وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

العالم على أبواب حرب دينية تستمر 100عام او حرب عالمية ثالثة

نشر بتاريخ: 14/02/2015 ( آخر تحديث: 16/02/2015 الساعة: 21:03 )
العالم على أبواب حرب دينية تستمر 100عام او حرب عالمية ثالثة

بيت لحم - ترجمة معا - يقف العالم أمام نقطة تحول تاريخية تخلي فيها الايدولوجيا القائمة حاليا مكانها لطريقة جديدة غير معروفة لكن الطريق نحو هذا التحول قد يكون موحشا وداميا يزداد في الأغنياء ثراء مع بشرى بسيطة لفقراء العالم الثالث حيث سيصبحون اقل فقرا وفقا لرؤية الباحث والمتخصص في دراسات عدم المساواة في البنك الدولي البروفسور " برنكو ميلنوفيتش " الذي فضل استهلال عام 2015 ببحث مطول يشبه نبوءات "سفر الرؤيا "لم يجهد فيها إلى تدوير الزوايا متوقعا فوضى عالمية ضمن العالم الجديد وحروب دينية وأخرى عالمييه مشبها وضع العالم ألان بما كان عليه عام 1914 قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى.


نحن على مشارف نهاية العصر الامبريالي الثاني حيث امتد العصر الامبريالي السابق من عام 1870 الى 1914 وانتهى بحربين عالميتين مدمرتين وهذا الأمر قد يتكرر مرة أخرى حيث يعيش العالم حاليا وضعا يشبه الوضع الذي كان سائدا عام 1914 ويعاني من حالة من عدم النظام التي قد تنتج حربا دينية تستمر 100عام أو حربا عالمية ثالثة أو الاثنتين معا " قال البروفيسور " Milanovic "وهو اقتصادي مؤثر وخبير عالمي في التطوير الاقتصادي وعدم المساواة.

نتفق جميعا بأن إيديولوجية مسيطرة ومهيمنة واحدة وطريقا اجتماعيا واحدا منتصرا في العالم مع انهيار الشيوعية ولم يبق في المدينة غير لاعب واحد ولم تنهار الشيوعية لوحدها فقط بل أصبح فكر الاشتراكية الديمقراطية أكثر ضعفا بل أنها اختفت من الناحية الفعلية ودول مثل تركيا والبرازيل اللتان حاولتا حماية الاقتصاد المحلي وتشجيع بدائل أخرى للاستيراد تركت هذه السياسة فيما تحولت الصين فعليا إلى دولة رأسمالية ما مثل انتصارا واضحا لما يمكن تسميتها بالرأسمالية الليبرالية " قال Milanovic" في مقابلة خاصة نشرها اليوم " السبت " ملحق " كلكلست" الاقتصادي الناطق بالعبرية والصادر عن صحيفة " يديعوت احرونوت ".

وبهذه النتيجة وفقا لرؤية البروفسور "Milanovic " تأسس العصر الامبريالي الثاني الذي يقوم على قدمين اثنتين تسيران سويا الأولى سياسية والثانية اقتصادية والان فان الصورة الواقعية لعالم اليوم تؤشر إلى قرب انهيار القدمين المذكورتين معا وسويا أيضا .

كانت الفكرة من الناحية السياسية تقول " إذا كان نهج الديمقراطية الليبرالية هو الأفضل حينها يمكنك أن تذهب وتفرضها على دول أخرى مثل العراق وان تحصل على نتائج مثل تلك التي حصلت عليها في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وهذه بالضبط كانت الفكرة التي وقفت وراء استخدام القوة ضد العراق وهناك ما يوثق ذلك فيما كانت تقوم الدعاية في ذلك الوقت على فرضية إن كافة قضايا الشرق الأوسط ستجد حلها لو توصلت الديمقراطية إلى العراق لكن وكما هو معروف اتضح عقم هذه الفرضية وهذا التوجه الذي بدأ بالأوهام وانتهى بالمأساة وبحرب أهلية دامية وبصعود "داعش" ولا فكرة لدينا عما سينتهي إليه الوضع ".


