وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"جولات" سلاح الجو الإسرائيلي في السماء العربية

نشر بتاريخ: 27/12/2014 ( آخر تحديث: 27/12/2014 الساعة: 10:42 )
بيت لحم- معا - طالما ظل "توازن الردع" بين الدول العربية وإسرائيل مفقودا والتضامن السياسي والاقتصادي بين هذه الدول منعدما ستظل الأجواء العربية منتهكة باستمرار من جانب إسرائيل التي باتت تنظر إلى الأجواء العربية كأنها "مناطق لتدريب طياريها".

عمقت الغارة الإسرائيلية الأخيرة أوائل هذا الشهر على دمشق والديماس من الجراح العربية النازفة منذ سنوات من جراء الغارات الإسرائيلية التى انتهكت منذ ثمانينات القرن الماضي وحتى الأن أجواء العراق وتونس والسودان وسوريا مع أن الدول المذكورة على المستوى الفعلي لم تكن منخرطة في معارك مع إسرائيل في وقت هذه الغارات.

إسرائيل بين عامي 1978 و2006 شنت غارات واجتياحات عديدة على لبنان، وكان ذلك في سياق الحرب بينها وبين المقاومة أما الغارات على الدول العربية التي لم تكن في اشتباك مسلح معها فقد كانت لها نتائج عديدة على المستويين القريب والبعيد ولكن كانت أهم نتائجها هو النجاح في إعادة تشكيل صورة سلاح الجو الإسرائيلي السابقة والتى كانت تمثل مصدر فخر له وهو الذي كان يعتمد على "ذراعه الطولى" من أجل تنفيذ المهمات الصعبة ولو كانت خارج حدود فلسطين المحتلة، وهي الصورة التى كانت قد تدمرت كليا عام 1973 بسواعد أطقم الدفاع الجوي وطياري المقاتلات في سوريا ومصر.

منذ وقف إطلاق النار على الجبهتين المصرية والسورية في عامي 1973 و1974 اقتصر النشاط الجوي لسلاح الجو الإسرائيلي في المنطقة العربية على الأجواء اللبنانية وأجواء فلسطين المحتلة خلال فترة الثمانينات وما تلاها. لكنه بدأ منذ مطلع الثمانينات في تنفيذ غارات خاطفة في عمق أراضي بعض الدول العربية مستغلاً الظروف الداخلية لهذه الدول والظروف الدولية التي كانت سائدة في تلك الفترة. كان القاسم المشترك بين هذه الغارات هو نجاحها نتيجة لإهمال بعض الجيوش العربية في تحسين قدراتها على الدفاع عن سماواتها وتواطؤ البعض الأخر في تسهيل أو غض الطرف عن مرور الطائرات الإسرائيلية عبر أجوائها في طريقها لتدمير أهداف تقع في دولة عربية مجاورة.

الغارة على المفاعل العراقي أوزيراك

كانت بداية هذه الغارات عام 1981 حين شن سلاح الجو الإسرائيلي غارة على موقع بناء المفاعل النووى العراقي "أوزيراك / تموز" والذي كان يشيّد بمساعدة فرنسية. نفذ الغارة تشكيل مكوّن من ثماني مقاتلات قاذفة من نوع "أف 16" محملة بخزانات وقود إضافية وقنابل غير موجهة، إلى جانب تشكيل من ست مقاتلات من نوع "أف 15" لحماية الطائرات المنفذة للغارة. التخطيط لهذه الغارة استغل بعض التكتيكات الساذجة والأخطاء الفادحة في تخطيط شبكات الرصد الرادارية الخاصة بالدفاع الجوي لكل من السعودية والأردن والعراق.

الطائرات الإسرائيلية انطلقت من قاعدة "أتزيون" الجوية في مدينة طابا جنوب سيناء المصرية (سلمتها إسرائيل لمصر عقب إتمام انسحابها من سيناء عام 1982)، ودخلت المجال الجوي الأردني والسعودي من دون أن يتم رصدها في كلا البلدين. الطائرات اتبعت أسلوب الطيران المنخفض لتجنب رصدها رادارياً كما التزم الطيارون باتخاذ تشكيل طيران مشابه لما تتبعه القوات الجوية الأردنية والتحدث بكلمات عربية على موجات الراديو لتضليل محطات الرصد العربية إن تمكنت من رصد أي من الطائرات الإسرائيلية.

