وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

سلفيت.. في يوم الأرض تفتقد للأرض

نشر بتاريخ: 31/03/2014 ( آخر تحديث: 31/03/2014 الساعة: 11:27 )
سلفيت- معا - أينما تبرق بنظراتك تجد كتل ضخمة من البيوت تغطى بالقبعات الحمراء..وأينما تسير تجد شوارع تم شقها تلفها أسلاك شائكة وقارمة مخطوطة بالحروف العبرية "هنا نحيا" ...وكلاب تحرسهم.. فلا تقترب. جئنا هنا بالدم والنار...وبالقوة نبتلع أراضيكم ونستولي عليها لتصبح تحت سيطرتنا.. كل هذا تجده كيفما إتجهت في أنحاء محافظة سلفيت... لنقف صامتين... ربما الصمت عن حقنا المسلوب ومصيبتنا... حفظا لصبرنا الذي سينفذ بعد حين لنعمل بمقولة "ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ".

تعيش محافظة سلفيت وقراها حالة من البؤس والتمزق بفعل عمليات الإستيطان الصهيوني وجدار العزل العنصري، من أجل إقامة البؤر الاستيطانية بإعتبارها منطقة خصبة لهم لأنها تتميز بالكثافة السكانية القليلة والوعورة التضاريسية. علاوة على ذلك موقعها الجغرافي ووجود المياه والاثار التاريخية مما يكسبها أهمية سياسية خاصة، ليبدأ الاحتلال في عام 1975 بإقامة العديد من البؤر الاستيطانية الصغيرة وسرعان ما تضخمت وكبرت على حساب أراضي قرى وبلدات هذه المحافظة، ليتم مصادرة أكثر من 70% من أراضي المواطنين لإقامة 23 مستوطنة مقابل 18 تجمع سكاني ما بين قرية وبلدة ومدينة.

تجولت معا في عدة بلدات وقرى محافظة سلفيت ليكون اللقاء مع المواطن "متعب عامر "ابو نعيم" من قرية مسحة غربي سلفيت،يجلس جانبا ويتوكأ على عصاه، ،كان مثقلا بهمه، وبجبروت صبره بدأ يتحدث لعهود الخفش بصوته المتهدج قائلا":لا أدري ما يجب علي قوله، عمري 65 عاما ،وكما ترين أعاني من شلل نصفي لا أستطيع التحرك الا من خلال عصا، ومع كل هذا لا أترك أرضي، فهي كالعرض ،وطول عمري وانا أعتني بها وبأشجار الزيتون فهي مصدر دخلنا الرئيسي، ونعتاش على إنتاجها، ولكن الإحتلال نغص علينا حياتنا، فمنذ عام 2003وبعد بناء جدار الضم والتوسع أصبحت أراضينا محرمة علينا والدخول اليها بتصاريح يجب موافقة الاحتلال على الاشخاص الذين يسمح لهم بدخول البوابة الى الاراضي، صمت ليأخذ نفسا عميقا ، وبدون توجيه أية سؤال له تابع حديثه": يتبع الاحتلال طرق كثيرة من أجل تركنا للأرض، وبالتالي سهولة الإستيلاء عليها، ومن سياستهم يرفضون إعطاء أبنائي الشباب تصاريح دخولهم للأرض بحجة أنهم مرفوضين أمنيا ، أما انا يقبلوا تصريح دخولي الى أرضي التي تقدر ب 100 دونم خلف الجدار، وبالرغم من عجزي أذهب اليها من خلال تنقلي على عربه تجرها حمار".

توترت ملامح "ابو نعيم" وأهتزت عضلة خده .رفع حاجبه مغتاظا ليعود الى مواصله حديثه بعد لملمة أفكاره التي بعثرتها إعتداءات المستوطنين عليه قائلا": لا يقف الحال عند الرفض الأمني بالنسبة لأبنائي ومنعهم من دخول أراضينا، مارسوا ضدي عدة إعتداءات وبطرق مختلفة ، ففي إحدى السنوات قاموا بحرق أشجار الزيتون ، وسرقة حبات الزيتون بعد جمعها، وقاموا بخلع باب بئر المياه الموجود في الأرض وإستخدام مياهه، وإفراغه حتى لا تستفيد منها أشجار الزيتون التي قمت بزراعتها، علاوة على ذلك إعتداءهم علي جسديا ولفظيا أثناء تواجدي في أرضي ومحاولة طردي منها وأن هذه الأرض لهم سيأخذونها لو بعد حين.

سكون وصمت خيم على المكان وكأنه يتذكر شيئا ما، ليكسره بتنهيدة، مبتلعا بعضا من ريقه الجاف ليتحدث بنبرة صوته وكأنه يهمس شيئا، ليعلو تدريجيا تصاحبه ضحكة صفراوية قائلا": حتى الحيوانات لم تسلم من إعتداءات المستوطنين، فقاموا بسرقة خمسة حميرلي،فأعود بدونها على قدماي وأنا لا أستطيع المشي، وكل هذا من أجل تطفيشنا وترك أراضينا لهم،ومع كل هذا ما دمت حيا لا أترك أرضي وسأبقى أعتني بها، ويواصل": الشكوى لغير الله مذله، لا يوجد من يساعدنا كمزارعين لا من ناحية مادية ولا معنوية، ونقف في وجه الاحتلال لوحدنا، لا نريد سوى تدخل المسؤولين من أجل دخول أراضينا بدون تصاريح ، ويتساءل لماذا الصمت على معاناتنا ،أين مؤسسات حقوق الانسان ؟اين المجتمع الدولي مما يحدث لنا؟؟اين المسؤولين ؟لا نريد منهم مهرجانات وخطابات نريد الفعل على أرض الواقع ؟شو الفائدة من مهرجان ذكرى يوم الارض ،وأرضنا بيد المحتل يصادرها وقتما شاء، ونحن لا نعرف ما العمل سوى الصمود ولكن يبقى الخوف يطاردنا،وأراضينا على رأي المثل القائل" بين حانة ومانا راحت لحانا".

ويبقى "ابو نعميم" نموذجا للمزارع في محافظة سلفيت الذي يعاني الويلات من الاحتلال الاسرائيلي من أجل الاستيلاء على أراضيهم ، ليبقى السؤال مفتوحا. هل سيأتي اليوم الذي نحتفل فيه وأرضنا محررة كاملة ..نترك إجابته للأيام علنا نجدها.