وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحقيقة الدولية: حماس تعترف "اخطأنا في غزة" ومشكلتنا ليست مع الرئيس عباس

نشر بتاريخ: 15/07/2007 ( آخر تحديث: 15/07/2007 الساعة: 15:36 )
بيت لحم- معا- كشفت صحيفة "الحقيقة الدولية" عن تقرير سري تم تداوله في أروقة الإخوان المسلمين وأرسلته حماس لقيادة الإخوان وتعترف فيه بشرعية الرئيس محمود عباس وتؤيد قيام حكومة وطنية أو تكنوقراط وتؤكد أنها أوقفت لغة التخوين".

وجاء نص التقرير على النحو التالي:

أولاً: الرؤية والتوصيف للأحداث الأخيرة المؤسفة وحقيقتها وخلفياتها:

1- ما جرى في غزة مؤلم لنا جداً في حماس، وليس مؤلماً فقط لأبناء شعبنا وأمتنا، ولم نكن نرغب أن يجري ما جرى، لأن الدم الفلسطيني ينبغي ألا يراق إلا في المعركة الحقيقية الوحيدة وهي المعركة ضد الاحتلال، ولأننا كنا نأمل أن يكون اتفاق مكة المكرمة أساساً لعهد جديد ومرحلة جديدة تلتزم فيها كل الأطراف بالمبادئ التي اتفقنا عليها في مكة المكرمة وبجوار الحرم الشريف.

ولكن إصرار طرف بعينه على إفشال اتفاق مكة والاتفاقات السابقة واللاحقة له، وإفشال حكومة الوحدة الوطنية، وإصرار ذلك الطرف - المرتبط بالأجندة الإسرائيلية والأمريكية وهو ما أكدته الوثائق الجديدة الخطيرة والمذهلة التي وضعنا أيدينا عليها مؤخراً - على التآمر على حماس وعلى شعبنا ومصالحه وخياره الديمقراطي، هو الذي دفع الأمور لمزيد من نزف الدماء البريئة في فلسطين، واستنزافنا جميعاً في جولات متلاحقة من المواجهات المقصودة والمفتعلة والمدبّرة، وشل حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت على أساس اتفاق مكة، ومنعها من ممارسة صلاحياتها وخاصة الأمنية، مما دفع وزير الداخلية المستقل إلى الاستقالة، حتى وصلت الأمور إلى هذه النهاية الصعبة التي لم نكن نريد الوصول إليها.

أي أن ما جرى لم يكن أمراً سعينا إليه بمبادرة أو رغبة منا، وإنما كان أمراً اضطررنا له وألجئنا إليه.

2- ما جرى - للأسف - كان نتيجة طبيعية لمسار الأحداث القاسية والمؤلمة والضغوط والعقوبات والمؤامرات المتلاحقة طوال عام ونصف منذ فوزنا في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وهي المؤامرات التي سعت بكل الجهود والوسائل والأساليب غير الشرعية وغير القانونية وغير الأخلاقية من أجل الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وإفشال تجربة حماس في الحكم وإقصائها عن الساحة بأي طريقة ومهما كان الثمن، حتى ولو كان الثمن زج شعبنا الفلسطيني في أتون صراع داخلي، وحتى لو كانت الوسيلة الاستقواء بالإسرائيليين والأمريكان - مالاً وسلاحاً وتدريباً وتحريضاً وتوجيهاً - ضد خيار الشعب ومصالحه. وما خطة الجنرال الأمريكي دايتون بالتنسيق مع قيادة ذلك التيار إلا أحد النماذج الصارخة على حجم المؤامرة وأبعادها.

هذا لا يعني أنه لم تقع منا - نحن في حماس - أخطاء، فنحن بشر نخطئ ونصيب، ولكن أخطاءنا جزئية وفرعية وفي سياق الدفاع عن أنفسنا وعن خيار شعبنا الشرعي أمام الطرف الباغي علينا وعلى شعبنا ظلماً وعدواناً. أي بعبارة أخرى هي أخطاء الضحية وهي تدافع عن نفسها، وفي سياق رد الفعل الاضطراري وليس في سياق المبادرة والمبادأة.

والله سبحانه وتعالى يقول: ((لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً)).

3- المشكلة الحقيقية لم تكن بيننا وبين الرئيس محمود عباس، ولا بين حماس وفتح كحركتين مناضلتين، ولكن بيننا نحن - ومعنا غالبية شعبنا - وبين تيار معين داخل حركة فتح سيطر بالأمر الواقع على مقاليد فتح والسلطة، وربط نفسه بالأجندة الإسرائيلية الأمريكية، واستقوى بهم لينقلب على نتائج الانتخابات بأي ثمن، لأنه لا يريد أن يتخلى عن امتيازاته ومطامعه وأهوائه ومصالحه الشخصية، وعن استفراده بالقرار الفلسطيني وبمقاليد السلطة الفلسطينية بعيداً عن القانون والنظام والشرعية.

