وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خنساء سلفيت تتذكر شهيديها في يوم عيدها وسط دموعها ومناشدتها

نشر بتاريخ: 22/03/2014 ( آخر تحديث: 22/03/2014 الساعة: 16:40 )
سلفيت- معا - ارتدت ثوبها الاسود..واستعدت ...حملت إبريق ماء لتسقي الوردة المزروعة على قبرهما..أخذت تسير وقد أثقل قدرهما ممشاها... لتبدأ حكايتها وهي تتجرع الحزن والألم... يضج قلبها بلوعة حزن وآهات تمزق أملها .. .أعياها فراق من تحب... أستشهاد أبنائها "نهاد,وعلي" وموت زوجها قهرا على ما أصابهما.. فمات الذي كان يحميها.. ومات الذي كانت تسعدهما طلتهما... لتكون الفجيعة والغم والالم من نصيبها.. إنها خنساء محافظة سلفيت "أم عكرمة" من بلدة ديراستيا شمال غربي سلفيت.. معا إلتقت بها علها تخفف من معاناتها في هذا اليوم ..

نهاد أول محطات حزنها
بينما تتهيأ الام لهذا اليوم وتنتظر زيارة أبناءها لها تهنأة "بيومها", والدة الشهيدين "ام عكرمة" تستقبل عيدها بطريقتها الخاصة.. فتبكي دمعتين وتسقي وردة لينهض عيدها بالحنين والحزن لتذهب هي لزيارتهما لتخبرهما بمدى قسوة وحدتها بدونهما.. تستفقدهما... فتتهاتف الأحزان ويعلو صوت الذكريات معها ,لتبدأ بسرد محطات ألمها دون شعور ..

فما أوحش فراق الأحبة وما أصعب أن ترى ممن تحبه يتألم أمامك ولم تستطع إنقاذه.. بحسرة تحدثت "ام عكرمة " لعهود الخفش عن معاناتها هي وأسرتها مع الاحتلال، واولهامع إبنها "نهاد" خلال تواجده في المستشفى بعد إصابته من قبل جنود الإحتلال قبل استشهاده ، قائلة :"لا أنسى هذا التاريخ، فكان أول يوم في شهر رمضان بتاريخ 2/3 / 1992،عاد نهاد من مدرسته وجهز نفسه ولبس أجمل ما لديه من ملابس ليذهب لزيارة أحد أصدقاءه،كما أخبرني، وقبل المغرب بساعة سمعنا صوت إطلاق النار على شارع المستوطنات القريبة من بلدتنا، حينها قام الجيش بدخول البلدة ومنع التجوال فيها، كنت في تلك اللحظات احضر الطعام، ولكن كان قلبي مشغولا ولا اعرف السبب ...احساسي يحدثني أن مكروها أصاب نهاد،وأخذت تردد بلهفة بين شفتاها المتشققة عدة مرات قائلة": ولا شيء أصدق من إحساس الأم إتجاه أبنائها" صمتت ليخيم السكون على المكان.

وبعد فترة هدوء إستأنفت "خنساء سلفيت أم عكرمة حديثها قائلة": تركت تحضير الطعام لانه لم يعد بمقدوري إكمال شيء،كل شي تربط فيي ولم اعد قادرة على عمل شيء،أريد أن أطمئن على نهاد،وكنت على يقين انه حدث له شيئا مكروها، وكل ساعة مرت وكأنها عام بأكمله، وعشت تلك الساعات ونار بعد نهاد تكويني، وتكمل بلوعة":أخذت أقلب محطات التلفاز لاتوقف عند نشرة أخبارالساعة السابعة، ليأتي خبرا أنه يوجد اصابات في بلدة ديراستيا نتيجة مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال، فصرخت بأعلى صوت أن نهاد من بينهم، فقمنا بعدة إتصالات لمعرفة اسماء المصابين، ليأتيني الخبرأن نهاد من بينهم وتم إعتقاله بعد إصابته، ومن ثم نقله الى مسشفى "تل هشومير" وأن في جسده أربع رصاصات.

