|
برنامج "تميز"..بوابة الخريجين للإبداع والمنافسة في سوق العمل
نشر بتاريخ: 24/06/2014 ( آخر تحديث: 24/06/2014 الساعة: 20:35 )
رام الله - معا - لم يقف برنامج "تميز" الريادي عند كونه مبادرة نمطية تعالج مشكلة طفيفة يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني كما هو الحال مع كثير من المبادرات، بل تعدى ذلك بكثير ليصبح برنامجاً إستراتيجياً وسابقة ريادية فلسطينية تسعى إلى تحقيق ريادة نوعية في سبيل معالجة ظاهرة حقيقية يعاني منها المجتمع الفلسطيني وهي الفجوة بين المخرجات التعليمية الفلسطينية ومتطلبات سوق العمل، والمساهمة في تذليل العقبات أمام الخريجين للحصول على فرص عمل من خلال تطوير وتطبيق نموذج فلسطيني بامتياز.
فكرة البرنامج كان الابتكار والبراعة ملمحين أساسيين ملازمين للبرنامج في جميع مراحله، فالبرنامج قبل أن يكون مبادرة ريادية، كان تجربة شراكة متميزة بين كل من القطاع الخاص الفلسطيني ممثلاً بشركة فلسطين للتنمية والاستثمار المحدودة (باديكو القابضة)، والمجتمع المدني ممثلاً بمنتدى شارك الشبابي، والمؤسسات الدولية ممثلة بالمؤسسة الدولية للشباب، حيث تضافرت جهود هذه الجهات الثلاث، وتكاملت في سبيل إخراج مبادرة فلسطينية مختلفة تقف عند معاناة الخريج الفلسطيني للانخراط في سوق العمل، حيث جاء هذا البرنامج بعد عقد العديد من ورشات العمل المكثفة مع خبرات محلية ودولية وجامعات ومؤسسات رسمية وأهلية فلسطينية، أثمرت كل هذه الجهود في تصميم البرنامج بناء على معايير دقيقة تضمن صقل شخصية الطالب قبل تخرجه، وتحضيره لمواجهة الحياة بكافة متطلباتها من خلال تطوير مهاراته الحياتية وتفكيره النقدي وروح المبادرة والإبداع والجرأة، الأمر الذي يزيد من تنافسيته، ويسهم في تحفيز الروح الريادية لديه، وهو ما يخفف المزاحمة على الوظائف من جانب، ويعزز التوظيف الذاتي ويحد من البطالة من خلال امتلاك الخريج لمشروعه الخاص من جانب آخر. وقد شمل البرنامج تعزيز مهارات الاتصال والتواصل، واللغة الإنجليزية، والتخطيط، وتعزيز ثقافة العمل التطوعي، والعمل ضمن فريق، وقضايا متعلقة بالتنمية البشرية وإدارة الوقت، وتوسيع مدارك الخريجين وتعريضهم لأكبر قدر من التجارب التي تصقل شخصيتهم، من خلال لقائهم بشخصيات ملهمة ورفيعة المستوى، ولقاءات مع كافة الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية التي تعنى بقطاع التعليم والشباب، إضافة إلى خوض تجارب استثنائية تسهم في انضباط الشخصية والسلوك. وكان البرنامج الذي انطلق في أواخر العام 2012 قد شمل ثلاث جامعات فلسطينية (جامعة بيريزت، والنجاح الوطنية، وبوليتكنك الخليل) ثم امتد في مرحلته الثانية ليشمل أربع جامعات إضافية ( جامعة القدس، والعربية الأمريكية، وفلسطين التقنية خضوري، والقدس المفتوحة). ويعمل شركاء البرنامج جدياُ على توسيعه ليشمل جامعات من قطاع غزة. وقد استطاع "تميز" أن ينشئ قاعدته الخاصة من المتطوعين ممن يشرفون ويقدمون خبراتهم وتجاربهم لطلبة البرانامج، حيث يشارك في البرنامج أكثر من مئة متطوع من مختلف الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني. كما تم ترشيح " تميز" لجائزة أفضل مبادرة إبداعية في المجال الاقتصادي في العالم العربي وذلك في مؤتمر "إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط" الذي عقد على هامش أعمال"منتدى الدوحة" في قطر، وقد صُنف "تميز" ضمن أفضل 10 مبادرات للمنافسة النهائية على الجائزة. وقال الرئيس التنفيذي لباديكو القابضة، سمير حليله، إن أهم دوافع برنامج "تميز" هو إطلاق القدرات والطاقات المختلفة للشباب، لا سيما وقد أظهرت الانتفاضات الشعبية التي شهدتها المنطقة أن الإشكالية الأساسية للنظم السياسية والاقتصادية والتعليمية المختلفة أنها لم تكن قادرة على التأقلم مع المتغيرات والاحتياجات المتزايدة للفئة الشابة. وأشار حليله إلى إحدى الدراسات التي نفذها باحث في جامعة هارفرد الأمريكية، والتي تنبأت بديناميكية كبيرة لتغير النظريات والأساليب والنظم التعليمية خلال السنوات القادمة، وهو ما يستدعي من كافة الأطراف سواء الحكومة والمؤسسات التعليمية والشركات العمل بشكل متسارع من أجل التأقلم مع الطفرات السريعة التي سوف يشهدها العالم، كما أوضح حليله أن ثلاثة آلاف وظيفة جديدة تظهر سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية بمسميات وظيفية جديدة، وهو ما يستدعي مواءمة المخرجات التعليمية مع احتياجات سوق العمل، وقال