|
اسرائيل تتحدث عن "ثورة استخبارية " ستغير وجه الحرب القادمة
نشر بتاريخ: 19/04/2014 ( آخر تحديث: 21/04/2014 الساعة: 15:32 )
بيت لحم- معا - بعيداً عن أعين المراقبين والمتطفلين وبهدوء تام شهدت مخابرات الميدان الإسرائيلية خلال السنوات الماضية، ما وصفته صحيفة " إسرائيل اليوم " بالتغيير الدراماتيكي الذي من شأنه أن يغير وبشكل مطلق إحدى أهم مسلمات الحروب والقائلة بان ميدان المعركة هو جزيرة من عدم اليقين .
ويمكن لعملية التغيير التي تشهدها استخبارات الميدان الإسرائيلية حين وصولها محطتها الأخيرة ان تزيل الصورة الضبابية التي ترافق كل قوة عسكرية تخرج للقتال فمع بقاء علامات الاستفهام التي ترافق عادة القوات المقاتلة في الميدان إلا أن الجديد ان هذه القوات ستحصل الى جانب علامات الاستفهام على الكثير من المعلومات والحقائق المؤكدة، وأهمها الموقع الدقيق لقوات العدو ومعلومات أخرى تتناول تشكيلة واسعة من الأخطار الأخرى التي قد تواجه القوات المحاربة في الميدان ما يعني أن عهد خروج القادة العسكريين للقتال مسلحين شذرات متناثرة من المعلومات ومعلومات عامة وعلى ما يمكنهم رؤيته عبر مناظيرهم العسكرية قد انتهى حسب ادعاء الصحيفة " الإسرائيلية" حيث ستستند الحرب القادمة وبشكل جوهري على المعلومات الميدانية الهامة والحساسة تسمح لكل وحدة عسكرية أن تعلم تماما ماذا تواجه على الجهة القابلة لها في كل قطاع وجبهة تتواجد فيها. وأطلقت إسرائيل على "ثورة " استخبارات الميدان التي جاءت أساسا نتيجة الفشل ألاستخباري الكبير الذي عانته قوات الجيش الإسرائيلي خلال حرب لبنان الثانية والذي لم يتمثل فقط في شح المعلومات التي لم تحدد سوى مئات المواقع التي تم مهاجمتها في اليوم الأول من الحرب بل يتعلق أيضا بالمعلومات التكتيكية التي بقيت حبيسة خزائن الاستخبارات العسكرية والتي لم تصل مطلقا للقوات في ميدان القتال في الوقت المناسب اسم " الاستخبارات التنفيذية " . "اكتشفنا خلال حرب لبنان الثانية بأننا لم نكن نعمل كجزء من الجيش بل كنا ضباط استخبارات جيدين في خدمة المستوى السياسي لكننا كنا ضباط استخبارات سيئين بالنسبة للجيش لان قائد الفرقة العسكرية أو الكتيبة لا يهمه بماذا وكيف يفكر حسن نصر الله بل يهتم بمكان وجود العدو " قال العقيد "ايلي بن مائير" ضابط الاستخبارات الرئيسي في الجيش الإسرائيلي . وكانت النتيجة مراوحة القوات في مكانها وتورطها في معارك دامية فعلى سبيل المثال لو توفرت معلومات استخبارية دقيقة لكان بالإمكان منع المعركة الدامية في وادي سلوقي التي وقعت فيها القوات الإسرائيلية في كمين محكم من الصواريخ المضادة للدروع التي دمرت الكثير من الدبابات وقتل العديد من الجنود أو على الأقل غيرت نتائجها بشكل دراماتيكي على الأقل . "ما كان لمثل هذا اليوم أن يقع ولكان بإمكاننا الوصول الى المكان الذي نريده دون ان نقع في هذا الكمين القاتل لو توفرت لنا المعلومات الصحيحة" قال قائد لواء" الناحال "العقيد" يهودا فوكس . وتتكون "ثورة " الاستخبارات الجديدة من مرحلتين الأول تسبق المعركة والثانية تجري خلال القتال وتتكون المرحلة الأولى من عملية نقل منهجي ودائم للمعلومات التي تحصل عليها الاستخبارات يوما بيوم عبر استخدام وسائل جمع المعلومات المتنوعة والعديدة التي تمتلكها الاستخبارات التي يتوجب عليها نقل هذه المعلومات يوميا لقادة الكتائب والألوية والفرق ما يسمح لهم بتعديل وملائمة خططهم التنفيذية بما يتوافق مع المعلومات المؤكدة الخاصة بكل منطقة وقطاع عسكري مع التشديد على جبهة لبنان وقطاع غزة . وسيحصل قادة الميدان ليس على خرائط وصور جوية حديثة وملونة فقط "ليس كتلك التي حصلوا عليها قبل حرب 2006 وكانت قديمة وتعود لعدة سنوات إلى الوراء " بل سيحصلون أيضا على معلومات دقيقة ومؤكدة عن العدو المقابل لهم والتهديدات التي تواجه كل كتيبة إضافة لمعلومات عن تجمعات السكان المدنيين وذلك لتجنب إصابتهم قدر الإمكان . "فيما مضى كنت انظر عبر المنظار العسكري وارى عدد من البيوت في القرية التي أقف بمواجهتها أما ألان سأحصل على معلومات مؤكدة عن أماكن تواجد المدنيين وهذا سيسمح لي بالاستعداد الجيد واتخاذ القرارات الأكثر صوابا وفي الوقت المناسب" قال قائد لواء" الناحال". المفاهيم والتكنولوجيا لن يتم نشر هذه المعلومات واطلاع كامل أفراد القوات المعنية عليها بل ستبقى محفوظة لدى كبار القادة وسيتم إطلاق قادة الكتائب والفرق بشكل عام دون تفصيل بما يسمح لهم بتحضير قواتهم وتهيئتها دون المخاطرة بتسرب المعلومات لكن سيحصلون على كامل المعلومات بتفاصيلها الدقيقة قبيل خروجهم للقتال حينها سيحصل هؤلاء القادة على أدق التفاصيل المتعلقة بالمنطقة والقطاع العسكري المحدد لهم الذي سيقاتلون فيه . امام المرحلة الثانية من هذه العملية " الثورة الاستخبارية " فتتم أثناء القتال وستحصل القوة المقاتلة وفي الوقت الصحيح "اون لاين" على معلومات حقيقية ومؤكدة تتعلق بالعدو الذي تواجهه هذه القوة والمخاطر المحتملة فعلى سبيل المثال يمكن لقائد لواء ان يطلب التركيز "زوم ان " على مدخل معين أو بيت محدد حتى يتأكد من خلوه من المخاطر والتهديدات على أن يتلقى ردا واستجابة من قبل الاستخبارات في وقت قصير جدا وبالتوازي سيتم تزويد بكل المعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات وفي وقتها الحقيقي حتى يتمكن ومن تحسن ورفع نجاعة قواته بشكل جوهري عبر "تحييد " اكبر عدد ممكن من التهديدات التي تواجه قواته ومنع إصابة قوات "صديقة" قد تكون على الجهة المقابلة وإصابة الأبرياء على الطرف الأخر حسب تعبير " الصحيفة العبرية ". قد تبدو هذه الخطوات أمرا مفروغا منه وبديهي ويسود الاستغراب والتعجب لماذا انتظر الجيش الإسرائيلي كل هذا الوقت لتنفيذها والجواب هنا يكمن بكلمتين " المفاهيم والتكنولوجيا " حيث احتاج الجيش الإسرائيلي سنوات طويلة للتخلص والتحرر من مفاهيمه القديمة حتى بالنسبة للاستخبارات التي كان ينظر إليها كجهة في خدمة " المدراء" وليس الجنود وأيضا القناعات الخاصة بميدان القتال حيث ساد الاعتقال بان من يسطر على ميدان المعركة هم القوتان المتقاتلتان فيما تعتبر الاستخبارات لاعبا ثانويا . وساهمت حقيقة وصول قائد الاستخبارات العسكرية الحالي الجنرال " افيف كوخافي" إلى منصبه الجديد قادما من وحدات قتالية ميدانية حيث خدم كقائد للواء المظليين خلال اجتياح الضفة الغربية " عملية السور الواقي" حيث تنقل " كوخافي" شخصيا بين أزقة وجدران قصبة نابلس حتى يقلص نسبة " المجهول" بالنسبة له حيث قيل له بان ما بين 200- 2000 مسلح متواجدين في القصبة في تعزيز ثقافة العمل مع الاستخبارات وتغيير المفاهيم السائدة . أمام الإجابة الثانية وترتبط بكلمة " تكنولوجيا " التي أصبحت أكثر تطورا وأكثر جدية وبات من الممكن نقل المعلومات في وقتها الصحيح إلى ميدان القتال مباشرة بعد أن كان هذا الأمر مستحيلا وغير واقعي لفترة طويلة جدا لكن الحواسيب المتطورة والتقنيات الأخرى تسمح ألان بنقل سيل من المعلومات المؤكدة والمتحصل عليها من مصادر مختلفة وفي الوقت المناسب "وقت حدوثها" إلى الميدان حيث تحارب القوات مع إمكانية الحفاظ على سرية