|
ويسكي اسكوتلندا ونفط العرب
نشر بتاريخ: 01/10/2014 ( آخر تحديث: 05/10/2014 الساعة: 12:37 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تبلغ ناتج صادرات صناعة الويسكي في اسكتلندا 60 مليار دولار سنويا ( ميزانية السلطة كلها 2 مليار دولار سنويا فقط ) . وقد جذبت اسكتلندا انظار المراقبين من خلال الاستفتاء الذي قامت به باتجاه استقلالها عن بريطانيا . ورغم انها تملك مقوّمات البقاء لوحدها دون ان تحتاج لاحد . الا انها فضّلت بنسبة 54% البقاء في اتحادها مع بريطانيا العظمى لانها تريد البقاء في اطار الاتحاد الاوروبي الذي يمثل افضل مكانا للعيش على وجه الارض . وفور نتائج الاستفتاء خرج الزعيم الذي دعا للاستقلال وأعلن قبوله بالنتيجة والتزامه بها ولم يشتم خصومه ولم يتهم الشعب بأنه خائن . والامر يتكرر في كاتولونيا مع اسبانيا . ومن قبل حدث في بوتسوانا وتيمور وغيرها .
اسكتلندا والتي تبلغ مساحتها ثلاثة اضعاف مساحة فلسطين التاريخية ، لا يسكنها سوى 5 ملايين نسمة . ويبلغ معدل الفرد السنوي فيها نحو 40 الف دولار - معدل دخل الفرد الفلسطيني سنويا 2000 دولار فقط - ويبلغ دخلها السنوي نحو 300 مليار دولار منها 60 مليار من تصدير الويسكي الاستكتلندي فقط ، كما انها تصدر اللحوم من مراعيها الى معظم انحاء العالم . ان كرامة المواطن في وطنه لم تعد زائدة اضافية يمكن للفرد الاستغناء عنها لصالح الحكومات ، ولم تعد حرياته محكومة بقراره الفردي ، فالمواطنة لها اهمية توازي اهمية الوطن ، والحديث عن عيش حر وكريم لا يشبه الحديث عن زجاج سيارة على الكهرباء وفتحة في السقف . بل نتحدث عن بقاء حضاري ممكن او الاندثار الحضاري وسط الامم . النفط العربي لم يعد قيمة تكفي للحصول على مواطن شريف ، وان كان اداة للرفاه عند العرب . بل ان التكنولوجيا والانتاج هو المفصل في تقدير الشعوب ومقارنتها في العصر الحديث . وكما ان هناك افراد يعانون من الامّية ، فهناك حكومات تعاني من الامية والجهل . وقد تكون هذه الحكومات تستخدم الاي فون والسامسونج وينطق مسؤولوها باللغة الانجليزية والفرنسية ، الا انها حكومات تعاني من الامية الثقافية وفقر الوعي . ان الله اعطى العرب النفط ولكنه حوّله الى لعنة يعاقبهم من خلاله ، نفط العراق استجلب الاستعمار والحروب ، ونفط ليبيا جعلها تعيش دوامة العنف ، ونفط قطر حولها الى قناة فضائية ، ونفط السعودية جعلها محط الاطماع لا تجرؤ على معارضة الغرب ، ونفط الامارات حوّلها الى دولة " العمارات " وهكذا . مرة اخرى , ان أهم ما يملكه الفلسطيني هو التعليم الراقي والبحث العلمي ، وفلسطين تستحق وزارة تعليم افضل من هذه ، وتعليم عالي افضل من هذا ، ومدارس افضل من هذه ، ونحن والحمد لله دائما لا يوجد لدينا نفط ولا يوجد لدينا ويسكي ، ولكن في ارض الرسالات السماوية يوجد لدينا اجيال من الشباب الذين ينهون امتحانات التوجيهي ويجلسون على قارعة الطريق بلا معاهد تعليم مهني ولا عمل ولا سفر ولا مستقبل . ان " كفر " المسؤولين عندنا اسوأ من كفر المسلم الذي يشرب الويسكي . لان الخبيث ليس ما يدخل الفم وانما ما يخرج منه . ولو ان الحكومات العربية وعلى رأسها حكوماتنا الفلسطينية تتجرأ يوما وتقوم بأي استفتاء ليختار الشعب ، وعزة الله وجلاله سنختار غيركم بلا اي ندم أو أسف . |