استفادت إسرائيل أيضاً من عدة متغيرات على الساحة العراقية كان أهمها دخول العراق في حرب مع إيران وانشغال قيادة القوات الجوية العراقية بالمجهود العسكري على الجبهة الشرقية وتموضع أهم كتائب الدفاع الجوي العراقية تجاه هذه الجبهة. أيضاً واجه سلاح الجو العراقي ضربة شديدة في نيسان / إبريل عام 1981 حين تعرضت قاعدة "إتش ثري" الجوية العراقية في محافظة الأنبار لغارة إيرانية مكثفة أدت إلى تدمير عدد من الطائرات العراقية منها قاذفات بعيدة المدى من نوعي "تى يو 22" و"تى يو 16" ما أثر على قدرة العراق في شن هجمات بعيدة المدى عموماً.

دخلت الطائرات الإسرائيلية إلى الأجواء العراقية بعد قطعها مسافة تصل إلى 1600كلم في توقيت مدروس روعيَ فيه أن يكون متزامناً مع دخول طواقم المراقبة والرادار العراقية في محيط المفاعل في استراحة الغداء وهذا هو الخطأ العراقي الذى سمح للطيران الإسرائيلي بإلقاء حمولته من القنابل في مدة زمنية لا تتجاوز دقيقتين بشكل شبه دقيق سمح بإصابة المفاعل بأضرار جسيمة جعلت من المتعذر إعادة اصلاحه والخروج من الأجواء العراقية بشكل سريع.

كانت هذه الغارة الإسرائيلية الثانية والأخيرة على العراق بعد الغارة الإسرائيلية على مطار "إتش ثري" عام 1967 وحينها تمكن الطيارون العراقيون من إسقاط عدد من الطائرات الإسرائيلية المهاجمة ونفذت قاذفات "تى يو 16" العراقية عدة إغارات على مناطق في فلسطين المحتلة خلال الأيام الستة للحرب.

الغارة الإسرائيلية على تونس

كانت هذه الغارة هي الأولى والأخيرة للطائرات الإسرائيلية على تونس، حينها كانت الغارة الإسرائيلية رد فعل على عملية "يخت لارنكا" التي نفذها أحد أفراد "قوة الـ 17" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1985 وأدت إلى مقتل ثلاثة من ضباط الموساد الإسرائيلي. استغلت قيادة سلاح الجو الإسرائيلي الحالة الفنية المتوسطة لكل من الدفاع الجوي وسلاح الجو التونسيين والأجواء الدولية المنشغلة بالحرب الأهلية في لبنان، ونفذت الغارة 8 طائرات من نوع "أف 15" بمصاحبة طائرة تزويد بالوقود من نوع "بوينغ 707" ولم تصاحب هذا التشكيل أية طائرات أخرى للحماية على عكس كل الغارات الجوية التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على مدار العقود الماضية.

وبعد اتخاذ خط طيران في أجواء البحر المتوسط تمكنت الطائرات المغيرة في خلال خمس دقائق بكل سهولة ومن دون التعرض لأية نيران معادية من تدمير المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في "حمام الشط" قرب العاصمة التونسية والعودة إلى نقطة الانطلاق في قاعدة "تل نوف" العسكرية وسط فلسطين المحتلة.

وعلى الرغم من أن قيادات الصف الأول لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسهم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لم تتعرض لأية إصابات الا أن الهدف من العملية تحقق فعليا بتدمير المقر العام للمنظمة وقتل 36 شخصاً، وإيصال رسالة إسرائيلية مفادها أنها تستطيع استهداف منظمة التحرير الفلسطينية حتى ولو في مكان بعيد جغرافيا مثل تونس. ومثلت هذه العملية خيبة عربية أخرى على المستوى العسكري حيث لم تتعرض الطائرات المغيرة لأي نوع من أنواع المقاومة من جانب سلاح الجو التونسي.

الغارات الإسرائيلية على السودان

تعرض السودان للعدد الأكبر من الغارات الجوية الإسرائيلية على الدول العربية خلال العقود الماضية حيث تعرض لنحو 6 غارات ظل أغلبها مجهول التفاصيل. في عام 2009 قام الطيران الإسرائيلي بغارتين قصف خلالهما شاحنات على الحدود المصرية السودانية ما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص وقيل حينها أن القافلتين كانتا تحملان شحنات من الأسلحة الإيرانية المتجهة إلى غزة.

