|
دعوة لأوروبا لتطبيق القانون الدولي في تعاملها مع إسرائيل
نشر بتاريخ: 16/03/2014 ( آخر تحديث: 16/03/2014 الساعة: 20:21 )
رام الله - معا - حذر مشاركون في حلقة نقاش، حول سياسة الاتحاد الأوروبي إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، اليوم الأحد، من استخدام بعض الدوائر الأوروبية انسداد الأفق أمام التسوية على أساس حل الدولتين، والترويج لخيارات بديلة مثل الدولة الواحدة، على أهمية بحثها، من أجل التهرب من الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على أوروبا والمجتمع الدولي عموما إزاء تحميل إسرائيل مسؤولية مثل هذا الانسداد، واحترام ضرورة التعامل مع القوة القائمة بالاحتلال بموجب الالتزامات التعاقدية المترتبة على اتفاقية جنيف الرابعة.
وانتقد هؤلاء ما وصفوه بالسياسات الانتقائية للاتحاد الأوروبي في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، كاتخاذ إجراءات لتمييز منتجات المستوطنات وعدم تقديم دعم مالي للجهات التي تتعامل معها، بدلا من اعتماد موقف يلتزم بالقانون الدولي الذي يعتبر مجمل السياسات التي تطبقها السلطة القائمة بالاحتلال غير قانونية، ومنها وجود المستوطنات بحد ذاته، وغيرها من إجراءات باطلة لتغيير الوقائع في الأراضي المحتلة منذ حزيران 1967. كما طالبوا بالتزام دول الاتحاد الأوروبي بالتعامل مع فلسطين وفق مكانتها الجديدة كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة بعد تصويت الجمعية العامة لصالح هذا القرار بأغلبية 138 دولة مقابل رفض 9 دول فقط، من بينها دولة أوروبية واحدة هي جمهورية التشيك، إضافة إلى عدم إدارة الظهر لاتجاهات الرأي العام في البلدان الأوروبية المؤيد في غالبيته للحقوق الفلسطينية، كما يتبين من اتساع نطاق المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية بشكل عام. جاء ذلك خلال حلقة نقاش نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) في مقره بالبيرة، تحت عنوان "أوروبا، حل الدولتين والحركة الوطنية الفلسطينية.. هل حان وقت التغيير؟"، بمشاركة شخصيات سياسية ومجتمعية وأكاديمية، وتحدث فيها كل من: ألكسندر كتاب، زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وماتيا توالدو، زميل باحث بالمجلس في لندن، وأولاف بيانكه، مدير المجلس في برلين، وميريام بينارد، زميلة باحثة بالمجلس في باريس. وافتتح حلقة النقاش خليل شاهين، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، منوها إلى أنها تندرج في سياق اهتمام المركز بتسليط الضوء على مواقف الأطراف الدولية المؤثرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والسياسات الفلسطينية المطلوبة لتطوير هذه المواقف. وقال إن الجدير بالنقاش هو أسباب تقاعس المجتمع الدولي، وبخاصة الاتحاد الأوروبي، عن القيام بدور فعال طيلة السنوات الماضية لوضع حد للسياسات الإسرائيلية التي تتحمل المسؤولية عن وصول التسوية على أساس "حل الدولتين" إلى طريق مسدودة، متسائلا عن المبررات التي تحمل على الاعتقاد بأن السياسة الأوروبية لن تقوم في حالة الترويج لخيارات بديلة كحل الدولة الواحدة، بإعادة إنتاج إخفاقاتها السابقة إزاء تحقيق "حل الدولتين". وقام المتحدثون بعرض أبرز استخلاصات تقريرين صدرا مؤخرا عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: الأول "مقياس جدوى حل الدولتين" الذي يقيس جدوى هذا المشروع بالاستناد إلى سبعة محاور مختلفة، والثاني "في البحث عن الشرعية: الحركة الوطنية الفلسطينية بعد عشرين عاما على أوسلو"، الذي يناقش المأزق الذي تواجهه الحركة الوطنية الفلسطينية، ويفحص الدعم الأوروبي المحتمل لبناء إستراتيجية فلسطينية جديدة. وأوضحوا أنهم لا يمثلون الاتحاد الأوروبي أو أي من دوله الأعضاء، وإنما يتحدثون بصفاتهم الشخصية، ويعملون كباحثين في مجال التفكير الإستراتيجي واقتراح سياسات محددة على الاتحاد الأوروبي، منوهين إلى أن الرأي العام في بلدان الاتحاد الأوروبي مناصر للفلسطينيين أكثر من الحكومات والقادة الذين يميلون أحيانا لتوفير غطاء لاستمرار السياسات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي، لاسيما في ضوء تبني سياسة تفرق بين التعامل مع إسرائيل من جهة، والاستيطان الذي تمارسه الدولة المحتلة من جهة أخرى. وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى ديمقراطية السياسات الرسمية من حيث تعبيرها عن مواقف معظم جمهور الناخبين