وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كل ثلاثاء- يوميات وزارة الأوقاف ج2

نشر بتاريخ: 11/03/2014 ( آخر تحديث: 12/03/2014 الساعة: 21:16 )
بثينة حمدان

ملخص الجزء السابق: تحدثنا عن أثر علاقة الوزير بفخامة الرئيس على النظام السياسي، وتأثير الدين على المجتمع الفلسطيني وفكرة استقواء الحكام بالدين لتثبيت حكمهم وشرعيتهم.

هل هو خطيب مفوه أم موجه؟

كما يشارك الوزير الرئيس في لقاءاته بقيادات العالم، فإنه أيضاً خطيب الجمعة بلا منافس في الصلوات التي أداها الرئيس في مسجد التشريفات في رام الله حيث تم قراءة 77 خبر عن هذه الخطب على موقع وكالة الأنباء "وفا" التي لا تفوت كمؤسسة رسمية تغطية صلاة الرئيس. تشير هذه الأخبار إلى المضمون الاجمالي للخطب -من وجهة نظر المحرر- والتي تبين أن أولوياتها تتمثل أولاً في تكرار كلمات "الرئيس والقائد" 93 مرة، يليها اسم "القدس" بنحو 85 مرةً. بل إن معظم خطب وأخبار الوزارة والوزير، تتحدث عن الرئيس داعمة لمساره ومدافعة ومؤمنة بكل خطواته. وفي المقابل لا تتردد الرئاسة بالدفاع عن الوزير –وهو ما سنتناوله في حديثنا عن مواسم الحج-.

الخطب هي تصريحات وآراء سياسية تدعو لإنهاء الانقسام، يملؤها الثقة بصدق نوايا الرئيس لانهائه، مهاجمة وبشراسة لحركة حماس، ضاربة المثل في جميع الأزمات التي تعيشها الرئاسة بقصص عن النبي (ص) في مواقف عديدة؛ فالعداوة مثلاً لا تطال الأنبياء فقط بل من يسير على نهجهم، حتى أن الدروس المستفادة من معجزة الاسراء والمعراج مثلاً في العقيدة والقدس والثقة بالقائد، وأن التهاون في طاعة القائد هو تهاون في حماية المشروع الوطني.

السؤال المطروح هنا: هل نحن في دولة تمنع فيها المعارضة وتعدد الآراء؟ وهل القادة منزهين عن الخطأ ومعارضتهم تعني الخيانة؟ هل هكذا تدار دفة الحكم في فلسطين؟

أمام الرئيس يصبح الخطاب الديني هامشياً بل هو عبارة عن موقف السلطة من حماس والمجتمع والقرارات الدولية، ويكاد يختلط الأمر على المستمع فيخال خطبة الجمعة كلمة للناطق باسم الرئاسة الفلسطينية!

ولم يرد في الأخبار التي تناولت هذه الخطب أي توجيه أو ملاحظة للقيادة فكلها موجهة للشعب تطالبه بالوقوف إلى جانب القيادة حتى أن أزمة الغلاء والمسيرات التي عمت الضفة الغربية مثلاً قوبلت من وزير الأوقاف بمبرر "أن لا حلول سحرية للأزمة... وأن الأزمة سببها الاحتلال الذي يحرمنا مواردنا". هذا عدا عن أن أخبار الوزارة تشير بصورة ما إلى فضل الرئاسة فقط -وليس الحكومة- بل وإهداء انجازات الوزارة وفوز حفظة القرآن الكريم في مسابقات دولية إلى الرئيس. باختصار من يستمع لخطبه إما أن يكون موالياً ومؤمناً تماماً بخطوات الرئاسة، وإما أن يفضل الاستماع لخطيب آخر كونه يبحث عما سيزيد من اقترابه الروحي من الدين وتعميق صلته بالله جل وعلى، وإما الاستماع ليس لوازع ديني بقدر ماهو للاطلاع على توجهات البلد ورؤية القيادة.

أين هو وزير الأوقاف من حكومة د. سلام فياض سابقاً وحكومة الحمد الله؟ فإعلامياً لم يتواجد الوزير ورئيس الحكومة في نشاط مشترك إلا نادراً؟ فهل هذا يشير إلى طبيعة العلاقة بين مؤسسة الرئاسة ورئاسة الحكومة أم أن هناك امبراطورية مستقلة داخل حكومتنا العتية؟

ثالوث الأوقاف.. الخطير

تتسم كتابة أخبار الوزارة عموماً بثالوث من الكلمات؛ أولها يتعلق بالمكان الصادر منه الخبر وهو إما القدس أو الخليل أو بيت لحم، وهي مدن ذات دلالات دينية وسيادية، كما تعتمد الوزارة مصطلحات موحدة مثل المحافظات الشمالية والمحافظات الجنوبية بدلاً من الضفة وغزة.

