وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

طاولة مستديرة تناقش مخاض قانون الضمان الاجتماعي في فلسطين

نشر بتاريخ: 26/06/2014 ( آخر تحديث: 26/06/2014 الساعة: 22:07 )
رام الله - معا - عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) في مقره برام الله أمس جلسة طاولة مستديرة حول قانون الضمان الاجتماعي في فلسطين.

وتركّز النقاش على الجهود التي يقوم بها الفريق الوطني، وعلى القوانين والأنظمة السابقة التي سنت بعد نشوء السلطة الوطنية، ونقاط القوة والضعف التي اعترت مسيرة الوصول الى قانون ضمان اجتماعي يناسب الحالة الفلسطينية، وقابل للتطبيق والإستدامة.

كما تمت مناقشة نظام التقاعد غير الحكومي الذي ما زال يثير الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض بعد إقراره من الحكومة في شهر شباط من العام الحالي.

أكد المشاركون في الجلسة على ضرورة توفير الإمكانيات والاستفادة من الخبرات والموارد المحلية المتاحة لانجاز قانون الضمان الاجتماعي قبل نهاية العام الحالي.

وشددوا على أهمية دور الحكومة كضامن لحقوق العمال والمساهمين في المنافع في حالات تعثر صندوق الضمان خصوصاً في ظل استمرار المعطيات التي أسهمت في الغاء قانون التأمينات الاجتماعية، إضافة إلى إشراك العمال في إدارة الصندوق وتحديد أولوياته وسياساته.

ودعا الحضور إلى ضرورة تحقيق التوازن بين مساهمات العمال وأصحاب العمال، واقترح البعض أن تكون النسبة الثلث إلى الثلثين بحيث تزيد مساهمة أصحاب العمل عن مساهمة العمال بشكل مقبول.

وبرزت بعض الإنتقادات والتساؤلات على جدوى خصخصة الضمان، وبينما طالب البعض بتعليق العمل به، إلى حين تحقيق التوافق على النقاط الخلافية وأدوار الجهات المختلفة والتفاصيل الأخرى المرتبطة بنسبة المساهمة وطرق الإدارة.

ورأى البعض الآخر بضرورة وجود رقابة حكومية تضمن مصالح المشتركين فيه، وتضمن توجيه استثماراته بصورة حكيمة. كما طالب البعض بضرورة الزام الشركات بالانضمام له، وخصوصا الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل الاغلبية الساحقة للموظفين.

وركز معظم المشاركين على ضرورة استكمال المنظومة المتكاملة المرتبطة بالضمان الاجتماعي مثل التطبيق الأشمل لقانون العمل والسياسات الضريبية المساعدة ومحفزات الاستثمار.

وركز الحضور أيضاً على أهمية التدرج في شمول الفئات المختلفة لنظام الضمان الاجتماعي، وإنشاء صناديق مختلفة لكل فئة مثل الأمومة والشيخوخة والمتقاعدين وغيرهم، والإدارة المشتركة لصندوق الضمان من مختلف الأطراف المشاركة والمستفيدة، ووضع حد أدنى وأقصى للرواتب التقاعدية المشمولة بنظام الضمان لتجنب خلق فروقات طبقية كبيرة بين المساهمين والمستفيدين. إضافة إلى ضرورة تضمين قانون الضمان الاجتماعي لبنود وتوجيهات تضمن الإدارة السليمة لموارد صندوق الضمان واستثماراته، وتحد من إهدار الموارد والعمل على توجيهها لما يعزز تلك الاستثمارات ويدعم استدامة الصندوق وتنميته.

تحدث خلال الجلسة كل من: د. أحمد مجدلاني، رئيس الفريق الوطني للضمان الاجتماعي، ود. عاطف علاونة ممثلاً لوجهة نظر القطاع الخاص، وقدّم السيد شاهر سعد، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، والسيد محمد عرقاوي، نائب الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين، مداخلتين للتعبير عن آراء وتوجهات العمال إزاء القضايا المطروحة للنقاش. كما شارك في الجلسة نخبة من الرسميين والخبراء والقانونيين وممثلي المؤسسات العامة والأهلية والقطاع الخاص. أدار الجلسة مدير البحوث في "ماس"، د. سمير عبد الله، وأكد على أهمية نظام الضمان الاجتماعي وأبعاده المختلفة التي تطال العديد من الفئات، وأشار إلى ضرورة الإسراع في إنجاز القانون.

