|
دراسة جديدة يصدرها مركز بيسان "بنية التفكير في التعليم الفلسطيني"
نشر بتاريخ: 08/05/2014 ( آخر تحديث: 08/05/2014 الساعة: 10:54 )
رام الله- معا - إنطلاقا من إدراك المركز العميق لدور التعليم في العملية التنموية وبناء المجتمع، وفي سياق دراسة ونقد وتحليل السياسات العامة، تاتي هذه الدراسة كاولى في سلسلة لاحقة، لتقدم تصوراً حول التعليم في علاقته بالكل الاجتماعي، يستند جوهرياً إلى تحليل الراحل مهدي عامل لواقع التعليم في لبنان في سياق البنية التبعية التي تجعل مفرداته مؤسسة على نحو يخدم المصالح المعرفية والاقتصادية الخارجية.
وتستلهم الورقة ذلك لترسم الصورة الفلسطينية التي تتأثر باشتراطات خارجية متنوعة من بينها التمويل الأجنبي والتدخل السياسي المباشر للقوى الخارجية مما يحدد بشكل حاسم تقريباً مفردات التعليم وطريقته بدرجة تجعل منه انعكاساً للهموم المعرفية لعالم الشمال بدل من أن تتركز إشكالياته على الهموم الوطنية والقومية. ومن ناحية محورية أخرى تقدم الدراسة مراجعة ووصفاً نظرياً لماهية التفكير وأهميته وموقعه من العملية التعليمية-التعلمية في سياقها الأمثل بوصفه قلب هذه العملية وهدفها الأسمى. وفي هذا السياق يتم استعراض مهارات التفكير العليا الضرورية للتعليم التي تتلخص في مهارات التفكير الناقد، والمنطق، والتفكير الإبداعي، والتفكير السابر، وطرائق البحث العلمي. غني عن البيان أن هذه المهارات تغيب عن الواقع التعليمي المحلي. ولا بد أن محاولة تعديل الصورة الراهنة في الاتجاه المنشود يحتاج إلى ثورة عميقة وجذرية في النظام التعليمي الضيق الأفق القائم على الانضباط في حضرة المعلم ناقل المعرفة إلى رحابة المدرسة والغرفة الصفية المنفتحة على الحوار والنقاش وتقبل الاختلاف والفروق الفردية مع تحول الغرفة الصفية من حالة دكاكين للكبت والقمع والملل إلى لقاء للعصف الذهني ييسره المعلم ويتفاعل فيه مع إتاحة الفرصة لدرجة معينة من الفوضى والمتعة والآراء الغريبة. هذه الدراسة تحاول أن تعلق الجرس وتدق الناقوس باتجاه بناء نظام تعليمي بكتاب مختلف، ومعلم مختلف، ونظام قياس وامتحانات مختلف يحرر الطالب من الضغوط النفسية الآتية من أسباب لا قيمة لها من قبيل الخوف من الفشل في استذكار المعرفة، باتجاه "توريط" الطلبة في سيرورة من التفاعل العقلي بتوظيف طرق التفكير المختلفة، مع مراعاة اختلاف استعدادهم ومراحلهم العمرية. ربما أن المزيد من البحث في المناهج وطرق تدريب المعلمين والنظرة السياقية للعملية التعلمية هي أمور ما زالت إلى بحث عميق، ولا بد أن مثل هذا الهم الكبير بحثياً هو أكبر بكثير من ناحية متطلبات تحقيقه على أرض الواقع خصوصاً في ممارسة تعودت أن نستعيض عن الفعل العميق المحتاج للجهد والمثابرة بإلقاء الخطب والكلمات الرنانة في المؤتمرات الصحفية والعلمية عن النمو والإبداع والاختراعات الغربية الجديدة التي يبتلعها الفضاء بعد انطلاقها من فم المتحدث مباشرة. لكن طريق الألف ميل يحتاج بحسب المثال الشائع إلى أن يبدأ بالخطوة الأولى، وربما نجرؤ على القول: لقد تأخرت تلك الخطوة كثيراً، ولا بد أن نضع قدمنا على أول الطريق منذ هذه اللحظة. |