|
الهرمونات.. بانٍ للعضلات ومدمر للأجسام
نشر بتاريخ: 19/04/2014 ( آخر تحديث: 19/04/2014 الساعة: 23:52 )
بيت لحم- معا - من مالك صبيح- تنتشر نوادي كمال الاجسام في معظم المناطق الفلسطينية، ويرتادها الكثير من الطامحين لبناء جسم رياضي ضخم، إما للمشاركة في بطولات كمال الأجسام أو الحصول على جسم مفصّل للعضلات ومبرز لجمالها، لكن هذه الرياضة ليست بعيدة عن التدخل البشري، فتجد بعض النوادي تُروج لهرمونات صناعية تُعطي من يتناولها عضلات ضخمة في أشهر قليلة، أسرع بأضعاف ما سيحصـل عليه اللاعب من ضخامةٍ عن طريق التمارين العادية، والسـؤال الابرز ما أضرار هذه الهرمونات وكيف تصل للاعبي كمال الاجسام؟؟.
فكرة هذا التحقيق الميداني جاءت بعد بروز قصص عدة تتحدث عن المعاناة جراء هذه الهرمونات، وأصحابها لا يعترفون بها إلا بعد فوات الاوان، قصص وددنا لو أن أصحابها قبلوا أن يسردوها لنـا إلا أنهم رفضوا ذلك خوفاً على خصوصيتهم، فمنهم من تعطل عمل الكلى لديهم ومنهم من إنقطع نسله وأصبح غير قادر على الإنجاب. "اللعب بالهرمونات كاللعب بالمجهول" الدكتور إبراهيم ابو عيّاش أخصائي غدد صمّاء في مستشفى اليمامة التخصصي في بيت لحم، يقول إن "الخطر الذي يلحق بمن يتعاطى الهرمونات كبير جداً ويجب ألا يتناولها بالمطلق"، مضيفا أن تعاطي هذه الهرمونات يؤدي الى خلل في الدورة الهرمونية. والهرمونات في جسم الانسان تُمثل حلقة مغلقة وتعاطيها يؤدي الى اختلال في هذه الدورة المغلقة مما يسبب المشاكل الكبيرة لجسم الانسان، وأضـاف بأن محاولة زيادة أو انقاص في الهرمونات في الجسم مثله مثل اللعب بالمجهول، فانت لا تعرف النتيجة، والنتيجة حتمية ومعروفة مسبقاً، فلا يوجد أي حالة تناولت الهرمونات الا وأصيبت بمرض ما. ويكون محور عمل هذه الهرمونات و المتمثلة في هرموني "النمو و التستستيرون"، والاخير هو المسؤ,ل عن الصفات الذكورية، وعن إنتاج الحيوانات المنوية ، فعندما يأخذ الاعب جرعة من هرمون النمو يؤدي ذلك الى تعطل إفرازه في الغدة النخامية وهي التي تتكون من عدة خلايا لجميع الهرمونات التي يفرزها الجسم، وتتوزع الى جانب بعضها البعض، فتناول الهرمون يؤدي الى تهيج في الغدة الدرقية أو الغدة القذرية و تصل الى أن تؤثر على المبايض " الجهاز الجنسي " لدى الرجل فكل واحدة منهن تتأثر من الاخرى وتتأثر بتأثر الاخرى، وتأثير هرمون النمو على الشكـل الخارجي للجسـم في بداية الامر يعمل على تكبير حجم العضلات بسرعة كبيرة وبضخامةٍ أكبر ولكن اذا ما انقطع اللاعب عن تناول الهرمون فإن جسمه يبدأ بالعودة الى ما كان قبل الهرمون، ويبدأ التأثير السلبي في أجهزة الجسم الداخلية بالظهور إضافة الى تشقق الجلد وارتخائه. وأضاف أن أخذ هذه الهرمونات "الصناعية في معظمها" والتي تُنتج أصلاً في الغدد الصماء الى الدم مباشرة، يجعل الجسم يعتمد على المصدر الخارجي للهرمونات و توقف إنتاجها في الغدد و هو ما يعطل عملها و يجعلها دون فائدة في الجسم و بالتالي يعمل على إتلافها و قد يسبب تعطلاً في الكلى نتيجة تكدس المواد الكيميائية بها الناتجة عن الهرمونات. ومن الامثلة التي طرحها أبو عياش عن مشاكل الهرمونات " أن ممارساً لكمال الاجسام قَدم له ليأخذ وصفة طبية لدواء نتيجة انتفاخ في الصدر لديه فتبين أن الهرمونات التي كان يتناولها أحدثت تهيجاً في خلايا الحليب و هي "البرولاكتين" وهو ما وجده لديه من إفرازات حليب في صدره و هو ما سبب الانتفاخ "، وختم بالقول أن " اللعب " بالهرمونات خطير جداً و سيسبب المشاكل للشخص على المدى القريب أو البعيد ، ويجب الابتعاد عنها و الاعتماد على التمارين الرياضية التي من خلالها تستطيع بناء جسم صحي و قوي دون مشاكل . "هرمونات حيوانية" محمد