وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تقرير شامل عن الأسرى الأردنيين الأربعة اللذين نقلوا للأردن

نشر بتاريخ: 10/07/2007 ( آخر تحديث: 10/07/2007 الساعة: 13:40 )

تقرير شامل عن الأسرى الأردنيين الأربعة اللذين نقلوا للأردن

رام الله - معا- اعد مدير دائرة الاعلام أسامـــــــة الغــــول في وزارة شؤون الأسرى والمحررين موقع الأسرى للدراسات والأبحاث الإسرائيلية تقريرا شاملا عن الاسرى الاردنيين الاربعة اللذين نقلوا للاردن مأخرا جاء فيه


الأسير سالم أبو غليون

تاريخ الميلاد : 1/5/1969

تاريخ الإعتقال : 8/11/1990

التهمة : إطلاق نار وقتل

الحكـم : مؤبد

المعتقل : بئر السبع - فلسطين المحتلة

الأسير سالم يوسف أبو غليون من مواليد الموقر في 1/5/1969م , درس الإبتدائية و الإعدادية في مدارس الوكالة في مخيم حطين ,و درس سنتين في قسم الصناعة " ميكانيكي" في منطقة الرصيفة , ثم انخرط في صفوف الأمن العام . تزوج في 13/7/1988م , و رزقه الله بابنه البكر عبد الرحمن في 10/5/1989م , التزم بعد الزواج بالصلاة و الصيام و عرف عنه حسن الخلق و سمعته الطيبة بين الناس .

نقطة التحول في حياة سالم كانت في 8/10/1990م عندما ارتكب الصهاينة مذبحة الأقصى , فثار الدم في عروقه و الحمية في نفسه , فانطلق باحثا ً عمن يشاركه ثورته و حميته , ليجدها متقدة كما هي عنده لدى ابن عمه خالد أبو غليون و رفاقه أمين الصانع و إبراهيم غنيم و نايف كعابنة , فتعاهدوا جميعا ً على الثأر لدماء شهداء الأقصى الشريف بعملية نوعية .

هذا ويعلم موقع / الأسرى للدراسات - والأبحاث الاسرائيلية أنه انطلق الخمسة ليلة الخميس 8/11/1990م فتسللوا عبر الحدود الأردنية الفلسطينية و اشتبكوا مع دورية صهيونية على بعد 3كم شرق بلدة العوجا القريبة من أريحا لمدة أربع ساعات قتل و جرح خلالها عدد كبير من الجنود بالإضافة إلى ضابط إسرائيلي يدعى "يهودا ليبشيتر 27 عاما ً " و هو من سكان تل أبيب , فيما استشهد من المجموعة نايف الكعابنة , و أسر باقي أفراد المجموعة بعد عملية مطاردة .. و حسب ادعاء قائد المنطقة العسكرية الوسطى في ذلك الوقت -اسحق مردخاي- ان العناصر الأولى للتحقيق تشير إلى أن أفراد المجموعة كانوا يريدون ارتكاب اعتداء واسع النطاق في القدس .

تروي زوجته أم عبد الرحمن (.. في يوم 7/11/1990م خرج زوجي من عندي بعد أن أدى صلاة العشاء و قال لي أنه سوف يذهب إلى كتيبته وودع طفله الصغير و سأله : ماذا تريد أن أحضر لك معي ؟ فرد عبد الرحمن : حبة توتو . , فالتفت إلي و قال : خذي بالك من نفسك , و ذهب... و قبل أن يذهب بفترة قصيرة كان دائما ً يقول لأخي الكبير - خال الأولاد- : عبد الرحمن ابني أمانة في عنقك , و في اليوم التالي جاء خبر اعتقاله في 8/11/1990م , ثم بقينا ثلاثة أشهر دون أي خبر يؤكد إن كان سالم حيا ً أو ميتا ً , و في 5/2/1991م اتصل بنا الصليب الأحمر و أبلغنا أن سالم موجود في سجن عتليت و نقل لنا أخبارا ً عنه و عن رفاقه خالد و أمين و إبراهيم , صدر الحكم على سالم بـ 25 عاما ً بشهادة الصليب الأحمر , و لكن عندما زرت زوجي تفاجأت أن الحكم الصادر عليه كان 99 عاما ً !! -و الحمد لله - , و بدأت بيننا الرسائل عن طريق الصليب الأحمر ) .

