|
"معا" تفتح "ملف حادث جبع المأساوي" بعد مرور عامين على وقوعه
نشر بتاريخ: 23/02/2014 ( آخر تحديث: 23/02/2014 الساعة: 15:56 )
القدس- معا - في الذكرى الثانية لحادث جبع الأليم الذي أودى بحياة ستة أطفال ومعلمة من مدرسة "نور الهدى" تستعاد صور الحادث ومشاهد الموت والاصابات وتتجدد الدعوات بالرحمة للضحايا والمطالبات بضرورة الحذر على الطرق والقيادة بتأنٍ وانتباه.
لكن عائلتي جويلس والبحري لم تغب عنهما صور وذكرى الحادث منذ وقوعه حتى اليوم... فالطفلتان ميرا وتالا شاهدتان على المأساة، وهما أمر واقع يُذكر يومياً بمعاناتهما وألم لعائلتيهما، اضافة الى اثارتهما تساؤلات عن المسبب والعقاب الذي يستحقه، ونظرة المجتمع والمدرسة والمؤسسات الرسمية والتربوية اليهما، ومدى التقصير بحقهما، لا سيما وأن الحادث اعتبر "كارثة وطنية". وما يزيد من معاناة عائلة جويلس والبحري هو "عدم الكشف عن المسؤولين ومعاقبتهم" ومحاولة التهرب من المسؤولية، طوال العامين الماضيين، وبالعودة الى الحادث الذي وقع بتاريخ 16-2-2012 وتحقيقاته فقد تبين ان الحافلة التي نقلت الأطفال للرحلة الترفيهية من موديل عام 1985، وهي تابعة لرئيس نادي عناتا -شركة الواحة، وتبين انها غير صالح للسير بسبب قدمها وتم "تزيينها" من الداخل بالأخشاب الأمر الذي أدى الى سرعة انتشار النيران كما ان الزجاج الخلفي مغلق بالصاج، متسائلة العائلتان كيف قامت وزارة النقل بترخيص الحافلة وهي غير مؤهلة؟ |266976| وناشدت عائلتا جويلس والبحري الرئيس الفلسطيني عبر وكالة معا إلى إعادة فتح التحقيق في القضية، ومعاقبة المسؤولين، وإلزام شركة التأمين الفلسطينية دفع ما يفترض به بهذه الحالات وعدم التنصل من مسؤوليتها، كما تساءلتا : أين التوصيات التي خرجت بها اللجنة الوزارية بعد الحادث المؤلم التي لم تترجم على أرض الواقع، وبقيت معظمهما "حبر على ورق"؟؟ كما دعيا السلطة لمساعدتهما في علاج ابنتيهما، خاصة وانهما بحاجة الى عمليات جراحية علاجية تجملية كثيرة، علما ان الرئيس الفلسطيني أمر بعلاج جرحى الحادث منذ اليوم الأول وتحمل كافة النفقات اللازمة. واعتبرت عائلتا جويلس والبحري أن مدرسة "نور الهدى" هي المسؤولة الأولى عن الحادث، بسبب نقلها الطلاب الاطفال في حافلة قديمة، وعدم فحصها والتأكد من جاهزيتها. |266977| وأشارت العائلتان الى وجود قرار بإغلاق مدرسة" نور الهدى" ، الا انها عادت فتح أبوابها باسم الشهيدة "علا الجولاني" المعلمة التي استشهدت بالحادث، وذلك بعد ايام من تبرئة المدرسة من المسؤولة، حيث حصل الحادث بتاريخ 16-2-2012 وقرار فتحها صدر بتاريخ 22-2-2012. ولعل ما ترك اثرا في عائلة جويلس والبحري هو عدم اهتمام المدرسة بإبنتيهما، حيث لم تقم الهيئة التدريسية أو التعليمية ولو بزيارة واحدة للوقوف إلى جانبهما ولو معنوياً بل على العكس كان ردهم دائماً أن التحقيق برأهم