يطلق على " القدم الاقتصادية " اسم " إجماع واشنطن " حيث اتفقوا على عشرة نقاط للإصلاح الاقتصادي صاغها الخبير الاقتصادي البريطاني " جون ويليامسون " في نهايات العقد الثامن من القرن الماضي وخص بها اقتصاديات دول أمريكا الجنوبية لكن تم تنفيذها أيضا بعد انهيار جدار برلين في دول أوروبا الشرقية .


ويقول البروفسور "Milanovic " تعليقا على ذلك " لا أريد الخوض في تفاصيل هذه النقاط من الخصخصة إلى إعادة تنظيم الاقتصاد وسن القوانين وصولا إلى الليبرالية والأسعار لكن من المهم لي القول بان هذه المكونات ليست خاطئة بل اعتقد بان النقاط العشرة التي تبناها " إجماع واشنطن " معقولة لكن تطبيقها الذي كان بطريقة متطرفة أدى إلى نتائج مثل هبوط الناتج الروسي والأوكراني مثلا بنسبة 50% وشهدت روسيا ارتفاعا هائلا في عدد الوفيات في أوقات السلام " .


يرتبط فشل الإيديولوجية الاقتصادية بفشل الإيديولوجية السياسية ولا يمكن الفصل بين الأمرين فعلى سبيل المثال الحالة الروسية التي يعرفها البروفيسور "Milanovic" تمام المعرفة بعد ان اشتغل واهتم بها في تسعينيات القرن الماضي.


تعتبر روسيا نموذجا متطرفا حيث أدت سياسة الأسواق الحرة الى تركيز الثروة بشكل مفرط فيما فشلت " الدمقرطة " ليس فقط لان " الاليغاركي" أو " القلة " سيطروا على الحكم بسرعة فائقة بل بسبب ضعف القوى الديمقراطية البنيوية في ظل وضع شهد فيه " استيراد " عوامل ومفاهيم سياسية من الخارج كما هي وفي بعض الأحيان يتم تناسي حقيقة فشل الديمقراطيين الروس في بناء حزب سياسي جدي يحصل على أكثر من 10-5% من أصوات الناخبين وذلك رغم 15 عاما تقريبا من الحرية " المفرطة" التي عاشها الجو السياسي الروسي والأزمة الحالية التي تعيشها المنطقة " روسيا" نتيجة لسياسة الإذلال وفقدان الدخل وضياع الفرص والعمل التي عاشتها روسيا في تسعينيات القرن الماضي وهذا ما يفسر حاليا صعود " البوتينية " نسبة للرئيس " بوتين" وتنامي الطموحات التوسعية الروسية وهذه الحالة مرتبطة مباشرة بالضياع الكبير وخيبة الأمل التي شابت مرحلة الانتقال من نظام اقتصادي إلى نظام أخر ومن الصعب فهم ما يجري ألان في روسيا او ما حدث هناك خلال العقد الماضي دون العودة فهم ما حدث وجرى هناك في سنوات التسعين الماضية"


وحاليا انتهت النظرية السياسية والإيديولوجية وكذلك " إجماع واشنطن" إلى نوع من الانهيار ونواجه حاليا اكبر أزمتين عالميتين الأولى في الشرق الأوسط والثانية في روسيا وهذه الأزمات وبنسبة كبيرة نتيجة لطريقة وشكل تطبيق هذه النظرية الامبريالية السياسية- الاقتصادية وبات الجميع يدرك ألان بان هذه التوجهات والنظريات غير قابلة للتنفيذ لا النظرية القائلة بإمكانية إنتاج ليبرالية ديمقراطية عبر الحروب ولا تلك التي تقول بأنه يمكننا ومن خلال عدة قواعد نظرية بسيطة إيجاد منظومة اقتصادية توجه السوق الحرة بشكل متطرف لهذا فمن دعم النظرية الأولى شاهدوا ألان عدم إمكانية تطبيقها ولن يكرروا ذلك في أي دولة من دول العالم وحتى أنهم لم يعودوا يتحدثوا هذه الأيام كثيرا عن " إجماع واشنطن " وبات توجه البنك الدولي وصندوق النقد أكثر مرونة وأصبح مفهوم " عدم المساواة "موضوعا مركزيا وهناك اهتمام كبير للمواضيع الاجتماعية ".

