وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مأساة عائلة رفحية تواجه الفقر والمرض في غرفة تكاد تتضجر من بؤس الحال

نشر بتاريخ: 18/08/2007 ( آخر تحديث: 18/08/2007 الساعة: 13:50 )
رفح- معا- بينما كان حي أسدود الواقع في مخيم الشابورة غرب مدينة رفح، يضج بمظاهر الحياة الضارية، تقبع هناك حقيقة صارخة لعائلة رفحية معاناتها من أساطير التاريخ رغم دخول العالم القرن الحادي والعشرين والأعوام السبعة بعده.

القصة تبدأ منذ العام 2000 أي قبل سبع سنوات حيث تعيش أسرة معين المصري المكونة من سبعة أفراد في غرفة واحدة, يصلها بالمطبخ الذي استعمل أيضا كمرحاض ممر صغير بلغت مساحتها الإجمالية 30 مترا، أما موقع الغرفة فهو تحت الأرض، مكان اعتدنا على رؤية المنازل فيه في الأفلام التي تعبر عن حياة البؤساء أضافه إلى وجود ثلاجة يعلوها فرن حديدي، يحاذيها دولاب ذو أبواب مكسرة، يجاوره أغطية تستخدم في الصيف والشتاء على حد سواء.

أما على الجانب الأخر من الغرفة فوجد مكان لتعليق الملابس يجاوره جهاز التلفزيون، والأرض مفروشة بحصيرة تكاد تكون كلمة مهترئة غير معبرة عن حالها، خصصت هي الاخرى لوضع الكتب المدرسية والاحذية وأدوات التصليح وأربع فرشات ممزقة ترتب بطريقة غرفة الضيوف نهارا وتحول إلى أسرة نوم في المساء.

أما المطبخ والذي بلغت مساحته مع المرحاض أربعة أمتار تفصله عن المرحاض ستارة ممزقة فهو على الجانب الأخر من الغرفة، أما الممر فيبقي غرفة للنوم خصصها معين له ولزوجته ولأبنتهما ياسمين الوحيدة بين اشقائها الاربعة من الذكور حيث ينام كل من محمد ابن الثانوية العامة، ومحمود واحمد وعبد الرحمن وياسمين، أضافه إلى الأم والأب الذي يعاني من أمراض عديدة يترأسها الغضروف تسانده ازمة قلبية.

أما السبب في بقائهم في تلك الغرفة فالاحوال الاقتصادية التي دفعتهم الهرب من ايجار مرتفع لا يقدرون على دفعه الى السكن في غرفة واحدة تكن لهم غرفة نوم، وصالة جلوس ومضيفة وغرفة طعام، أضافه إلى المطبخ والمرحاض.

الام أم محمد أطلقت لنفسها العنان لتروي مأساة عائلتها علها بهذه الكلمات تستطيع أن تجد من يغيثها وهي تبث شكواها إلى الله فتبدأ بالقول: "الشكوى لغير الله مذلة", متابعة :" نحن لسنا بأيوب كي نحتمل كل هذا العذاب الذي نتكبده بشكل يومي" مشيرة إلي أن زوجها لا يعمل لأنه يعاني من أمراض عديدة لا تؤهله لعمل، وبفعل وشاية من مفسدين فقد ذات مرة عمله في أحد المطاعم كما فقد بفعل وشاية اخرى التموين الذي كانت الأسرة تتحصل عليه من الأونروا".

وتضيف قائلة:" أشياء كثيرة تشكل لنا عائقاً, فأبنائي الخمسة كل يوم يكبرون ومتطلباتهم في الحياة تزداد، وكذلك أعباؤهم حتى أن ادنى متطلبات الحياة لا نستطيع توفيرها".