وأخرجهم من طائلة المسؤولية ولم يعودوا أصحاب علاقة بما حدث ويتوجب علينا ملاحقة شركة التأمين وصاحب الشاحنة وان دورهم انتهى بانتهاء التحقيق. وقال والدا ميرا وتالا:"نحن نؤمن بالله ونشكره على ما اصابنا ولكن لا نريد ان نقول "قضاء الله وقدره" فقط بل نريد ان نقول كما تعلمنا "اعقل وتوكل"، فهل من المعقول أن تقوم ادارة مدرسة بتسيير رحلة في جو عاصف وماطر بحافلة قديمة تفتقر لادنى مستويات السلامة، علما ان التقرير النهائي اظهر ان عدد الركاب في الباص كان 66 راكبا (61 طفلا و4 معلمات والسائق). |266975| فساد وتلاعب.. نريد محاسبة المسؤولين ويقول والد ميرا جويلس:" لقد حصل فساد وتلاعب في صرف "الشيكات" والمساعدات التي أمر الرئيس الفلسطيني بتوزيعها على عائلات المتضررين، بصرف 86 شيكا، بقيمة 1000 دولار كل منها، علما ان لجنة خاصة شكلت لمتابعة بيوت العزاء وعائلات الجرحى، وعلى رأسهم "نائب محافظ القدس"، الا ان قائمة اسماء الجرحى قدمها "نادي عناتا" صاحب الحافلة التي نقلت الطلاب!! سائق الشاحنة بانتظار المحاكمة... كما أوضحا أن المحكمة المركزية بالقدس أدانت سائق الحافلة (وهو سائق جديد) بالتسبب بوفاة 7 أشخاص، بسبب السرعة الزائدة (حيث المسموح فيها 55 كم/س وكانت سرعته 95 كم/س، واضافة الى قلة انتباه والتجاوز عن خطين فاصلين متواصلين، علما انه من المتوقع أن تكون جلسة النطق بالحكم في السادس من الشهر القادم. ميرا جويلس.. روح الطفولة والذكاء رغم الحروق والتشوهات رغم الحروق التي غيبت ملامحها والأطراف المبتورة التي سببتها الحروق الا ان روح الطفولة والذكاء تظهر في الطفلة ميرا جويلس "7 سنوات"، وهي واحدة من الناجين من الحادث، لتروي حالتها احدى أقسى المشاعر والآلام لعائلتها يومياً رغم مرور عامين على الحادث. مراسلة وكالة معا أجرت لقاءً مع العائلة التي تقطن في مخيم شعفاط "حي رأس خميس" .. فوالدها عادل جويلس ووالدتها يسترجعان الذكريات كلما نظرا الى ميرا.. ويحملان الجميع مسؤولية معاناتها. وفي ذلك الشأن يقول والدها :"لقد اعلن الرئيس عباس يوم الحادث بأنه "كارثة وطن" لكن للاسف لم يتم التعامل معه على هذا الاساس، نحن نطالب اليوم بمحاسبة كل مسؤول عن الحادث وكل شخص تلاعب في مجريات التحقيق وتنصل من مسؤوليته". وتساءل جويلس:"ماذا قدمت وزارة التربية والتعليم لضحايا حادث جبع؟؟ هل سألتم عن مستقبلهم؟؟ ماذا ينتظرهم؟؟"، مضيفاً :"لم تتدخل الوزارة بحجة ان المدرسة خاصة علما انها مرخصة من قبل الوزارة نفسها، وهي لم تتابع مجريات التحقيق وملفاته بالكامل، علما ان هناك قرار صدر باغلاق المدرسة بعد الحادث لكن المدرسة وبعد عامين لا تزال تستقبل الطلبة، ولكن بتغيير الادارة واسمها فقط". |266978| وأردفت والدتها قائلة :"المسؤول هي المدرسة.. اريد محاسبتها، هي المذنب، هي التي نقلت الطلبة بالحافلة دون التأكد منها، ولو ان