وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عبد ربه يدعو لعقد مؤتمر دولي مصغر للإشراف على إنهاء الاحتلال

نشر بتاريخ: 02/12/2014 ( آخر تحديث: 02/12/2014 الساعة: 22:04 )
رام الله- معا - دعا ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى عقد مؤتمر وطني فلسطيني موسع في داخل الوطن وخارجه، رداً على مساعي اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لتحويل أرض فلسطين التاريخية إلى وطن قومي للشعب اليهودي ونظام التمييز والتفرقة العنصرية.

ورأى عبد ربه في مؤتمر سياسي نظمه تحالف السلام الفلسطيني برام الله، اليوم الثلاثاء، بعنوان "الحالة الفلسطينية.. الآفاق المستقبلية على ضوء المتغيرات في القدس" أن "التحدي الأبرز الذي يواجهنا هو معركة الدفاع عن الهوية الوطنية في مدينة القدس، بشكل خاص، بل والهوية الوطنية في أرض آبائنا وأجدادنا التي تحاول إسرائيل بقيادتها اليمينية المتطرفة إقامة نظام للتفرقة العنصرية يسود فيه شعب على آخر.

وأضاف: هذا النظام العنصري لا يُراد أن يُفرَض فقط على هذا الجزء الغالي بحق الذين صمدوا على أرض آبائهم وأجدادهم في مناطق 48، وإنما يُراد أن يَشمل كل الأرض الفلسطينية؛ أي مجموع ما يعتبره اليمين الإسرائيلي المتطرف "أرض إسرائيل الكُبرى"، والمقصود بها أرض فلسطين التاريخية، وهو ما دعا إلى تسريع الاستيطان وتوسيعه.

وأكد عبد ربه أن "هذه المعركة للدفاع عن حقوقنا الوطنية ليست كأي معركة أُخرى، أو من الممكن أن تُعالَج بلغة الاستنكار والرفض، بل بعقد مؤتمر وطني فلسطيني موسع في داخل الوطن وخارجه، ليعلن أنّ الشعب الفلسطيني يعتبر أن فلسطين هي وطنه التاريخي وأرضه، وإذا قَبل بتسوية تاريخية فهو يرفض إقامة نظام عنصري على أرضه، ويدرس أي إجراءات لمواجهة ذلك، ويعتبر أن ما تلا العام 1994، بما فيها الاعتراف المتبادل، فإن إسرائيل قامت من طرف واحد بإلغاء هذا الاعتراف.

ودعا ياسر عبد ربه إلى إعادة الاعتبار إلى المشروع السياسي الوطني، وذلك ليس بتحديد أهداف هذا المشروع، بل بتحديد السبل الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف، وأن يكون مشروعاً جامعاً وموحداً لمواجهة كافة التحديات.

واعتبر ياسر عبد ربه أنّ المهمة الأوسع فلسطينياً هي "جهدنا من أجل إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير والتحرر، بالترافق مع الجهد السياسي والدبلوماسي"، وأن يكون هناك مشروع فلسطيني جامع وموحد لمواجهة كافة التحديات.

وفي هذا الإطار، أكد عبد ربه ضرورة أن تكون هناك مجموعة خطوات فلسطينية تترافق مع مجموعة النصوص التي ستُقدَّم لمجلس الأمن.

مؤتمر دولي مصغر ودائم الانعقاد
وفي هذا الإطار، دعا عبد ربه إلى عقد مؤتمر دولي مصغر دائم الانعقاد يرعى اتفاقاً دولياً لإنهاء الاحتلال ووضع سقف زمني لذلك، ووضع آلية واضحة للإشراف على تطبيق كافة القضايا المرتبطة بذلك، بما فيها قضيتا القدس واللاجئين، "كي لا نصل إلى اقتراحات مثل تمديد المفاوضات، ووقف إجراءات الانضمام للمنظمات الدولية".

وأضاف: "هو مؤتمر دولي مصغر يمكن أن يضم 15 أو 20 دولة، من ضمنها 6 دول عربية أساسية (الأردن ومصر ولبنان والسعودية والإمارات وقطر والمغرب العربي)، والدول دائمة العضوية في مجلس الامن، وبعض الكتل الدولية الأخرى، ويكون مؤتمراً دائم الانعقاد يشرف على تطبيق قرار "إنهاء الاحتلال".

