|
دموع حرة تسترجي حقها بخجل
نشر بتاريخ: 23/02/2014 ( آخر تحديث: 23/02/2014 الساعة: 19:52 )
نابلس - تقرير معا - إنهُ الفقرُ..الذي يطفيء شموع الامل وينذر بالعواقب التي مالها الضياع والهلاك والتشرد والبؤس ويحول حياة الفقراء الى الدموع والالم وتكبر الجراح يوما بعد يوم على امل الفرج .
ففي ازقة مخيم بلاطة شرق نابلس الاكثر تعدادا سكانيا للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي منازله المتهالكة حكايات لا يعرفها أحد بيت جديد من بيوت الفقر، تلك البيوت التي سرقها النسيان، واحتلها الظلم والضياع، بعد ان تبدد حلمها، وتفرقت آمالها. في هذا المخيم تسكن عائلة الستيني عوض مراحيل ، في منزلها الذي هو اشبه بالمنازل في خارجه ولكنه حيث اللاشيء في جوفه، ضاما 14 نفرا كل منهم له وجعه الخاص به. نحن جميعا لا نملك الا غرفتان ملجأنا صيفا وشتاء، وهناك غرفة على هامش ممر منزلنا المتآكل فاقدة لما يحمي خصوصيتها حيث الأبواب المشرعة والشبابيك المطلة على الزقاق المجاور، فلا يوجد ما يغطي هوائها، نحن لدينا مطبخا يشبه كل الاشياء الا المطبخ، وحماما مشتركا ايضا، هذا لا يضر ولكن ما حال امنا واخوتنا العاجزين المتحاملين بثقلهم وضخامة اجسادهم على والدتنا الخمسينية بالعمر والتي اضعفها الزمان، وربما لا يسعفها الحظ فالتبول اللاارادي يكون هو السباق. ويضيف: في منزلنا ثلاثة من اخواتنا يعانون عدم الابصار ومشكلة بالاعصاب ،وصعوبة بالحركة، والتبول اللاارادي، وتسلخات في الجسم لحساسية اجسادهم يضاف اليهم اختنا بشرى التي تشاركهم المعاناة ذاتها، فمع كل هذا لما نعيش؟ و لما نجاور اناسا ينفرون منا ولا يريدوننا فنحن عبئا عليهم، هذه الاسئله هي التي قادت الابن علي والاب لطفلين يعانون صعوبة بالنطق والذي يشارك اهله البيت ذاته ،لان يقول: كفانا حياة المر لما لا نأتي باسطوانة غاز ونقفل ابوابنا ونفجر ذاتنا وبذلك تعم الراحة على الجميع. اما الاب المريض يعمل على عربة متجوله يحملها بالفواكه او الخضار تبعا لما يتيسر له من مساعدة رفاقه ليبتاع ما يقدر ويعود لعائلته بما تبقى، لم تقف مشكلة ابو بشار على العمر بل تجاوزته فهو لم يكن بمعزل عن المرض ، فالقلب والسكري والضغط والمفاصل عدوان رباعي يهاجمه، و لا يقدر على الذهاب للاطباء المختصين لانه لا يملك من المال شيئا معتمدا على ما تقدمه الوكاله له من مهدءات، محاولا ان يوفر ما يوفره لاجل ابنائه، فهو اب لا يجيد ان يصف نفسه الا بالفاقد للحياة وهو يقود عربته لكثرة ما حملته الحياة من ثقل كسر ظهره. حكاية تقع خيوطها المعقدة بجدائلها المتينة على ام بشار التي ما ان رأتنا الا وبدأت عبراتها تلون وردتيها تارة من حرقة مأساتها وتارة اخرى من شدة خجلها متلفظة بقولها: "نحن نبحث عن السترة ونخجل ان نظهر امام شاشات التلفزه ودائما الشكوى لغير الله مذلة." ام بشار سردت حكايتها الممزوجة بدموعها حيث الخوف من العمر الذي تزامن والقطار على حد قولها، عشرون عاما اهتمت بابنائها الاربعة الذين اخذهم البلوغ وكمال الجسد، فهي عونهم في كل شيء من مأكل ومشرب وصولا بالاستحمام فهم لا يملكون القدره لاتمام امورهم الخاصة. وقاطعت بشرى ابنة العشرين عاما الحديث بغضب قائلة" صراحة لم ارغب بوجودك هنا فكثر هم من اتوا الينا ولكن لم يفعلوا لنا شيء سوى الفضائح وكلام الناس" اخذني الصمت وحاولت ان اسألها عن اقصى امنياتها فما كان منها الا امنية واحدة كرستها في شفاء من مرضها لتقدر على مساعدة والدتها بخدمة اخوتها المرضى، وان تعيش كغيرها من الفتيات دون ان ينظروا لها وكأنها من كوكب زحل او المريخ، ودون ان يرشقها الطلبة بالحجاره ما دفعها لترك تعليمها واخوتها. بشرى تعترض كل الحروف لتقول كلمة كثيرا ما تضج بها اذاننا منذ زمن قريب" اليهود افضل منا، فلم نجد منهم الا الاحترام في مستشفياتهم اثناء علاجنا ما قبل حدوث الانتفاضة وعدم تمكننا من العوده هناك، لم يشعرونا للحظة ان شيئا ما ينقصنا، اما هنا لانني اعاني العشاء الليلي اصبحت شاذة عن عالم البشر"، وتستمر والضيق يلون ملامحها "حتى اخي علي رفض من العمل مرة واحدة دون سبب ربما لاجلنا، واخي محمد ابن 24 عاما لا يكفي اننا حرمنا منه خلال اسره لعامين ولكن الان نحن نفتقده لانه لم يعد يقنع بشيء فكل الاشياء من حولنا تقتلنا، هو ذكي وكان يدرس التمريض ولكن المال لم يسعفنا فانتقل من كلية الروضة للقدس المفتوحة ولا زال واقفا هو وحلمه "، لتتسائل : الى متى سنحيا دون احترام او امل؟؟؟ وتقول ام بشار انظري للخزانة دون ملابس او رفوف او ابواب، التلفزيون صديقة قدمته لنا ولكنه كثيرا ما يتعطل، الاغطية هي من سوق "البالة" وكذلك ملابس اولادي،وبينما هي تتحدث كانت عيناي تجولان في البيت حيث عدت بالزمن بعيدا لبيت جدي القديم ومكنوناته المصنوعة من المحيط ليكتمل البيت، وحيث الحمام المسبوق بمطبات الدرج ، والممر الفارغ من زخارف الاغنياء، والفرش المهترئ مما تلقيه ظروف المرض عليه وظلم الشتاء، لأخرج انا ايضا بتساؤلاتي البسيطة: الى متى سيبقى حال هذه العائلة دون علاج او اهتمام؟؟ وهل مدخلات الشؤون والوكالة التي لا تتجاوز الألفين شيقل لكل ثلاثة اشهر كافية لاعالة عائلة من اربعة عشر نفرا لديهم حالات بحاجة لفوط ولباس خاص وطعام جيد فهم لا يعرفون اللحوم الحية حتى اللحظة؟؟؟؟! اعدت هذا التقرير الصحفية: الاء بني فضل ضمن مشروع الاعلام الريفي الذي تنفذه شبكة معا |