وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الاغتيال.. قلة التجنيد.. والخوف من التجسس.. بعض مشاكل حزب الله

نشر بتاريخ: 24/01/2015 ( آخر تحديث: 26/01/2015 الساعة: 17:40 )
الاغتيال.. قلة التجنيد.. والخوف من التجسس.. بعض مشاكل حزب الله
بيت لحم- ترجمة معا - مرت ساعات فقط على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الأسبوع الماضي قافلة مكونة من سيارتي "جيب" تابعة لحزب الله حتى اتضحت حجم الضربة القاسية التي تلقاها الحزب، فقد قتل إضافة لجهاد مغنية، محمد عيسى المعروف بصفته قائدا لقوات حزب الله في منطقة الجولان السوري ، الجنرال الإيراني "الدادي" الذي عمل كمستشار للجيش السوري موفدا من قبل الحرس الثوري الإيراني .

وكانت الضربة بعيدا عن الخاسرة المباشرة لقائد قوات حزب الله بالجولان ضربة معنوية، فربما نجح الحزب الذي يتلقى الضربة تلو الأخرى في مضاعفته ترسانة الأسلحة التي يمتلكها لكنه يواجه لأول مرة معركة متعددة الساحات تهدد بتفتيت الحزب من الداخل حسب تعبير موقع "مكور ريشون " الذي نشر اليوم "السبت" تحليلا مطولا عبر موقع " nrg " تناول فيها ما اسماه بالمشاكل والعقبات التي يواجهها حزب الله في هذه المرحلة. |314316|

كل شيء يبقى داخل العائلة :

من المفترض أن لا يندمج أو ينضم جهاد مغنية إلى قيادة الحزب العليا، لكن القدر أو على وجه الدقة قدر أبيه الذي اغتيل عام 2008 قادته إلى ذلك .

ويعتبر جهاد الابن الأكبر لعماد مغنية من زواجه الأول من شقيقة مصطفى بدر الدين الذي يقف هو الأخر على رأس قائمة المطلوبين في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري .

وخلافا للروابط العائلية كان مغنية الشاب "جهاد" بعيدا عن أي علاقة بالنشاط العسكري وذلك خلافا "لأولاد" حزب الله الذين يرضعون قيم "الإسلام السياسي المتطرف والإرهاب" من خلال المخيمات الصيفية والمدارس ويتربون منذ نعومة أظفارهم على قتال العدو الاسرائيلي والانتقام لدماء الشهداء .

لكن عماد مغنية رسم لولده مستقبلا مختلفا فأرسل جهاد لدراسة إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية ببيروت ونجح جهاد خلال دراسته بالاندماج في "البيوت التجارية" وفقط بعد اغتيال والده وجد جهاد نفسه في المقدمة وعلى منصة الاحتفالية الشهيرة لإحياء ذكرى والده والتي شكلت ظهوره العلني الأول حيث طرحه الحضور حينها "كممثل للجيل الجديد" الذي سيواصل المسيرة و كـ "أمير" حزب الله حيث أسبغ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وفور اغتيال ابيه رعايته وحمايته على اليتيم الطاهر وتطور بين الاثنين "اليتيم والأمين العام" مع مرور الوقت علاقات قوية جدا . |314318|

وشعر الجنرال "قاسم سليماني" قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني بالالتزام وواجب شخصي اتجاه جهاد مغنية ويمكن ملاحظة التعامل الخاص والحميمي الذي تلقاه جهاد مغنية من الجنرال سليماني من خلال التدقيق بالصور التي التقطها عماد اثناء زيارته الى طهران حين ذهب جهاد ليقيم العزاء بوفاة والدة الجنرال الإيراني .

"وذلك حسب التقرير الاسرائيلي الذي شابه تحديدا في هذا المقطع الكثير من الاخطاء الخاصة بتوصيف "جهاد مغنية" الذي كان طفلا حين اغتيل والده عام 2008 لكن لضرورات انسياب التحليل نقلنا ما جاء فيه دون تصرف تقريبا "محرر معا " . |314317|

الحساب المفتوح :

بأمر من حسن نصر الله والجنرال سليماني وفوق الجميع أمر مرشد الثورة الإيرانية الإمام " علي خامينائي" بدأ جهاد مغنية الاندماج في السلسلة القيادية العسكرية لحزب الله وخضع للتدريب في لبنان وإيران وتميز في عدة مجالات عسكرية حتى أعلنه نصر الله في أكتوبر الماضي كأحد القادة المسؤولين عن جبهة الجولان السوري .

وتشير التقديرات الإسرائيلية الى ان خطة حزب الله تقضي بإقامة منظومة قواعد عسكرية في المنطقة القريبة من حدود الجولان المحتل وكان من المفترض أن ينقل الجيش السوري صواريخه إلى هذه القواعد، ومنها تنتقل هذه الصواريخ إلى مسؤولية حزب الله لإشعال الجبهة ضد إسرائيل في حال وجود خطر حقيقي يهدد بسقوط نظام الأسد .