وتابع: "لا بد من آلية للإشراف الدولي من خلال إقحام القوى الدولية المؤثرة بآلية مستمرة وذات صلاحيات، وإذا لم يتم ذلك فإن الجهود حول مشروع القرار ستنتهي بتمديد المفاوضات دون ضمانات".

وحذر عبد ربه من استبدال موضوع وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال بتحديد موعد لانتهاء المفاوضات، معتبراً أن ذلك سيُعيدنا إلى الطريقة السابقة ذاتها التي كان مصيرها الفشل.

وقال عبد ربه: المشكلة التي تبرز اليوم أنه إذا لم تكن الأولوية لاتفاق دولي لإنهاء الاحتلال في وقت محدد، فسيكون بمقدور الاحتلال الإسرائيلي ممارسة لعبته التي لعبها في الماضي، وإضاعة الموضوع بأكمله، وهذا يؤكد مرة أخرى أهمية صيغة المؤتمر الدولي المصغر دائم الانعقاد، وليس مؤتمراً احتفالياً.

وأضاف: إذا كان هناك حديث عن موعد لانتهاء المفاوضات وليس إنهاء الاحتلال، فإننا بذلك نثير مجموعة من الشكوك حول مشروعنا السياسي، فالهدف ليس استعادة المفاوضات، ولو بجدول زمني محدد، فهذا سيُعفي القوى الدولية من دورها ومن بذل المزيد من جهدها، وستخرج علينا أفكار ودعوات لوقف التوجه إلى مجلس الأمن وإلى المنظمات الدولية، ما دمنا دخلنا غمار المفاوضات.

وأكد عبد ربه مجدداً ضرورة التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، والجُناة من اليمين الإسرائيلي المتطرف الذين تقودهم حكومة نتنياهو، على سياساتهم واعتداءاتهم العنصرية والإجرامية في عموم الأرض الفلسطينية.

وبخصوص المصالحة الفلسطينية، دعا عبد ربه مجدداً إلى اجتماع دائم الانعقاد للإطار القيادي الفلسطيني المؤقت في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، لوضع خارطة طريق لبحث كافة الأمور والقضايا وحلها، وتمهيد الأوضاع لتوحيد المؤسسات الوطنية وتفعيلها، وكذلك التحضير للانتخابات.

وأشار إلى وجود مصالح ومصالح متناقضة ومتضاربة لتعطيل مثل هذا الاقتراح، وبدلاً من ذلك فقط تحميل المسؤولية من كل طرف للآخر، وتفريغ المصالحة من محتواها.

وأكد عبد ربه أن غياب المصالحة سينعكس سلباً على مشروعنا السياسي ومعركتنا الوطنية في مواجهة الاحتلال، وكذلك على قضية إعمار قطاع غزة التي هي مسؤولية سياسية من الدرجة الأولى، وليست قضية فنية.

وزاد أمين سر التنفيذية: إن معاناة أبناء شعبنا في قطاع غزة يمكن أن نعالجها باعتبارها شأناً سياسياً، فالمعابر شأن سياسي، وكذلك موضوع إعادة الإعمار.

السفير الأردني: القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى
بدوره، قال السفير الأردني خالد شوابكة: إن الأردن سيستمر في التصدي للسياسات الإسرائيلية أُحادية الجانب، وبشكل خاص في مدينة القدس.

وأضاف: القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى، والأردن يتابع تداعيات الوضع الخطير في القدس التي تشهد اعتداءات يومية، واقتحامات متكررة للمسجد الأقصى.

وتابع: موقفنا دائماً هو إزالة الأسباب الخطيرة للتوتر، والدعوة إلى التهدئة، وقابل الأردن التصعيد الإسرائيلي الخطير بإجراءات حازمة وواضحة، ودعا إسرائيل إلى وقف اعتداءاتها.

وقال شوابكة: إن التصعيد الخطير الذي تمارسه إسرائيل، خاصة في الآونة الأخيرة، مرفوض كلياً، وإن المملكة الأردنية الهاشمية، ومن منطلق الوصاية الهاشمية التي يتولاها الملك عبد الله الثاني على الأماكن الإسلامية والمسيحية، مستمر في التصدي لهذه الممارسات بكافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية، خاصة من خلال عضويته في مجلس الأمن الدولي.

