نشر بتاريخ: 14/02/2015 ( آخر تحديث: 14/02/2015 الساعة: 15:54 )
أنا امرأةٌ موزّعةٌ على سفّودين، وقد تشقّقتُ حتى الصمت، جَذبني من قلبي صغيرةً ذلك الرحّالةُ الذي فَرشَ لي البحارَ سريراً، فحملتُ بالقمر، وطرحته بين يديه، ليسقط من بين أصابعي.
أنا المتهمة بالبراءة، والواقعة بين خطوط عيون السوء وشهوة الأولياء. وأنا الحسد المحسود، تشقّقتُ حنيناً إلى حواء التي تناديني من تحت أسداف القرون أنْ هُبّي إلى قرن الغزال. فانتصرتُ على البغضاء، وردمتُ أخاديد قلبي، ولفّعتُه بالوتر المشدود كرمْش العاشق.
أنا المتهادية على غيم الأيام الرامية بذور الكواكب في كل صعيد، الصامتة كحروف الكتب المقدسة التي يتلوها العطاشى في كل طريق.
أحبّني آدم، فأخرجته من جنّتي، لأنه لم يكن أهْلاً لنجومي الحارقة ولإسرافي في الجنون.
وها أنذا على سيف الظمأ، والنهر يجري من تحت أقدامي، لكنَّ الملكةَ لا تنحني!
***
جَمَع أجملَ ما في الغابة، ونسي النار! فاجتاحني البردُ، وأكادُ أبكي من الحُمّى.
لماذا يقدّمون طبق الشّهد الصافي، فأراه وأشمّه، وأكاد أصبّه في جوفي، فيطلقون النّحل في وجهي؟
وكيف لجهنّم؛ هذه النار الصغرى، أن تخيفني وضلوعي تتضوّر بحريق المجرّات!
لقد حَمَّلتني بلقيسُ الصولجانَ وتقاليدَ الصلاة، ونَسِيتْ أن تُعلّمني عِشق الملوك الشعراء.
أذابت خاتمها في سرّتي، وعَرَضت عليَّ التاجَ، فألقيتُه تحت كعبي، ومشيتُ متهادية نحو الشرفةِ، فجاءتني الهداهد برسائل عبّأت حجرتي، وما زلتُ أقرأ البياض في حِبر الهائمين.
أنا الملكةُ التي لن يتّسع لها عَرْشٌ أو طريق، لأن مملكتي الكلام والينابيع واليمام، وكتابي ستحمله الفراشاتُ للحقول والرياح، فأصيخوا السَمْع لتُؤْمنوا بالرسولة القادمة.
وآتوني بكل الأحصنة الوحشية، لتمرّ على ساعدي، لأقداح أوارَها وهي تخترق الجاذبية وخطوات الضوء.
ولا تسحبوا النَّصْل من لحمي! دعوه يبني أعشاشه الحمراء في أعالي خاصرتي. وأنصتوا إلى تلك الساحرة التي ستحرق المدائن بِشَعْرها الذي يترنّح كالأرجوحة الأسطورية بين البيوت! إنهم أرادوا لها الخَرَس والخنوع، وحرموها من الهواء، في حرمْلك العبيد، وآن لها أن تُطهّر الدروب من التجاعيد الفاسدة، ومصاصي الدماء المهذّبين.
واتركوني أتوزّع على حقول البُنّ والتبغ، وأصعدُ كالماء المقطّر في أعصاب القات، لتحرِقَني الأنفاسُ أو أحرقها، فقد مللتُ الانتظار .