وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نهى عياد فقدت زوجها وابنها الوحيد في مجزرة الشجاعية

نشر بتاريخ: 13/01/2015 ( آخر تحديث: 13/01/2015 الساعة: 17:00 )
غزة- معا - نهى عياد 25 عاما كغيرها من نساء حي الشجاعية في قطاع غزة اللواتي فقدن عوائلهن بالكامل بفعل العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة.

وقالت نهى وهي تبكي انها رزقت بطفلها الوحيد بعد مرور تسعة اعوام على زواجها لم يرزقني الله بأطفال .. حاولت جاهدة في جميع المراكز الطبية بأن أحصل على العلاج الكافي للحصول على طفل يزين لي المنزل حتى رزقني الله بمحمد ابني الذي ملأ الدنيا علي فرحا, لكن أراد الله أن يأخذ ابني شهيدا".

وقالت "في ساعة الفجر علا صوت هدير الدبابات وتعالت أصوات الانفجارات وانهمرت حممها من المدافع مدوية في كل مكان تنشر الموت وتحول الناس الى اشلاء تتطاير هنا وهناك الخوف أصابنا والهلع سكن الضلوع, حاولنا الاحتماء بين زوايا المنزل شعرنا وكأن المنزل سينهار فوق رؤوسنا لم نرى سوى أهالي الحي يخرجون إلى الشوارع افواجا افواج يحملون فقط أنفسهم ينشدون مكانا آمنا طالبين النجاة من هول ما يجري".

وأضافت نهى وهي جالسة على اطلال منزلها انها خرجت هي وزوجها رامي وابنها إلى الشارع حيث الناس أفواج وكأنه يوم الحشر أطفال وفتيان تائهين عن ذويهم نساء وشيوخ يتدافعون نحو الاحياء الغربية من غزة تتساقط الصواريخ على اطراف الطريق فتتطاير اجسامهم اشلاء.

وتستمر نهى بالحديث وبحر من الدموع ينهمر من مقلتيها " في الساعة السادسة صباح يوم مجزرة الشجاعية الشهيرة خرج الفوج الأول من الحي ووصل إلى بر الأمان بعد أن سقط العديد منهم شهداء ،، في الفوج الثاني خرجت أنا وعائلتي ومعنا أيضا أخت زوجي وأخيها وزوجته, لكن لم نسلم من قذائف الاحتلال التي رافقتنا في رحلة الهروب من الحي فكانت شظايا القذائف وحمم الصواريخ اسرع من كل الذين يتراكضون في الشوارع بحثا عن ما تبقى من حياة، أحمد شقيق زوجي أصابته إحدى شظايا المدفعية التي سقطت في الشارع وأدت إلى بتر يده, من هول المشهد وبشاعته كان زوجي رامي يصرخ في الشارع للحصول على أي مساعدة لكن دون جدوى فكل يبحث عن النجاة سيارات الاسعاف لم تصل الصليب الاحمر يرسل توجهات السلامة عبر اتصالات هاتفية يندر أن يسمعها اهالي الحي الموت يختلط بالأمل والخوف يسكن بين الضلوع وشجاعة النجاة من هول المجزرة تسعفنا لبعض الوقت لكن تحليق الطيران وسقوط القذائف يبدد الأمل واضافت نهى أن زوجها رامي لم يصيبه شيء حتى تلك اللحظة في حين أكدت أن زوجها رامي أصر على أخته شيرين التي كانت هاربة معهم بأن تصطحب ابننا الوحيد محمد وتهرب به على أمل النجاة , لكن إحدى القذائف قد وصلت إليهم قبل وصولهم إلى بر الأمان حيث أصابتهم إصابة مباشره واستشهدت شيرين على الفور وتسترسل نهي تبكينا معها أن الكلام أسهل من الواقع بكثير فقد كان الواقع مؤلما الى أبعد حد ، مدفعية الاحتلال واصلت القصف بقذائفها المجنونة في جميع أنحاء الشارع ،حاولت الاتصال بإخوتي في شارع المنصورة لمحاولة إنقاذي لكن لم يستطيعوا بسبب شدة القصف حتى أصبت أنا وزوجي بشكل مباشر، قلب الأم لا يمكن أن يغيب في كل الأحوال مهما اشتدت الاهوال.

وأكملت نهى قصتها "إصرار أمي على إخلائي أنا وزوجي من الشارع لم يكن سهلا وقد بقيت تطلب لنا النجدة من الجميع حتى وصل الإسعاف إلينا ونقلنا إلى مستشفى الشفاء في غزة".وقالت أم محمد "نهى" " بقيت في غرفة العمليات لمدة تسع ساعات أكابد الموت ولم أعلم بأن ابني محمد فلذة كبدي الذي احتضنته لثلاث سنوات وكنت اتمني ان نعيش معا الى الابد قد فارق الحياة بعد أن اختطفته قذيفة غادرة , و أمي كانت مصرة على عدم إخباري باستشهاد قرة عيني فكانت حريصة جدا على توصية الأطباء والممرضين في المستشفى بعدم إبلاغي بذلك".

وأكدت نهى أن إصابتها كانت في ساقيها وكان الأطباء مضطرين إلى بتر الساقيين , مضيفة بأن أمها أصرت كعادتها إلى عدم بترهن واستبدال ذلك بزرع " بلاتين داخل الساقين وهكذا كان.

زوجي رامي كان أيضا في غرفة العناية المركزة في وضع صعب للغاية لكنه أيضا فارق الحياة بعد أسبوع من مكوثه في وحدة العناية بعد أن عاش 31 عاما من حياة تمنيا لو امتدت لكنه قدر الله وبطش الاحتلال وعدوانه الوحشي , وتختم نهى حديثها الذي روته لنا متشحة بالسواد والدموع لم تفاق عينيها، هكذا فقدت أغلى ما أملك في الدنيا زوجي وطفلي اللذين أمضيت معهم أجمل سنوات عمري".

نهى لم تكن الوحيدة من نساء فلسطين اللواتي فقدن اغلى ما يملكن في هذه الحروب الظالمة التي يشنها الاحتلال بين الفينة والاخرى على الشعب الفلسطيني انها واحدة من الالاف النساء اللواتي سيكملن ما تبقى لهن من حياة في ظروف صعبة وهنا بحاجة دون شك الى لمسة وفاء وحنان بعد أن فقدناه في أتون الحرب والعدوان.

*تقرير كلارا وليد العوض