وثاني الثالوث يكمن في الحديث عن مدينة القدس والذي تكرر في 284 تصريحاً للوزير. لكن القدس وكما استنتجنا في يوميات وزارات أخرى، تفتقد لدعم الحكومة لاسيما مع إغلاق مكتب وزارة الأوقاف فيها عام 2012 والذي يضم نحو 100 موظف، وقد أشار الكاتب محمد أبو حمدية إلى تقاعس السلطة في متابعة وإدارة ملف القدس بشكل سليم. ولم يظهر استخدام الوزارة اعلامياً للمخطوطات الموجودة لديها والتي تثبت الحق الفلسطيني في القدس وفي الحرم الابراهيمي عبر ابرازها وترجمتها وشرحها للعالم. ولا نعلم ماذا حصل بما طرحه الوزير مطلع عام 2010 عن نيته إنشاء وقفيات خاصة بالمسجد الأقصى والقدس في أنحاء العالم وإنشاء بيت المقدس للدراسات القرآنية حيث لا تحتوي تقارير الوزارة أي انجازات بهذا الخصوص.

ثالثاً اسم الحرم الابراهيمي الشريف؛ فلم يترك الوزير فرصة انتهاك لحجر فيه إلا وقدم رداً سياسياً بالدرجة الأولى بينما كان التوضيح الديني سواء عن القدس أو خليل الرحمن يتمحور حول عدم التفريط بهذه الاماكن الاسلامية دون توضيح الحجة التاريخية والدينية لحقنا والتي ما ينفك الخطاب الاسرائيلي يكرره وبكل اللغات، رغم المعلومات والاثباتات المتوفرة لدى الوزارة. واقتصر الرد مثلاً على ضم الحرم ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم وأسوار القدس ضمن التراث اليهودي بتصريحات متواضعة أمام حجم هذه الخطوة الاسرائيلية، هذا ولم ترد في الأخبار سوى زيارة واحدة للوزير إلى الحرم الابراهيمي عام 2010 رغم دعوة الوزارة شد الرحال إلى مقدساتنا الاسلامية. فهل تم شد الرحال وجلب علماء وشيوخ وشخصيات عامة لهذه المقدسات أم هي مجرد تصريحات؟

وبعد مضي سبع سنوات على تعيينه وزيراً اتسمت تصريحات الوزارة بالملل وامتلأت بعبارات الشجب والاستنكار، والعموميات فمثلا يقول الوزير: "المقاومة الفلسطينية الإيجابية الرشيدة" فما هي هذه المقاومة؟ والتوصيف الممل مثل: "سافر وساخر، غطرسة وشرذمة..". وهذا ينسحب على تصريحات السياسيين الفلسطينيين الخالية من البعد الانساني وهو ما يفسر تفوق الرواية الاسرائيلية! وتكمن الدلالة الاحصائية لهذا الملل في تناقص عدد تصريحات الوزير والاخبار التي تغطي نشاطاته عاماً بعد عام (2009 نحو 90 خبر، وفي 2012 نحو 20). المطلوب هنا أن يستفيد المسؤولين من جيش الكتاب والمثقفين في الخروج بخطاب سياسي أدبي انساني متجدد؟ وما أجمل ما كتبه الراحل محمود درويش من خطابات للثورة ووثيقة الاستقلال وخطابات عديدة للرئيس الشهيد أبو عمار ذات الأثر.

الثلاثاء القادم: حول أثر الخطبة ما بين الدين والسياسة.. السياسة مسموحة في خطب الوزير وممنوعة عن خطباء المساجد! وخطباء بلا شهادة.. ونساء يقتلن دون موقف رسمي من الوزارة، وعن مدى مخاطبة الخطبة للروح وتشريحها لفلسفة الدين.

*تتناول المقالات والتي تنشر كل ثلاثاء في خمسة أجزاء، مسيرة عمل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية للفترة ما بين 19/5/2009 وحتى منتصف 2013، بتحليل 770 خبر ومقال و77 خبر عن خطب وزير الأوقاف، و50 خطبة عممتها الوزارة على مديرياتها منذ عام 2012 وحتى شباط 2013، وهيكلية واستراتيجية الوزارة وموقعها الإلكتروني، والمعلومات التي طلبتها من الوزارة كما فعلت مع وزارات المرأة والثقافة والإعلام.

لمتابعة اليوميات انضموا إلى صفحة الفيسبوك https://www.facebook.com/wzaratna?ref=hl

للتواصل أيضاً [email protected]

رابط الجزء الاول http://bothainahamdan.wordpress.com/2014/03/04/yawmyatawkaf1/