أنجبت أم عبد الرحمن طفلها الثاني جهاد بعد اعتقال سالم بقرابة الثلاثة أشهر , و قد وصلت تهنئة سالم بسلامتها بعد مولد جهاد بسنة كاملة !! حيث كانت الرسائل تستغرق سبعة أشهر و أحيانا ً سنة , و أحيانا ً تمنع تماما ً !

أما عن الزيارات فقد كانت الأولى في عام 1992م تقول أم عبد الرحمن : ( لقد كانت الزيارة الأولى في عام 1992م حيث رأيته بعد غياب , و كان بيني و بينه القضبان و يراقبنا حارسان عنده و عندي , و كانت الزيارة الثانية طبعا ً مع الصليب الأحمر بعد سنتين من الأولى حيث سمح لنا بالجلوس مع الأسرى و لكنهم أبقوا على الحراسة مستخدمين عناصر الشرطة و الكاميرات المعلقة بالسقف مع التفتيش المشدد قبل دخول السجن , و جاءت الزيارة الثالثة بعد الثانية بسنة و كانت آخر زيارة لنا حيث انقطعنا عن الزيارة لمدة ثلاث سنوات إلى أن أبلغونا بأن هناك زيارة في 10/1998م عن طريق السفارة ) .. و اختلطت مشاعر أم عبد الرحمن و هي تروي كيف رأت زوجها خلف القضبان :( ترى كيف سيكون شعوري و زوجي يحدثني عن آماله عندما يخرج و بنيته فعل كذا و كذا , و أخيرا ً كلمة "الزيارة انتهت" تبخر الأحلام و تجرح القلوب و تجعل الفؤاد يصرخ , إنها لحظة قاسية على كل سجين و أهله ) , أما عن الزيارة الأخيرة فتقول :( كانت الزيارة الأخيرة في 27/3/1999م حيث كان مخصصا ً لنا أربع ساعات و لكننا فوجئنا عندما تقلصت إلى ساعتين و خمسا ً و أربعين دقيقة , و كانت معاملتهم على الجسر لا تطاق حيث أوقفوا الباص و حجزوا الأخ يوسف شقيق الأسير خالد أبو غليون و حققوا معه لمدة ساعتين و لم تنفع وساطة السفارة و لا غيرها , و كنت قد اصطحبت معي الطفلين , و عندما عدنا من الرحلة فإذا بعبد الرحمن يقول لأخواله عندما سألوه عن والده أنه وقع على رأسه دهان أبيض !! ذلك أن رأس زوجي أصبح أبيضا ً من الشيب ) . يذكر أن سالم مريض و يعاني من ارتفاع في الضغط و مشاكل في القلب إضافة إلى ضعف في البصر .

و لم تترك أم عبد الرحمن بابا ً إلا و طرقته , فأرسلت كتابا ً إلى الديوان الذي حوله إلى وزارة الخارجية و التي ردت على لسان المسؤول فيها بنفي وجود سجناء أصلا ً و رفض مقابلتهم !! ثم قامت و أهل الأسرى بإرسال إلى رئيس وزراء سابق فكان الرد أن لا وجود لمعتقلين أردنيين لدى إسرائيل , و لم يجد أهل الأسرى إلا الإعتصامات أمام وزارة الخارجية و السفارة الصهيونية و غير ذلك .

