وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حين ناقش قادة اسرائيل قصف إيران وهم يحتسون الويسكي ويدخنون السيجار

نشر بتاريخ: 16/01/2015 ( آخر تحديث: 18/01/2015 الساعة: 09:15 )
بيت لحم- معا - يعتبر ايهود باراك من اشد المؤيدين لتوجيه ضربة جوية للمنشأت النووية الإيرانية إلى جانب رئيس الوزراء نتنياهو لكنه واجه أثناء إشغاله منصب وزير الجيش معارضة قوية ومنسقة من قبل شمعون بيرس وبعض الوزراء وجميع رؤساء الأجهزة الأمنية رئيس الموساد "مائير دغان " ورئيس الشاباك " يوفال ديسكين" ورئيس هيئة الأركان في ذلك الوقت غابي اشكنازي الذين عارضوا بكل قوة توجيه مثل هذه الضربات ونزع بعضهم بعد إنهاء مهام منصبه القفازات، ووجهوا انتقادات علنية وشديدة لمخططات نتنياهو – باراك حيث اجبا على سبيل المثال "مائير دغان " على سؤال وجه له " تعتقد بان الطائرات الإسرائيلية يجب عليها أن تمطر إيران بالقذائف والصواريخ؟" قائلا " إنها أغبى خطة سمعت بها فيما أسهب "يوفال ديسكن" في وصف جلسات البحث والنقاش التي كان يعقدها نتنياهو وباراك لمناقشة القضايا الهامة والمصيرية، قائلا " أنهم يناقشون مواضيع متفجرة وهم يحتسون الويسكي ويدخنون السيجار ".

وخاطب باراك بعد وقت قصير من استقالته وإنهاء مهامه وزيرا للجيش عام2012 زملائه في الحكومة قائلا " إذا لم تهاجم إسرائيل في وقت قريب إيران فان الوقت سيكون متأخرا جدا وهناك شك كبير حول إمكانية عملها ضد إيران في أي وقت قادم، مذكرا هؤلاء الزملاء بان الأمر يتعلق بساعة رملية و كلما مر الوقت ونفذ رملها يحقق الإيرانيون ماسحة حصانة اكبر ويقومون بتحصين مواقعهم النووية ويوزعونها على مساحات واسعة ويراكمون مخزون يورانيوم مخصب".

وأعرب باراك عن اعتقاده وقناعته بان العالم لن يعود ذات العالم الذي نعرفه في حال امتلكت إيران القنبلة نووية حيث سينفجر سباق تسلح بين دول المنطقة التي ستسعى هي الأخرى لامتلاك أسلحة نووية وفي النهاية سيجد هذا السلاح طريقه لأيدي المنظمات "الإرهابية" وحينها ستواجه إسرائيل تهديدات وجودية حسب تعبيره واعتقاده .

ولم يمض عام واحد على التوقع والقراءة لسوداوية التي تبناها "باراك" حتى توصلت القوى الغربية وإيران في إطار مفاوضات "5+1 " إلى اتفاق مرحلي تضمن تخفيف العقوبات المفروضة على إيران مقابل تجميد إيران نشاطها المتعلق بتخصيب اليورانيوم، وهذا الاتفاق من شانه في حال سارت الأمور كما يجب أن يفضي إلى اتفاق دائم لم يتحقق حتى ألان لكن "باراك " لا زال يجد صعوبة كبيرة في تصديق قدرة العالم على وقف إيران عبر المفاوضات، مؤكدا بان هذا المفهوم وهذه الفكرة خاطئة مواصلا إطلاق توقعاته المتشائمة.

وعاد اليوم "الخميس" وعبر مقابلة خاصة منحها لملحق "سوف شفوع " أو "نهاية الأسبوع" الصادر عن صحيفة "هأرتس" العبرية ليتحدث عن إيران وشجون السياسات لداخلية .