في نفس العام تعرضت أربعة قوارب صيد سودانية لقصف من طائرتين إسرائيليتين، ثم قام سلاح الجو الإسرائيلي في عام 2011 بتنفيذ غارتين جويتين قرب مدينة بورسودان استهدفتا سيارات أدعت إسرائيل أن إحداها كان يستقلها "عبد اللطيف الأشقر" القيادى في حركة حماس.

في العام نفسه قامت مروحيتان إسرائيليتان من نوع "أباتشى" بالهبوط في جزيرة "مقرسم" السودانية والقيام بمهمة استطلاعية داخل الجزيرة التى يوجد فيها مركز ملاحظة تابع للدفاع الجوي السوداني ثم قامت المروحيات بالخروج من الأجواء السودانية من دون تعرضها لأية ملاحقة جوية أو دفاعية سودانية.

شهد عام 2012 الغارة الأكبر والأهم على السودان وهى الغارة على مجمع "اليرموك" العسكري لتصنيع الذخائر والذي يقع في إحدى ضواحي العاصمة السودانية الخرطوم.

نفذ الهجوم تشكيل من 8 مقاتلات من نوع "أف 15" صاحبتها طائرة تزويد بالوقود من نوع "بوينغ 707" وطائرة الحرب الإلكترونية "غولف ستريم جي 550" التى قامت بتشويش عالي التقنية على الرادارات السودانية لدرجة جعلت محطة رادار مطار الخرطوم الدولي تتوقف عن العمل تماما أثناء الغارة. انطلقت الطائرات المغيرة من قاعدة "عوفادا" الجوية جنوب فلسطين المحتلة واتخذت مسارا يعبّر بشكل بليغ عن فداحة المشكلة التى تعانيها أسلحة الجو وأسلحة الدفاع الجوي العربية. فقاعدة انطلاق هذه الطائرات تقع على بعد 14 كيلو مترا فقط من الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر.

وقطع هذا التشكيل بعد اقلاعه مسافة تصل إلى 200 كيلومتر في أجواء خليج العقبة في مدى رصد رادارات مطار العقبة الأردني ورادار مطار تبوك السعودي ورادار مطار سانت كاثرين المصرى. ثم عبر التشكيل الإسرائيلي مسافة تقارب 1700 كيلو متر في أجواء البحر الأحمر مارّاً خلال مظلة التغطية الرادارية للمطارات المصرية "شرم الشيخ الدولي، مرسى علم، فايد" والمطارات السعودية "الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، ينبع، جدة، الطائف، الملك عبد العزيز الدولي".

كما أن الطائرات الإسرائيلية عبرت في المجال العملياتى لقاعدتي الغردقة وفايد الجويتين المصريتين وقواعد "الأمير عبد الله، الملك فيصل، الملك فهد" السعودية. قد يكون للارتفاع المنخفض الذي اتخذته الطائرات الإسرائيلية في طيرانها بجانب التشويش المستمر دوراً كبيراً في فشل السعودية ومصر والأردن مجتمعة في رصدها على الرغم من امتلاك كل من السعودية ومصر عدداً من المنظومات الرادارية المقاومة للتشويش.

أدت الغارة الإسرائيلية إلى تدمير 60 بالمائة من المجمع كليا وبقية الأجزاء تفاوتت نسبة تدميرها. وقد يبدو ظاهريا أن هذا كان الهدف الأساسى للغارة خصوصا وأن إسرائيل ادعت أن المجمع كان يحتوي على صواريخ إيرانية من نوعي "شهاب" و"فجر"، لكن كان للغارة الإسرائيلية أسباب أضافية منها الرد بشكل غير مباشر على عملية "أيوب" العسكرية التى نفذها حزب الله اللبناني بطائرة من دون طيار بالإضافة إلى توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى إيران التي تتمتع بعلاقات عسكرية مهمة مع السودان خصوصا وأن المسافة الكبيرة التي قطعتها الطائرات الإسرائيلية إلى السودان تقارب المسافة ما بين فلسطين المحتلة وإيران.