و ختمت أم عبد الرحمن حديثها بنداء إلى كل من يهمه الأمر كي ينظروا بعين المسؤولية الوطنية تجاه قضية الأسرى , تقول: ( كلمة أوجهها إلى كل أب ,ما هو شعوره عندما يحرم من أطفاله ؟ أولئك الأطفال الذين كبروا بعيدا ً عيني أبيهم , كبر و كبرت معهم تلك القصة التي ترافق أنفاسهم و تلك الدمعة الحزينة التي تجمدت في عيونهم !! ما هو شعوركم عندما ينادي الطفل جده "بابا" , أو يقول أتمنى أن أضع يدي في يد أبي في يوم العيد و أذهب معه إلى زيارة الأهل , أو يتساءل عندما يضربه أحد لماذا ليس لي أب؟ لو كان عندي أب لما تجرأ أحد علي و ضربني , فتراه أحيانا ً يشكو ثم يبكي , و أحيانا ً أخرى يتنهد و يقول الحمد لله !! أوجه صوتي و صوت أولادي إلى جميع الجهات فلا من مجيب كأنني أصرخ في الهواء و لا أسمع سوى صدى صوتي , فها أنا أوجه ندائي موقنة بأني سوف أتلقى الجواب من الله فقط , أما زوجي فأقول له : يا زوجي الصبر الصبر فإن الصبر مفتاح الفرج و اعلم أن الحكم لله و ليس للصهاينة فمهما طال ظلام الليل فلابد للنور أن يطغى على العالم ليطرد الظلام و مهما عشعشت الأحزان في قلوبنا فسوف ترحل يوما ً ما و تحل محلها البسمة ) .

الأسير خالد أبو غليون

تاريخ الميلاد :15/1/1968

تاريخ الإعتقال : 8/11/1990

التهمة : إطلاق نار

الحكـم : مؤبد

المعتقل : نفحا - فلسطين المحتلة

الأسير خالد عبد الرزاق سلام أبو غليون ولد عام 1968م و نشأ في بيت متوسط الحال حيث كان والده يعمل كموظف استعلامات في وزارة التربية و التعليم , درس الإبتدائية و الإعدادية في مدارس وكالة الغوث في مخيم حطين , و كان مميزا ً محبوبا ً بين أقرانه مولعا ً بالرياضة , فانتسب إلى نادي تدريب الكاراتيه , و بعد أن أنهى الإعدادية التحق بمعهد البوليتكنيك و و تعلم مهنة ميكانيكي سيارات و تابع تدريبه للكاراتيه , لكنه لم يجد فرصة عمل لمهنته فالتحق بجهاز الأمن العام و أصبح مدربا ً للعبة في صفوف الأمن العام .

تزوج عام 1985م من ابنة عمه و أنجبت منه ابنتين رسمية و أمل , و كانت علاقته بوالدية متميزة إذ كان متأثرا ً بوالده كثيرا ً , و تأثر كثيرا ً بوفاته عام 1989 م لكنه سرعان ما تحمل مسؤولية العائلة كونه أكبر إخوته .

بعد مذبحة الأقصى الشريف في 8/10/1990م نفذ خالد و رفاقه عملية بطولية على الحدود مع فلسطين المحتلة بعدما تسللوا ليلة الخميس 8/11/1990م عبر الحدود و اشتبكوا مع دورية صهيونية لمدة أربع ساعات قتل و جرح خلالها عدد كبير من الجنود و استشهد من المجموعة نايف الكعابنة و أسر باقي أفراد المجموعة و بقي خالد وحده يقاوم بالسلاح الأبيض مدة ساعتين إلى أن جاءت طائرة هيلوكبتر و ألقت عليه شبكا ً و أصابوه في قدمه و أطلقوا عليه طلقة تخدير و لم يفق إلا في المستشفى و هذا ما أكدته إذاعة لندن , أخذ بعدها خالد إلى قسم التحقيق , و بقي أهله لا يعرفون أي شيء عنه رغم مراجعتهم للصليب الأحمر لمدة أربع أشهر , بعدها أذاعت إذاعة لندن خبرا ً عن محاكمة الأربعة غيابيا ً لرفضهم حضور المحاكمة لأن إسرائيل رفضت اعتبارهم أسرى حرب فقد حكم عليهم بالسجن المؤبد , بعد الحكم تمكن أهله من مراسلته عن طريق الصليب الأحمر و كان قد استقر في سجن عتليت , تنقل بعدها بين عدة سجون عسقلان ثم نفحة ثم شطة ثم بئر السبع ثم أخيرا ً نفحة الصحراوي حيث يعتبره الصهاينة سجينا ً خطيرا ً لأنه مدرب كراتيه .