وقد كانت لدينا ولدى شعبنا منذ سنوات الكثير من الشواهد والأدلة والحقائق عن أفاعيل ذلك التيار، وحجم الفساد والتخريب الذي مارسوه وما زالوا يمارسونه في الساحة الفلسطينية، وإلى أي مصير بل وكارثة محققة كانوا يقودون شعبنا وقضيتنا إليها، بحيث باتت صورة هذا التيار وأفاعيله معلومة ومحسوسة للكثيرين من أبناء شعبنا في الداخل والخارج، لكنّ ما وقع بين أيدينا من وثائق مذهلة وأدلة قاطعة في الأيام الماضية يجعل الصورة أكثر بشاعة ومرارة وذهولاً من كل ما سبق!!

ونحن متأكدون أن كل العقلاء في شعبنا وأمتنا، حين يطلعون على هذه الحقائق الدامغة والوثائق المذهلة، سيتفاجأون بل وسيُصدمون من هول المصيبة، وسيعلمون أية كارثة ألمت بشعبنا الفلسطيني المسكين من وراء هؤلاء!!

ولا نقول إلا ((حََسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)).

4- ما قام به أبو مازن من إعلان حالة الطوارئ وتشكيل حكومة إنفاذ الطوارئ، والقطيعة مع حماس وإعلان الحرب والتحريض عليها، لنا عليه الملاحظات التالية:

أ- فيه مخالفة واضحة للقانون الفلسطيني. نعم من صلاحيات الرئيس إعلان حالة الطوارئ لمدة شهر واحد فقط حسب القانون، ولكن ليس من صلاحياته حسب القانون تشكيل حكومة جديدة للطوارئ، بل الصحيح هو أن تصبح الحكومة القائمة (أي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الأخ إسماعيل هنية) هي حكومة تصريف الأعمال في فترة طوارئ، حتى يكون الإجراء منسجماً مع القانون.

ب- ما فعله الأخ أبو مازن إجراء مستعجل وغير متوازن وغير مبرر، لأنه تعامل مع ظاهر الحدث الذي جرى في غزة، ولم يتعامل مع حقيقة الحدث وجذوره وأسبابه الحقيقية، وهي التي كانت تستحق من الأخ أبو مازن الاهتمام والمعالجة.

((وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)).

ج - ثم إن ما قام به الأخ أبو مازن لا يعالج الأمور فعلياً، ولا يشكل حلاً حقيقياً للمشكلة الفلسطينية الداخلية، بل يصب الزيت على النار ويزيد الحالة الفلسطينية تعقيداً وتمزيقاً. والعاقل من يضع إصبعه على العلّة الحقيقية ويعالجها بصدق وشجاعة، وإلا فستستمر الأخطاء والتجاوزات، وكل ذلك على حساب الشعب والقضية.

د- الأخ أبو مازن يرفض الحوار رفضاَ قطعياً مع حماس، وهو يصعّد خطابه ومواقفه واتهاماته وإجراءاته ضد الحركة، ويدخل في خطة متعددة الوجوه ضد حماس وضد الوضع في قطاع غزة، مراهناً أن ذلك سوف يحقق ما يريد، وأن الرهان على وعود إسرائيل وأمريكا سوف يجدي، متوهماً أن محاولة نزع الشرعية عن حماس وحصارها في غزة، والعمل على سحقها وتفكيكها تنظيمياً وتخريب مؤسساتها الاجتماعية والخيرية والثقافية والتعليمية واعتقال المئات من كوادرها وقياداتها في الضفة الغربية، وحصار القطاع وعزله مع إطلاق يد ذلك التيار داخل حركة فتح ليمارس التخريب الأمني وإثارة القلاقل من جديد في القطاع، أن ذلك سوف يُفشل حماس ويقوّض تجربتها ويؤلب شعبنا في غزة عليها، ليستعيد السيطرة على غزة والضفة بالأمر الواقع وبهذه الأساليب والخطط المعتمدة أساساً على دعم إسرائيل وأمريكا!!

ونحن نرى أن ذلك مجرد أوهام، وإمعان في الخطأ، وعدم الاتعاظ بما جرى، وذلك أمر مخالف للمنطق، وللواقع، ولرصيد التجربة، والعاقل هو الذي يبحث عن العلّة الحقيقية، ويمتلك الشجاعة لمعالجتها ولا يتردد في الاعتراف بالخطأ.