وقاطع الحديث ابنها محمد الذي قال:" في مرات كثيرة أثناء الدوام المدرسي في الأيام العادية اضطر لعدم الخروج إلي ساحة المدرسة في أوقات الفراغ والسبب لأني لا أرغب في أن أرى زملائي يحملون في أيديهم الطعام وأنا لا، كما لا أحب أن يراني احد منهم وينظر إلي أما بنظرة عطف أو سخرية، وهذا في حد ذاته يعتبر ماساة بالنسبة لي".

وتواصل أم محمد حديثها قائلة: "أملي في أن يصبح محمد مدرسا للغة العربية كما يحلم حتى يستطيع أن ينتشلنا من البئر الذي كتب علينا أن نعيش فيه ".

وحول ابنها الاخر قالت: "ابني احمد يعاني من عدم القدرة علي السمع نهائيا فهو أصم وأبكم، ويحتاج إلى عملية زرع أنابيب في الأذن تقدر بحوالي 1000 دولار، ذلك عدا عن الديون المستحقة علينا والتي تقدر بحوالي 5000 شيكل".

وتضيف:"لم يتبق احد ممن يعرفوننا إلا واستدنا منهم فالديون موزعة بين الكهربائي والبقال، والجيران وغيرهم الكثير" اما عن الخضروات والفواكه واللحوم فحدث ولا حرج حيث يفتقر هذا المنزل لمعناها حتى أن السكر والدقيق وباقي المستلزمات التي لا يستغني عنها منزل بأي حال من الأحوال فتقول ربة المنزل أنها تطلبها من الجيران.

أما وجبات الطعام لهذه العائلة لا تزيد عن طبخة واحدة تبقى طوال الأسبوع لا تتجاوز إما العدس أو الفول أو الفاصولياء، تكون مخصصة للوجبات الثلاث على أن يتم تناول الطعام بقدر خشية أن لا يبقي لوجبة العشاء شيء يملأ بطونهم قبل النوم, مستندين إلي قاعدة "نام خفيف".

وتابعت أم محمد القول "ثياب المدرسة التي يرتديها أبنائي أحاول بقدر الإمكان أن أحفظ سلامتها كي يتمكن أبنائي من ارتدائها بالتعاقب إذا ما صغرت على احدهم فليرثاها أخاه" حياة تذكرني بعشرات السنوات التي خلت حين كان أجدادنا يتبعون النظام ذاته، أما ملابس العيد فهي من أهل الخير والزكاة.

هكذا تبدو حياة عائلة المصري في الأيام العادية أما في موسم الشتاء فله طقوسه أخرى تبدأ فصولها في هطول المطر وتنتهي بأن يجبر الأبناء في الذهاب لمنزل جدهم من عائلة الأم في ساعات النهار وعند المغيب يتفرقون في منازل الجيران حتى يهدأ المطر وتتمكن العائلة من الذهاب إلى غرفتها محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه فنظرا لان الغرفة تقع تحت الأرض فأن مياه الأمطار التي تتجمع في مخيم الشابوره كلها تصب في النهاية إلى غرفتهم، إضافة إلي الفتحات التي تتسع لدخول شخص بالغ إذا ما حاول أن يعبرها والموجودة في السقف الاسبستي الذي تغطيه أكياس النايلون علها تستطيع أن تقيهم برد الشتاء.

وعن حالتها الصحية قالت أم محمد أنها تعاني من تمزقات في عضلات الظهر أصابتها بعد أن كانت تبذل جهدا في محاولة إصلاح ما جرفته مياه المطر ومياه الصرف الصحي التي طالت ما يفترشه أطفالها الذين يجبرون في النهاية إلي التحاف العراء.

أما ياسمين الابنة الوحيدة لعائلة المصري تقول ان حلمها "حمل لعبة العروسة" التي تحملها بنات الحي وارتداء ملابس قريبة من ملابسهم المزركشة والملونة وذات الألوان الطفولية.

مأساة حقيقية تحياها عائلة المصري، تناشد القلوب الرحيمة والضمائر الحية بإنقاذ الإنسان الذي تبقى فيهم وتوفير حياة كريمة لأطفالهم.