وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رحلات النزوح المتكررة لفلسطيني ألماني لم تنقذه من القتل وعائلته في غزة

نشر بتاريخ: 22/07/2014 ( آخر تحديث: 22/07/2014 الساعة: 09:25 )
غزة – معا - د ب أ - لا مكان آمن في غزة ولا حصانة لأحد من حمم القذائف والصواريخ الإسرائيلية حتى ولو بعد رحلة هروب متتالية أملا في النجاة.

تلك حقيقة مفجعة ثبتت لدى الفلسطيني الحاصل على الجنسية الألمانية إبراهيم الكيلاني لكن بعد أن تحول وعائلته بكاملها إلى أشلاء متناثرة يعلوها الركام المدمر بوحشية فظيعة.

وكان الكيلاني (53 عاماً) نزح من مسقط رأسه في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة بعد إنذار الجيش الإسرائيلي سكان البلدة بضرورة مغادرة منازلهم تحسبا لاستهدافها بغارات متتالية.

وبعد يومين من الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من الشهر الجاري، آثر الكيلاني إخلاء منزله والنزوح باتجاه منزل عائلة زوجته في حي الشجاعية على الأطراف الشرقية لمدينة غزة، لكن سريعا ما أجبر الكيلاني وعائلته على معاودة كرة النزوح.

هذه المرة غادر وعائلته وأقارب زوجته حي الشجاعية على وقع القصف المدفعي الإسرائيلي الكثيف الذي استهدف الحي على مدار أكثر من عشرة أعوام منذ فجر الأحد.

وظن الكيلاني أنه نجا بنفسه عندما تدخلت أطقم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإخلائهم من الحي الذي قتل فيه أكثر من 72 شخصا أغلبيتهم من النساء والأطفال وأصيب العشرات بجروح.

وبعد ليلة دامية عاينوا خلالها أشلاء القتلى والجرحى تتناثر على الطرقات وبين الأزقة دون منجي لهم، استقرت عائلة الكيلاني في شقة استأجرتها في برج سكني وسط مدينة غزة.

غير أن ماسأة الكيلاني وعائلته لم تكن بدأت حتى ذلك الوقت.

فلم تكد العائلة تنهي تناول طعام إفطارها اليوم الاثنين، وهي تتطلع أن تلتقط أنفاسها أخيرا من دوي الغارات الذي لاحقها حتى كانت هذه المرة هدفا للقتل المباشر.

فقد أطاح صاروخان من طائرة حربية إسرائيلية بستة طوابق من البرج السكني الذي لجأ إليه الكيلاني وعائلته ليلقوا مصرعهم على الفور مع أربعة من أقاربهم الذين ظنوا معهم أنهم بأمان أخيرا.

وبلغت حصيلة الغارة 11 قتيلا منهم الكيلاني وزوجته تغريد (45 عاما) وأبنائهما سوسن (11 عاما) وريم (12 عاما) وياسر (8 أعوام) وياسمين (6 أعوام) وإلياس (4 أعوام).

وغلبت الفاجعة والصدمة الشديدتان وجه أحمد درباس وهو شقيق زوجة الكيلاني والذي فقد إضافة إليها شقيق وشقيقه كانوا في نفس الشقة، بينما كان يجلس أمام جثثهم المتكدسة في ثلاجة الموتى والدم يفوح عنها.

وقال درباس بنبرات متقطعة وعيناه لا تتوقفان عن ذرف الدموع: "لقد تعرضوا جميعا للإبادة، ظلوا يهربون بأنفسهم لكن لا مأمن من القصف الذي لا يفرق بين أحد".

وظل درباس يصر على أن جميع قتلى عائلته مدنيون.

وقال بصوت غاضب "أخلينا منازلنا كما طلبوا منا فلماذا يستهدفونا مجددا، حتى لو أن إسرائيل كما تدعى تلاحق مطلوبين فهل يشفع لها أن تقتل كل هؤلاء المدنيين".


وأضاف "لم يكن زوج شقيقتي سوى مهندس مسالم لا علاقة له بأي تنظيم أو شبهات فلماذا يقتل بهذه الطريقة الوحشية وكل عائلته، أي إجرام يضاهي ما يحدث في غزة".

وسبق أن عاش الكيلاني (20 عاماً) في ألمانيا تخرج خلالها من إحدى الجامعات الألمانية مهندسا مدنيا ثم عمل في مجاله قبل أن يعود إلى قطاع غزة قبل 13 عاما.

في غزة استقر الكيلاني وأدار مكتبا خاصا به للأعمال الهندسية. ويستدل درباس بالجنسية الألمانية التي يحملها الكيلاني وعائلته ليدفع بأن الجيش الإسرائيلي لا يضع حصانة لأحد في غزة، لكن الأكثر وجعا بالنسبة له أن لا أمان في غزة تحت وقع القصف والاستهداف الذي يدمر المنازل والشقق السكنية تحت رؤوس ساكنيها.

ودمر الجيش الإسرائيلي في هجومه المتواصل على قطاع غزة أكثر من 500 منزل وشقة سكنية.

وترصد مصادر فلسطينية مقتل أكثر من نصف أعداد ضحايا الهجوم الإسرائيلي الذي وصلت الإحصائية الإجمالية لهم أكثر من 560 داخل منازلهم.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف نشطاء حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي في غاراته على المنازل وأنه يقوم بإنذار السكان قبل شن الهجمات.

لكن أقارب الكيلاني وجيرانه يؤكدون أنه لم يتم إنذار أحد في البرج السكني المستهدف وإلا ما وقع كل هذا العدد من القتلى والجرحى.

وأمام المشهد الدامي لجثث القتلى وقد تحول أغلبهم إلى أشلاء متفحمة بدا أن الكيلاني وعائلته استقروا أخيرا وخبروا وإن بعد فوات الأوان، أنه لا مكان أمن في غزة ولا شيء ينقذ السكان من تغول الهجمات الإسرائيلية بحقهم.