بأن هذه الشراكة ما بين القطاع الخاص والعام والأهلي والجامعات والتي أثمرت برنامج "تميز" جاءت في سبيل تحقيق هذا الهدف. وشدد حليله على أهمية منح الفرصة للشباب في الريادة والقيادة والبناء، منوها إلى أن البرنامج يشكل نقطة بداية للاستجابة إلى مطالب الشباب ككل في توفير حياة كريمة ومحاربة الفقر والبطالة لاسيما المستشرية في أوساط الخريجين. نماذج مشرقة وقصص نجاح من طلبة "تميز" وبعد انتهاء المرحلة الأولى من البرنامج، كان تأثيره الإيجابي واضحاً ومتجلياً في العديد من طلبة البرنامج، ممن زادت تنافسيتهم على الوظائف، واستطاعوا الحصول على فرص عمل لائقة. حيث يعمل محمود القرينة، أحد خريجي البرنامج ، كمسؤول مالي ومتتعدد الوظائف في المركز الأول للتجهيزات المكتبية، وكان شركاء "تميز" قد وفروا له من قبل فرصة للتدريب العملي "”internship في منتدى شارك الشبابي كانت بمثابة بداية احتكاكه بواقع العمل. ويقول القريني: " من أهم إضافات تميز إلي حياتي هو إكسابي هذه الروح الريادية والثقة الكاملة في قدرتي على صناعة مستقبل مهني لائق بدلاً من استجداء الوظائف في ظل هذه الظروف غير المواتية" وأضاف " في البداية قمت بعمل مشروع شخصي مع عدد من أفراد العائلة، إلا أنه لم يحقق النجاح المطلوب، ولكن "تميز" علمني أن هذه التجربة هي خطوة مهمة على طريق النجاح، من خلال استفادتي من التجارب والتعلم من الأخطاء، وتفاديها مستقبلاً، لأن الخبرة هي مجموعة أخطاء." في حين تعمل إسراء صبيح ،خريجة كلية الهندسة من جامعة النجاح الوطنية وإحدى خريجات تميز 1، في مؤسسة "مجتمعات عالمية" ، ضمن برنامج تشغيل "المهندسون الزملاء"، وتقول صبيح بأن تميز شكل بالنسبة لها حلقة وصل بين الجامعة وبيئة العمل، وأكسبها شخصية منضبطة، لا سيما خلال دورة التعايش مع قوات الأمن الوطني التي نظمت ضمن نشاطات تميز. ويقول عبداللطيف مساعيد، مدير إسراء في العمل، "تقوم إسراء بإنجاز واجباتها في الوقت المحدد ولا تتردد في الاستفسار عن أي من تفاصيل العمل المكلفة بإنجازها." ويعمل في مدينة روابي وحدها سبعة من طلبة برنامج "تميز"، وهو ما يظهر القدرة الكبيرة على المنافسة التي يتمتع بها خريجو البرنامج. حيث يقول زيد خليل، خريج كلية الهندسة المدنية من جامعة النجاح الوطنية " إن أهم ما يميز طلبة "تميز" الذين يعملون في مدينة روابي هو القدرة العالية على الاتصال والتواصل مع بعضهم البعض والتفاهم المشترك والعمل بروح الفريق الواحد، وما كان لنا أن نكتسب هذه المهارات لولا التجارب الرائعة التي خضناها خلال نشاطات تميز " انطباعات حول برنامج "تميز" ويقول الأستاذ ذوقان قيشاوي أحد أهم مدربي طلبة "تميز"، والذي يمتلك خبرة تزيد على العشرين عاماً في هذا المجال، بأن برنامج تميز يعتبر استثنائياً على مستوى التنوع في طلبة البرنامج، كونهم يمثلون سبع جامعات فلسطينية من مناطق جغرافية مختلفة من كلا الجنسين، إضافة إلى توفر عدد من النخب الشابة، التي هي بمثابة قيادات حقيقية في كل مجموعة، إضافة للمستوى المتقدم من الجدية والنضج والانضباط في سلوك الطلبة، وروح المنافسة الكبيرة بينهم." من جهته قال منير قليبو، ممثل منظمة العمل الدولية في فلسطين، وهو أحد متطوعي "تميز"، " ما لامسته من خلال برنامج تميز هو تلك الخاصية المتعلقة بإعادة الاعتبار للعمل التطوعي عند الشباب، فالبرنامج أعطى اهتماما ملحوظا للعمل الاجتماعي و التنموي التطوعي والذي يعد من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات لا سيما في عصرنا الحالي، فهناك قاعدة مسلم بها مفادها أن الحكومات وحتى القطاع الخاص، سواء في البلدان المتقدمة أو النامية، لم تعد قادرة على سد احتياجات أفرادها ومجتمعاتها، وهنا يأتي التركيز على تنمية الروح التطوعية وتقديم العون الممنهج لتكميل الدور الذي تقوم به الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وقد كان "تميز" سباقاً في إدراج العمل التطوعي ضمن أجندته." ويعمل شركاء "تميز" بشكل حثيث على تكريس البرنامج كأيقونة ريادية وبرنامج وطني تتبناه كل الجامعات والكليات الفلسطينية بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص يسهم في إعداد جيل من الخريجين ذوي قدرة على تجاوز كافة المعيقات، وتحقيق ذواتهم، كما يعمل الشركاء على تفعيل الحضور الدولي للبرنامج من خلال المشاركة في مسابقات ريادية عالمية وطرح البرنامج في المؤتمرات التي تتناول مثل هذه المبادرات الريادية. "إعداد أبوبكر قرط |