وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ثوب دورا عنوان حضاري وزي عصري

نشر بتاريخ: 09/06/2014 ( آخر تحديث: 09/06/2014 الساعة: 12:59 )
الخليل- تقرير معا - في الوقت الذي يتسابق فيه العصر مع صيحات الموضة وصرعات الأزياء، لا زالت مدينة دورا تدفع بعجلة تطوير الثوب الفلسطيني نحو الأمام ... بحثا عن مكانة متقدمة في مضمار عالم الأزياء.. تكون فيه رياح الإبداع فلسطينية.

فعندما تنظر إلى ذاك الثوب يجذبك بجمال ألوانه، ويخطف انتباهك تلك الزخارف والنقوش المميزة التي تدل على دقة صنعه، حاملا معان ودلالات عريقة لامست فيه أيادي سيدات دورا روح التراث الفلسطيني بأسلوب التفصيل المعاصر.

سميحة الدراويش ( في الخمسينات من العمر ) أول مطرزة لأثواب التراث في مدينة دورا تقول: "تعبر الزخارف التي تخاط على الثوب الفلسطيني عن المنطقة الجغرافية التي صنع فيها بل حتى أنها تعبر عن الحالة الاجتماعية والنفسية للابسه ...".
|284351|
وتضيف:"بدأت أطرز قبل (24 عاما) توالت فيها خبرتي حتى قلدت ثوبا للمغنية الأردنية (نهاوند) بألوانه الخمرية ... كانت رغبتي من ورائه تطوير ثوب دورا؛ لجعله متميزا في حلته ومختلفا عن أثواب باقي المناطق...".

الرغبة في الحفاظ على التراث الفلسطيني وإيصاله للجميع؛ جعل من عبد الحليم محمد حجة ( 56 عاما ) وزوجته مريم الدراويش صاحبا أكبر معرض للأثواب التراثية في مدينة دورا وفي فلسطين ليقول عبد الحليم: "نحن نحي التراث الفلسطيني بطريقتنا الخاصة من خلال الاثواب التي نصنعها، والصبغة التي نضيفها عليه، ليعبر عن منطقته وليتم عرضه للمناطق الأخرى".
|284352|
أسماء كثيرة تحملها ثياب التراث الفلسطيني، نسبت إليها بناء على عوامل وخلفيات معينة، هذا ما أكدته لنا مريم: "يتحدد اسم ثوب التراث بالألوان المستخدمة في حياكته ونوع العرق والقماش المستخدم وكثافة التطريز وطريقتها ... فمدينة دورا تشتهر بثوب الجلاية أو ثوب العروس بلونيه الاحمر والزهري".

هناك ثوب الجنة والنار ويخاط بالونين الأحمر والأخضر، يرمز الأخير للجنة، والأول للنار، وهناك الثوب الشركسي وهو لمناطق شمال فلسطين ويخاط باللون الخمري والبصلي والزهري، والذي كان قديما من أشهر الثياب التي كانت ترتديها العروس ليلة الحناء، وتمتاز بنقوشها الوردية الهندسية الشكل، والتي تطرز على الرقبة والأكمام والذيل والجوانب، مصحوبا بحقيبة وشالة من نفس القماش وطريقة التطريز ...،وهناك أثواب المناجل والعروق الموردة وثوب الدوايمة الذي ينتمي الى مدينة بيت لحم ...

نساء دورا أبدعنا في طريقة تطوير الثوب الفلسطيني وجعله محط اهتمام للجميع، فلم يكتفين بطريقة الثوب المعتادة بل كان للتطور ومواكبة العصر دورا مهما في ادخال اشكال جديدة على الثوب، فأصبحت هناك بدلات زفاف مطرزة بالتراث الى جانب فساتين سهرة بأشكال مختلفة.
|284353|
ولأن الإبداع لا يحده شيء تم تصنيع أحذية وحقائب وسلات للحلو مطرز عليها، لتكون من أهم الحاجيات التي ترافق العروس في ليلة حنائها، وأثناء ارتدائها لثوب الجلاية الذي يعتبر من أغلى الاثواب، هنا حضر عنصري الدقة والذكاء لدى النساء العاملات في خياطة الثوب ليتم اضافة الكريستال والاكسسوارات بطريقة متقنة الى الاثواب ليقترن كل ثوب بحالة ومناسبة بل ومنطقة معينة، لتقول مريم الدروايش: "إن من أسباب تطوير الثوب هو الإقبال الشديد عليه ليعد من أهم الملابس التي ترتديه النساء في الأفراح في محافظة جنوب الخليل".

عوامل مختلفة تؤثر في سعر الثوب ،وسر اقتنائه منها : "أسلوب التطريز، ونوع العرق ،وكمية الحرير المستخدمة، وطريقة التفصيل وحجم المرأة أو الفتاة التي سترتديه "هذا ما قاله عبد الحليم حجة، الى جانب ان الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة للثوب تنحدر من الاهتمام بنوعية القماش الأسود المستخدم، إما من نوع الشمر أو الستان أو الشيفون ... وهذه الأقمشة تلعب دورا كبيرا في سعر الثوب، فالستان يعتبر من أغلى أنواع الأقمشة.
|284354|
رغبة الحصول على الأثواب المختلفة والمتنوعة يعتبر غاية بحد ذاتها لكل امرأة فلسطينية تتخذ من العباءات والثياب زيا لها، ولكن وفي كثير من الأحيان تصطدم تلك الغاية بأسعار بعض الثياب الباهظة، والتي قد تصل إلى درجة الدهشة والاستغراب .

فبعض أسعار الأثواب تصل بحد أدنى ل ( 800 ) شيقل، مثل: ثوب العروق الموردة ...وبحد أقصى (4000) شيقل مثل ثوب الشركسي وثوب الجلاية.
|284355|
فالمرأة تسعى دائما إلى ارتداء كل ما هو جديد وجميل؛ لذلك تتحمل الجهد الكبير والتكاليف الباهظة في سبيل الحصول على ثوب ترتديه لتباهي به نساء القرية وخصوصا في الأفراح.
|284356|
هنا تتشبث مدينة دورا بهذا التراث الفلسطيني العريق بأسلوب عصري ليبقى علامة مميزة تعلي جبين هذا الشعب ليزداد تمسكه بأرضه من خلال تراثه مهما حاول الاحتلال طمس هويته الفلسطينية.
____________________________________________________________
أعد التقرير: أسيل أبو فردة ضمن مشروع الاعلام الريفي الذي تنظمه شبكة معا