وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

غدعون ليفي: طفل مسموح ان يقتل وآخر ممنوع

نشر بتاريخ: 24/08/2014 ( آخر تحديث: 24/08/2014 الساعة: 23:17 )
بيت لحم - معا - كتب الصحفي والكاتب صاحب العامود الدائم في صحيفة هأرتس" الإسرائيلية " غدعون ليفي" مقالة نشرها اليوم " الاحد" تحت عنون " طفل مسموح واخر ممنوع " تناول فيه موضوع قتل الأطفال الفلسطينيين في الحرب الدائرة على غزة ومقتل الطفل الإسرائيلي " دنيال تريجمان" بقصف فلسطيني.

وعلى عادته انطلق " ليفي " من إنسانيته المفرطة بالحساسية لدرجة التماهي مع مفهوم الإنسان لينساب قلمه خاطا مقالة مثيرة وهامة وجريئة جدا متحملا مخاطر مواجهة لحظة جنون اليمين ومتعاليا على كل الاعتبارات العرقية والدينية والخلافات والصراعات السياسية منتصرا للإنسان والإنسانية مثيرا الكثير من الانتقاد والهجوم من قبل اليمين الإسرائيلي كما فعل حين نشر مقالة هاجم فيها طياري سلاح الجو الإسرائيلي مكلفا صحيفة عشرات او مئات الاشتراكات الشهرية التي ألغاها أصحابها ردا على المقالة .

وإنصافا للرجل نضع المقالة بين أيديكم كما هي ودون تصرف .

بعد الولد الأول لم يكلف أحدا خاطره ان يحرك ساكنا وبعد الولد رقم 50 لم نشعر حتى بوخزة بسيطة ليتوقفوا عن العد بعد الطفل رقم 100 ليعودوا ويتهموا حماس بعد مقتل الطفل رقم 200 وبعد الطفل الـ 300 اتهموا والدي الأطفال وبعد الطفل الـ 400 وجدوا المبررات وبعد الطفل الـ 478 لم يعد احد يكترث بهم وفجأة جاء ولدنا الأول وصدمت إسرائيل صحيح وحقا ينفطر القلب ويبكي على صورة " دنيال ترجمان" الطفل ابن الرابعة فقط الذي قتل ليلة السبت داخل بيته في " شاعر هنيغف" ولد جميل ، التقطت صورة وهو يرتدي قميص منتخب الأرجنتين الأبيض والأزرق وحمل الرقم "10 " ومن قلبه لا ينفطر ولا يبكي على هذه الصورة " هاي ، ميسي ، انظر لهذا الولد لقد كنت بطله المفضل " نشروا على موقع " فيس بوك " .

فجأة أصبح للموت وجه وقميص وعيون مليئة بالأحلام وشعرا أشقر وجسم صغير لن يكبر بعد ألان مطلقا، فجأة أصبح معنى وأهمية لموت طفل صغير وفجأة بات هذا الموت أمرا فظيعا، هذا إنساني، ومفهوم ومثير للمشاعر .

هذا إنساني ايضا حيت يثير مقتل طفل إسرائيلي طفلنا موجة من التعاطف والتضامن أكثر مما يثيره مقتل طفل أخر والأمر غير المفهوم وغير المعقول هو رد الفعل الإسرائيلي على قتل أطفالهم .

في الجزء الجيد من العالم كان يجب الحفاظ على الأطفال خارج اللعبة الوحشية المسماة بالحرب وفي هذا الجزء من العالم لا يمكننا فهم اللامبالاة المطلقة التي تقارب حدود الشيطانية اتجاه مقتل مئات الأطفال، ليسو أطفالنا ، لكن من فعل أيدينا، لقد وقفوا طابورا في صور الموت مكون من 478 طفلا تخيلوا ان بعضهم قد لبس قميص" ميسي" ولربما فعل بعضهم ذلك قبل موتهم ، ايضا هم احبوا ميسي تماما كما فعل طفلنا "دانيال" من الكيبوتس لكن احد لم ينظر إليهم ولم تظهر وجوههم، ولم يصدموا من موتهم ولم يكتب أي أحد عنهم " هاي ، ميسي ، انظر إلى هذا الولد ، هاي ، إسرائيل انظري أنت على أطفالهم ".

جدار حديدي من الإنكار وعدم الإنسانية يحمي الإسرائيليين من أفعالهم وما تقترفه أيديهم من افعال شائنة في غزة لكن تبقى هذه الأرقام عصية على الفهم إذ يمكن القول عن مئات الرجال الذين قتلوا بأنهم كانوا " متورطين" كما يمكن القول عن مئات النسوة بأنهم استخدمن كـ "درع بشري " ويمكن الادعاء بان عدد قليل من الأطفال القتلى بان الجيش الأكثر أخلاقية في العالم لم يكن يقصد قتلهم لكن ماذا سنقول عن ما يقارب الـ 500 طفل سقطوا قتلى ؟ هل جيش الدفاع لم يقصد ان يقتل 478 طفلا ؟ هل نقول ان حماس اختبأت خلهفم جميعا ؟ وهل هذا الأمر يجيز قتلهم ؟ ربما اختبأت حماس خلف جزء من هؤلاء الاطفال ، لكن ألان إسرائيل هي من يختبئ وراء الطفل " دنيال تريجمان" وتستخدم مصيره كستار يخفي خطايا جيش الدفاع في غزة .

قالوا يوم أمس وعبر الراديو ان ما جرى هو جريمة " قتل" ووصف نتنياهو مقتل الطفل بالعمل " الإرهابي" فيما يرقد مئات الأطفال في غزة في قبورهم الطرية ولا يعتبرون ضحايا جريمة قتل او عمل " إرهابي" بل هؤلاء اضطرت إسرائيل لقتلهم وبينهم فادي وعلي واسلام ورزق و محمد واحمد وحمدي يقابلهم "دنيال " طفلنا الواحد والوحيد .

يجب أن نعترف بالحقيقية : اطفال الفلسطينيين بالنسبة لإسرائيل لا يتجاوزن كونهم حشرات، نعم هذه جملة صادمة، لكن لا يوجد طريقة أخرى لوصف المزاج العام الإسرائيلي عام 2014 حيث تم على مدى شهر ونصف إبادة مئات الأطفال تدحرجت جثثهم بين الأنقاض، وتكدست في غرف الموتى وفي بعض الأحيان داخل ثلاجات الخضار وذلك لنقص في الأماكن , حيث يتحول منظر الاباء الهائمون على وجوههم حاملون جثث أطفالهم إلى شيئ روتيني والجنازات لا تتوقف حتى وصل عددها حتى ألان إلى 478 جنازة, حتى اللامبالين الإسرائيليين ما كان لان يسمحوا لأنفسهم بان يكونوا لا مبالين وغير مكترثين لهذه الدرجة .

لقد كان على احد أن يقوم ويصرخ قائلا " كفى ، لم يعد لكل الحجج والتوضيحات أي جدوى ولا يوجد طفل مسموح وأخر ممنوع وهناك فقط أطفال يقتلون بصمت ، هناك مئات الأطفال لا يعني مصيرهم احدا في إسرائيل مقابل ولد واحد فقط واحد توحد الشعب في حالة من الحزب على موته .