الحافلة فيها وسائل الامان لكانت الاضرار اقل". ورغم حالتها الصعبة.. تحاول العائلة دمجها في المجتمع، وهي احدى طالبات الصف الثاني في "مدرسة الأميرة بسمة" بالطور، ورغم تأثر جسدها الخارجي بالحروق لكن ذكاءها وتفوقها يقربانها من المجتمع، ويقول والدها :"المجتمع لم يتقبلها ولم يحاول استيعاب ما حدث معها، والكثيرون يخافون منها، ما يثير ذلك حزنها ويضاعف ألمها وألمنا"، شاكرا ادارة مدرسة الأميرة بسمة على تسجيل ابنته ميرا وتقبلها في وقت رفضت فيه العديد من المدارس الخاصة قبولها، بل وتعاملت مع العائلة بصورة "لا انسانية". وعن حجم الاصابة وفترة مكوثها في مستشفى "تل هشومير" بتل أبيب قال والدها :"في المستشفى الذي مكثت فيه عام ونصف، أجريت لها 30 عملية جراحية علاجية، وهي لا تزال بحاجة للعديد عمليات بالأطراف والجلد والوجه، حيث تقوم بمراجعة المستشفى 4 مرات شهرياً". وأوضح والدها أن ميرا تلقت دروسا من معلمين طوال فترة مكوثها بالمستشفى، وأوصى الاخصائيون النفسييون والاطباء المشرفون على وضعها بامكانية التحاق ميرا بمدرسة عادية، حيث لا تعاني من أي صعوبات تعلم." وقد اصيبت ميرا بحروق بالغة الخطورة وفقدت اذنتيها الاثنتين ويدها اليسرى وجفون عينها اليمنى واصبعين من يدها اليمنى وركبتها في قدمها اليسرى و5 اصابع من قدمها اليمنى، فيما بلغت نسبة الحروق نحو70% كما فقدت شعرها، الا انها ترى بالعين اليسرى بصورة جيدة، وتسمع جيدا لأن الاضرار كانت بهيكل الاذن الخارجية فقط، لافتا والدها انها الحالة الوحيدة التي نقلت الى مستشفى "رفيديا" بمدينة نابلس، وتمكن من نقلها مباشرة الى مستشفى "تل هشومير". وفي نبرة غضب وعتاب قال والد ميرا أن الجميع تخلى عن المصابين وعائلاتهم من وزارات ومؤسسات وأضاف :"ان "شركة مدارس نور الهدى" لم تسأل ولم تقم بزيارة طفلتي ولا لمرة واحدة في المنزل او في المستشفى، لدعمها نفسيا وتشجيعها، وقد مورست ضغوطات كثيرة على الادارة حتى استجابت، لترسل معلمة واحدة يوم السبت لمدة ساعتين لتدريسها، وعندما اصطحبتها الى المدرسة لم يتم استقبالها من قبل معلماتها". |266979| وأشار أن تكلفة العلاج مغطاة من قبل التأمين الصحي الاسرائيلي، ولكنه لا يشمل كل شيء، حيث تحتاج الى اطراف وأجهزة ووسائل تنقل خاصة تبلغ قيمتها الاف الشواقل، علما انها بحاجة لتغيير كل فترة، لافتا انه عاطل عن العمل واضطر لبيع مصاغ زوجته لتغطية التكاليف الاضافية. أما الوالدة التي كانت تدمع عيناها خلال الحديث..أضافت :"هن زهرات ذبلن وسقطن..رأوا النيران بأعينهن، ميرا لا تتذكر اي شيء عن الحادث المشؤوم، لكنها تسأل عن صديقاتها وزميلاتها بالمدرسة.. اريد من كل ام وكل أب ان يضع نفسه مكاننا..نريد محاسبة المسؤولين". وتقول :"لم استطع رؤيتها بالكامل الا بعد 7 أشهر من الحادث، حيث كنت ادعو الله ان يعيدها لي، كنت ادعو الله ان تعود لي ويبقى نفسها بالمنزل رغم وضعها الصعب لكن مكوثها في المستشفى كان الاصعب..