وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هيومن رايتس تنتقد تعامل لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا

نشر بتاريخ: 08/05/2014 ( آخر تحديث: 11/05/2014 الساعة: 09:07 )
بيروت - معا - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة اللبنانية أعادت قسراً عشرات من الفلسطينيين إلى سوريا في 4 مايو/أيار 2014، ما يعرضهم لخطر شديد، وفي اليوم ذاته رفضت الحكومة بشكل تعسفي دخول الفلسطينيين الذين عبروا الحدود البرية من سوريا.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة اللبنانية وعلى وجه السرعة أن تلغي قرارها بمنع الفلسطينيين من سوريا من دخول لبنان. ويقوم لبنان بإعادة الناس دون النظر بشكل كافٍ إلى المخاطر التي يواجهونها. وتنتهك مثل هذه السياسة مبدأ القانون الدولي القاضي بحظر الطرد أو الرد والذي يمنع الحكومات من إعادة اللاجئين وطالبي اللجوء إلى أماكن تتعرض فيها حياتهم أو حريتهم للخطر.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تتحمل الحكومة اللبنانية عبئاً هائلا مع اللاجئين السوريين الذين يعبرون حدودها، ولكن منع الفلسطينيين من سوريا هو إساءة تعامل مع الوضع، كما أن الفلسطينيين هم من بين الأشخاص الأكثر ضعفاً في النزاع السوري، ومثل المواطنين السوريين يتعرضون لخطر العنف المعمّم والهجمات المستهدفة على حد سواء".

وتحدثت هيومن رايتس ووتش عن طريق الهاتف في 5 مايو/أيار إلى اثنين من الرجال الذين كانوا ضمن مجموعة مؤلفة من بضع عشرات من الأشخاص تم ترحيلهم من قبل الأمن العام اللبناني يوم 4 مايو/أيار. وكان الرجلان وشخص ثالث قد بقوا في منطقة بين الحدود اللبنانية والسورية عند نقطة تفتيش معبر المصنع خوفاً مما يمكن أن يحدث لهم إن دخلوا سوريا، أما بقية المجموعة فدخلت سوريا و مصيرهم غير معروف.

وجاء قرار ترحيلهم بعد اعتقالهم في مطار بيروت في 3 مايو/أيار بتهمة محاولة مغادرة البلاد باستخدام تأشيرات مزورة، حيث أصدر الأمن العام اللبناني في 3 مايو/أيار بياناً يوضح أن 49 من السوريين والفلسطينيين من سوريا قد أوقفوا في المطار في ذلك اليوم لاستخدام وثائق مزورة وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم.

وقال سلام (تم تغيير الأسماء لحمايتهم) وهو فلسطيني يبلغ من العمر 26 عاماً، وكان يعيش في مخيم اليرموك للاجئين في دمشق، إنه غادر سوريا في ديسمبر/كانون الأول 2012. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي مطار بيروت اتهموه بحيازة تأشيرة ليبية مزورة في جواز سفره ومن ثم نقلوه إلى معبر المصنع الحدودي دون تفسير.

وقال إن السلطات قامت بترحيله رغم إخباره مسؤولي الأمن العام أنه يخشى أن يتم احتجازه إذا أعيد إلى سوريا. وقال إنه مسجل كلاجئ لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، في سوريا وبعد وصوله إلى لبنان. وقال:

وتابع " ذهبت إلى مطار بيروت للسفر إلى ليبيا في 3 مايو/أيار... وقال الأمن العام إن التأشيرة مزورة ... واعتقلت في المطار لمدة 26 ساعة مع 40 سورياً آخرين. أرسلونا إلى نقطة المصنع الحدودية دون أن يوضحوا أي شيء ... وقالوا لنا إننا سوف يتم ترحيلنا، ولم يقدموا لنا خيار المغادرة للذهاب إلى بلد آخر. تحدثت مع رئيس الأمن العام ... قلت له لا أستطيع أن أعود إلى سوريا لأنني سأعتقَل من أجل خدمتي الإلزامية في الجيش ... وقال [الأمن العام] إنه لا يستطيع فعل أي شيء الآن ... أنا باقٍ هنا [في نقطة التفتيش بين الحدود] حتى يوافق أي بلد على أن يستقبلني، فأنا أفضل الانتظار على أن يقبض عليّ في سوريا."