الأوروبيين. وأشاروا إلى أن الموقف الأوروبي يكتفي بتوفير الدعم لجهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولذلك فهو يميل إلى دعم تمديد المفاوضات بغض النظر عن مدى جدواها، وبالرغم من الجدل المثار في بعض الأوساط الأوروبية فيما يتعلق بوجوب إعادة النظر في سياسة تقديم الدعم المالي لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال دون وجود ضغط جدي لتغيير السياسات الإسرائيلية التي تحول دون قيام مثل هذه الدولة. وأكد المتحدثون الأربعة أن هناك تضامنا إنسانيا واسعا مع الفلسطينيين في أوروبا، لا تتم ترجمته باتجاه إحداث تغيير سياسي كاف في سياسات الدول الأوروبية، وبالتالي في محصلة سياسة الاتحاد الأوروبي، المنشغل بالتركيز على قضايا أخرى في المنطقة مثل سوريا ومصر وإيران، معتبرين أن النضال القائم على أساس الحقوق الفلسطينية المكفولة بموجب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة سيؤثر أكثر في الرأي العام الأوروبي من جهة، كما سيحرج الحكومات والمسؤولين الأوروبيين من جهة أخرى. وهو أمر يجدر بالفلسطينيين الاستفادة منه في حراكهم السياسي والدبلوماسي على المستوى الدولي، بما في ذلك النظر جديا في طلب الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية التي كان لأوروبا الدور الرئيسي في إنشائها كجسم قانوني قائم على مبدأ الدفاع عن الحقوق. وذكروا أن الاتحاد الأوروبي يستعد لإجراء انتخابات البرلمان الأوروبي في الثلث الأخير من أيار/ مايو المقبل، التي سوف تنتج عنها مفوضية أوروبية جديدة، وستشغل شخصية أخرى منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبى خلفا لكاثرين آشتون. وهو ما يطرح أهمية مبادرة الجانب الفلسطيني لاعتماد سياسة فعالة في التأثير على مواقف دول الاتحاد والأحزاب الرئيسية في إطار العلاقات الثنائية، من خلال إدارة حوار حول السياسات الأوروبية الأكثر جدوى، واتجاهات وأولويات الدعم السياسي والاقتصادي والمالي للسلطة الفلسطينية، والموقف من عملية المفاوضات وخطة كيري، وكذلك الموقف من المصالحة الفلسطينية وشروط اللجنة الرباعية الأوروبية، والحصار المفروض على قطاع غزة، وكيفية التعامل مع قضية اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا. من جانبهم، أكد المشاركون في حلقة النقاش أن المواقف التي تعتمدها بعض الدول الأوروبية الرئيسية لا تزال تحول دون تطوير دور الاتحاد الأوروبي، الذي ينبغي ألا يتعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون الدولي، متسائلين كيف يمكن أن تلعب بعض الدول دورا في دعم "حل الدولتين" الذي لا تزال تدعو إليه، في حين ترفض التعامل مع فلسطين وفق مكانتها كدولة عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة، وتصر على توقيع اتفاقات وبروتوكولات التعاون مع السلطة الفلسطينية وليس مع فلسطين بهذه الصفة؟! وتطرقوا إلى المعايير المزدوجة والانتقائية في التعامل مع إسرائيل، بما في ذلك تمييز البضائع المنتجة في المستوطنات والأراضي المحتلة منذ العام 67، وترك الخيار للمستهلكين الذي باتوا يميلون نحو مقاطعة مجمل المنتجات الإسرائيلية، بدلا من تطوير الموقف الأوروبي باتجاه اتخاذ إجراءات منسجمة مع القانون الدولي، مثل منع استيراد منتجات المستوطنات، وحظر سفر المستوطنين وكذلك الإسرائيليين المتورطين في ارتكاب جرائم وانتهاكات في الأراضي المحتلة إلى دول الاتحاد الأوروبي، واتخاذ إجراءات حازمة بحق المستوطنين ممن يحملون جنسيات مزدوجة إسرائيلية وأوروبية. وحثوا القيادة الفلسطينية على بلورة سياسة واضحة إزاء التحرك السياسي والدبلوماسي على مستوى الاتحاد الأوروبي وفي إطار العلاقات الثنائية مع أعضائه، تقوم على أساس خطاب الحقوق وتطبيق أحكام القانون الدولي، وكذلك تشجيع حملات التضامن والمقاطعة غير الرسمية المتزايدة في أوروبا وتطويرها باتجاه ممارسة الضغط للتأثير في السياسات الرسمية على مستوى الاتحاد الأوروبي وكل من دوله. كما طالبوا بالمبادرة إلى حوار يركز على تطوير مواقف العديد من الدول وأحزابها وبرلماناتها بشأن تفعيل دور الاتحاد الأوروبي في دعم حقوق الشعب الفلسطيني والضغط الفعال على إسرائيل التي تتحمل مسؤولية إفشال التسوية على أساس "حل الدولتين"، إضافة إلى دعم تحقيق المصالحة وبناء نظام سياسي موحد، وبلوة رؤية لكيفية توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، بما في ذلك كيفية التعامل مع طالبي اللجوء في أوروبا. |