وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عائلات المتخابرين مع الاحتلال بغزة.. بين العار والفقر ورفض المجتمع

نشر بتاريخ: 02/04/2014 ( آخر تحديث: 03/04/2014 الساعة: 16:03 )
غزة - خاص معا - تعاني عائلات المتخابرين مع الاحتلال في غزة من نظرة المجتمع لهم والتي تحول دون قدرتهم على العمل والتعلّم والزواج والحياة... عدد منهم كما قالت عائلاتهم كان سبب تخابرهم مع الاحتلال هو الفقر.. والان ابناءهم يعانون من الفقر وضيق الحال اضافة الى نظرة المجتمع لهم.. وشعارهم "ما ذنبي ان ابي عميل"... فهذه الضغوطات عليهم وخصوصا انهم في ريعان شبابهم قد تدفعهم للتخابر.. فلا بد من رأفة بحالهم.. معا توجهت لعدد من عائلاتهم وتحدثت الهم.

... "أقدمتُ على الانتحار مرتين... وسأحاول الانتحار مرة ثالثة مع أطفالي إذا ضاقت بنا الحياة وما وقف احد الى جانبنا "هذه كلمات زوجة وجدت نفسها وأطفالها يعاقبون على جرم لم يقترفوه.. فزوجها محكوم بالمؤبد في غزة بتهمة التخابر مع الاحتلال".

"سمية" وهو اسم مستعار لامرأة في العشرينيات من العمر.. واحدة من بين عشرات النساء اللاتي يقعن ضحية أزواجهن المتخابرين مع الاحتلال فقد اعتقل زوجها بتهمة العمالة بعد مرور 3 سنوات على زواجها ولم تعلم بالتهمة الا بعد عام ونصف من اعتقاله فكانت كالصاعقة على رأسها.
|273306|
"صدمة اصابتني" قالت.. عندما علمت ان زوجها عميل.. "نظرة المجتمع لها ولاولادها"... "مستقبل اطفالها عندما يكبرون"... هذا كل ما فكرت به "سمية" في تلك اللحظة التي حولت حياتها الى جحيم بسبب نظرة المجتمع "الحاقدة" لها.

وتعاني "سمية" كما أطفالها من أوضاع اقتصادية ونفسية صعبة فهي من يرعى الاطفال الثلاثة وتسكن في منزل اهلها الذين يهددون بطردها كل يوم.. حتى اقدم شقيقها الاكبر على طردها قبل ايام في منتصف الليل من المنزل.

وتضيف الزوجة بحرقة.." اهلي يرفضون اولادي وينعتونني بألفاظ سيئة كون زوجي عميل.. وعائلة زوجي لا تأبه بأولادي.. فأين اذهب بهم.. الى دار الايتام مثلا... فيبيتون "ايتام الحياة".

وقالت "سمية" وكل الطرق اغلقت امامها.. اهل يرفضونها ومجتمع يسبها وفقر يلتهم ابناءها.. ان الفقر وسوء الاوضاع الاقتصادية كما علمت هي التي دفعت زوجها الى وحل العمالة مبينة ان جارتها هي من افشت سره.

وتتحدث سمية عن ظلم المجتمع ونظرتهم لها ولابنائها.. وتطالبهم بألا يحمّلوهم ثمن غلطة والدهم.. فضغط المجتمع والوضع المادي الصعب سيأتي بكارثة على عائلتها.. مبينة ان اكثر ابنائها تأثرا بجرم والدهم ابنتها الكبرى التي اصبحت تعاني من حالة نفسية صعبة من نظرة المجتمع لها.

وتتلقى "سمية" واطفالها الثلاثة الدعم النفسي لدى الهيئة الاهلية لرعاية الاسرة وتعرب عن أملها في ان تتمكن من بناء بيت صغير على سطح منزل اهلها لتستقر هي واطفالها وتعيش حياة بعيدة عن المعايرات التي لا ترحم.

تسترت على زوجها وسجنت معه
ام شاعر حالة اخرى نالها نصيب من العقاب فهي التي اكتشفت ان زوجها عميل ولم تبلغ عنه.

قالت انها تعاني من نظرة المجتمع لها.. وانها تخشى على مستقبل ابنتها ذات 16 عاما لأنها "ابنة عميل".

وتقول أم شاعر:" ان ابنتها تلومها على وضعها وعلى ما تراه في عيون الناس.. وليس لديها امل ان تتزوج يوما ما كباقي البنات".