واحمد الله انها رجعت للحياة، فهذا رضى من رب العالمين وتقبل الله دعائي." مضيفة :"كثيراً ما تمنحنا القوة واحيانا اضعف أمامها، لكن ميرا تقول لي (الحمد لله لم ياخذ كلشي مني عندي 3 اصابع آكل فيهم)". تالا البحري... متنقلة بين المستشفيات ومراكز التأهيل أما الطفلة تالا البحري 7 سنوات فتمضي أوقاتها متنقلة بين مستشفى هداسا عين كارم للعلاج، ومستشفى ألين لتأهيل، بعد مكوثها مدة عام وثمانية أشهر في المستشفى بصورة دائمة، علما انها لم تتمكن حتى اليوم من العودة الى مقاعد الدراسة وممارسة حياتها كالسابق. وقد تم اجراء 31 عملية جراحية علاجية تجميلية، لتغطية حروقات في القسم العلوي (من البطن حتى الرأس)، اضافة الى حروق كاملة بالوجه والعينين والانف والاذن والرأس، كما فقدت أصابعها واذنها وأصيب الجهاز التنفسي لديها بأضرار، بسبب استنشاقها الدخان، لذا تحتاج الى جهاز تنفس دائم موصولا بأنبوب داخل الرقبة، كما ان خلايا الاحساس ماتت. وفي يوم الذكرى الأليمة وقبل ان يصطحب والد تالا "محمد البحري" ابنته الى المستشفى كعادتهما اليومية، خرج مبكرا لقراءة الفاتحة على روح ضحايا الحادث في المكان الذي وقع فيه ويقول :"ذكريات الحادث الأليم لن تنسى وسيظل كابوساً يتجدد كل يوم، كما ان تالا تذكر مكان جلوسها بالحافلة واشتعال النيران، لكنها تخاف الحديث عن هذا الموضوع، ولذلك فانها تحلم في كثير من الاحيان ونصحى على صراخها". وأضاف :"انا الآن انا لا اعمل، لأن همنا الاول والاخير هو تالا، ونحاول امتصاص الصدمة بالعائلة لكن الألم في القلب ولن ينسى..فما هو مستقبلها وماذا ينتظرها؟؟؟". وقال :"للأسف المجتمع لا يتقبل تالا... ونظرة المجتمع "مؤلمة" فهذا يقول عنها "المحروقة" ... وآخر "بتخوف" وهذه الكلمات هي سكين في القلب ، خاصة في المخيم حيث نعيش، فاحاول دائما دمجها بالمحيط واصطحبها لشراء الحاجات معي لكني اتفاجئ من ردة فعل المحيطين."" وأشار ان ابنته تحمل هوية القدس والعمليات هي على نفقة "كوبات حوليم" لكن هناك المصاريف الخاصة من ماكينات وشعر وغيرها تكلف الكثير، وقد اضطرت للاستدانة وبيع المصاغ من اجل استمرار العلاج فأنا لا اريد ايقاف العلاج". وأضاف البحري :"هناك من يدعي وبقول بأن "ابنته تعرضت حادث" أي اني سأكون مليونيرا، وراح يكون معي مصاري.. لكن أؤكد أن كل اموال الدنيا لن تعيد الصحة والشفاء لابنتي تالا". وقال البحري :"نطالب السلطة دعمنا والوقوف الى جانبنا وتوفير العلاج الكامل"، علما ان الاطباء اخبروه بان تالا بحاجة الى عمليات قيمتها 31 مليون شيكل. وتمنت عائلتا البحري وجويلس في ختام الزيارة واللقاء أن يكون هذا العام "العام الذي تٌكشف فيه الحقائق ويُعاد فيه محاسبة المسؤولين عن الحادث المأساوي... ليكون عاما للوفاء لدم الشهداء والجرحى الأطفال. |