س: لماذا هذا المفهوم خاطئ؟ ربما نجحوا في وقف النووي الإيراني دون اللجوء إلى عملية توقع الكثير من الإصابات ؟

ج: " تزامنت ثلاثة ضغوط هي من جاء بالإيرانيين إلى طاولة المفاوضات الأول والأساسي يتمثل بالعقوبات الاقتصادية خاصة تلك المتعلقة بقطاع النفط وإمكانية وصول إيران للمنظومة المالية العالمية أما الثاني فيتمثل بالتهديد الرابض في خلفية الصورة "العصي الكبيرة" والمتمثل بإمكانية إقدام إسرائيل آو الولايات المتحدة الأمريكية آو الجهتين معا بمهاجمة إيران في حال استمرت الأحوال، كما هي دون مفاوضات او أي شيء أخر ونتيجة هذا الوضع الخطير نشأ عامل ضغط ثالث يتمثل بالخوف من انهيار النظام في إيران لذلك وصلوا إلى نتيجة مفادها بان هناك ما يستحق بان نسمح لحسن روحاني بالفوز في الانتخابات وانه من الأفضل أن نتجه نحو تحقيق اتفاق مرحلي يخلق أجواء مريحة بالنسبة للإيرانيين خاصة في مجال تخفيف وطأة العقوبات الخانقة ما سيسمح لهم إدارة مفاوضات مضنية ومرهقة وطويلة المدى حول تفاصيل الاتفاق النهائي .

والضرر الكامن في هذه المنهجية يتمثل بان عاملي الضغط الأول والثاني وهما العاملان الرئيسيان "العقوبات والخوف من الهجوم" قد زالت وبالتالي زال عامل الضغط الثالث "الخوف من سقوط النظام وتفككه" لذلك أقول بان خطا كبيرا قد وقع هنا رغم ان المفاوضات أعادت الإيرانيين نصف عام إلى الوراء .

لا يوجد مصلحة لإيران بالتوصل لاتفاق فهم يفضلون اتفاقا مرحليا أخر واستغلال الفرصة التي يعقدونها كون الأمريكيين سيفضلون هم أيضا اتفاقا مرحليا بدلا من إعلان الفشل ورفع أيديهم مستسلمين إذ يعتقد الإيرانيون الذين يجيدون قراءة الواقع وتقدير الأمور بان إدارة الأمريكية قد غيرت أهدافها من هدف واحد يتمثل بمنع وجود إيران نووية عسكريا، إلى هدف أخر دون إن يعترفوا بهذا التغيير وقال " لن تتحول إيران إلى قوة نووية عسكرية أثناء فترة ولايتنا " لذلك يسعى الإيرانيون لكسب الوقت وانتظار الفرصة التي أتاحها لهم الاتفاق و عبر منحهم عاما كاملا لن يتدخل العالم بهم ولن يهتم بما يفعلون حينها سيفعلون ما يحلوا لهم ونحن سنقف امام حقيقة وقاعة ومنتيه".

ماذا ينتظرون؟ الانتخابات الأمريكية القادمة ليتمكنوا حسب ادعائك من التسلل خلسة وانجاز مشروعهم النووي؟

ج: ينتظرون اللحظة التي يكون فيها العالم مشلولا وعاجزا وهذه الحالة قد تنتج جراء تصاعد الأوضاع في أوكرانيا بشكل خطير او بسبب أزمة قد تندلع بين باكستان والهند أو في أعقاب الانتخابات الأمريكية لقد امتلك الكوريون الشماليون والباكستانيون السلاح النووي فقط لأنهم تحلوا بالصبر ومن الناحية التاريخية ينتظر الإيرانيون القنبلة النووية منذ 4000 عام أو 40 عاما على الأقل في العصر الحديث لان السلاح النووي يستجيب لاحتياجات تاريخية تتعلق بالسعي إلى الانضمام لنادي القوى الكبرى إضافة إلى خوفهم الدائم من سعي أمريكا لإسقاط النظام وهم يعرفون شيئا واحد : لم يجرؤ العالم مطلقا ان يتدخل في الشؤون الداخلية لدولة اعتقد او علم بامتلاكها سلاحا نوويا ".

