وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لماذا يصوّت ناخبون عرب في إسرائيل لأحزاب اليمين المتطرف؟

نشر بتاريخ: 13/12/2014 ( آخر تحديث: 14/12/2014 الساعة: 09:23 )
بيت لحم- معا - ثمة معركة بين الأحزاب العربية وغير العربية على صوت الناخب العربي في إسرائيل، وقد دخلت مؤخرا هذه المعركة أحزاب اليمين، وأحدثهم "البيت اليهودي" الذي فتح أبوابه لاستقبال مرشحة عربية مسلمة.

من مُسَلّمات أنماط التصويت لدى عرب الـ 48 للبرلمان الإسرائيلي، أن معظم أصوات هذه الأقلية تذهب إلى الأحزاب العربية، تحديدا منذ عام 1996، وفي الانتخابات الأخيرة، عام 2013، حصلت القائمة العربية الموحدة على أكبر نسبة تمثيل في البلدات العربية. لكن الانتخابات الأخيرة شهدت أمرا لافتا، وهو ارتفاع ملحوظ في نسبة المصوتين العرب للأحزاب غير العربية أو الصهيونية، خاصة أحزاب اليمين، مما يدل على أن هذه الأحزاب تستقطب صوت الناخب العربي.

واعتمادا على المعطيات الرسمية الإسرائيلية، فقد بلغت نسبة أصوات العرب، أصحاب حق الاقتراع، التي حازت عليها الأحزاب غير العربية في انتخابات 2013، 23%، في حين بغلت في انتخابات 2009، 18%، أي حققت ارتفاعا لا بأس به.

نشير بداية إلى أن نسبة المشاركة العامة للناخبين العرب في الانتخابات العامة في حالة انخفاض مستمر، وقد بلغت هذه النسبة في الانتخابات الأخيرة 57%. وذلك خلافا لنسب المشاركة في الانتخابات المحلية والتي تتجاوز عادة نسبة 90%. والسبب البارز لهذا الانخفاض هو شعور عدم الثقة السائد لدى كثيرين من هذه الأقلية حيال الانتخابات البرلمانية، من أنها لا تمكنهم حقيقة من التأثير في البرلمان الإسرائيلي.

إذن لماذا يصوّت ناخبون من العرب لأحزاب يمينية؟

أبرز الأسباب لذلك هو النشاط السياسي الذي تبذله هذه الأحزاب في البلدات العربية، والذي يشمل زيارة البلدات العربية، ونشر الوعود ذات الطابع "الاقتصادي" لعرب 48 في الحصول على الميزانيات، التي تسيطر عليها في السنوات الأخيرة أحزاب اليمين الإسرائيلي، وكذلك عبر وعود تتعلق بزيادة "فرص" العرب في الاندماج في المؤسسات الإسرائيلية.

ويتصف هذا السلوك من جانب الناخب العربي بالبراغماتية أو بإرادته للتعايش مع الواقع الإسرائيلي، فالناخب العربي في هذه الحالة يفكر كيف بإمكانه تغيير واقعه الاقتصادي والحياتي مع العلم أن أكثر الأحزاب تأثيرا في إسرائيل، وهي اليمينية في الراهن، تحصل على الحقائب الوزارية المؤثرة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية في الحكومة، وذلك تبعا لنظام الحكم في إسرائيل الذي يرتكز على نسب تمثيل الأحزاب في الكنيست الإسرائيلي.

يذكر أن انتخابات 2013 شهدت استمرارا في زيادة قوة كتلة اليمين في إسرائيل المتمثلة في حزب "ليكود"، و"إسرائيل بيتنا"، و"البيت اليهودي"، والتي فاقت من حيث نسبة التمثيل أحزاب المركز واليسار في إسرائيل والمتمثلة في حزب "هناك مستقبل" وحزب "العمل".

سبب آخر لتصويت العرب لليمين هو إدراج مرشحين عرب في صفوف الأحزاب الصهيونية، إذ يحمل أولئك معهم رسالة للناخب العربي مفادها أن التصويت لحزب يهودي يعزز اندماج العرب في إسرائيل ويسهل عليهم الدخول إلى المؤسسات الإسرائيلية، ارتقاءً في الحياة اقتصادية والاجتماعية في إسرائيل.

وأبرز هؤلاء النواب في السنوات الأخيرة، النائب حمد عمار عن حزب "إسرائيل بيتنا"، والنائب عيساوي فريج عن حزب "ميرتس". وأجدّ الأصوات العربية التي تناصر الأحزاب اليمينية، العربية أنيت خاسكية، وهي مسلمة من مدينة عكا، أعلنت نيتها خوض الانتخابات الداخلية في حزب "اليهود اليهودي" للانضمام إلى صفوفه.

|307853*أنيت خاسكية|
وتُعبّر خاسكية عن الأسباب التي تدفعها إلى الحزب اليهودي اليميني حين تقول: "أنا أعيش في دولة اليهود وإن لم أندمج معهم، فمع من أندمج؟ هناك الكثير من العرب الذين يريدون أن يشعروا أنّهم إسرائيليّون ويريدون أن يكونوا منتمين، ولكن لا تتوفّر لهم الإمكانية. لماذا؟ لأنّ لدينا أعضاء كنيست عرب يمثّلون شعبًا آخر".

ويشير كثيرون في إسرائيل إلى أن السبب الأخير الذي تحدثت عنه خاسكية له وزن كبير في قرار كثيرين من العرب التصويت لأحزاب غير عربية، وإن كانت يمنية. فإن تركيز الأحزاب العربية ونوابها على القضايا الوطنية، وتحديدا تفضيل القضية الفلسطينية على حساب القضايا الداخلية التي تخص العرب في إسرائيل، جعلت كثيرين يلجؤون إلى الأحزاب اليمينية التي تهتم أكثر لقضاياهم المحلية، خصوصا أنها تملك تأثيرا أكبر في البرلمان.

وفي ما يخص الأحزاب العربية في إسرائيل، فإن خيبة الأمل لدى عرب الـ 48 من تعدد الأحزاب العربية وعدم استطاعة هذه الأحزاب الانضواء تحت راية واحدة جعل كثيرون يفقدون الأمل في هذه الأحزاب، مفضلين التصويت لأحزاب غير عربية.

يذكر أن الأحزاب العربية في إسرائيل هي القائمة العربية الموحدة برئاسة أحمد الطيبي، والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة برئاسة محمد بركة، والتجمع الوطني الديموقراطي جمال زحالقة.

وأخيرا، يشار إلى أن تصويت الأقلية العربية للأحزاب الصهيونية ليس ظاهرة حديثة، ففي الفترة ما بين عام 1981 وعام 1992، حصلت الأحزاب الصهيونية على قرابة نصف أصوات العرب في إسرائيل، وأغلب هذه الأصوات كانت من نصيب حزب "العمل".

ويُفسر باحثون أكاديميون أن السبب يتعلق برغبة العرب، آنذاك، في الاندماج في المؤسسات الإسرائيلية، قبل نشوء الأحزاب العربية المستقلة في نهاية ثمانينيات القرن الماضي.

"المصدر"