الغارات الإسرائيلية على سوريا

منذ وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل عام 1974 لم تتعرض الأراضي السورية إلى أي نشاط جوّي إسرائيلي على الرغم من اشتباك البلدين جوياً في مناسبات عديدة فوق الأجواء اللبنانية خلال الثمانينات. ظلت الأجواء اللبنانية خلال هذه الفترة وحتى الأن مسرحاً لعمليات سلاح الجو الإسرائيلي .تعرضت الأجواء السورية خلال العقود الماضية لعدد من الغارات الإسرائيلية على النحو التالي:

شهد شهر أكتوبر عام 2003 عودة المقاتلات الإسرائيلية إلى الأجواء السورية حين نفذت مقاتلات من نوع "أف 16" غارة جوية على معسكر تابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في منطقة "عين صاحب" قرب العاصمة السورية. المقاتلات الإسرائيلية انطلقت من قاعدة "رامات ديفيد" الجوية واتجهت إلى هدفها عبر الأجواء اللبنانية. كانت الغارة الإسرائيلية رداً على عملية فدائية نفذتها جماعة "الجهاد الإسلامى" في مدينة حيفا الساحلية ولم تؤدِّ الغارة إلى تحقيق أية أصابات أو أضرار مهمة نظراً إلى أن الموقع المستهدف كان خالياً لحظة الهجوم.

وفى سبتمبر عام 2007 أغارت الطائرات الإسرائيلية على منطقة تقع قرب مدينة دير الزور ادعت إسرائيل أنها تحتوي على منشأت عسكرية سورية خاصة بمفاعل يتم بناؤه بالاشتراك مع كوريا الشمالية. انطلقت الطائرات المغيرة من قاعدة "رامات ديفيد" في تشكيل مختلط ضم عشر طائرات من نوع "أف 15" بجانب ستة مقاتلات من نوع "أف 16" للحماية وعدد من طائرات "غولف ستريم" الخاصة بالحرب الإلكترونية وهو ما أدى إلى إبطال فعالية شبكة الرادار السورية تماما بعد إغراقها بكمّ كبير من موجات التشويش والأهداف الوهمية. استخدمت الطائرات الإسرائيلية ذخائر موجهه بالليزر دمرت المبنى المراد استهدافه بشكل تام.

كان عام 2013 عاماً ذاخراً بالغارات الإسرائيلية على سوريا، حيث بدا أن سلاح الجو الإسرائيلي شرع في استغلال فرصة الحرب الأهلية في سوريا والأضرار الجسيمة التى تعرضت لها شبكة الدفاع الجوي السورية في المنطقة الشمالية خصوصا، ونفّذ عدة غارات جوية استهدفت مناطق في محيط اللاذقية وريف دمشق. كانت الغارة الأولى في شهر كانون الثاني / يناير حيث استهدفت منطقة جمرايا في ريف دمشق بتشكيل مكون من عشر طائرات من نوع "أف 15" انطلقت من فلسطين المحتلة في اتجاه البحر المتوسط ثم غيّرت اتجاهها إلى داخل الأراضي اللبنانية وقصفت الهدف بنحو ثمانية صواريخ من دون الدخول إلى الأجواء السورية. الغارة أسفرت عن تدمير ثلاث وحدات من منظومة الدفاع الجوي روسية الصنع "سام 8" تابعة للجيش السورى بالإضافة إلى دمار كبير في مركز للبحوث العلمية العسكرية ادعت إسرائيل أنه كان يحتوي على معدات خاصة بمنظومة الدفاع الجوي ذاتية الحركة "سام 17" وأن سوريا كانت تعتزم تزويد حزب الله بها.

تحدثت الصحافة الإسرائيلية بعد ذلك عن تنفيذ غارات أخرى في نفس المنطقة خلال شهر آذار / مارس لكن لم تتوفر أدلة واضحة على ذلك. أيضاً شهد شهر تشرين الأول / أكتوبر في نفس العام تنفيذ غارة على اللاذقية استهدفت موقعاً خاصاً بصواريخ الدفاع الجوي"سام 3 بيتشورا" يقع في منطقة "صنوبر جبلة" ادعت إسرائيل أنه موقع لتخزين صواريخ "أس 300" المضادة للطائرات، كما تحدثت الصحافة الإسرائيلية أيضاً عن تنفيذ سلاح الجو الإسرائيلي غارة أخرى على اللاذقية في شهر تموز / يوليو على مخازن للذخيرة ادعت إسرائيل انها كانت تحتوي على صواريخ "ياخونت" المضادة للقطع البحرية.