((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))، ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)).

هـ- ثم هل يعقل أن يغلق أي فلسطيني الحوار مع أخيه الفلسطيني، ثم يسارع إلى الحوار المفتوح وغير المشروط مع عدوه ؟!!

ثانياً: مبادئ وأسس تتمسك بها الحركة وتلتزم بها في أي حل أو معالجة للمشكلة الفلسطينية الداخلية:

التمسك بالقانون وعدم مخالفته من أي طرف.

الاعتراف بشرعية الأخ أبو مازن رئيساً للسلطة واحترام هذه الشرعية.

وفي ذات الوقت فالشرعية ليست محصورة ومحتكرة لدى رئيس السلطة، بل لابد من احترام الشرعية الفلسطينية كلها، ممثلة في رئيس السلطة، والمجلس التشريعي، والحكومة التي تشكلت على أساس اتفاق مكة وأقرها المجلس التشريعي بطريقة قانونية ودستورية.

ليس مقبولاً الاستقواء اليوم بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية القائمة حالياً على حساب المجلس التشريعي وشرعيته، خاصة حين نستحضر أن مؤسسات المنظمة (المجلس الوطني، المجلس المركزي، اللجنة التنفيذية) هي مؤسسات معطلة مهمشة وغير منتخبة، ومضى عليها سنوات طويلة دون انتخاب أو محاسبة، بينما المجلس التشريعي مجلس منتخب انتخاباً حراً لا لبس فيه!!

الوطن وحدة واحدة لا تتجزأ. وما جرى في قطاع غزة مؤخراً كان خطوة أمنية ميدانية اضطرارية كما تم توضيحه أعلاه، وليست خطوة سياسية تهدف إلى فصل غزة عن الضفة وإقامة أي شكل من أشكال السلطة المنفصلة في القطاع. وبالتالي فإن ما نتمسك به هو ضرورة وحدة الضفة والقطاع معاً، ووجود سلطة وطنية واحدة في الضفة والقطاع، وتشكيل حكومة وطنية مركزية واحدة في الضفة والقطاع.

ومن هنا فموقفنا واضح أن الأخ أبو مازن هو رئيس السلطة على الضفة والقطاع، ونريد حكومة واحدة تمارس واجبها ومسؤولياتها في الضفة والقطاع، وأجهزة أمنية واحدة تمارس واجبها ومسؤولياتها في الضفة والقطاع. نحن مستعدون للتعاون بكل جدية مع لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المؤتمر الوزاري العربي مؤخراً في القاهرة، فنحن نريد الحق ونبحث عن الحقيقة.

ثالثاً: ما هو الحل؟

العودة إلى الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني الجاد، ولا بديل عن الحوار بيننا وبين الأخ أبو مازن والإخوة في حركة فتح.

التمسك باتفاق مكة، وبكل الاتفاقات التي جرى توقيعها مع الإخوة في حركة فتح في الداخل والخارج، والعمل على تنفيذها والعمل بها، واستكمال ما يلزم استكماله لتحقيق الشراكة الحقيقية بين فتح وحماس وبقية القوى الفلسطينية، وحشد الجهود كلها لصالح الشعب والقضية.

ضرورة وجود رعاية عربية كريمة تبادر إلى جمع الطرفين لبدء الحوار. من الضروري أن يحقق الحوار الأمور التالية:

تشكيل حكومة وحدة وطنية مركزية تمارس حكمها وسلطتها في الضفة والقطاع معاً، بصلاحيات واضحة حسب القانون، وبما يحقق المصلحة لشعبنا ويعالج المشكلات القائمة.

معالجة الملف الأمني معالجة جذرية وحقيقية. فهذا الملف هو الذي فجّر الأوضاع المؤسفة في كل المحطات السابقة، وهذه المعالجة يلزم أن تقوم على إعادة بناء وهيكلة الأجهزة الأمنية على أسس وطنية ومهنية، وليست فصائلية أو حزبية، بحيث تصبح هذه الأجهزة الأمنية خاضعة للقانون في إطار الحكومة والسلطة، وليست تابعة لا لحماس ولا لفتح.

عمل مصالحة وطنية شاملة بين أبناء شعبنا، كفصائل وعوائل وأفراد، والعمل على حل كل المشكلات والخلافات، وتسوية الدماء السابقة في إطار الشرع والقانون، بما يرسخ العلاقات الأخوية بصورة صحيحة بين أبناء الشعب الواحد.