وأكد أن اللقاء الثلاثي الذي جمع الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤخراً، انعكست نتائجه المباشرة في عدم إعاقة المصلين في أيام الجمعة الثلاثة الأخيرة، لافتاً إلى أن الأردن نجح سابقاً في إفشال مقترحات قوانين تهدف إلى بسط السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى.

وأضاف: لقد عبر الأردن، وعلى الدوام، عن رفضه وإدانته للنشاطات الاستيطانية الإسرائيلية بأشكالها كافة باعتبارها غير شرعية، خصوصاً في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك محاولات تهويد المدينة وطمس هويتها التاريخية والحضارية والإنسانية والثقافية وتغيير هويتها.

وأشار إلى أن الأردن بصفته عضواً في مجلس الأمن دعا إلى عقد جلسة استثنائية طارئة في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لمناقشة تداعيات القرار الإسرائيلي الخاص ببناء مستوطنات جديدة في القدس الشرقي،. حيث صدر عن تلك الجلسة بيانات ايجابية من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي ختام كلمته، قال شوابكة: لا بد من الإشارة إلى القرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، التي تقدمت بها الأردن وفلسطين لمتابعة ومراقبة دولة الاحتلال ورصد الانتهاكات اليومية في القدس الشرقية، وكذلك العمل على إرسال بعثة مراقبة من خلال «يونيسكو» إلى القدس للاطلاع على انتهاكات الاحتلال.

ممثل الاتحاد الأوروبي: وجهة نظر ذات مصداقية سياسية
واعتبر ممثل الاتحاد الأوروبي جون جات- روتر أن "ما نحتاجه بصورة ملحة أن توجد وجهة نظر ذات مصداقية سياسية لبعث الاستقرار وتهدئة الوضع، وبشكل خاص ما تشهده مدينة القدس.

وقال: علينا مسؤولية كبيرة، ليس فقط لمنع التدهور، وإنما أيضاً لإيجاد وجهة نظر سياسية ذات مصداقية، وبالنسبة للاتحاد الأوروبي هناك تفهم ورغبة في العمل بشكل طموح من أجل ذلك.

وأضاف روتر: نحن في مرحلة تقريباً لا يوجد فيها اتصال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن الضروري جداً أن نعمل معاً لتوفير وجهة النظر السياسية ذات المصداقية، ونحن لدينا قيادة جديدة في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، ونعمل سوياً مع مجلس الأمن، وعلى المجتمع الدولي أن يأخذ دوره بشكل فاعل، وعلى مجلس الأمن أن يأخذ مسؤولياته في هذا الخصوص.

وأكد أن لدى الاتحاد الأوروبي موقفاً واضحاً بأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين وضرورة أن تكون السيادة الفلسطينية عليها، وهذا هو الضامن للوضع وللاستقرار.

وتابع: رأينا في الأشهر والأيام الأخيرة استفزازات في القدس وفي الحرم القدسي، وهذا مقلق وخطير، ونعمل حالياً على توحيد التدابير على الأرض وإيجاد وجهة النظر ذات المصداقية السياسية، إضافة إلى العمل على تحسين الأوضاع المعيشية للمقدسيين، ونحن في الاتحاد الأوروبي لدينا مشاريع تدعم الهوية الثقافية في القدس الشرقية، ومشاريع في مجالات أخرى.

وقال ممثل الاتحاد الأوروبي: القدس يجب أن تكون رمزاً للتعايش المشترك والسلام، خاصة وهي مهد الديانات، ومن المهم الحفاظ على الوضع القائم فيها بالأفعال وليس بالأقوال.

الجعبة: مواجهة الهجمة على القدس
بدوره، تحدث الباحث المختص بشؤون القدس نظمي الجعبة عن الأوضاع الخطيرة التي تمر بها القدس، في ظل السياسات الإسرائيلية العنصرية والمتصاعدة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

وأشار الجعبة إلى أن هناك ذراعاً استيطانية تطَوّق القدس ضمن مشروع ما يُسمى "القدس الكبرى".