الخطيب، مدرب لياقة بدنية في نادي "سولو " في رام الله، قال إن من يتعاطون الهرمونات لا يتحدثون عن أنفسهم وذلك خشية أن يُعاقبوا بالحرمان من المشاركة في بطولات كمال الاجسام أو خشية أن ُينظر إليهم بأنهم لم يبذلوا جهداً ببناء جسم صحي قوي، بل هو بالكامل نتيجة هرمونات، وصفها الخطيب بالحيوانية مثل هرمون التستستيرون الذي و على حد قوله يُعطى للحيوانات وبالاخص للأحصنة لجعلها أسرع في السباقات، وهذا ما يفسر قدرة لاعبي كمال الاجسام على رفع أثقال بأرقام خيالية نتيجة الطاقة الكبيرة التي يُعطيها التستستيرون، ولكن على الجهة الاخرى فإنك تجد أن القوة الجنسية لدى من يأخذ التستستيرون أضعف من أي شخص أخر و ذلك لأنه يمنع إفراز التستستيرون الطبيعي، و يبقى إعتماد الجسم على "الابرة" التي تعطيه كمية تعادل كمية التستستيرون المفرزة من الخلايا الطبيعية في الجسم. الثقة مفتاح حصولك على الهرمونات لمعرفة كيفية إيصال هذه الهرمونات للاعبين، قررنا الذهاب الى أحد الاندية الرياضية في رام الله، وسألناه عن الموضوع فلم يجب ونفى أن يكون ممن يصف للاعبين جرعات هرمونية، ذهبنا مرة أخرى على أننا ممارسون لرياضة كمال الاجسام ونريد جرعات هرمونية، وتأكد مرة أخرى الرفض، وقال بأنها مضرة بالصحة ويجب الابتعاد عنها وبدأ يصف كيف أن البروتينات ووجباتها أفضل مئة مرة من الهرمونات، وهو يتحدث، مر أحد المتدربين في النادي وهو طالب في جامعة بيرزيت، وهمس في أذني بأن المدرب لن يصف هذه الجرعة لك الا بعد خمسة الى ستة أشهر من اللعب حتى تُبنى بينك وبينه ثقة ، لان هذه الهرمونات ممنوعة في الصيدليات ومراقب عليها من قبل وزارة الصحة و الرقابة الدوائية، والمدرب يأتي بها من أحد وكلاء شركات الادوية ، وتكون في غالبيتها هرمونات رخيصة الثمن مثل الهرمونات الايرانية والليتوانية وتباع بأسعار زهيدة و تكون "نظافتها" قليلة وبالتالي أضرارها أكبر بكثير من تلك التي تباع في الدنمارك ، فعلى حد قوله إن الجرعة الواحدة هناك تكلّف مئة يورو. "نحن نراقب مراكز تقديم الخدمات، ولسنا الجهة الخدمية" أما وكيل وزارة الصحة الدكتور عنان المصري فكانت إجابته حول سؤالنا عن الرقابة و دور الوزارة بمنع الهرمونات في الاسواق بأنها تمنعها في المراكز التي تقدم الخدمات الصحية مثل المراكز و الصيدليات "وهذا ما تستطيعون ان تروه بأنفسكم من أن الصيدليات فارغة ولا تقدم هذه الهرمونات ، كما أننا لا نقدم خدمات ، بل نحن نراقب من يقدم هذه الخدمات"، و قال " نحن متأكدون من خلو الصيدليات من الهرمونات ، ولكننا لا نعلم بما يحدث من تحت الطاولة، والمعلومات التي تتحدثون عنها حول وكلاء الأدوية، أسمعها لأول مرة ، و من خلال الطرق الرسمية سنبحث في هذا الموضوع، و سنصل لهم. خلاصة القول إن الاضرار الناتجة عن الهرمونات حتمية لا مهرب منها، وبعد البحث والتحري وجدنا أن المدربين في الاندية لا يعطون هذه الهرمونات وينصحون بعدم إستخدامها في البداية على الأقل، إلا أنهم وبعد أشهر من التدريب وبناء الثقة بين اللاعب والمدرب، تصبح عمليه إعطاء الهرمونات أسهل، بإتفاق بين النادي ووكلاء في شركات الادوية، ولم نفوّت فرصة في الذهاب الى الصيدليات للتأكد من حديث وكيل وزارة الصحة الدكتور عنان المصري، فوجدنا ما يؤكد خلو الصيدليات من الهرمونات، وهذا على الاقل ما أفادنا به هؤلاء الصيادلة، الامر الذي يستدعي دوراً أكثر فعالية في الدور الرقابي والارشادي لوزارة الصحة للوصول الى من يوردون هذه الهرمونات، ولعل حديث د. المصري ممازحاً بأن وزارة الصحة ليست جهازا مخابراتياً لمعرفة هؤلاء الموردين، يفيدنا بأن الموضوع سيطول وأن افق الحل لهذه القصة ستكلف ربماً أجساداً أخرى معطوبة ومعتاشة على الهرمونات. |