وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

من هم أبطال "مسرح الجريمة" في فلسطين؟

نشر بتاريخ: 13/02/2015 ( آخر تحديث: 15/02/2015 الساعة: 12:09 )
من هم أبطال "مسرح الجريمة" في فلسطين؟
بيت لحم- تقرير معا - شعرةٌ من رأس تحت ظفرٍ امرأة قتيلة، وعقب سجارة أو منديل أو حتى رائحة عطر أدت إلى كشف جناة في جريمة معقدة، فمسرح الجريمة من أهم مفاصل التحقيق.

يجتمع في مسرح الجريمة وهي المنطقة التي تنطلق منها كل الخيوط المساعدة على كشف غمـوض أي جريمة وربط جميع عناصرها للوصول إلى الجناة، أبطال لفك اللغز، يشاهدون ويعاينون ويجمعون كل ما قد يوصلهم للحقيقة وإلى "ابطال القصة- المجرمون" الذين سبقوهم في الفعل بمسرح الجريمة.

ما أن يصل بلاغاً للشرطة بوقوع جريمة يتم إعلام النيابة والجهات المختصة التي تتحرك على الفور للمكان فتغلقه وتعلنه مسرحاً للجريمة. فإلى أي مستوى لدى فلسطين أدوات ومقومات وامكانيات تؤهلها لمعاينة مسرح الجريمة والاستدلال من خلال ما قد يتوفر به للمساعدة بالوصول للحقيقة؟ هل لدينا موارد بشرية ومختبرات مؤهلة لهذا المسرح؟

سنحاول عبر هذا التقرير الاجابة على جملة الاسئلة، وصولاً لتشخيص واقع الحال في فلسطين بكيفية التعامل مع مسرح الجريمة.

من يسمح لهم بدخول مسرح الجريمة
ففي لقاء خاص اجرته غرفة تحرير معا مع رئيس النيابة العامة علاء التميمي، أوضح أن مسرح الجريمة هو نقطة البداية التي تقود إلى معرفة الجاني وكيفية وقوع الجريمة، ولا يسمح لغير المحققين وخبراء الطب الشرعي والجهات المختصة بدخوله بعد اغلاقه من قبل الشرطة بشريط خاص حفاظاً على كل شيء بمكانه.

وبين التميمي أنه وبينما يجمع المحققون الرموز التي تقودهم لمعرفة الجاني، يرفع خبراء الطب الشرعي الأدلة الجنائية (الآثار التي تعتبر من اقوى الأدلـة كآثـار الأقدام وبصمات الأصابع وبقع الدم وآثار الشعر.. الخ) وتقوم النيابة العامة بتحرير تقريرها بالتزامن مع عملهم، مؤكداً أن مسرح الجريمة يبقى مغلقاً لحين صدور قرار من النائب العام بعد استكمال كافة الإجراءات القانونية بفتحه.

وفي فلسطين تتسبب "قلة الوعي" في بعض الاحيان لدى الناس بعدم الحفاظ على مسرح الجريمة، من خلال العبث في محتوياته دون قصد، الأمر الذي قد يفقد التحقيق احياناً بعض العناصر والمفاتيح التي تسهم في فك لغز الجريمة. وعادة ما يتم التحفظ من خلال الشرطة على البطاقات الشخصية للأشخاص المتواجدين بالموقع.

محققون محترفون قادرون على كشف غموض الجرائم
وأكد التميمي لـ معا أن النيابة العامة ومن خلال الممارسة عبر السنوات الماضية والدورات المتخصصة بالعلم والبحث الجنائي تعمل بالشراكة مع الشرطة والطب الشرعي في الحفاظ على مسرح الجريمة، لافتاً إلى أهمية وجودهم منذ بداية وقوع الجريمة بالمكان، فالنيابة العامة من خلال عملها القضائي أصبحت على درجة كبيرة من الاحتراف في كتابة التقارير وبناء الأدلة، ويكون في تصورها كيفية التعامل مع الدليل عند إجراء المحاكمة.

وأشار إلى أن النيابة تقدم أمام القضاء كامل بياناتها المجموعة بشكل مترابط ومتكامل، بحيث يتوافق مسرح الجريمة مع عمليات التشريح والفحص الجنائي وشهادات الشهود ليتم التوصل إلى النتيجة التي تسعى إليها النيابة العامة في إدانة المتهم المرتكب للجريمة.


معيقات تعترض طريق التحقيق والوصول للجناة

ورغم الجهود المبذولة من قبل النيابة والجهات المختصة للوصول إلى الحقيقة، إلا أن هناك عديد المعيقات التي تعترض طريقهم.

ويقول رئيس النيابة العامة إنه ومع توفر الامكانيات البشرية سواء من النيابة أو الخبراء الجنائيين والطب الشرعي، والذين يعملون جميعاً بمسرح الجريمة على رفع الادلة، إلا أن عدم وجود مختبرات جنائية في فلسطين يتم خلالها التعامل مع الدليل بعد رفعه يعد عائقاً أساسياً في طريق الحقيقة.

وأضاف أنه ورغم المحاولات المتكررة والمستمرة من قبل دولتنا في توفير المختبرات اللازمة لتحليل الأدلة الجنائية إلا أن هذه المحاولات تصطدم دائماً بصخرة رفض الجانب الإسرائيلي دخول أدوات المختبرات إلى فلسطين بحجة "أسباب أمنية".

وعادة في بعض القضايا والجرائم المعقدة وخاصة التي يكون فيها إعتداءات جنسية وقتل، يتم الاستعانة بمختبرات المملكة الأردنية الهاشمية التي تقدم كافة التسهيلات والإمكانيات للطواقم الفلسطينية، من خلال إجراء الفحوصات بمختبرات المملكة.

وتحدث التميمي لـ معا عن وجود عائق أخر في طريق التحقيق، يتمثل بوقوع بعض الجرائم في المناطق التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، فتمنع الطواقم الفلسطينية في كثير من الآحيان من التحرك والوصول إلى مسرح الجريمة.

وذكر أن هناك العديد من القضايا والجرائم التي لم تتمكن الجهات المختصة من كشف الجناة، فتبقى مفتوحة أمام جهات الاختصاص لحين الوصول إلى نتائج تقود للجناة، مؤكداً أنه في أغلب القضايا يتم التوصل إلى الفاعل بمدة زمنية قصيرة.


النيابة تمثل الحق العام وتتحمل المسؤولية
ولفت التميمي إلى أن النيابة العامة الفلسطينية أخذت على عاتقها تمثيل المجتمع بصفتها ممثل الحق العام، وأن تكون على قدر كبير من المسؤولية التي القاها عليها المجتمع الفلسطيني، فإذا ما عدنا إلى دوائر النيابة العامة في محافظات الوطن سنجد أن القضايا الموجودة والمنظورة أمام النيابة ليست بالاعداد الكبيرة؛ مرجعاً ذلك إلى الادراك بضرورة تقديم الجناة للعدالة في اسرع وقت ممكن، والمتابعة المستمرة من قبل النائب العام لجميع القضايا.

ومن خلال وكالة معا ناشد رئيس النيابة العامة كافة المواطنين في حال وقوع أي جريمة أن يتم الحفاظ على مسرح الجريمة وعدم الدخول إليه، حفاظاً على حقوق الضحية وحتى تتمكن جهات التحقيق من الوصول إلى نتائج سليمة دون التأخر في كشف الجناة.

*ملاحظة: معظم الصور المستخدمة في التقرير تعبيرية وتوضحية.

تقرير: أحمد تنوح