|
حشوة ام خلع ؟
نشر بتاريخ: 08/01/2015 ( آخر تحديث: 11/01/2015 الساعة: 13:38 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
في العلوم الطبيعية ان المادة لا تفنى ولا تستحدث وان تحوّلت من شكل الى اخر ، وهذه حقيقة علمية واضحة لا جدال فيها . فالانسان لا يستطيع ان يفني المادة كما لا يمكنه ان يستحدثها ، وعليه ان ينتظر حتى يوم القيامة .
اما في الواقع السياسي فيبدو ان التنظيمات العربية ايضا تحوّلت الى عنصر كوني على جدول ماندليف . فلا يمكن افناءها ابدا ولا يمكن استحداث غيرها ... وبعد الحرب العالمية الاولى ، اي بعد زوال الدولة العثمانية ( تركيا قررت ان تترك العالم العربي غارق في مشاكله واسست منظمة تركيا الفتاة وليس العرب هم من قرروا ان تزول الدولة العثمانية ) نشأ التنظيم القومي وتنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الشيوعي ، وفتحت هذه التنظيمات فروعا لها في كل العالم العربي ، تماما على شاكلتها ، فصار لدينا حركة القوميين العرب وحزب الوفد واحزاب البعث والعروة الوثقى والجبهات والاحزاب الشيوعية في كل الدول العربية وحركات الاخوان المسلمين بفروعها واشكالها وظلت حتى يومنا هذا . ولم تستطع كل القوى العالمية والاقليمية والمحلية على مدار قرن كامل ان تفني اي حزب فيها ، فهي " خالدة " . كما ان محاولة انشاء اي تنظيم خارج عن رعاية ووصاية هذه التنظيمات باءت بالفشل ، حتى وان فازت بالحكم ولكن سرعان ما يتحول قادتها الى مندوبين للاحزاب الام . ان ادخال الحداثة في التنظيمات العربية لا يمكن ان تكون من خلال انشاء احزاب بديلة عن التنظيمات القائمة ، وانما من خلال تغيير هذه التنظيمات لنفسها ، من خلال نظام ديموقراطي وسلاسة تسليم الحكم لاصحاب الافكار التجديدية ، فالاسنان التي يصيبها السوس يتم حشوها , والا فان خلعها يصبح مصيريا للتخلص من الألم . وحتى لا نخلع يجب ان نحشي ، ومن لا يريد ان يحشي فسوف يخلع ، كما خلع الحزب الوطني في مصر ومثله في ليبيا وتونس واليمن و... ملاحظة - من يستقيل من منصبه الحزبي او الحكومي في البلاد العربية يندم طوال عمره ،حتى لو كان اّذنا في مسجد او مراقبا على عمال النظافة ، لانه يفقد كل شئ ، يفقد الهيبة والمال والعز واكل الوز والعشيقات ويصبح مسخرة في كل الحي والمنطقة . وحتى بائع الخضار ينظر اليه شزرا وينفض من حوله المنافقون وتختلف نظرة اولاده ومرافقيه اليه ، او يسجن بتهمة الفساد ويرمى في الزنازين ويصبح عبرة لمن اعتبر . اما في العالم الحر فان من يستقيل من منصبه تفتح له ابواب الدنيا والسفر والبزنس ، وترتقي مكانته الاجتماعية من كائن طفيلي و" مسؤول " الى صاحب خبرة ومدير شركة ومستشار لعدة شكرات كبرى ، فيزداد اعجاب الجمهور به وتخرج تظاهرات تطالبه بالعودة للعمل في الاحزاب والسياسة ، مثال على ذلك الرئيس الاسبق جيمي كارتر والرئيس بيل كلينتون يتقاضى على كل محاضرة 250 الف دولار في حين كان راتبه السنوي 220 الف دولار حين كان رئيسا للولايات المتحدة . والدكتور سلام فياض رئيس وزراء فلسطين السابق ترك منصبه والان يتقاضى عشرة اضعافه من خلال عمله كمستشار اقتصادي للحكومة اليمنية ومؤسسات دولية .وفي اسرائيل يربح رئيس الوزراء السابق ايهود باراك مليون دولار سنويا لانه يعمل مستشارا لعدة شركات ويتقاضى مبلغ 50 الف دولار على كل محاضرة بل انه طلّق زوجته نافا وتزوج من عشيقة اجمل واصغر !!! وحتى رئيس الموساد السابق يعمل في شركة بترول وهكذا . السوسة موجودة وقادمة الى فم كل مسؤول عربي ، وكلما اكل الانسان حلويات اكثر ، كلما جاءت السوسة اسرع ، ويبقى السؤال امام المسؤول التنظيمي او الحكومي : حشو ام خلع ؟ |