س: لماذا تفترض بان الرئيس اوباما لن يأمر بمهاجمتهم إذا اكتشف بأنهم يخدعونه؟

ج: نظريا يمكن للرئيس القيام بذلك لكن احتمالية ذلك ليست كبيرة وفي الواقع من الصعب جدا القيام بذلك، خاصة وان الإدارة الأمريكية أصرت أكثر من مرة على موقفها الأصلي وذلك بسبب الانتقادات الدولية والمحلية المتوقعة في حال غيرت الادارة موقفها لان هناك ثمن كبير لتغيير المواقف في هذه الساحات فقد يتعرض للانتقاد والهجوم بسبب عدم متابعته الحثيثة وعدم التزامه القوي بموقفه من إيران وكذلك على تردده وتهربه لكن اذا أهان الإيرانيون اوباما وتعاملوا معه كصفر حافظ منزلة قد يلجا للعمل ضدهم لكن الإيرانيون أذكياء جدا ولم يحاولوا ولو لمرة واحد اجتياز الحدود المسموح بها فهم أذكياء ولاعبين أذكياء ملثنا جميعا .

س: هل يمكن للأمريكان أن يهاجموا إيران دون التورط في حرب شاملة كما فعل بوش مع العراق؟

ج: يمكنهم إعادة الإيرانيين سنوات طويلة للوراء في ليلة واحدة حتى وان كان الإيرانيون يعلمون علم اليقين موعد هذه الليلة، فأنهم لن يتمكنوا من فعل شيء وفي حال تم تنفيذ عملية "جراحية" ضدهم من قبل إسرائيل أو أمريكا فأنني لا اعتقد بان الإيرانيين سيغلقون مضيق هرمز أو مهاجمة القواعد الأمريكية في منطقة الخليج وذلك حتى لا تتحقق أسوأ أحلامهم وهو اندلاع حرب شاملة مع الولايات المتحدة قد تؤدي إلى انهيار النظام الإيراني وهنا يظهر الخوف الإيراني والشكوك الإيرانية الكبيرة القائلة بان هدف أمريكا لا يتمثل بوقف البرنامج النووي بل إسقاط النظام انتقاما على ما وقع للسفارة الأمريكية في طهران قبل 40 عاما .

ولم يبق أمام الإيرانيين سوى تنفيذ عملية " إرهابية" من خلال خلايهم

س: هل تعتبر القدرات الإسرائيلية لمهاجمة إيران محدودة وصغيرة؟

ج: ان قدرتنا على إلحاق الضرر في الحصانة التي يحققها الإيرانيون سواء من خلال المفاوضات أو من خلال إحراز تقدم نووي من قبلهم لا يعطينا صورة متفائلة حيث ان القدرة الإسرائيلية على الهجوم لا زالت قائمة لكنها تقلصت وتواجه خطر الاندثار .

س: هل سيستخدم الإيرانيون السلاح النووي في حال امتلكوه لشن هجوم نووي؟

ج: لا اعتقد بأنهم سيبادرون لاستخدام السلاح النووي إلا إذا شعروا فعلا بان نظامهم على حافة الجراف والانهيار لذلك فان الجهود النووية الإيرانية لا تعتبر خطرا وجوديا فوريا على إسرائيل لكن يجب أن نكون فاقدي البصر حتى لا نرى إمكانية تطوره إلى خطر وجودي فوري مستقبلا، اذهب واستمع إلى خطاب رفسنجاني الذي يعتبر معتدلا قبل أكثر من عشر سنين الذي قال "تكفينا قنبلة واحدة لننهي الحكاية الصهيونية ولان هناك 25 دولة إسلامية تقف في مواجهة إسرائيل فإنها لن تتمكن من الرد على الجهة التي هاجمتها وهنا يوجد تناقض عميق ورفسنجاني لم يواصل حديثه ولم يقل بأنه يمكن إرسال القنبلة دون عنوان واضح وإرسالها داخل حاوية إلي ميناء حيفا أو سدود لذلك لن تعرف من الجهة التي يتوجب عليك مهاجمتها هناك في ايران تفكير منطقي يتعلق بامكانية تطور وتصاعد التطرف .

س: هل يتوجب علينا حزم الأمتعة ؟

ج: لا زلنا الدولة الأقوى في الشرق الأوسط وسنبقى هكذا على مدى السنين بما في ذلك تحقق سيناريوهات مثل احتلال داعش للعراق وسوريا ولبنان والأردن وسقوط الدولة الباكستانية واستفقنا في احد الأيام ووجدنا 6 قنابل نووية في السعودية و مثلها في إيران هل يتوجب علينا في حال تحقق هذه السيناريوهات المتطرفة أن نعود إلى شمال إفريقيا وشرق أوروبا ؟ نحن باقون هنا ولن نفكك الجيش ولا الشاباك.