يعاني خالد من ظروف اعتقال سيئة خاصة في ظل معاناته من التهابات الأمعاء إضافة إلى ألم في قدمه التي أصيبت . و قد زاره أهله لأول مرة عام 1992م ثم عام 1995 م و آخر مرة عام 1998م أما عن برنامجه اليومي في السجن فهو يستيقظ عند الفجر يصلي و يقوم بممارسة هوايته "الكاراتيه" ثم يعكف على قراءة الكتب ..و قد حصل خالد على الثانوية العامة في السجن , و قد وصفه الأسير المحرر فادي فرح بأنه مكتبة تدب على الأرض .

لم يأل أهل خالد جهدا ً في محاولة فك أسره و الإلتقاء به , فمن زيارات مستمرة إلى وزارة الخارجية إلى مجلس النواب إلى لجنة متابعة ظروف المعتقلين , و هاهم يناشدون كل الشرفاء للوقوف إلى جانبهم و العمل على تحرير كل الأسرى .

(لقد جاهدتم اليهود على أرض المعركة و أنتم الآن تجاهدون من خلف القضبان , فالله معكم و الفرج قريب , و نقول لكم اصبروا ... فإن وعد الله حق ) يختم أهل خالد برسالتهم إليه .

الأسير أمين الصانع

تاريخ الميلاد : 12/5/1966

تاريخ الإعتقال : 8/11/1990

التهمة : إطلاق نار وقتل

الحكـم : مؤبد

المعتقل : هداريم - فلسطين المحتلة

الأسير أمين عبد الكريم الصانع ولد عام 1966م في منطقة المقابلين من ضواحي عمان , أتم دراسته في مدارس المنطقة ثم التحق بصفوف الأمن العام و حصل على دورات قتالية في التايكواندو حيث نال الحزام الأسود , كما برع في لعبة الكونغ فو و شارك في دورة الصاعقة و وصل إلى رتبة وكيل .

نفذ أمين مع رفاقه سالم أبو غليون و خالد أبو غليون و إبراهيم غنيم و نايف الكعابنة عملية للثأر لشهداء مذبحة الأقصى , و بعد اشتباك حدودي استمر أربع ساعات استشهد الكعابنة و أسر الباقون , و حكمت المحاكم الصهيونية عليهم بالمؤبد . تنقل أمين بين سجون و زنازين الإحتلال: صرفند عسقلان و الرملة في زنازين العزل ثم في عزل بئر السبع و من ثم عاد إلى عسقلان فنفحة و يقبع الآن في عزل سجن هداريم .

أتم أمين حفظ القرآن الكريم في السجن , و يشهد له زملاؤه الأسرى بتواضعه و خدمته لإخوانه .

أما بالنسبة لزيارات الأهل فقد زاره أهله سبع مرات فقط كان آخرها سنة 1998م .

الأسير سلطان العجلونى

من مواليد المفرق بتاريخ 1/1/1974م ,

من أسرة كبيرة عرفت بتدينها و التزامها و وطنيتها و حبها للعلم , له من الإخوة خمسة ومن الأخوات ستة هو أصغرهم جميعا ً . عندما اعتقل كان ما يزال طالبا ً في الصف الثاني الثانوي - الفرع العلمي - , و قد عرف في المدرسة باجتهاده و تفوقه و تعدد مواهبه , فقد حفظ قصيدة البردى , و تعلم التلاوة و التجويد و هو ما يزال في الصف الرابع الابتدائي , أما رحلته مع الكتب و المطالعة فقد بدأ مبكراً إذ حصل على بطاقة عضوية في مكتبة بلدية المفرق في سن السادسة , و كان عضوا ً في نادي المراسلة في مجلة ماجد للفتيان و الفتيات , بل إنه كتب الشعر و القصة القصيرة , و كان متميزا ً بالإنشاء و الأدب . و على الرغم من نحوله و ضآلة حجمه إلا أنه كان معروفا ً بين أقرانه بإرادته الصلبة و عزيمته القوية , مما أهله لأن يكون عضوا ً نشيطا ً في الكشافة , بالإضافة لمشاركته في مختلف الألعاب الرياضية .

