وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فلسطين تهز عرش آسيا

نشر بتاريخ: 03/06/2014 ( آخر تحديث: 03/06/2014 الساعة: 15:36 )
بقلم: نضال عمرو

فدائي .. فدائي .. فدائي .. فهل من مجيب .. نعم ابتسمت الارادة والقدر معاً لفلسطين، ابتسمت آسيا والعالم بتتويج المنتخب الوطني لكرة القدم ليتربع على كأس التحدي في المالديف بخمس مباريات بشباك نظيفة، بأفضل حارس مرمى، وأفضل هداف، وأفضل خط وسط ... بأفضل تكامل ممكن أن يشكل أصول اللعبة.

هذا المنتخب الذي عانى الويلات بفعل الاجراءات الاسرائيلية المعقدة التي تفرضها على الرياضة والرياضيين، الاجراءات التي تستهدف ابقاء فلسطين تحت مستوى سطح الأرض بدون سميع أو مجيب... لقد تأهل منتخبنا الى بطولة أمم آسيا في استراليا 2015 ليتلمس هذا العرش الذي ظل طوال العقود الماضية بالنسبة لنا كالفردوس المفقود.

لا يمكن لأحد بعد اليوم أن يتجاهل المعاناة كما لا يمكن ان ينسى الفرحة التي اجتاحت كل فلسطين من حدودها لحدودها وشتاتها ومخيماتها، لا يمكن لأحد أن ينكر المؤازرة العربية التي اصطفت الى جانبنا في الضراء قبل السراء فكانوا أوفياء لفلسطين وأرضها وشعبها، لقد تغيرت الأولويات ولا أحد يقترب من المراهنة على الخارج أو على كائن من كان يمكن أن يمس القضايا العربية والقومية بأي مكروه.

وسط هذه الفرحة وقهر فلسطين للمستحيل اللعين الذي رافقنا في كل محطات حياتنا من خلال هذا الانجاز التاريخي، فقد أصبح واضحاً ان دولة ما زالت ترزح تحت الاحتلال البغيض تتأهل لأغلى بطولة يمكن أن تحلم بها الدول المتقدمة في القارة الآسيوية، فيما أن الدولة التي تصنف بأنها العصرية والتي تحتل شعباً آخر بقوة القوة، والعنصرية الممنهجة لم ولن تحلم خلال 64 عاماً من البطش والهيمنة، لم تتمكن من التأهل لبطولة أمم اوروبا، فكفى لهذا الاحتلال العنجهي أن يستمر بعد اليوم.

من اوباما الى كل دول العالم الحر الذي يحملون على الاشهاد المبادئ والقيم التي بها وصلوا الى أعالي الكون كفى لهذا الكيان الغريب المشوه ان يستمر في تركيعنا .. فلا هم استطاعوا ذلك ولا نحن يائسون.

هذه الأمة التي يصبح منتخبها بانجازاته المستحيلة واجهتها الحضارية لا يمكن أن تعترف بالمحتل على أراضيها، وستبقى مصدر إحراج للدنيا كلها. إن فلسطين تولد من جديد فليس من باب الصدفة أو انسجام التاريخ أن يأتي هذا الزلزال الفلسطيني بعد ذكرى نكبتها وقبل ذكرى نكستها، فهذه الرسالة التي اختارها القدر تخبر من على عيونهم الغشاوة كلها أن شعبنا ينتصر بين ذكرى مأساتين لا يفصل بينهما 20 يوماً.

فالقوى العظمى التي هوت الى قاع الظلام كانت في أوج قوتها الأمنية والعسكرية وانهارت بين ليلة وضحاها، فمن يظن أن هذا الأساس يمكن أن يشكل رافعة لحماية الذات أو المصالح فهو يسير نحو النتيجة المجهولة، فلو كلف اي فلسطيني بهذه المليارات لشكل حماية لعروش الدنيا كلها، وفرض وصاية على كل المصالح التي يتوهم أصحابها أنها في مأمن هذا بلغة الحسابات والجرأة.

تخطئ اسرائيل وكل حلفائها الذين يتناقصون اذا بقيت على ذلك الاعتقاد الجازم ان ترسانتها العسكرية وعقيدتها الأمنية وخططها المستحيلة يمكن أن تمنع أي فلسطيني من العبث بالنظام، فهناك آلاف الحالات التي تضحض هذا الوهم، فالفلسطيني العادي عندما يقرر ان يقضي شهيداً في سبيل الوطن والقضية كان يخلط كل الحسابات ويعيدها الى نقطة البداية، وبما أننا وصلنا الى النهايات التي أولها مزيد من انتصاراتنا في كل المجالات وهزيمتهم في أهم الميادين، فآن الأوان أن تكون النقاط ظاهرة على حروفها الصحيحة وأن يكف البعض عن اعتبار اسرائيل بعبع المنطقة الذي يحسب له الف حساب، فمن يمتلك الارادة هو أقوى بأضعاف من تلك الآلة العسكرية التي لا تميز بين البشر والحجر.

سيدي الرئيس أبو مازن ورئيس اتحاد الكرة اللواء جبريل الرجوب، هذه المناسبة وضعت لفلسطين مكانتها الصحيحة والدائمة بين الامم محدثة الفارق بيننا وبين المحتل، فهي أقل ما يمكن أن تكون عيد وطني بامتياز تقوم فلسطين في مثل هذا اليوم من كل عام باستضافة نظيرها من المنتخبات لاي دولة حرة تقرر بعيداً عن الضغوطات والأوهام أن تاتي الينا لتلعب معنا في اكناف بيت المقدس.