وقال لاجيء فلسطيني اخر يبلغ من العمر 21 عاماً، من مخيم اليرموك وتم ترحيله مع شقيقه، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه أيضاً أوقِف في مطار بيروت أثناء محاولة السفر إلى ليبيا واتُهم بحمل تأشيرة مزورة. هو أيضاً من المسجلين في الأونروا في سوريا وفي لبنان حيث عاش نصف السنة الماضية. قال إنهم أوقفوا مع ما يقرب من 45 آخرين، غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين وأضاف أنه خائف من دخول سوريا لأنه أيضاً قد فر من خدمته العسكرية.

وقال، "لم يخبرونا بأي شيء- لماذا احتجزونا وإلى أين يأخذوننا- لم يعطونا أي خيار آخر سوى العودة إلى سوريا. كان معنا أطفال ونساء إحداهن حامل".

يذكر ان 500 ألف لاجئ فلسطيني يقيمون في سوريا، بعضهم ولِد ونشأ في البلاد. وعانى الفلسطينيون كثيراً في سوريا مثل السوريين هناك نتيجة العنف المعمّم والهجمات غير القانونية من قبل كل من القوات الحكومية والجماعات المسلحة غير التابعة للدولة. وتعرضت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في حلب ودرعا ومخيم اليرموك في جنوب دمشق للهجوم والحصار ما أسفر عن عديد من القتلى والمصابين المدنيين.

وقد حاصرت القوات الحكومية السورية مخيم اليرموك في ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو موطن أكبر مجتمع فلسطيني في البلاد قبل بداية النزاع، ما أسفر عن انتشار سوء التغذية والموت جوعاً في بعض الحالات. رغم دخول بعض المساعدات الإنسانية اليرموك منذ ذلك الحين إلا أن السكان الذين لا يزالون هناك محرومون من إمكانية الحصول على المساعدة الطبية الضرورية والإمدادات الغذائية الكافية. ذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن النزاع شرد نصف الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريا، كما أن القوات الحكومية قامت بالاعتقال التعسفي وتعذيب الفلسطينيين.

ومنذ بدء النزاع تم تسجيل ما يقرب من 60 ألف فلسطيني من سوريا في الأونروا في لبنان.

وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وجّهت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى وزير الداخلية اللبناني لإثارة المخاوف حول "تغير ظاهر في الممارسة، وربما السياسة، وهو التغير الذي يبدو أنه بدأ في أغسطس/آب 2013 عندما أصبح الفلسطينيون الوافدون من سوريا ممنوعون من الدخول". في ذلك الوقت روى لـ هيومن رايتس ووتش سبعة فلسطينيين من سوريا تقطعت بهم السبل على معبر المصنع إنهم مُنعوا من الدخول. وقال بعضهم لـ هيومن رايتس ووتش أنهم عبروا في وقت سابق الى لبنان من دون أي مشكلة، وقالوا إنهم عندما طلبوا تفسيرا لم يلقوا رداً من مسؤولي الأمن العام عند الحدود أو أنه تم الرد عليهم بعدوانية وتم تهديدهم بمنع الدخول لمدة سنة أو شهر. لم ترد وزارة الداخلية على هذه الرسالة.

ووثقت هيومن رايتس ووتش أيضاً سياسة الحكومة الأردنية في إعادة اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الذين يحاولون دخول الأردن على الحدود مع سوريا، دون النظر إلى طلباتهم للحصول على اللجوء في الأردن. وفي انتهاكٍ لالتزاماته القانونية الدولية، حظر الأردن دخول جميع الفلسطينيين من سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2012، رافضا لجوء أولئك الذين يحاولون الفرار من سوريا وقام بمراجعة وضع الموجودين مسبقاً في المملكة بشكل غير قانوني، وبالتالي زيادة تعرضهم للاستغلال والاعتقال والترحيل. وفقاً لتقرير مارس/آذار 2014 لمشروع تحليل احتياجات سوريا، أعادت السلطات الأردنية قسراً أكثر من 100 فلسطيني إلى سوريا بمن فيهم النساء والأطفال والمصابون. وفي حالة واحدة ألقي القبض على فلسطيني في أواخر 2012 في منزله في سوريا بعد 20 يوماً من إعادته قسراً من الأردن، وألقيت جثته في وقت لاحق في الشارع أمام منزل والده والتي ظهر عليها آثار أعيرة نارية وعلامات تعذيب، وفقاً لمصدر مطلع طلب عدم الكشف عن اسمه.

وقال جو ستورك: "يجب على الحكومات المعنيّة تقديم المساعدة بسخاء إلى البلدان المجاورة بما فيها لبنان، حتى يتمكنوا من تلبية احتياجات اللاجئين وطالبي اللجوء من سوريا".