هكذا نشأ العجلوني في أجواء كانت تؤهله لحياة غير عادية , و الحدث الأبرز و الذي كان له تأثير كبير , بل شكل منعطفا ً في حياته هو مذبحة الأقصى في 8/10/1990 م , عندما اقتحم جنود جيش الاحتلال الصهيوني المسجد الأقصى بعد إعلان جماعة ما يسمى بـ( أمناء جبل الهيكل) اليهودية المتطرفة عن نيتهم اقتحامه بالقوة لوضع حجر الأساس لهيكل سليمان المزعوم ! و اشتبك الجيش مع الفلسطينيين العزل الذين استبسلوا في الدفاع عن الأقصى , و خلال ساعتين أصيب المئات واستشهد في ساحة الأقصى عشرون شهيدا اختارهم الله لجواره .

كان لهذا الحدث الجلل أكبر الأثر في نفس سلطان , بل لقد شكل منعطفا ً خطيرا ً غير حياته كلها ! و رغم أنه كان ما يزال فتى لما يبلغ بعد السابعة عشرة من عمره الغض , إلا أنه أدرك بحسه الناضج و رجولته المبكرة و إيمانه الصادق الواعي بأن واجبه و مسؤوليته أمام الله توجب عليه عملا ً حقيقيا ً يفوق الشعور و الحزن و الاستنكار , فصمم على الثأر حتى استطاع الحصول على مسدس حيث لم يتمكن أن يحصل على سلاح رشاش كما كان ينوي . و من ثم بدأ يتدرب على الرماية في الصحراء لوحده كاتما ً سره حتى عن أقرب المقربين , و عندما شعر أنه أصبح مستعدا ً كتب وصيته التي يطلب فيها من والديه الصبر و الثبات و أن يحتسباه عند الله , و أن يقرؤوا له القرآن فجر كل جمعة , و يكثروا من الدعاء له , و أن يسددوا عنه دينه البسيط للبقال ! و هكذا عزم أمره و توكل على الله و انطلق إلى هدفه في صباح 11/11/1990م , فوصل قرية دامية قرب الحدود الأردنية الفلسطينية و من ثم عبر نهر الأردن , متجاوزا ًنقاط التفتيش فوصل إلى معسكر للجيش الإسرائيلي بعد يومين من ذلك , فكانت عمليته مساء 13/11/1990م , و رغم أنه لم يخطط للعملية مسبقا ً إلا أنه برهن عن ذكاء و سرعة بديهة , فقد تمكن من اجتياز الأسلاك الشائكة و تجاوز نقاط الحراسة و اقتحم الموقع فقتل أحد جنود شرطة حرس الحدود برتبة رائد و هو المدعو "بنحاس ليفي" -و هو شقيق قائد لواء القدس في الشرطة الإسرائيلية سابقا ً "ميكي ليفي"- , ثم مال إلى زميله الذي ارتجفت يده على جهاز الاتصال لكن المسدس لم يطلق , فقد أصابه عطل ما و هكذا تم القبض على سلطان فنقل للتحقيق, لتبدأ مرحلة جديدة من الجهاد و المصابرة ثبت فيها ثبات الأبطال , و تجلت مواهبه في الحجة و الجدال و ظهرت روحه المتحدية الصلبة إذ كان جوابه طوال فترة التحقيق و التي دامت خمسين يوما ً من العذاب النفسي و الجسدي :

(كنت في رحلة , ضللت الطريق, و جدت نفسي فجأة أمام جندي يريد قتلي , فسحبت مسدسي و دافعت عن نفسي !) فيصك المحققون أسنانهم بغيظ و يسألون : (هل الرحلة تحتاج إلى مسدس؟) فيجيب : ( نعم لأن المنطقة تكثر فيها الضباع!) , و هكذا استمر التحقيق حتى استسلم المحققون و هم يصيحون : ( ولد معتوه , مجنون , جن أزرق ... ألقوه في ستين داهية ) , هذه العملية التي تمت بذكاء كبير -باعتراف من المصادر الإسرائيلية -أصبحت تدرس في بعض المعاهد الإسرائيلية العسكرية لضمان عدم تكرارها !