:


يمكن ملاحظة نهاية العصر الامبريالي الثاني الذي تحدث عنها " Milanovic " في كل نشرة أخبار حيث تتوارد صور القتل والدمار من مدينة " كوباني" شرق سوريا التي تم مؤخرا تحريرها من يد تنظيم "داعش" الذي فقد مدينة لكنه لا زال يسيطر على ثلث مساحة سوريا و"ثمن" مساحة العراق الذي عاد ليشهد الانفجار اليومي للسيارات المفخخة وعلى بعد ألاف الكيلومترات من العراق تقع أوكرانيا حيث تأكل النيران أطراف أوروبا دون أن تحقق مفاوضات وقف إطلاق النار حتى ألان أي نجاح ويتقدم "الانفصاليون" تحت ستار من القصف العنيف الذي يستهدف المدنيين وبالسلاح الروسي فيما يستعر النقاش داخل أمريكا حول ضرورة تسليح أوكرانيا فيما تواصل درجات الحرارة الخاصة بالحرب الباردة الارتفاع حسب تعبير الباحث صاحب التحليل .

نشرت خلال يناير الماضي داخل الولايات المتحدة معطيات تشير إلى تباطؤ النمو وذلك بسبب الركود العالمي وقال البروفسور " عامنوئيل ساز " في باب تحليله للمعطيات الأمريكية " كل نمو سجلته الأعوام الماضية منذ بداية الأزمة تدحرجت إلى جيوب الطبقة العليا فيما لم تتغير أحوال بقية السكان وفي المقابل وصل التباطؤ الاقتصادي في أوروبا التي لم تسجل معدلات نمو إلى ألمانيا التي تعتبر القبلة الاقتصادية النابضة للقارة العجوز حيث سجلت هذه الدولة تضخما سلبيا خلال الأشهر 12 الماضية فيما بدأت دول المحيط الأوروبي بالتمر والعنت الحكومة اليونانية الجديدة بأنه لن تستمر بترتيبات الإنقاذ الاقتصادي التي أملتها ألمانيا عليها وبالتالي وضعت نفسها على مسار التصادم مع برلين فيما خرج أكثر من 150 آلف اسباني إلى الشوارع معارضين لخطط التقشف وداعمين لأحزاب اليسار المتطرف طارحين مؤشرات ومقدمات ما قد تشهده اسبانيا قريبا وفقا لتحليل " Milanovic" الذي سبق إجابته على عدد من الأسئلة الهامة طرحها عليه الملحق الاقتصادي العبري" كلكلست".

س: ماذا تغير في السنوات الاخيرة ؟
ج: تراجع دخل معظم الناس بعد الأزمة المالية العالمية او على الأقل تجمد هذا الدخل مكانه وكذلك قدرة الكثيرين من ابناء الطبقة الوسطى على تلبية احتياجاتهم عبر الحصول على القروض تلاشت واختفت وفي المقابل زاد الوعي والانتباه للكتب المهنية الخاصة بتوضيح وشرح تدفق الدخل والثروات على جيوب أبناء الطبقات العليا والفضل يعود في ذلك الى الاقتصادي المشهود له " توماس فيكت " و " عامونئيل ساز" و " طوني اتيكينسون " وجميع البحوث التي نجريها في هذا المجال خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية مثل حقيقة تجمد الدخل الحقيقي للفرد الأمريكي أو عدم حدوث أي تغير على الحد الأدنى للدخل طيلة هذه الفترة لكن هذه المواضيع تحولت ألان إلى مواضيع تشغل بال الإعلام والمجتمع

س:اذا كان هذا النموذج لا يعمل ولم ينجح داخل أمريكا لماذا عليه أن ينجح في أي مكان أخر؟

