وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حمدونة: لا أخشى على المبدعين من المحررين في حياتهم

نشر بتاريخ: 08/05/2014 ( آخر تحديث: 08/05/2014 الساعة: 13:45 )
رام الله- معا - السجن بلا تعريف معتركٌ عنيفٌ كقارب في بحرٍ هائج بلا تجديف، ومع هذا لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر ، بهذه الكلمات بدأ الأسير المحرر رأفت حمدونة حديثه عن تجربة الاعتقال في ذكرى الإفراج عنه في الثامن من مايو / آيار بعد أن أمضى خمسة عشر عامًا متواصلة قضاها في معظم السجون الاسرائيلية ومنها عزل الرملة، عسقلان، نفحة، بئر السبع، هداريم، ريمونيم، جلبوع".

وأضاف حمدونة أن التجربة الاعتقالية من أهم التجارب في عمر الإنسان الذى مرَّ بمثل هذه التجربة، فهي تصقل الإنسان بمعانٍ كثيرة ، وتصنع منه شخصيةً ذات مميزات نادرة فيما لو توفرت لديه أثناء الاعتقال الإرادة القوية لاستغلال ساعات الاعتقال قبل أيامه وسنواته ، مضيفًا أن الأسرى في السجون يعيشون حياةً كاملة، نعم ممزوجة بالمعاناة والحرمان والألم وأشكال النضال المختلفة ، ولكنها مفعمة بالحيوية والنشاط والنظام والرياضة والدراسة وجميع جوانب الإبداع.

فالأسرى في السجون أبدعوا بصبرهم على سنوات الاعتقال وتكيفهم لأكثر من 30 عامًا على أذى السجان الغير متوقف، وأبدعوا في ايجاد المؤسسات الديموقراطية للتنظيمات الفلسطينية في السجون وبين السجون وفى السجن الواحد وفى التنظيم الواحد، وأبدعوا في تجربة الإضرابات المفتوحة عن الطعام والتي وصلت لمئات الأيام حتى انتصروا على السجان ، وأبدعوا حينما أوجدوا معادلة توازنٍ بينهم وبين إدارة مصلحة السجون رغم إمكانيات إدارة مصلحة السجون مقابل افتقار الأسرى من الإمكانيات المادية وتعزيز مواطن الصمود والإرادة، وأبدعوا في أشكال التواصل والاتصال بين السجون وخارجها ، وأبدعوا في تجارب التعليم ومحو الأمية و التعليم الذاتي والجامعي وحصولهم على الدراسات العليا من جامعاتٍ اسرائيلية وعربية وأجنبية ، وأبدعوا في البناء الثقافي ، وأبدعوا في التأثير السياسي وصنعهم لوثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني والتي تعتبر قاعدة انطلاق المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية ، وأبدعوا في إنتاج عددٍ كبير من الفنون الأدبية والمسرحية والرسوم والصناعات اليدوية كالمجسمات المادية المعبرة بكل أنواعها وأشكالها، وأبدعوا في ابتكار الوسائل النضالية لتحقيق الحقوق الأساسية ، وأبدعوا في تهريب الجوالات لتوفير الاتصال بالأهل في ظل منع الزيارات لسنواتٍ طويلة ، وفى تهريب النطف وإنجاب الاطفال رغم الاعتقال في تجربةٍ فريدة من نوعها ، وتخرجت من السجون شخصيات سياسية وإعلامية وقادة عسكريون وأبدعوا بمشاركتهم في كل الميادين .

وأضاف حمدونة أعكف الآن على تناول أشكال الإبداع للحركة الوطنية الأسيرة الفلسطينية لأنها تستحق أن توثق مقارنة بكل تجارب الحركات الوطنية الأسيرة في كل العالم ، ولم يسبق الإشارة لكل مظاهر الإبداع في تاريخ السجون.

وأنهى حمدونة حديثه بالقول " أنا لا أخشى على المبدعين من المحررين" وشدد عليها مرةً أخرى المبدعين من المحررين" لأن أولئك من استثمروا سنوات اعتقالهم وصبروا على بناءِ ذواتهم ولم يركنوا لقارب النجاة القبلي من أي جهةٍ وعملوا لما بعد التحرر ، فمن يستطيع السباحة في خضم الموج لا يخشى الغرق ، بل يخشاه كل إنسان استند لجهة حملته في عرض البحر وهو لا يستحق ثم غضبت عليه قبيلته فتركته يغرق دون قدرةٍ من طرفه على النجاة.