وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أحمد رفيق عوض يرد على اتهامه بالتطبيع

نشر بتاريخ: 06/04/2014 ( آخر تحديث: 06/04/2014 الساعة: 13:46 )
رام الله - الحياة الثقافية - توفيق العيسى - يشغل مصطلح التطبيع بمعانيه وتعريفاته الكثيرة حيزا من النقاش في الساحة الفلسطينية السياسية والثقافية والشعبية، ويبقى المعنى فضفاضا يفهمه البعض كما أراد ويفصله آخر على هواه لأسباب شخصية.

قبل عام تقريبا قدمنا تقريرا يتحدث عن هجمة شنها الناقد وليد أبو بكر على بعض الكتاب الفلسطينيين متهما اياهم بالتطبيع، ونعاود اليوم فتح هذا الملف مع الروائي د. أحمد رفيق عوض الذي اتهم من قبل أبو بكر بالتطبيع - في ندوة برابطة الكتاب الأردنيين بعنوان التطبيع في السرد الفلسطيني عن مسرحيته الاخيرة " المستوطنة السعيدة"- وتعرضت الندوة لعدد من الكتاب الفلسطينيين منهم " الروائي رفيق عوض والشاعر غسان زقطان وعلاء حليحل وعبدالرحيم زايد وعلاء مهنا وربعي المدهون.

الناقد يحاكم الراوي
يقول أبوبكر في محاضرته أن رفيق عوض وفي مسرحية المستوطنة السعيدة صرح عبر مقطع حواري بالقبول والتعاون والعيش المشترك بين ساكن القرية الفلسطيني ومن يسكن الأرض التي سرقها منه، أي قبول الاحتلال بمستوطناته، وكانت الجملة الحوارية في النص المسرحي تقول: " "أن نبني خزان ماء يزود القرية والمستوطنة ومشروع دواجن ومناحل مشتركة وبرك سباحة وزراعة غابة على كامل الجبل الذي تقع عليه قريتي والمستوطنة". ويذهب أبو بكر الى أبعد من ذلك وفق مقال الصحفي الاردني توفيق عابد الذي غطى المحاضرة ليقول: " ومع أن للكاتب نفسه سوابق كتابية كثيرة وفق أبو بكر إلا أنه حظي باحتفاء كبير ومفاجئ وتوالت كتابات صحفية تصف العمل بأنه "مسرحية مناضلة" وفاجأني الشاعر يوسف عبد العزيز الذي أطلق على النص صفة نضالية ولم يلفت نظره أنه يطرح سؤالا استنكاريا يقول: "أم أن المطلوب هو أن تحتكر الجهات الأمنية الفلسطينية هذا الحق"؟ وهو يعني "التعاون مع الأمن الإسرائيلي".

الراوي من منظور ما يكتب
ونظرة سريعة لما يكتبه رفيق عوض سنجد أن المستوطنة ما هي إلا مآل للوضع السياسي والاجتماعي الفلسطيني، وليست من باب وصفها والتغزل بهندسة بنائها. كما ان لا عمل للروائي يخلو من ذكر المستوطنة بأشكال مختلفة وبذات المآل.

ففي مسرحية المستوطنة السعيدة التي صدرت في العام 2014 نجد أن اسم المسرحية يوحي بسخرية مرة من الواقع الذي يعيشه وسيعيشه الفلسطيني نتيجة السياسة الاسرائيلية الاحلالية وسكوت العالم عن جرائم اسرائيل. وما المستوطنة التي لن تكون سعيدة الا بتدمير واحتلال القرى الفلسطينية الا قصة نضال الشعب الفلسطيني وتضحياتها.

وعودة الى العام 1999 في رواية آخر القرن التي صدرت في طبعتها الثانية في العام 2014 سنجد ان الروائي ذهب الى تحليل وتفكيك الخطاب السياسي الفلسطيني والعقل الشعبي الذي كان على عتبات الحلم بالدولة والذي لم يكن يرى في المستوطنات سوى بيوت ستكون لهم حين تتحقق الدولة ويرحل الاحتلال، فجاءت الرواية لتحذر من خطورة هذا التفكير وليجعل المستوطنة مآلا لتحطيم هذه الاحلام.