المعلومات وبات من الممكن تقريبا نقل كل معلومة او معطيات تم جمعها من أي مصدر كان وبثها على كل شاشة حاسوب يحملها كل ضابط أو قائد في ميدان المعركة سواء كان في طائرة مقاتلة او سفينة حربية او على متن دبابة او واقفا على تلة وسط ميدان القتال وفور تحميل المعلومات على المنظومة التي تدير القتال نحصل على صورة متماسكة تمنح القائد الميداني كل المعلومات التي يحتاجها عن العدو الذي يواجهه . ويحتاج تطبيق هذا المفهوم الجديد اجتياز عدد ليس بالقليل من القيود والعوائق غير مشكلة امن المعلومات مثل حاجة الاسخبارات قبل كل شيء إلى إيجاد وخلق المعلومات وهذه بالضبط قبل وعمق التغيير ما يعني جمع معلومات تكتيكية حقيقية تخدم القوات المحاربة في الميدان إلى جانب دورها في جمع المعلومات الإستراتيجية وبالتالي عليها تطوير الوسائل وتجنيد المصادر " العملاء" وتشغيلهم بشكل يومي لإيجاد فيض من المعلومات التكتيكية وهذا يتطلب جهدا يوميا واستثنائيا يعتبر غريبا نوعا ما الحصول على معلومات تتعلق بعملية كبيرة لتهريب الأسلحة او عن تغيير في البرنامج النووي الايراني بل يدور الحديث عن معلومات تكون مفيدة جدا في إدارة الحرب القادمة . وتتمثل الرحلة الثانية كذلك بربط الأنظمة والمنظومات الأول داخل الاستخبارات العسكرية "امان" نفسها بما يسمح للوحدات المختلفة المتخصصة بجمع المعلومات من الاتصال يبعضها البعض والحديث فيما بينها عبر برنامج واحد وبالتالي نقل معلومة موحدة ودقيقة وفي الوقت الصحيح للقوات المحاربة في الميدان وبعدها تنتقل عملية الربط إلى الجيش نفسه حيث يمتلك حاليا كل سلاح " الجو ، البحر، البر " منظومة اتصالات خاصة به وحتى يتم نقل المعلومات بشكل كامل تم دمج قسم "التصنت" الالكتروني كشريك كامل بعملية التغيير "الثورة الاستخبارية" الى جانب الاستخبارات العسكرية والقوات البرية وبنسبة اقل بقية الأسلحة والأذرع ما يسمح لكافة المنظومات المذكورة بالتحدث مع بعضها بلغة واحد يفهمها الجميع والاتصال فيما بينها "شفرة " واحدة يفهمها الجميع . أما المرحلة الأخيرة فتتمثل بوصول المعلومات إلى القوات في ساحة القتال في الوقت الصحيح لكن ايضا عبر عمليات تحضيريه حيث يصل ضباط الاستخبارات الى قادة الكتائب والألوية ويجرون معهم في الميدان تقيما للوضع الميداني المتعلق بالمنطقة المحددة المسؤولية عنها القوة المقصودة . " سيدرسون سويا العدو والتهديدات وكل المعلومات المتوفرة والتي تم إضافتها للخطط التنفيذية حتى تناسب هذه الخطط وبشكل أفضل طبيعة الميدان والحقائق الميدانية " قال بن مائير. ولتحقيق هذه الغاية تم إقامة مدرستين الأولى في "فرقة الجليل" المسؤولة عن لبنان والثانية في "فرقة غزة" المسؤولية عن قطاع غزة التي يصلها القادة مصحوبين بضباط الاستخبارات وقد تم اطلاعهم على كافة المعلومات وتدريبهم على التعامل معها عبر تعديل خططهم الميدانية . وقال قائد لواء "ناحال" لقد أحدثت العملية تغيرا دراماتيكيا في خطط القتال وحتى في طريقة وأساليب التدريبات لكننا لا زلنا حتى أن ندرب الجنود على القتال في ظل حالة من عدة اليقين وذلك خشية إدمانهم على المعلومات وكذلك انطلاقا من فهمنا بان تغيير الواقع القتالي الميداني مرتبط أيضا بقدرة العدو على تغيير نفسه وخططه ". وأضاف "لكن المعلومات الاستخبارية الميدانية تسمح لي بتهيئة القادة العاملين تحت مسؤوليتي وتدريبهم على معرفة طبيعة ومفاهيم العدو ومنطقه والخلفية التي ينطلق منها ومفهوم إدارة قرية محددة التي يستعدون لخوضهم القتال فيها وفي المقابل القدرة على التعامل مع المعلومات حتى