شهد كانون الأول / ديسمبر 2014 آخر الغارات الإسرائيلية على سوريا حيث استهدف تشكيل من أربع مقاتلات من نوع "أف 16" بجانب عدد أخر من المقاتلات للحماية الجوية وطائرة تشويش إلكتروني من نوع "نحشون" وهي النسخة الإسرائيلية من الطائرة الأمريكية "غولف ستريم" مناطق في دمشق وقرب الحدود السورية – اللبنانية. كانت هذه الغارة ومجرياتها مختلفة كليا عن كل الغارات الإسرائيلية السابقة.

الطائرات التي نفذت الغارة اتخذت مساراً مختلفا هذه المرة حيث حلقت مباشرة من أراضي فلسطين المحتلة إلى الأراضي السورية مرورا بأجواء الجولان المحتل لتدخل فعليا المجال الجوي السورى بعد أن درجت في الغارات السابقة على تنفيذ ضرباتها من المجال الجوي اللبنانى. تجمع التشكيل المهاجم فوق أجواء الجولان وظل معظمه في اجوائه مشكّلا مظلة جوية للتدخل لحماية الطائرات التى ستنفذ الهجوم الذي تم تنفيذه على مرحلتين المرحلة الأولى مكونة من مقاتلتين هاجمتا مستودعات الصادر والوارد الموجودة قرب مطار دمشق الدولي والمرحلة الثانية هاجمت منشآت تقع في مهبط جوي في "الديماس" قرب الحدود اللبنانية - السورية.

لم يكن اتجاه الهجوم فحسب هو المفاجأة، أسلوب الغارات كان أيضاً مختلفا عن أي أسلوب سابق. الطائرات الإسرائيلية نفذت غاراتها مستخدمة ذخيرة حرة التوجيه وقنابل موجهه تلفزيونياً من نوع "بوب أى".

نفذت هذه الهجمات على ارتفاعات أقل من المتوسطة ما جعلها نظرياً في مرمى معظم أنواع صواريخ الدفاع الجوي السورية، وهذا النهج كان دليلا على أنه من الأهداف الرئيسية لهذه الغارة كان اختبار مدى جهوزية ما تبقى من بطاريات الدفاع الجوي السورية.

وعلى الرغم من عدم إسقاط أي من الطائرات المغيرة إلا أنه كان لافتا تسجيل اشتباك مباشر بينها وبين كتائب الدفاع الجوي السورية حيث حاولت بطاريات "سام 3 بيتشورا" قرب درعا وبطاريات "بوك أم" المتمركزة في مطار المزة الأقفال على مقاتلات الأف 16 برغم التشويش، وأطلقت بطاريات درعا صاروخين على الأٌقل من دون التمكن من إسقاط أي من الطائرات المهاجمة.

كان النجاح الأبرز في هذه الغارة هو تمكن بطارية سورية من نوع "بانتسير" من اعتراض صاروخ إسرائيلي من نوع "بوب آي" وإسقاطه في منطقة الحارة ومزارع عقربا في ريف درعا قبل الوصول إلى هدفه.

نستخلص أن إسرائيل تضع مصالحها وأمنها فوق أي اعتبار حتى ولو كان سيادة الدول المحيطة بها. تبقى المشكلة في الدول العربية التي وبرغم ميزانيات تسليحها الضخمة لم تتمكن من حماية أجوائها من الانتهاكات الجوية الإسرائيلية ويتقاعس بعضها الأخر عن إرسال مجرد تحذير لتفادي طائرات إسرائيلية مهاجمة.

وطالما ظل "توازن الردع" بين الدول العربية وإسرائيل مفقودا والتضامن السياسي والاقتصادي بين هذه الدول منعدما ستظل الأجواء العربية منتهكة باستمرار من جانب إسرائيل التي باتت تنظر إلى الأجواء العربية كأنها "مناطق لتدريب طياريها" بعد أن كانت في زمن مضى ترى الطائرات العربية محلقة فوق تل أبيب وملقية بقنابلها عليها.

المصدر: الميادين نت