أما في رواية " بلاد البحر" الصادرة في العام 2006 والتي ذهب فيها عبر " منامة" الى عصر الحروب الصليبية وتحرير عكا على يد الاشرف بن قلاوون، فنجد الفلسطيني يرضى بالعمل أجيرا في مستوطنات الاحتلال على أن يغادر أرضه ويصبح لاجئا، كشكل من أشكال التمسك بالارض وليس قبول الاحتلال والتعايش معه، وتأتي هذه الصيغة عبر عدة شخصيات في الرواية أولها الاشرف بن قلاوون الذي رفض الا أن يثأر من سنوات الاحتلال وأخرج جميع من في عكا، على الرغم من وساطات التجار بالابقاء على التجار الايطاليين.

اجتزاء النص
في لقائنا مع الروائي أحمد رفيق عوض لم يبد عليه التأثر كثيرا، فقد بدا أكثر موضوعية معتبرا أن ما جاء من اتهام يدعو للشفقة ومضحكا في ذات الوقت، واعتبر أن من قال هذا الكلام إما أنه لا يفهم ما يقرأ أو أنه حاقد ويرغب بالتشويه المتعمد مما يخرج كلامه من النقد الى التجريح، ورأى أن هذا الاتهام هو اتهام ناقص وهو قائم على الضغينة، وكما يدخل صاحبه في حيز التجريح والتحريض هو يدخله أيضا في باب العيب الاخلاقي والوجداني والسياسي.

وهو بلا أي دليل حقيقي، ما قرأته من مقالة الصحفي الذي كتب عن الامسية أجد أن المتحدث قد استخدم جملة واقتطعها من سياق النص المسرحي الذي يبلغ 120 صفحة وأخذ هذه الجملة حجة علي دون وضعها في سياقها الموضوعي، وبنى عليها أحقاده وما يحب أن يراه في أحمد رفيق عوض.

ويضيف عوض: " المستوطنة السعيدة" عمل يرفض العلاقة الطبيعية بين المستوطنة والقرية وهي تنبئ بحالة توحش قادمة وهي ترصد المستجدات على القرية الفلسطينية والمستوطنة الاسرائيلية". وأنا بشكل شخصي لا أرى أي علاقة محتملة مستقبلا مع المستوطنة والحل برأيي إذا ما سألتني هو استئصال المستوطنة. وهذا ما أقوله فيما أكتب وعلى الفضائيات وفي الإعلام عامة.

تعمد واصرار
وهذه ليست المرة الاولى التي يهاجمني فيها أبو بكر فقبل عام هاجم رواية آخر القرن ووصفها بالتطبيعية وأنا أعتقد أن أي طفل يتقن القراءة بالعربية يستطيع ان يميز اذا ما اكتبه يدعو للتطبيع ام لا، وسبق ذلك أن هاجمني ايضا عندما كتبت الصحافة عن ترشيح الشاعر مراد السوداني لي لأكون وزيرا للثقافة، وحدث أيضا في العام 2007 أن قال لي بعض الأصدقاء في الشام عما يقوله عني أبو بكر ورفضت يومها أن اعلق على الموضوع، وبالمناسبة لا يفهم من اتهامه هو دعوتي للتطبيع فقط وإنما يوحي بالعمالة بأنني عميل إسرائيلي وهذا تحريض مرفوض تماما، فليس هناك عمالة تخفى فالعمالة والجاسوسية كالسعال وكالحبل ظاهرة للناس، لذا عليه ان يرتاح ويحرق هذه الورقة التي يدعيها دائما، أنا ككاتب لي ما افعله دائما وكتبي تنشر دائما بأكثر من طبعة في مناطق ودول عديدة، ولو كانت بضاعتي فاسدة لما تم نشرها بهذه الطريقة، والكتابة عنها من أكثر من كاتب.