وان كانت اقل مما هو متوقع لذلك سيديرون القتال بشكل أفضل مما كان عليه الوضع في السابق ". ولتدليل على هذا الواقع المعقد والمركب تطرح قيادة الجيش والاستخبارات حتى خلال التدريبات مثال ما حدث خلال معركة "بنت جبيل " حيث كانت القوة الإسرائيلية على علم تام بوجود العدو وسعت لإيجاد احتكاك معه بهدف اكتشافه وتحديد موقعه وتنقلت القوة من منزل إلى أخر حتى وقعت فريسة هجوم مفاجئ وأصيب جميع أفرادها . ويقوم المفهوم القتالي الاسخباري الجديد على فرضية حصول القوة التي ستعمل متقبلا في بينت جبيل على معلومات أكثر دقة ووضوح تتعلق بالعدو والتهديدات المتوقعة وذلك عبر تشغيل وسائل ومنظومات مختلفة بما في ذلك رجال الاستخبارات الذين يرافقون القوات خلال التدريب وخلال المعارك الحقيقية بما يسمح للقوة المهاجمة برفع درجة ونسبة نجاعتها وفعاليتها . ورغم عدم تعهد " امان " بتقديم معلومات دقيقة " أو التعهد بمدى دقة المعلومات التي ستنقل إلى قادة القوات الميدانية والمتعلقة بكل جبهة وقطاع أثبتت التدريبات أن الأمر يتعلق بكمية كبيرة من المعلومات الدقيقة وذات مستوى عال من الدقة التي ستنقل سلفا للقوات المحاربة او سيتم نقلها خلال القتال الفعلي في الوقت الصحيح ومع ذلك تدرك الاستخبارات وقادة القوات البرية مدى مناسبة المعلومات لوقائع الميدان لا ترتبط فقط بمدة جودة المصدر بل بأمور تكنولوجية أيضا يمكن لهجوم " سايبر" أو خلل فني أن يشوش عليها لذلك يتوجب على القادة تدريب القوات على القتال في وضع من العمى الاستخباري حتى الإدمان الخطير للقوات والقادة على المعلومات الذي قد يجد ترجمته في الميدان عبر الجز التام إثناء القتال الحقيقي . لا للإدمان على التكنولوجيا تعد الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية " امان" برنامج بديل وقت الطوارئ وذلك لتقليص حجم الاعتماد والارتباط بالوسائل التكنولوجية حيث يوجد لكافة المعلومات التي حصلت عليها وخزنتها على حواسيب المنظومات الالكترونية بديلا "صلبا" محفوظا دخل خزنة محصنة سيتم نقله للقوات المحاربة وقت الحاجة حيث سيتلقى قادة القوات حينها " موسوعة " من المعلومات المتعلقة بالمنطقة والقطاع حيث يحاربون وسيكتفي قائد السرية حينها بحمل دفتر جيب صغير لتدوين المعلومات الاستخبارية أولا بأول إضافة إلى صورة جوية تشمل كل بيت ومعلومات دقيقة قدر الإمكان حول التهديدات المحيطة به . ويحتاج هذا المشروع الى عشرات ملايين الشواقل حيث يراقب كبار الضباط ويواكبون عملية زرع المفاهيم الاستخبارية الجديدة داخل عقول قادة وافرد الوحدات الميدانية فيما خضعت كافة الألوية والفرق النظامية لتدريبات تناسب مفهوم "الاتسخبارات التنفيذية " على أن تستكمل التدريبات خلال العام الجاري لتشمل قوات الاحتياط أيضا . ويتحدث الجنرال "كوخافي" الذي يعتبر من المبادرين لتغيير المفاهيم السابقة وإحلال المفاهيم الجيدة عن ضرورة تحول الاستخبارات العسكرية إلى شريك وان لا يقتصر دورها على وصف ورسم صورة لواقع العدو بل يجب ان تتحول إلى مجال التأثير والتعاون ليس فقط على مستوى اتخاذ القرار بل على المستويات التكتيكية للقوات المحاربة في الميدان . وحذر " كوخافي" خلال مؤتمر "الاستخبارات التنفيذية " الذي عقد الأسبوع الماضي بمشاركة جميع قادة الألوية والفرق والكتائب من خطورة الإدمان على المعلومات الاستخبارية وقال "يجب الحفاظ مستقبلا أيضا على مفهوم عدم اليقين الميداني لكن ومن وراء هذا التحذير الضروري هناك واقع استخباري جديد اخذ بالتبلور من شانه ان يغير وبشكل دراماتيكي وجه الحرب القادمة. |