س: هل كانت أحاديثك أنت ونتنياهو عن شن هجوم على إيران مجرد كلام فارع وعبارة عن هز ذنب على طريقة الكلاب؟

ج: لم يكن أي حديث أدلينا به يهدف إلى خلق انطباع او يهدف إلى هز الذنب " الكلاب تهز ذنبها للتخاطب فيما بينها وترسل الرسائل للكلاب الأخرى حسب بعض العلماء" بل كانت أحاديث قصدنها بكل جدية وفي كل عام كانت الأمور لا تسير وفقا لما نخططه لسبب من الأسباب لكن ساد لدينا دائما المنطق القائل بانه يتوجب علينا ان نكون مستعدين للهجوم، وأننا قد نصل إلى وضع تنزلق فيه القضية الإيرانية إلى منطقة " الحصانة" وان أي جهة لا تنوي العمل وان ايران قد تتحول الى دولة تقف على العتبة النووية .

س: هل شاركتم في بناء تحالف يدعم الهجوم لقد طرحت القضية على مجلس الثمانية ولم تحصلوا على تأيد المجلس ؟
ج: صحيح إن الأمر لم يصل إلى حدود وجود أغلبية في مجلس الثمانية تسمح لنا بدفع المطالب الى الأمام وان نطرحه على المجلس الوزاري المصغر وهكذا حتى الانتهاء من إجراءات المصادقة عليه لقد كانت بؤر معارضة وكانت هناك عملية تهييب وتخويف للجمهور.

س: تحدث رئيس الموساد السابق مائير دغان عن مئات القتلى؟

ج" دالية ايستيك تحدثت عن عشرات ألاف القتلى

س: داليا ايتسك؟

ج: دالية ايتسيك قالت بأنها لم تتنبأ بهذا في الليل بل هناك جهات أمنية عالية المستوى تحدثت إليها وأنا بدوري قلت بأنه لن يكون هناك ألاف القتلى بل لن يكون هناك 500 قتيل وأنا أقول لك بان سيناريوهات تقييم الموقف التي عرضها الجيش تحدثت عن عدد قتلى اقل بكثير والنقاش حول عدد القتلى تقريبا لا تعتبر نقاشا مشروعا .

س: تعاملت المؤسسة الأمنية معك ومع نتنياهو بكثير من القلق لقد قال ديسكين بأنه خرج بانطباع بأنك تفضل مصلحتك الشخصية على المصلحة الوطنية وانه لا يثق بك ولا بنتنياهو في الموضوع الإيراني؟

ج: يمكن ان يكون ديسكين شخصية غير ناضجة بما يكفي وجد نفسه في عالم من الأفكار الداخلية دون أي علاقة بالواقع ان ما قاله عبارة عن تشخيص سخيف يشير في الاساس الى مصدر وصاحب التشخيص وليس إلى الموضوع صاحب العلاقة .

س: لقد ارتعب ديسكين من حقيقة نقاشكم لشن هجوم على إيران خلال تناولكم الويسكي والسيجار؟

ج: لا أريد أن أتعلق بشخصيات تاريخية كبيرة غيرت الواقع وكانوا يدخنون السيجار ويتناولون الويسكي وأنا إلا ادعي بان الويسكي يفتح العقل لاتخاذ قرارات تاريخية وأنا لا استهين بمعارضة العملية العسكرية ضد إيران بحد ذاتها لأنها قرار غير سهل كان سيتدحرج إلى حرب شاملة مع إيران وحزب الله ففي إسرائيل وفي الواقع العملي وهذا أمر حسن وجيد يتم استدعاء رؤساء وقادة الأمن والمؤسسة الأمنية ليعربوا عن رأيهم المتعلق بالحاجة لعملية عسكرية وكأنهم جزء من الجهة صاحبة القرار رغم عدم مشاركتهم في التصويت لكن لأسباب من الصعب علي أن اشرحها بالتفصيل وجد رؤساء وقادة المؤسسة الأمنية أنفسهم يعملون بطريقة غير مشروعة تقريبا عبر تفوههم بتصريحات سخيفة مثل "يوفال ديسكين" او تصريحات غير مسئولة مثل "مائير دغان وغابي اشكنازي ".