ويمكن الافتراض بان الاعتبارات التي وقفت وراء تعيين جهاد مغنية قائدا لمنطقة الجولان متداخلة حيث أراد نصر الله إن يثبت لمقاتلي حزب الله بانه مستمر بالعمل وفقا لتوجيهات إيران القاضية بالحفاظ على نظام الأسد لذلك عين وريث "عماد مغنية" على الأرض السورية وهناك سببا أخر يتمثل بإعطاء "مغنية الابن" الفرصة لاكتساب خبرات عسكرية في منطقة القنيطرة السورية التي تعتبر منطقة هادئة نسبيا.

ومن سخرية القدر أن حسن نصر الله كان يعتقد بان المنطقة القريبة من "الحدود الإسرائيلية" هي أكثر المناطق أمنا لذلك أرسل "مغنيه" هناك قريبا من بلدة القنيطرة وبعيدا عن منطقة القتال ضد جبهة النصرة ولسوء حظ نصر الله وجد "مغنية الابن" نهايته في المنطقة التي اعتقدها أمنة. |314320|

وتنضم عملية الاغتيال الأخيرة التي شهدنها منطقة القنيطرة إلى سلسلة طويلة من الضربات التي تلقاها حزب الله وتشير ولو بشكل بسيط الى طبيعة الحالة والوضع الذي يعيشه الحزب من حرب لبنان الثانية 2006 التي تلقى فيها ضربة ثقيلة وما تبعها من وضع وجد حزب الله نفسه مضطرا لمواجهة تحديات صعبة وقاسية مثل الانتقادات اللبنانية الداخلية القاسية والمتعلقة بالخسائر البشرية والدمار الكبير الذي لحق بلبنان نتيجة الحرب ما اجبر نصر الله على استخدام الأموال الإيرانية لترميم لبنان لكن لهذه المشكلة او الضائقة وجها ايجابيا حيث تحول حزب الله إلى وجه لبنان السياسي والاجتماعي .

لكن الضربة التي وصلت بعد عامين من نهاية الحرب والمتمثلة باغتيال "عماد مغنية" في شباط 2008 سببت هزة حقيقية وجوهرية داخل صفوف الحزب الذي بدأ بترميم نفسه ونفذ سلسلة تعيينات قيادية جديدة بهدف تعبئة الفراغ الذي تركه "مغنيه " لكن دون نجاح حقيقي.

وهدد حزب الله ووعد امينه العام بالانتقام والرد على عملية الاغتيال وكانت عملية "بورغس" في بلغاريا التي قتل فيها 5 إسرائيليين لكن وحسب وجهة نظر الحزب الشيعي لا زال الحساب مفتوحا .

انتقادات داخل البيت :

وسقط التحدي التالي على رأس حزب الله بأوامر إيرانية عليا صدرت مباشرة من "خامينئي" وتم الزج بمقاتلي الحزب عام 2011 في أتون الحرب السورية وبعدها العراقية .

في البداية حاول نصر الله أن يقنع الناس بان مقاتلي الحزب الذين يحاربون في سوريا هم مجرد مواطنين لبنانيين يقيمون في سوريا ويحاربون دفاعا عن أنفسهم وبيوتهم لكن حين تكشف حجم الحرب وحجم المشاركة فيها لم يتمكن من إخفاء الحقيقة أكثر من ذلك وخرج هذه المرة بحجة وذريعة بان امن النظام السوري يشكل ضمانة للأمن اللبناني . |314322|

وكان ثمن مشاركة حزب الله في الحرب السورية والعراقية باهظا جدا إذ تشير التقديرات إلى فقدانه ألاف المقاتلين الذين سقطوا خلال المعارك الطاحنة على مختلف الجبهات السورية وأثارت الجاثمين التي عادت في صناديق غضب العائلات الشيعية التي تجند أبناؤها في صفوف حزب الله لمحاربة العدو الإسرائيلي والدفاع عن لبنان وفي النهاية وجدوا حتفهم على أراضي سورية دفاعا عن نظام بشار الأسد .

ولاول مرة سمعت انتقادات بين هذه العائلات التي كانت تشكل القاعدة الأساسية والثابتة والصلبة لحزب الله حيث قالت هذه العائلات بان الحرب الدائرة خلف الحدود اللبنانية ليست حربها ووزع في مدينة طرابلس شمال لبنان صورا لنصر الله مع نجمة داود وقد ارتدى على عينه غطاء يشبه "جلدة ديان " وكتب تحتها عبارة "نصرالله يعمل لصالح إسرائيل ".

ووجدت الانتقادات الحادة ترجمتها الفعلية حين قالت وسائل الإعلام لبنانية بان شبان شيعة يرفضون الانضمام لصفوف حزب الله في الوقت الذي يحتاج فيه الحزب للكثير من هؤلاء لأنه يتعامل مع نشر قوات غير عادية على مختلف الساحات والجبهات ويتكبد الكثير من القتلى في معاركه ضد "داعش" وجبهة النصرة" وهنا بالتحديد أعلن الشباب الشيعي العصيان وتغيبوا عن التجنيد .