وحذر من خطورة الامتداد الاستيطاني وتسارع وتيرته في المدينة، سيما أن الاستيطان الآن بدأ في أحشاء المدينة، كما يحدث في سلوان والطور والبلدة القديمة، والاستيلاء على منازل المواطنين، وتضييق الخناق عليهم.

واعتبر أن القدس تحوّلت إلى مخيم للاجئين من الناحية العمرانية، مشيراً إلى أن "الضائقة السكانية التي تعبير صارخ عما يدور في القدس، فثلث المقدسيين يقيمون في منازل غير مرخصة، ومعرضون كل لحظة لوصول الجرافات وهدم منازلهم".

ورأى الجعبة أن "أبعاد الهبة الجماهيرية في القدس وطنية، وهناك أبعاد أخرى اجتماعية ودينية كلها تتشابك معاً لتعيد تشكيل الهوية الوطنية المقدسية"، داعياً إلى إسناد هذه الهبة، وكذلك تنظيم الفعاليات الوطنية في القدس وفي عموم الأرض الفلسطينية.

وفي مواجهة الهجمة الإسرائيلية الشرسة، دعا الجعبة إلى استعادة بعض النقاط التي تم شطبها من الميثاق الوطني الفلسطيني.

وفي إعلانٍ مُوازٍ لما يُسمَّى "يهودية الدولة"، دعا الجعبة منظمة التحرير الفلسطينية إلى إعلان أن فلسطين التاريخية من البحر للنهر حق للشعب الفلسطيني.

عبد الرازق: ضرورة إنهاء الانقسام
وتحدث القيادي في حركة "فتح" هشام عبد الرزاق عن الأوضاع التي يعانيها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بسب الحروب التدميرية الإسرائيلية المتكررة عليه، وبالتالي آثارها السلبية على كافة المجالات.

"فمثلاً، بخصوص الوضع الاقتصادي، قال عبد الرازق، ربما لا توجد حالة من البطالة كما هي عليه في قطاع غزة، فنسبة البطالة فيه تبلغ 60%".

وبشأن المصالحة الفلسطينية، قال: للأسف الشديد، كل المحاولات التي استمرت سنوات من أجل إنهاء الانقسام لم تُشعر المواطن هناك بجديتها، أو أن لها أي انعكاس حقيقي عليهم، بسبب تعثر هذه الجهود واصطدامها بعدد من المعيقات، ولعل أبرزها عدم تمكين الحكومة الفلسطينية من أداء دورها في القطاع.
كما أشار عبد الرازق إلى أن "الانقسام مريح للإسرائيليين، بل ويعملون من أجل إبقائه".

ورأى أيضاً أن "استمرار الانقسام ينعكس سلباً على الجود السياسية والدبلوماسية الفلسطينية، سواء التوجه إلى مجلس الأمن أو الأمم المتحدة والانضمام للمعاهدات الدولية، وغيرها، ولذلك لا بد من إنهاء الانقسام حتى يتم التفرغ للقضية الوطنية الأساس وهي التصدي للاحتلال وإنهائه.

وأكد أن القدس هي قلب القضية الفلسطينية، ومن دونها لا يمكن أن يكون هناك حل ولا إنهاء للصراع، لكنه أشار إلى أن مَن يحكم حالياً في إسرائيل هو نفسه الذي كان يسعى إلى تدمير أي فرصة أو إمكانية لتحقيق السلام.

وفي ختام كلمته، أكد عبد الرازق أننا "بحاجة إلى قوة دولية من مجلس الأمن ليكون هناك حل للقضية الفلسطينية، وليس العودة للمفاوضات، ومن أجل ذلك يجب إنهاء الانقسام الفلسطيني لتوحيد التحرك ومواجهة التحدي الأساس وهو الاحتلال".

وفي بداية المؤتمر، قال نضال فقهاء، المدير التنفيذي لتحالف السلام الفلسطيني: إن هذا المؤتمر يهدف إلى تسليط الضوء على قضية القدس، في ضوء المتغيرات والتصعيد الإسرائيلي في المدينة وفي عموم الأرض الفلسطينية.

وتخلل المؤتمر، الذي أداره الكاتب والباحث السياسي عبد المجيد سويلم، عدة مداخلات أكدت ضرورة توحيد الجهود لإنهاء الاحتلال وفضح أكاذيبه وتقديم مجرميه إلى المحاكم الدولية.