اما عن السبب الذي دفع زوجها لوحل العمالة. قالت انه بعد ان فقد عمله في اسرائيل بسبب الاغلاقات وبعد ان ضاقت به الدنيا ساومه الاحتلال على معبر رفح عندما كان متجها الى مصر لشراء بضاعة لبيعها في غزة على تصريح للعمل في اسرائيل مقابل العمل لديهم.

وقالت:" زوجي عانى من حرمان كبير في بداية زواجنا ومن ظلم اهله فرغبته في تحسين أوضاعنا الاقتصادية وتحمله للظروف القاسية دفعته للقبول بالمساومة الاسرائيلية".

وترى ام شاعر ان الدنيا اقفلت في وجهها وان مستقبل أولادها ضاع.. مبينة انها تخجل أن تخرج للبحث عن عروس لابنها 28 عاما التي ترغب بشدة في ان ترى ابناءه وتفرح به.

ام شاعر سجنت لثلاث سنوات لدى الحكومة المقالة بتهمة التستر على زوجها الذي اعدم في العام 2012 وتركت وراءها ابنتها التي كانت في تلك الفترة 12 عاما فقط وتحمّلت ما لا يتحمله بشر في غياب الام والاب.

وفي ظل النظرة السلبية من المجتمع لعائلات العملاء جاءت فكرة انشاء مؤسسة خاصة تساعدهم على مواجهة المجتمع.

كايد حماد المدير التنفيذي للهيئة الاهلية لرعاية الاسرة بين لمراسلة معا ان اهالي المتخابرين مع الاحتلال يعانون أوضاعا مأساوية، وان المجتمع الفلسطيني يتعامل عائلاتهم على انهم مجرمين ايضا ومتورطين معه متناسين انهم ضحايا".

|273307|
وبين حماد ان المشروع الذي تنفذه الهيئة وهو "دعم اهالي المتخابرين مع الاحتلال" يهدف الى إزالة وصمة العار التي تلحق بهذه الفئة من المجتمع على ذنب لم يقترفوه وتقديم الدعم النفسي وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.

وشدد حماد انه لا يمكن تحقيق اهداف المشروع على ارض الواقع إلا بتوفير الامن الغذائي لهم، مبينا أن عائلات المتخابرين مع الاحتلال هم حالات معدومة ويحصلون على لقمة العيش بطريقة مأساوية بالإضافة الى انهم منغلقين ويعانون من يأس وينعكس الحقد الذي تولّد بداخلهم ضد المجتمع تحت سؤال لم يحصلوا على اجابة له "ما ذنبي".

ويستهدف المشروع الذي تحول مع تزايد عدد الحالات المقبلة على الهيئة الى برنامج نحو 36 اسرة من المتخابرين مع الاحتلال والمحكوم عليهم بأحكام عالية.

ولفت حماد الى ان فريق الهيئة واجه صعوبات في التواصل مع عائلات المتخابرين مع الاحتلال وبذلوا جهودا كبيرة لإقناعهم بضرورة التعامل معهم نظرا لانهم يحملون مهمة انسانية بغض النظر عن وضع المتخابر، قائلا :" هناك اسرة ستتشرد ان لم يقدم لها يد العون وستكون تربة خصبة لخلق مزيد من العملاء".

وقال حماد إن الهيئة تسعى إلى إقناع أفراد المجتمع بإنصاف هذه الفئة وعدم نبذهم ومنع طرق استغلالهم من قبل الاحتلال والقضاء على التمييز القائم تجاه عائلات المتخابرين من خلال الشروع بحملات اعلامية لنشر الوعي حول المعاملة الحسنة لهم من خلال لصق الملصقات على جدران الطرقات وداخل المساجد بعد التوافق مع وزارة الاوقاف في غزة بالإضافة الى تضمين خطبة الجمعة بعض الوقت للحديث عن معاناتهم وتوصيل رسالة للمجتمع انهم ليسوا مجرمين وإنما ضحايا.

وأوضح أن الهيئة تمكنت من إعادة عدد من أبناء المتخابرين إلى مقاعدهم الدراسية بعد أن هجروها بسبب الوضع النفسي السيء، كما تمكنت من تسجيل عدد من الطلاب في الجامعات وتوفير منح دراسية لعدم مقدرتهم على ذلك.

واستطاع حماد وفريق العمل انشاء صندوق أطلقوا عليه اسم "صندوق لإنصاف اهالي المتعاونين مع الاحتلال" في محاولة لضمان استمرارية المشروع وتواصل مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتوفير فرصة دخل وعيش كريم ما امكن.