وادعت التقارير اللبنانية بان حزب الله يبذل جهودا كبيرة لتجنيد مقاتلين شيعة من بلدان أخرى وبهذا وصل إلى صفوف الحزب شبان من الكويت والعراق وأفغانستان وباكستان وتم إرسالهم إلى مختلف الجبهات وفي خطوة غير مألوفة قرر الحزب الذي حرص فيما مضى على "طهارته الشيعية" تجنيد شبان لبنانيين من الطائفة السنية وقال بعضهم في حديث لوسائل إعلام لبنانية بان الصعوبات الاقتصادية دفعتهم إلى هذه الخطوة وأكدوا بان الحزب وعدهم بأنهم سيعودون الى لبنان بعد قتالهم لمدة شهر في سوري وسيتلقون راتبا شهريا بقيمة 700 دولار .

إضافة للخلافات الداخلية الشيعية هناك خلايا سنية نائمة استفاقت وحولت حياة اللبنانيين وحياة حزب الله الى جحيم وضربت سلسلة من التفجيرات التي نفذتها مجموعات متفرعة عن "داعش" و "القاعدة" قلب الضاحية الجنوبية في بيروت التي تعتبر الحصن المنيع لحزب الله والطائفة الشيعية عموما ما سبب ارتباكا كبيرا في صفوف الحزب وكان اشد هذه العلميات عام 2014 حيث قتل حوالي 100 شخص في سلسلة تفجيرات استهدف مواقع وأهداف لحزب الله ومؤسسات إيرانية مثل السفارة الإيرانية التي تعرضت لهجوم قوي في نوفمبر من ذات العام .

ووضع مقاتلون من السنة نصب أعينهم ضرب هذه الأهداف للإثبات بان حزب الله عرضة للضربات ويمكن ضربه في عقر داره وحتى في تلك الأماكن التي تعتبر تحت سيطرته التامة وغير المنقوصة .

وتجددت الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت عام 1990 في أزقة طرابلس وتفجيرات بيروت ما اجبر حزب الله على جمع المزيد من المقاتلين لنشرهم على الجبهة "البينية" .

ويضاف إلى المشاكل والتحديات "البيتيه" سلسلة من الهجمات التي نسبت للطائرات الإسرائيلية واستهدفت مواقع ومنشات تابعة لحزب الله وأثبتت هذه الهجمات فشل حزب الله في التعامل مع الساحة متعددة المعارك والجبهات التي وجد نفسه في قلبها وبهذا أصبح أكثر عرضة لتلقي الضربات أكثر من أي وقت مضى . |314315|

وتلقى حزب الله في ديسمبر 2013 ضربة قوية إضافية حين اغتال مجهولون احد مقربيه المدعو "حسن اللقس" الذي انضم لصفوف الحزب منذ ان كان في التاسعة عشرة من عمره وتقدم رويدا رويدا ضمن السلسلة القيادة للحزب وشغل منصب قائد وحدة الاتصالات والتكنولوجيا والمسؤول عن مشتريات الحزب .

موت الأمير:

اعتاد حزب الله أن يكشف مرة تلو الأخرى نبأ اعتقال او كشف لعملاء للموساد الإسرائيلي نقلوا معلومات استخبارية عما يجري في لبنان للعدو الإسرائيلي لكن قضية التجسس الأخيرة التي وقعت فصولها داخل صفوف الحزب الذي طالما تفاخر بالسرية وحماية المعلومات والأمن الداخلي كانت ضربة قوية جديدة أضيفت إلى الضربات السابقة التي تلقاها الحزب .

ولم يكن كبير الجواسيس سوى الضابط الرفيع "محمد شواربة" البالغ من العمر 42 عاما والذي وقف على رأس وحدة المهام الخارجية التابعة لحزب الله وحين اكتشف أمره من قبل الحزب خضع للمحاكمة .

وكان من المفترض بالوحدة المعروفة باسم "وحدة 910 " التي وقف "شواربة" على رأسها أن تنتقم من إسرائيل على اغتيال عماد مغنية لكن الجاسوس وقائد هذه الوحدة أحبط وشوش خمس عمليات انتقامية.

وقالت صحيفة "ديلي ستار" اللبنانية التي كانت أول من كشف اعتقال الجاسوس الكبير بان هذا الجاسوس اعتقل مع أربعة آخرين من نشطاء الوحدة "910 " وان الاختراق العميق المنسوب إلى إسرائيل سبب أزمة عميقة داخل الحزب الذي امتنع هذه المرة من توجيه تهديدات مباشرة بالانتقام لاغتيال "جهاد مغنية " فيما تتوقع المصادر ان يدلي حسن نصر الله في خطابه المتوقع يوم الاحد القادم بالتصريحات والجمل المتوقعة بهذا الخصوص .