حاولت "خنساء سلفيت" أن تتماسك ولكن دموعها خانتها وأخذت تواصل حديثها بنبرة حزينة قائلة":ما بيدنا حيلة، وضل قلبي مشغولا لا نعرف النوم ولا نعرف طعم الحياة لأننا لا نعرف مصير نهاد ، وبعد ان قضى في المستشفى في إسرائيل 70 يوم تم تسليمه لنا، وكان وضعه في حالة يرثى لها ،جسده مفتوح من كل الجهات وأحشاءه متقطعه، تم نقله الى مستشفى "المقاصد" في القدس وبقي فيها 22 شهرا وبقي بمعاناة لا توصف لنا وله، عذاب لا يعلم به الا الله، وتم اجراء 270 عملية له، الى ان جاء قدره وأستشهد بتاريخ 23 / 12/19993 قالتها بدمعه حارقة ...

تركها وحيدة تصارع الحزن
وسط دموع الألم والحسرة تابعت "خنساء سلفيت" حديثها لسرد حكايتها فتقول:" إنقلبت حياتنا رأسا على عقب ، الخوف والتوتر والإنتظارما يميز أيامنا في تلك الفترة ، وتكمل بحسرة وألم قائلة ":والده كان موظفا في التربية والتعليم ، و راتبه لا يكفي لعلاج نهاد فقام ببيع كل ما يملك من أراضي، حتى أننا لم نترك بابا الا وطرقناه في تلك الفترة، لعلاج نهاد وكذلك لمصاريف المواصلات التي شكلت عبئا علينا، ولكن...صممت لثواني لتنفجر دموعها.

مسحت دموعها بكمها،وأستجمعت قواها، وعادت لتكمل حديثها قائلة": تركني زوجي وحيدة، توفي عام 1997 قهرا على إستشهاد نهاد، الى أن جاء قدر"علي" لتبدأ تحدثنا عن محطتها الخاصة "بعلي" وكأنها تعيش تلك اللحظات قائلة": تشتت عائلتي أثناء تواجد "نهاد " في المستشفى، فكانت معانتي كأم ما بين تواجدي في المستشفى وما بين رعاية أبنائي الصغار ، فلم أستطيع التوافق بينهما،فمعانتي لا توصف،فكان قراري البقاء مع "نهاد" في المستشفى، وإخراج "علي"من المدرسة لرعاية أخوته قالتها بتنهيده حارقة.

وتواصل حديثها بألم": لم اكن اعلم ان علي كان يخطط للانتقام لاخيه نهاد ، فكان يتألم على ألمه فقررمع اصدقاءه الانتقام لاخيه،من خلال إطلاق النارعلى جيبات عسكرية، وكان قرارهم بعملية اشتباك عند منطقة نابلس وتم خلالها إصابة ومقتل جنود، وبقي الاشتباك لساعات طويلة الى أن جاءت ساعته ليرتقي شهيدا عام ،2001 قالتها والدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها.

خيم الحزن على المكان ولم يسمع فيه الا صوت بكائها. وبكلمات متقطعة عادت لتكملة حديثها وسط تنهيدة تخرج من قلبها بصمت أيامها التي أصبحت خاوية من كل شيء سوى الألم ومناشدة المسؤولين علها تجد استجابة قائلة":راح نهاد ، راح والده ،راح علي ولم يبقى لي غيرعكرمة ومصعب، حياتنا كل يوم تسوء،عكرمة مرفوض امنيا ولا يجد عملا ليعيل أسرته، اما مصعب أنهى تعليمه الجامعي وبحاجة الى وظيفة، لذلك أناشد الرئيس ابو مازن والمسؤولين بإعادة فرحة ولو جزء بسيط لقلبي بمساعدة ابني مصعب في توفير وظيفة له، فهو أخ لشهيدين، وتنهي حديثها بتساؤل قائلة":الا يحق لشقيق شهيدين الحصول على وظيفة..!؟

وتبقى الأم الفلسطينية رغم آلامها وجراحها بفقدان فلذة كبدها تسكب دموعها عليه محتسبته فداء للقدس والوطن ،لتبقى دموعها لعنة تلاحق العالم المتفرج على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، ولتبقى صرخة خنساء محافظة سلفيت" أم عكرمة" مدوية لعلها توقظ الضمير العالمي.