وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

دعوة إسرائيل يهود فرنسا للهجرة بين الوقاحة وكذبة الأمن

نشر بتاريخ: 14/01/2015 ( آخر تحديث: 15/01/2015 الساعة: 15:57 )
بيت لحم- معا- سارع قادة اسرائيليون إلى استغلال العمليات الإرهابية التي شهدتها الأسبوع الماضي العاصمة الفرنسية لتحريض يهود فرنسا على الهجرة إلى إسرائيل لان فرنسا لم تعد أمنة بالنسبة لهم فما عليهم سوى حزم أمتعتهم والتوجه إلى جنة الآمن والأمان في إسرائيل.

وصل نفتالي بينت إلى اكبر كنيس في العاصمة الفرنسية باريس حتى قبل انطلاق المسيرة العالمية المناهضة للإرهاب وتبجح أمام الحضور بأنه جاء إلى باريس لرؤيتهم والاجتماع بهم ليس للمشاركة في المسيرة فقط وخاطبهم قائلا "نحن بانتظاركم وسنستوعبك بأفضل صورة يوجد لكم بيتا أمنا يمكنكم التوجه إليه".

ولم يتأخر نتنياهو وليبرمان والعديد من وزراء إسرائيل وقادة الرأي فيها من تكرار هذه الدعوة وكأنهم كانوا ينتظرون هذه العمليات حتى يهجرون يهود فرنسا غير مهتمين برأي اليهود أنفسهم او بموقف الحكومة والمجتمع الفرنسي لدرجة أغضبت قادة فرنسا وعلى أسهم رئيس الحكومة الفرنسية مانويلس ولاس الذي قال يوم أمس مخاطبا يهود بلاده "لا تغادروا نحن بحاجة لكم هنا" فيما احتجت الكثير من الصحف الفرنسية على هذه الدعوات التي يمكن وصفها بالوقحة لدعوتها مواطني دولة مستقلة بحجم فرنسا إلى التمرد على مواطنتهم وإلقاء جنسيتهم في حاوية النفايات والقدوم إلى دولة أخرى.

وفي هذا السياق، قال احد الكتاب الإسرائيليين متسائلا "تخيلوا لو وجهت فرنسا وحكومتها دعوة للإسرائيليين من أصول فرنسية للعودة إليها وترك إسرائيل نتيجة التفجيرات والحروب التي تشهدها".

هل حقا ترغب إسرائيل بتفريغ فرنسا من اليهود؟ هل حقا ترغب بالتخلي عن قوة ضغط كبيرة يشكلها يهود فرنسا وهل هي فعلا قادرة على استيعاب هؤلاء اليهود ومنحهم ذات الشروط المعيشية التي تقدمها فرنسا لمواطنيها؟ هل فعلا فرنسا اقل آمنا من إسرائيل والخطر فيها لم يعد يحتمل؟ اسئلة كثيرة أجابت على أهمها والمتعلق بالأمن صحيفة "هأرتس" الصادرة اليوم الأربعاء عبر رسم كاريكاتيري اختصر الموقف.

ظهر في الرسم مجموعة من يهود فرنسا وقد استجابت لدعوات قادة إسرائيل وهاجرت من بلدها ليستقبلها على بوابة كبيرة تشبه بوابة المعتقلات أو المعسكرات" نفتالي بينت الذي يحمل بنقدية رشاشة ونتنياهو الذي يشبه مدير احد السجون أثناء استيعاب دفعة جديدة من المعتقلين.

أطلت من بوابة السجن الذي يمثل إسرائيل فوهتين لمدفعين فيما احاطها جدارا مرتفعا اعتلاه جنود مسلحين وصواريخ ونقاط رقابة.

وكأن "هأرتس" تريد ان تقول لنتنياهو وغيره من قادة إسرائيل كذلك ليهود فرنسا أهلا وسهلا بكم داخل السجن الإسرائيلي المحاط بجدران الاسمنت المرتفعة وجدار الخوف الدائم فلا تستمعوا لدعواتهم وابقوا حيث انتم في باريس وغيرها من حواضر فرنسا ولا تزجوا بأنفسكم في ارض الصراع الأزلي والسرمدي الذي خلدته سياسات إسرائيل الرافضة لأي سلام.

مع الإشارة بوضوح للفارق في توصيف الهجمات وعدم الربط بين عمليات المقاومة التي تنفذها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي وبين العمليات الإرهابية التي يشهدها غير مكان من دول العالم لا يمكن لإسرائيل أن تكذب على يهود فرنسا وتقنعهم بأنها أكثر أمنا من باريس وان غلاف غزة مستقر والحدود الشمالية لا يتهددها خطر الحرب الدائم وان الجولان غير محتل وبالتالي لا يوجد خطر الحرب أو المقاومة وان الضفة الغربية ومستوطناتها مناطق إسرائيلية لا غبار عليها ولا يشوب آمنها واستقرارها شيء وبدلا من إضاعة الوقت في إقناع يهود فرنسا بالهجرة ليحاولوا أولا إقناع الإسرائيليين الذين غادروا إسرائيل بآلاف إلى برلين وانشئوا ما يشبه الحركة المنظمة التي تدعوا غيرهم من الشباب الإسرائيلي إلى ترك السجن الكبير الذي ظهر في كاريكاتير "هارتس" ممثلا لإسرائيل وان يأتوا للعيش في برلين حيث الأمن والرخاء الاقتصادي.

وأخيرا أثار استغلال نتنياهو وإسرائيل العمليات التي وقعت في فرنسا غضب الفرنسيين وقادتهم حيث لاحظ الجميع استماتة نتنياهو للظهور في الصفوف الأولى وان يخرج عن حدود اللياقة ليلوح للمواطنين الفرنسيين الذين وقفوا على شرفات منازلهم ليعبروا عن حزنهم وساد لدى قيادة فرنسا قناعة بان نتنياهو يستغل الدم الفرنسي في لعبته الانتخابية الداخلية ووصل هذا الانطباع الى الصحافة الاسرائيلية ذاتها التي هاجمته على قلة "ادبه" وعدم لياقته حين دفع الرؤساء ليتقدم الى الصفوف الاولى في حركة وصفتها الصحافة الإسرائيلية بشكل ساخر بنظرية استخدام "الكوع" للوصول إلى المقاعد الأمامية في الحافلة دون إن يكتفي بذلك بل حاول إحراج الرئيس الفرنسي "هولاند" أثناء زيارته لكنيس باريس الكبير واخذ المايكروفون وبدا يخطب رغم أن المخطط الأصلي خلا من أي كلمة لنتنياهو فما كان من الرئيس الفرنسي وفقا للمصادر الصحفية الفرنسية ان غادر المكان وترك نتنياهو يتحدث لوحده خشية أن تحتسب مواقفه المتطرفة وكأنها موقف فرنسا خاصة وان نتنياهو هاجم المسلمين بحجة مهاجمته للارهاب.

متابعة ورصد: فؤاد اللحام

|312713|