من جهته، استعرض مجدلاني الموقف الرسمي للحكومة الفلسطينية، وبيّن أن الجهود التي يقوم بها الفريق الوطني يعكس اهتمام ورغبة الحكومة لإنشاء نظام الضمان الاجتماعي كفيل بتحقيق الحماية الاجتماعية وتحقيق السلم الأهلي والتوازن المجتمعي، وهو متضمن في خطة التنمية الحكومية للأعوام الثلاثة القادمة. وأشار مجدلاني إلى أن أنظمة التقاعد السارية في طريقها للتوحد بعد خمسة أعوام في ظل انحسارها بنظام التقاعد العام ونظام تقاعد العسكريين. وأضاف بأن التعديل الذي أدخل على قانون التقاعد العام أتاح المجال أمام انضمام أية جهة لهذا النظام، إلا أن مستوى التجاوب والانضمام لم يكن كبيراً، مما دفع باتجاه إنشاء نظام تقاعد غير حكومي يشمل العاملين في القطاع الخاص والأهلي، على أن يكون الانضمام لهذا النظام اختيارياً. وأوضح بأن الفريق الوطني للضمان الاجتماعي يسير وفق خارطة طريق محددة المعالم والتواريخ. ونتيجة لعدد من المعيقات والتداخل في المسارات المرتبطة بصياغة القانون ومسارات التدريب والزيارات الميدانية للاطلاع على تجارب الدول، يمكن أن يحدث تأخير في إصدار قانون الضمان الاجتماعي بما يتجاوز المواعيد المقررة مسبقاً.

بدأ علاونة مداخلته بالتركيز على أهمية التفريق بين مصطلحات التقاعد والضمان الاجتماعي والحماية الاجتماعية، وأشار إلى أن الحماية الاجتماعية هي الحالة الأكثر شمولاً لكل أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية، وهي تشمل مختلف فئات المجتمع بغض النظر عن مساهماتهم في النظام. وأضاف بأن إلغاء قانون التأمينات الاجتماعية دفع باتجاه العمل على إعداد قانون تقاعد للقطاع الخاص، حيث بات العاملون في المؤسسات الخاصة بدون قانون تقاعد. وجاء رفض القطاع الخاص للانضمام لنظام التقاعد العام انطلاقا من التجارب الدولية في هذا المجال، والتي تفصل أنظمة التقاعد الخاصة عن نظام التقاعد العام أو الحكومي. أما فيما يتعلق بانضمام المؤسسات الخاصة لنظام الضمان الاجتماعي، فأبدى علاونة ترحيب القطاع الخاص بهذه المبادرة، وانعكس ذلك في مشاركتهم في عضوية الفريق الوطني المشكل لهذا الغرض.

بيّن السيد شاهر سعد في كلمته أن الأساس القانوني لإنشاء أنظمة الضمان حول العالم يستند إلى الاتفاقية الدولية بهذا الشأن المقرة منذ العام 1952. والتي أعطت حقوقاً واسعة للفئات المستفيدة من أنظمة الضمان. ونوه إلى أن محدودية الإمكانيات تفرض علينا إنشاء نظام ضمان يوفر الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني. وأوضح أن أحد الاشكاليات التي اعترضت مسيرة إقرار قانون الضمان هو تبدل الحكومات وضعف العمل المؤسسي وضعف تراكم الانجازات في الواقع الفلسطيني. وبيّن كذلك أن العمل على نظام الضمان ارتبط بالنقاشات المتعلقة بقانون العمل الفلسطيني. وشدّد سعد على ضرورة استكمال العمل على قانون الضمان الاجتماعي وانجازه بالموعد المحدد، مع تجميد العمل بقانون التقاعد غير الحكومي وإعطاء الأولوية للضمان الاجتماعي لأنه يشمل فئات مجتمعية أكثر إلحاحاً.

من جهته، أشار محمد عرقاوي في مداخلته إلى مبررات الاهتمام بالضمان الاجتماعي، وركز على توفير الحماية الاجتماعية للعمال، لسد الفراغ القانوني بعد إلغاء قانون التأمينات الاجتماعية. وطالب بضرورة استكمال النقاش حول القضايا الخلافية في موضوع الضمان الاجتماعي، وتضمين النقاط المطروحة في هذه الجلسة في إطار الحوارات والنقاش المستمر في الفريق الوطني الذي يضم أطراف الإنتاج، وطالب بأن يشمل نظام التقاعد العاملين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر أيضا.

كما دعا المؤسسات الدولية وخاصة منظمة العمل الدولية معاملة أطراف الحوار في الفريق على قدم المساواة وبمهنية عالية. وأكد على دور الحكومة الهام في إنجاح الجهود لإنجاز نظام الضمان الاجتماعي.

تخلل الجلسة مداخلات لعدد من المشاركين ركزت بشكل أساسي على أهمية الإسراع بانجاز نظام الضمان الاجتماعي لضرورته لتوفير حياة كريمة لشرائح واسعة في المجتمع الفلسطيني، وضرورة إقراره وفق المواعيد المقررة وبما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.

وركّز البعض على ضرورة إيلاء أهمية خاصة للعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر لجهة ضمان مشاركتهم في النظام المقترح، وأهمية التعامل بمسؤولية مع تعويضات نهاية الخدمة لهم التي تراكمت طيلة عملهم في الداخل.

وأثير تساؤل مهم يتعلق بمستوى التزام الشركات الخاصة بالانضمام لنظام التقاعد غير الحكومي ونظام الضمان الاجتماعي في ظل هيمنة المنشآت الصغيرة على السوق الفلسطينية، وضعف الالتزام بالقوانين المنظمة من قبل تلك المنشآت، إضافة إلى انتشار الأعمال الصغيرة للرياديين الذين يعملون لحسابهم الخاص، وآليات إدماجهم بأنظمة التقاعد والضمان الاجتماعي المطبقة.