|
القضاء الامريكي في خدمة السياسة الاسرائيلية
نشر بتاريخ: 25/02/2015 ( آخر تحديث: 25/02/2015 الساعة: 11:32 )
الكاتب: سمير عباهرة
الحكم الذي أصدرته محكمة امريكية على السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية بدفع تعويضات لضحايا "هجمات فلسطينية" وقعت في إسرائيل يطرح تساؤلات كثيرة حول الاهداف المباشرة للقضاء الامريكي وحول دوره واستقلاليته وحول مدى شرعية هذا الحكم وقانونيته ، وقد درج هناك عرف باستقلال النظام القضائي عن باقي الانظمة داخل الدولة الواحدة وتحديدا في دول المنظومة "الديمقراطية" وكثيرا ما كانت هذه الدول تهاجم وتوجه نقدها الى كثير من الدول وتحديدا الى دول العالم الثالث وتتهمها بتسييس نظامها القضائي عندما تتعارض احكامه مع مصالحها، وكثيرا ما استخدمت ايضا هذه الدول "المغلفة ديمقراطيا" قضائها في خدمة مصالحها السياسية والشواهد والأدلة كثيرة على ذلك حيث وقف في كثير من الاحيان ضد مصالح الشعوب المقهورة والمتطلعة لنيل حريتها واستقلالها.
الولايات المتحدة ومنذ القرار الذي اتخذته المدعية العامة لمحكمة جرائم الحرب "فاتو بنسودا" بفتح تحقيق مبدئي ضد اسرائيل لارتكابها جرائم حرب ضد الفلسطينيين، اعلنت معارضتها لهذا القرار لاعتقادها بأنه سابقة خطيرة ويشكل بداية محاكمة لاسرائيل ومحاسبتها،بل ان واشنطن نددت بالقرار ووصفته بــ "مفارقة مأساوية". وقد اثار هذا القرار مخاوف اسرائيل بإمكانية تقديم دعاوى قضائية ضدها مما دفع برئيس وزراءها بنيامين نتنياهو لمهاجمة قرار المدعية العامة،بل ان وزير خارجيته ليبرمان وصف القرار بأنه "يمس بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها امام الارهاب"، وكان المخطط بنقل المعركة القضائية مع الفلسطينيين الى المحاكم الامريكية. القضاء الامريكي استجاب سريعا لاهداف اسرائيل السياسية بإصدار احكامه في مسألة خارج اختصاصه وتناسى انه يشكل حاضنة للقانون الدولي وحاميا له ومدافعا عنه لنتفاجأ بأنه بقراره هذا قد تخلى عن دوره في المساهمة في حفظ الامن والسلم الدوليين واختار الدفاع عن الدولة التي تدير ظهرها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية وتحتل اراضٍ فلسطينية وتقوم بمصادرة الأراضي وبشكل مخالف للقانون الدولي لتقيم عليها المستوطنات، وبهذا يكون القضاء الامريكي قد وفر غطاء شرعيا لإسرائيل وجرائمها وهذا يتعارض مع الموقف الامريكي المعلن بالدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان وبموقفها الداعي لاقامة دولة فلسطينية. الأمريكية راشيل كوري والمدافعة عن حقوق الانسان، داستها الجرافات الاسرائيلية في مدينة رفح في العام 2003،ولم تصدر ردود فعل امريكية على هذا الحدث ولم يتحرك القضاء الامريكي للدفاع عنها ليصدر احكامه ضد القتلة رغم ان هناك دعوى رسمية اقامها ذويها امام المحاكم الامريكية ولا زالوا ينتظرون الجواب. قرار القضاء الامريكي كان قرارا سياسيا وجاء لحماية المصالح الحيوية لإسرائيل على المدى البعيد حيث جاء متناغما مع المواقف الاسرائيلية وردا على الموقف الفلسطيني بتدويل القضية الفلسطينية وطرحها في مجلس الامن ومحاولة للضغط على القيادة الفلسطينية لتخفيض سقفها السياسي بعد توجهها لنيل عضوية منظمات ومؤسسات دولية كثيرة وتحديدا عضوية محكمة الجنايات الدولية، وجاء القرار أيضا متناغما مع المواقف السياسية الامريكية الرافضة للخطوة الفلسطينية. الولايات المتحدة يقع على عاتقها مسئولية اخلاقية بصفتها الدولة الراعية لعملية السلام في المنطقة وهي التي اطلقت دعوتها لعملية تسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي وكان الاجدر بها ان تقف على نفس المسافة بين الطرفين وعدم الانحياز لإسرائيل لان من شأن ذلك ان يفقدها مصداقيتها ودورها في عملية السلام. هذا القرار سيكون له تداعياته على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مع محاولة الولايات المتحدة لإعادة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الى طاولة المفاوضات لكن الولايات المتحدة اغلقت كافة المنافذ التي يمكن العودة من خلالها ، لكنه بالتأكيد لن يشكل عامل ضغط على القيادة الفلسطينية ولن يكون عاملا مؤثرا في تقرير مصير القضية الفلسطينية ولن يجعل القيادة تتراجع عن مواقفها الرامية لتحقيق المشروع الوطني الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. |