المفارقات
ومع اصرار أبو بكر على اتهام رفيق عوض بالتطبيع نجد أن هناك من اتهم عوض بالميول والطروحات الاسلامية، بمعنى - الاسلام كدين وثقافة وليس كتيار سياسي - هذه التهمة التي لا ينفيها عوض وإنما يفخر بها، ويرى ان منطلقاته في آخرها هي إسلامية أيضا، لذلك فهو يرى أن : " هذا ما يثير الضحك والشفقة فيما يقوله " الناقد" من أني تطبيعي لذا ادعوه أن يقرأني إذا أراد مرة أخرى وبموضوعية ليجد كل ذلك".

طلاق ثقافي
ويرى عوض أن أبو بكر لو أجرى قراءة شاملة لما يكتب خاصة كتابي " لغة الحطاب الاسرائيلي" ودعامة عرش الرب" سيجد أنه أعلن الطلاق الثقافي مع الثقافة والرؤيا والمشروع الاسرائيلي، وهو مشروع لا يمكن الالتقاء معه، فهذا المشروع هو نفسه قابل للانفجار بأية لحظة وهو مشروع وثقافة مشروخة، وأعيد أني أذهب الى النهايات التي توفرها لي مرجعياتي الاسلامية، فلو قرأ حقا سيرى تشتتا قد لا يحتمله، وهذا ضد ما هو يرغب، هو يريد أن يبقيني دائما في صورة المطبع المتهم بالعمالة، برأيي أن ليس هناك من هو فوق النقد، الذي لا ينتقد المجنون والجثة فقط، اذا اراد أن يكتب عني نقدا فليكتب ولكن دون اتهام وتشويه، فهو فيما قاله قدم قطعا للنص وليس قراءة نقدية. فمن قال عنهم انهم مطبعون أيضا غيري هم كتاب نتفق معهم ونختلف ولهم رؤاهم وبالمناسبة هم كتبوا كلاما جميلا خاصة علاء حليحل، واذا كنا ديمقراطيين ومثقفين حقيقيين علينا ان نعترف بأن الآخر – القريب الفلسطيني وليس النقيض الاسرائيلي- موجود، ووجوده هي علامة صحة وعافية في المجتمع، كغسان زقطان الذي حصل مؤخرا على جائزة دولية وعلاء حليحل الكاتب المسرحي وله مبادرات دولية هما علامة عافية في المجتمع وغيرهم الكثيرون. فهل أقصهم من جذرهم باسم النقد لأقول عنهم عملاء ومطبعون؟!!" وهذا النوع من التهجم مسيء ليس فقط للكتاب الذين يتهمهم ولكن للحالة الفلسطينية بمجملها، فعندما يتحدث هو أو غيره بهذه الطريقة وهذا التهجم هو يعطي انطباعا بأن الكتاب الفلسطينيين مطبعون ومستسلمون وهذا مناف للواقع، لم يستسلم أحد منا فعلى سبيل المثال هل كتب غسان زقطان في روايته " ستائر لعربة قديمة" عن الاسرائيلي الانموذج أو تغنى به؟! بالتأكيد لا، الذي لا يفهمه هو أن كلا منا يمارس فلسطينيته بطريقته أنا أمارس فلسطينيتي بطريقتي وكذلك غسان زقطان في رام الله وعلاء حليحل في حيفا - وانا لا اعرف هذا الرجل- واعتبره مستفزا وهو يستفزني بجرأته العالية وأفكاره.

مناظرة وقانون
ويرى عوض أن اللجوء للقانون سيكون آخر ما يمكن فعله وسيكون آسفا اذا ما وصل الامر الى ذلك، فهذا التحريض كان له اثاره المدمرة على كثيرين من الكتاب كنصرحامد ابو زيد ونجيب محفوظ الذي طعن وفرج فودة الذي قتل بذات التحريض، وعن سؤاله الى القبول بمناظرة حول هذا الموضوع أجاب عوض: " أنا على استعداد أن أناظر أي شخص فليس عندي ما اخفيه أو اخاف منه ما افكر فيه وأمارسه مكتوب في مؤلفاتي وبالنهاية القارئ هو الحكم، ويكفيني ان من كتبوا عني كانوا من المبدعين والمشهود لهم بوطنيتهم وابداعهم.