وهكذا.. بدأت رحلة السجن و الأسر الطويلة القاسية , و التي ناهزت الآن نصف عمر العجلوني, قضاها صابرا ً و لكن في ميادين جديدة أبرزها : العلم و الغربة و المرض , فهو كما يقول بنفسه رهبن المحابس الثلاثة : الأسر و الغربة و المرض , أما جهاده في سبيل العلم فقد ابتدأ بدراسته للتوجيهي في السجن , و حصوله على معدل أهله للانتساب للجامعة , لكن السلطات الصهيونية رفضت انتسابه لجامعة القدس المفتوحة , مما اضطره لإكمال دراسته في جامعة تل أبيب العبرية عن طريق المراسلة و قد نبغت عبقريته أثناء دراسته فقد كانت الجامعة تبعث يهودا ً من الأساتذة المختصين لمناقشته فيناقشهم و يلزمهم الحجة و لقد تمكن من الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية و العلاقات الدولية بامتياز , و عندما باشر بدراسة الماجستير الأنظمة السياسية /ديموقراطيات , منع من ذلك بحجة واهية . أما عذاب الأسر .. فقد وصفه سلطان بقوله : ( هو قبر.. نعم كالقبر) , و لقد تنقل سلطان بين عدة سجون خلال سنوات أسره الطويلة المريرة و هو إجراء يتخذه الصهاينة إمعانا ً في التعذيب النفسي لمنع الأسرى من الاستقرار و إنشاء صلات بين بعضهم البعض , و هو أيضا ً إجراء عقابي قد يتخذ دون مبرر !

و من السجون التي قبع فيها : عسقلان , نفحة , الرملة , مستشفى سجن الرملة ,بئر السبع , و أخيرا ً قسم العزل في معتقل هداريم و الذي ما زال فيه حتى الآن .

أما عن مرضه فقد ابتلي في السنة الخامسة من أسره بمرض التهاب الأمعاء المزمن , و ما زال يعاني منه حتى الآن , و إن كان لم يشكل بالنسبة له أي عائق عن اهتماماته و نشاطاته و هواياته المتنوعة المختلفة , كما معروف بمواهبه و ميوله الرياضية , إذ يقضي ما لا يقل عن ساعة يوميا ً في أداء التمارين و الجري وحمل الحديد و لعبة الكرة الطائرة , و ليس هذا كل شيء ... إذ أن أهم مواهب سلطان تتجلى في الكتابة و " التأليف" , و قد أنهى حتى الآن تأليف كتابين، أحدهما : "السهل الممتع" مختارات من الشعر العربي , و الثاني" إضافات : عوائق في وجه النهضة" حول بعض الأبواب الخفية للهزيمة و التبعية لكنهما لم ينشرا بعد , كما أن للعجلوني زاوية ثابتة بعنوان:" من خلف القضبان" في صحيفة السبيل الأسبوعية الأردنية , إلا أن ظروف الأسر تمنعه أحيانا ً من مواصلة الكتابة فيها كما حدث مؤخرا ً , إذ تشهد السجون و المعتقلات الإسرائيلية هجمة شرسة و إجراءات مشددة قاسية، تهدف إلى النيل من معنويات الأسرى و تعذيبهم و أهليهم , وقد تركزت هذه الحملة مع اندلاع انتفاضة الأقصى و تصاعدت حدتها مؤخرا ًحتى ذكر بعض قدامى الأسرى أنهم لم يشهدوا لها مثيلا ً !

ويؤكد موقع / الأسرى للدراسات - والأبحاث الاسرائيلية أن الأسرى الأردنيون عانوا و منهم سلطان ما يعانيه إخوانهم الفلسطينيون و ربما أكثر في بعض الأحيان , فقد استؤنفت زيارات الأهالي مؤخرا ً للمعتقلين الفلسطينيين , بينما لم يحظ إخوانهم الأردنيون بأي زيارة منذ خمس سنوات ، أويزيد! و إذا كان المعتقل الفلسطيني يحظى بزيارة كل أسبوعين- لأقارب الدرجة الأولى فقط- فإن الأسير الأردني لم يحظ إلا بزيارات معدودة على مدى سنوات أسره الطويلة التي تزيد على عقد من الزمان , فقد كانت أول زيارة للأسير العجلوني بعد سنتين من أسره أي في العام 1992م , ثم كانت بعدها زيارات معدودة على مدى سنوات كان آخرها في العام 2000م , لكن الأسير العجلوني -و كما جميع الأسرى العرب- تبنته عائلة فلسطينية من القدس تعرفت إليه من خلال أبنائها الأسرى منذ اعتقاله .