س: بالنسبة للأشخاص الذين أيدوا ودفعوا هذه المشاريع في الداخل الأمريكي فان النتائج ليست بالجيدة وظهر في الدولة التي "أشرقت " منها على العالم فكرة الدمج بين الديمقراطية والأسواق مطلقة الحرية مشاكل وإشكالات كبيرة تتعلق بتنفيذ هذا النموذج ستؤثر بدورها على تطبيقه في أرجاء العالم وبكل تأكيد وبعد الأزمة المالية العالمية يعيدون دراسة وفحص النظريات التي كانت سائدة منذ عهد الرئيس " ريغان " والسيدة " تاتشر" ولا يوجد احد يعرف إلى أين ستقود أو تتجه الأمور لكن من الواضح بان الليبرالية لا يمكنها ان تستمر وكان شيئا لم يحدث.
والفشل لم يبدأ بعد الأزمة المالية فقط بل أن أمراض هذه الطريقة كانت موجودة قبل الأزمة بكثير ولم تقم الأزمة المالية بأكثر من عملية كشف وإظهار هذه الإمراض .

تمتع الطبقة الوسطى الأمريكية في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي بنوع ما من النمو حتى وان لم تكن طبقة مترفة فيما شرع من يقف على رأس الهرم الاقتصادي ورأس سلم الدخل في تلك الفترة بالتمتع بنمو حقيقي وذي مغزى وكذلك حقق الاقتصاد الامريكي نسبة محترمة من النمو وصلت الى 3:4% سنويا ولم يتمتع الجميع بهذه الخيرات وهنا ظهرت الفجوة بين النمو الرسمي والنمو الذي تمتع به أبناء الطبقة الوسطى والذي جاء على شكل السماح للناس بالاقتراض وتسهيل عملية الاقتراض ليس إلا وهذه السياسية " الاقتراض " الميسر هي من جعلت أبناء الطبقة الوسطى يعتقدون بأنهم يتمتعون بدخل ارتفع بنسبة مماثلة لما سجله دخل " الأغنياء" وهنا نشير إلى أن حجم الدين الشخصي في الاقتصاد الأمريكي عام 2008 وصل ما نسبته 100% من حجم النتاج المحلي.

س: إذا كيف ترى العالم الان ؟ وبأي معنى نحن على أبواب عام 1914 جديد؟
ج: سأقسم الجواب الى قسمين الأول من الناحية السياسية حيث أعيش حالة تشاؤم كبيرة جدا ولا أرى أي حل لمشاكل الشرق الأوسط وعمليا في كل مرة يحاولون فيها دراسة وفحص الوضع يبتعد الحل أكثر فأكثر وكذلك انا متشائم جدا بإمكانية التوصل قريبا لحل الأزمة بين روسيا وأوكرانيا وهذا يشكل خطرا على السلم العالمي


لكن فيما يتعلق بالاقتصاد اذا حدث تغير كبير على شاكلة حرب عالمية اعتقد بان الدول ذات الاقتصاديات " النامية" ستواصل تعميق الفجوة وستشهد هذه الدول تطورا أسرع واكبر من تلك التي ستشهدها الدول الغنية التي بدأت تظهر فيها علامات ركود طويل ما سيؤدي إلى تقليص وضع عدم المساواة بين الدول وسيقلص الفقر حول العالم وبهذا المفهوم أنا اشعر بالتفاؤل والأمر لن يقتصر على الصين لوحدها بل دول مثل اندونيسيا والهند وفيتنام والبرازيل ستواصل نموها السريع نسبيا وفي هذا السياق " تراهن الليلة الماضية " مع احد الأصدقاء بأنه حتى وان لم ندخل الصين في العملية الحسابية فان نسبة متوسط النمو الذي سجلته هذه الدول خلال الأعوام 30 الماضية يفوق ويزيد عن متوسط النمو الذي سجلته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان مجتمعين واتضح أيضا بان الدول الغنية سجلت نسب نمو تفوقت فيها على نسبة نمو الدول " النامية " دون الصين في عامين فقط لا غير وأنا لا أعتقد بان هذا الوضع في طريقه للتغير والانقلاب وبهذا المفهوم ان شديد التفاؤل .