وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"التعليم البيئي": دول الأرض تحتفل بيوم النظافة وفلسطين تُلملم ركامها!

نشر بتاريخ: 14/09/2014 ( آخر تحديث: 14/09/2014 الساعة: 16:00 )
القدس - معا - أصدر مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، ورقة حقائق لمناسبة يوم النظافة العالمي، الذي يصادف في 15 أيلول كل عام، قدّمت مفارقة حرص دول الأرض على إحياء هذا اليوم للتخلص من النفايات التقليدية، في مقابل فلسطين التي تعاني الأمرين ليس بفعل تحدي الملوثات الشائعة والنفايات الصلبة فحسب، بل لأنها تُلملم ركامها، وتحصي خسائرها، بفعل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استمر 51 يومًا وخلف قتلا ودمار هائلاً، إلى جانب ممارسات يومية تُدمر عناصر البيئة في محافظات الوطن، وتخرب توازنها الطبيعي، وتنهب الثروات الطبيعية وتسطو على المياه، وتلوث الهواء، وتصادر الأرض وتُجرّفها.

وأشارت الورقة إلى أن مفارقة النظافة والتدمير في هذه المناسبة، لا تعني التقليل من شأن الجهود الخضراء للحديث عن النفايات العشوائية، التي تنتشر في غير مكان في فلسطين، لكنها محطة للفت أنظار أنصار البيئة في العالم إلى الجرائم الخطيرة بحق البيئة الفلسطينية، ودعوة مفتوحة لمقاضاة إسرائيل على سجلها الأسود الحافل بالإرهاب البيئي، الذي طال البشر والشجر والحجر.

ركام غزة: صورة مرعبة!
واستعرضت معطيات حول تداعيات العدوان الذي استهدف غزة في 7 تموز الماضي، وأدى إلى تدمير 15671 منزلًا، منها 2276 بشكل كلي، و13395 بشكل جزئي، إضافة إلى عشرات آلاف المنازل المتضررة بشكل طفيف، عدا عن تدمير منشآت صناعية، ومدارس، وجامعات، ومساجد، ومستشفيات، ومحطات توليد الكهرباء، ومضخات المياه والصرف الصحي، الأمر الذي خلّف ملايين الأطنان من الركام والردم.

واستندت الورقة لأرقام وزارة الأشغال العامة والإسكان التي تفيد بأن العدوان خلّف ركامًا بلغ بين 3-4 ملايين طن، تحتاج إزالتها إلى 30 مليون دولار، وتستغرق بين 6 إلى 8 أشهر، في وقت تعتبر معدات الوزارة قديمة ومتهرئة ولا تسد سوى 20% من الحجم الكلي للأنقاض.

وقال المركز في ورقته إن الأرقام القادمة من غزة تعادل خمسة أضعاف دمار عدوان 2012، وهي بيانات مرعبة مقارنة مع ما تعيشه غزة من حصار وظروف صعبة وقلة في الإمكانات، الأمر الذي ينذر بكارثة بيئية وإنسانية وصحية خطيرة للغاية، ويستدعي خطة وطنية عاجلة للتحرك في كل المستويات.

غزة 2020
وأعادت الورقة إلى الأذهان تأكيدات تقرير الأمم المتحدة الذي حمل عنوان ( غزة 2020) وأشار إلى المعدلات السكانية العالية في القطاع الصغير الواقع في المنطقة الجافة من الزاوية الجنوبية الغربية لفلسطين، ويبلغ عدد سكانه (1,76 ) مليون نسمة، من بينهم أكثر من مليون لاجئ.

ويُبين التقرير أنه إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه، فإن عدد سكان قطاع غزة سيبلغ (2,13) مليون نسمة مع حلول عام 2020، أي بمعدل (5.835) شخص / كيلومتر مربع، نصفهم من الأطفال. إضافة إلى أن حوض الماء الجوفي المتوفر سيصبح مع حلول عام 2016 غير صالح للاستعمال، بينما يزداد الطلب على المياه ليصل عام 2020 إلى (260) مليون متر مكعب.

وتشير المعلومات الواردة فيه إلى أنه في عام 2011 فإن (60%) من العائلات كان ينقصها الأمن الغذائي أو معرضة للنقص فيه، مع وجود (33) مليون متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة، أو المعالجة جزئياً تصب في البحر الأبيض المتوسط. في وقت يمثل الحصار السياسي المفروض على القطاع أحد التحديات الاقتصادية والبيئية.

