة ضمن ما أسمته بـ " المثلث المقدس" المقاول الذي يجني الكثير من المال مقابل حصوله على حقوق البناء الكثيرة ، رئيس البلدية حيث يقام البرج حيث يتلقى أموال طائلة ودفعة واحدة بدل الضرائب المتنوعة أما الطرف الثالث في هذا المثلث فيتمثل ب المنظمات البيئية والخضراء التي تعتقد بان البناء العمودي يسمح بمزيد من المناطق المفتوحة لكنها بدأت منذ ألان تدرك خطأ هذا الاعتقاد والمفهوم .

إسرائيل ليست نيويورك ، لا يوجد بنية تحتية مناسبة هنا

إذا اعتقدتم بأنكم تريدون السكن في برج لتتمتعوا بامتيازات إضافية وراحة بال شككت "راحل" بهذا الاعتقاد قائلة بان ثقافة ومفاهيم البناء والتجديد الحضري في إسرائيل قائمة على فكرة منح مزيد من حقوق أبناء لكن هذه المفاهيم لا يمكن تطبيقها في الأبراج حيث لا يمكن إضافة أي شيء حتى لو غرفة صغيرة ما يعني إن هذه الأبراج عبارة عن جهاز مغلق يهرم مع مرور الزمن دون إمكانية إضافة أي شيء عليه ما سيحوله إلى أبنية جاذبة للفقراء والفقر وستتغير تركيبة سكانها مع الزمن ليحل مكان الأوائل أشخاص يعانون من ظروف صعبة جدا أو كما يوصفون بإسرائيل " السكان الصعبين".

وتعتقد " راحل" بضرورة البناء الأفقي في المدن "يستوجب بناء الأبراج وجود مسافة كبيرة جدا تفصل بينها لذلك فان البناء المتراص والمترابط والمكون من أبنية ترتفع لثمانية طوابق كما يحدث في المدن الأوروبية هي الطريقة الصحيحة والتي تحافظ على طبيعة ومساحة المدن ".

"نحن لا نعيش في نيويورك ولا نملك البنية التحتية الخاصة بالأبراج لكن هذا الأمر لا يهم ولا يعني من يوقع على مخططات البناء هذه الأيام لان من سيدفع الثمن مستقبلا لا يمكنه القيام بهذه الأعمال حين أسير في شارع روتشيلد بمدينة تل أبيب لا فاهم كيف يوافقون على بناء هذه الأبراج " قال " يسرائيل غودوفيتش" هندس بليدة تل أبيب السابق .

وأضاف "ماذا بالنسبة للاغتراب ؟ ماذا بالنسبة لعدم إمكانية تربية طفل داخل البرج ؟ كيف يمكن لطفل أن يهبط بالمصعد مسافة كبيرة كل يوم ؟ وأخيرا ، من يملك الأموال ليتحمل تكلفة الحياة المرتفعة داخل هذه الأبراج ؟ فور نفاذ أموال السكان ستبدأ المشاكل وستتحول جميع الأبراج إلى بؤر للفقر والفقراء والمشاكل الاجتماعية ان هذه الأبراج لا تلائم سوى الأثرياء ويبدو أن إسرائيل تعج بالأثرياء وهذا ما قد يفسر وجود كل هذا العدد من الأبراج ".

وأخيرا قال المخمن العقاري "حاييم مسليت" بان الأبراج السكنية لا تلائم كافة الأماكن فهناك أماكن وبلدات لها طابعها الخاص فمن غير الصحيح أن ندمر هويتها الخاصة وان نبني برجا يجثم على صدرها هذا من ناحية ومن الناحية الاقتصادية فان الشقق السكنية داخل الأبراج تكلف أكثر بكثير من الشقق العادية وصحيح إن وسط البلاد لا يوجد الكثير من الأراضي الصالحة للبناء لكن الضواحي تمتلك الكثير من هذه الأراضي كما إن تكلفة بناء هذه الأبراج ستقع في نهاية المطاف على عاتق المستهلك دون غيره".