وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ابو مازن مسكون بتجربة الانتفاضة 2002

نشر بتاريخ: 06/07/2014 ( آخر تحديث: 09/07/2014 الساعة: 10:09 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
شهدت الاسابيع الماضية عملية تحشيد غير مسبوقة للجبهات الداخلية ، وبدأت اسرائيل الامر من خلال فتح ابواق التحريض امام المستوطنين الذين صاروا يتحكمون بحكومة اسرائيل من الداخل ومن الخارج ، ولم تدرك اسرائيل انها تلعب بالنار وانها تقوم بمعاقبة الضحية وتسترضي القتلة والتنظيم الارهابي اليهودي !!

بل وصل الامر ان جدول اعمال الحكومة الاسرائيلية واجهزتها الامنية وجيشها يقرره المستوطنون . ومع فقدان ثلاثة مستوطنين قبل ثلاثة اسابيع أخرجت المستوطنات المارد من الزجاجة وانجرّ المجتمع الاسرائيلي خلفهم يطالب بالانتقام ، وغرقت وسائل الاعلام الاسرائيلية بموجات مفتوحة تحريضية وصلت حد الدعوة الى قتل العرب وطردهم من بيوتهم ، فرضخت حكومة اسرائيل وشنّت عدوانا على سكان الخليل والضفة الغربية اشتملت على العقوبات الجماعية ومئات المعتقلين و13 شهيدا ومئات الجرحى . وصولا الى قيام متطرفين يهود بخطف وقتل واحراق الطفل محمد ابو خضير . فبلغ السيل الزبى .

الفلسطينيون الذين يشعرون بالقهر والمرارة وفشل المفاوضات وتنصل حكومة اسرائيل من صفقة اطلاق سراح الدفعة الرابعة من الاسرى واقتحامات المستوطنين للاقصى كل يوم ، وطريقة تعامل الشرطة الاسرائيلية معهم بشكل عنجهي وقاسي رفضوا الاذلال فخرجوا في تظاهرات غضب حقيقية صدمت المراقبين وقلبت الطاولة على رأس السياسيين وقادة الامن .

ومنذ أيام حملت صفحات الفيسبوك العبرية والعربية ، وكذلك خدمة الواتس أب ، حملتا جميع انواع التحريض والدعوة للانتقام " اللذيذ " الذي يشفي صدورهم ، ولم يتردد اليهود لحظة ، في التنازل عن ادعاء الديموقراطية وسلطة القانون وواحة الحضارة الغربية ، واتضح انهم لا يختلفون عن اي مجتمع متوحش في العالم الثالث ، ومن يقرأ اللغة العبرية يشعر بالصدمة من عبارات الانتقام ودعوات القتل الجماعي دون محاكمة ... وردّ الفلسطينيون بشكل أقوى تحت شعار انهم لن يموتوا بصمت ، ولن يجلسوا في منازلهم يشاهدون المستوطنين يدبحون أطفالهم ويحرقونهم ، فحملوا أرواحهم على اكفّهم وخرجوا يهاجمون شرطة الاحتلال ويتصدون للرصاص بصدورهم العارية . واسرائيل التي طردت جميع قادة ومؤسسات فلسطين من القدس تدرك الان انها أخطات بشكل قاتل حين منعت السلطة من التواجد وفرض هيبتها في العاصمة المحتلة .

ووسط هذه الاجواء تبدو كل الظروف ناضجة للحرب القادمة ، وكل العوامل متوفرة ليسيل الدم وتنفجر الاوضاع ... وان يحسم السلاح والمولوتوف والسكاكين ما فشل ان يحسمه صائب عريقات وتسفي ليفني ، وان تكون المفاوضات الحقيقية في الشارع والميادين .

وحتى الان لم يحدث هذا لان هناك شخصان مترددان وخائفان من الخوض في هذه الجولة ، الاول الرئيس محمود عباس الذي يسكنه تجربة الانتفاضة الثانية 2002 حين حاصر شارون عرفات ودمّر الوزارات ، وكيف انقلبت الامور الى تدمير السلطة والفلتان الامني ، والثاني بنيامين نتانياهو الذي يعرف تماما ان المقاومة لم تعد ضعيفة وانها ستدمي وجهه وانه لن يستطيع حماية بنات تل ابيب حين تسقط الصواريخ على رؤوسهن فيما ازواجهن على خط النار .

والجميع يعرف ان التهدئة الراهنة ليست قرارا فلسطينيا وانما قرار اقليمي ودولي . وحتى ذلك الحين نسأل : كم سيصمد نتانياهو ، وكم سيصمد ابو مازن في وجه هذا الشغف المتعطش للدماء ؟ وكم سيلتزم الشارعان بقرارهما في حال لم تعترف اسرائيل بدولة فلسطين وعاصمتها القدس؟