يوم عالمي
وذكّرت الورقة بسيرة الخامس عشر من أيلول، الذي بدأته منظمة Clean up the World الاسترالية عام 1993، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وصار يشارك فيه 35 مليون متطوع في 130 دولة.

وقالت: إن هذا اليوم فرصة مثالية، للبدء بحملة من شقين: الأول للحديث عن انتهاكات الاحتلال بحق بيئتنا باعتباره أكبر ملوث لها، والثاني لإطلاق حملات مستدامة لتنظيف البيئة في كل محافظات الوطن، وبالتعاون مع الأطر الرسمية والأهلية؛ للتأثير على سلوك الأفراد، ولاعتبار نظافة البيئة والاهتمام بجودتها، عادة وممارسة فردية وجماعية يومية.

أرقام
وأشارت الورقة إلى النفايات المنزلية المقدرة بحوالي( 1710) أطنان في الضفة، و(611) طناً في غزة كل يوم. فيما ينتج الفرد الواحد من700 غرام من النفايات في محافظات الضفة الغربية، و400 غرام في غزة يومياً. في وقت تعتبر 60-70 في المئة من إجمالي النفايات الصلبة للمنازل عضوية (قابلة للتحلّل).

وأضافت: إن هذه الأرقام وما تمثله من تحديات يمكن أن تقل بأكثر من النصف، لو جرى التعامل مع النفايات العضوية منها، وتحويلها لإنتاج الكمبوست ( السماد الطبيعي).

وأكدت أن أكوام النفايات العشوائية تنتشر في غالبية الطرقات، وما يجري من حرق على نطاق واسع، ولا تتم عمليات التدوير وإنتاج السماد العضوي إلا ما ندر، فيما تستعمل الكيماويات بشكل مفرط، وتتحول الأراضي الخصبة إلى غابات إسمنتية، عدا عن قائمة سوداء من انتهاكات الاحتلال.
دعوات.

وأطلقت الورقة نداءَ لمحبي العدالة ومناصري البيئة في العالم للمساعدة في إزالة الركام في غزة، وإعادة الأعمار فيه، ووقف الكارثة البيئة، التي ستتجاوز الحدود الجغرافية، ولن تقتصر تداعياتها القطاع بعينه.

وذكرت أن "التعليم البيئي" يسعى جاهدًا لإحداث تغيير في المفاهيم، والـتأثير على سلوك الأفراد لاعتبار البيئة شأنا يستحق الاهتمام، وليس مجرد ترف. ودعت جهات الاختصاص إلى تفعيل القوانين والتشريعات التي تصون البيئة وتحافظ عليها، وفي مقدمتها قانون البيئة الفلسطيني رقم (7) لسنة 1999، وفرض إجراءات لتغيير الواقع البيئي.

وحثت الورقة الهيئات الرسمية والأهلية ووسائل الإعلام المساهمة في تدريب الشرائح الاجتماعية عامة والأطفال والطلبة خاصة على عادة النظافة والمحافظة على البيئة والتدوير، وصناعة الأسمدة الطبيعية (الكمبوست) وإعادة الاستخدام وتفادي حرق النفايات، وحث السائقين والركاب على عدم رمي النفايات من شبابيك نوافذ المركبات والحافلات، والإعلان عن متاجر وأسواق نموذجية خالية من الأكياس البلاستيكية، والمواد التي تستخدم مرة واحدة، وتتسبب بتلويث البيئة، ودعوة المزارعين لاستخدامات مواد عضوية في حقولهم وتفادي حرق المخلفات الزراعية، وحث التجار والمتسوقين على استبدال الأكياس البلاستيكية والتوجه لأخر من القماش الذي يستعمل عشرات المرات، واستعمال الأكياس الورقية، وغيرها من إجراءات وممارسات وصولاً نحو هواء نظيف وأرض خالية من الملوثات.

ونوهت الورقة إلى مصادر المعلومات الواردة فيها جاءت من : منشورات "التعليم البيئي" ومؤتمراته، والإستراتيجية الوطنية للنفايات الصلبة، وأرقام وزارة الأشغال والإسكان، وتقرير الأمم المتحدة (غزة 2020)، والجهاز المركزي للإحصاء.