|
المصالحة والوطنية الفلسطينية
نشر بتاريخ: 25/02/2015 ( آخر تحديث: 25/02/2015 الساعة: 12:03 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
على رغم هروب الآمال سيجد الفلسطينيون أنفسهم منشغلين في البحث عن هويتهم الوطنية الجامعة، وسيكتب التاريخ أن حركتي فتح وحماس هما السبب في انشغالهم سنوات طويلة بالبحث عن هويتهم وعن روابطهم الثقافية والجغرافية وآفاقها، والعمل للارتباط من جديد، وسيجدون أنفسهم منشغلين أيضاً بالهم الوطني العام. و ستطرح عليهم الأسئلة، والعمل بشكل فوري للعودة إلى الوحدة الوطنية، التي ينطلقون منها للخروج من الأزمة التي يعيشون تفاصيلها وهمومها يومياً، وستظل تطرح عليهم الأسئلة مجدداً في كل حين وعندما يتطلب منهم أن يبدأوا من الصفر، وكأن قدرهم فشل قياداتهم الذين فقدوا الرؤية والبوصلة بالتوصل إلى إستراتيجية وطنية تعيد بناء ما خسروه، وتعيد بناء هويتهم الوطنية و روابطهم السياسية والثقافية والاجتماعية والتاريخية والجغرافية.
وما العقاب الذي تفرضه اسرائيل على السلطة الفلسطينية والتحذيرات السخيفة من المجتمع الدولي وفي مقدمتهم امريكا بالخشية من انهيار السلطة ما هي إلا تعميق لأزمة الفلسطينيين. فإذا ما تأمل الفلسطينيون حالهم فإنهم سيجدون أنفسهم يعانون ليس من عجز في موازنتهم فقط، بل يعانون من انقسام وانكسارات، ووطن مقسم بسبب بعضهم، وبعض الأخر صامت أو عاجز عن التقدم بخطوات تخلصهم من الحال السيئ، فالجزء "الصالح والمعتدل" الذي وعد الناس بالأمن والهدوء و بالمن والسلوى ما تزال حاله على ما هي عليه، لم يتغير شيء، الاحتلال باقٍ و الاستيطان والتهويد. أما الجزء "المتمرد" الذي يتشبث أصحابه بمشروعهم من دون التراجع خطوات تكسر حال الانقسام والشرذمة وضياع المشروع الوطني، ويتقدمون بنموذج صالح وعدوا الناس فيه بالإصلاح والتغيير والأمن والأمان، ويعاني سكانه الحصار الظالم، والفقر والبطالة والاحتكار وانعدام الحد الأدنى من الحياة، الاحتلال سبب رئيس فيه، وهم سبب أيضاً، من دون عمل شيء يعزز من صمود الناس الذين يعيشون كل يوم تفاصيل البؤس والشقاء والخوف والقلق من القادم المجهول. سيبقى الفلسطينيين يعانون عجز الموازنة والفقر والبطالة والخوف والقلق، وخشية قائمة من عدوان وحرب طاحنة لم تشفى منها غزة، وسيبقى الحصار مفروضاً على قطاع غزة والمعابر مغلقة، ولن ترفع حواجز أو تحد من غول الاستيطان المتعاظم، وسيطول انتظار الفلسطينيين في الوقوف أمام أبواب الدول المانحة، سواء الولايات المتحدة أو دول أوروبا أو الدول العربية الشقيقة التي سيصم قادتها أذانهم حتى من موتهم جميعا، طالما بقوا على حال الانقسام. فالفلسطينيون لن يخلعوا شوكهم إلا بأيديهم، ولن ينفعهم الضغط الأمريكي على إسرائيل بالإفراج عن اموال الضرائب و الإيفاء بالتزاماتهم، ولن يفيدهم صرخات الاستجداء بالأشقاء العرب بالإيفاء بالتزاماتهم، وكسر الحصار، ولا والوعود الأوربية لسد العجز بالموازنة التي سيذهب جزء منها إلى جيوب من امتهنوا الاستجداء وانتظار الوعود بوهم الحل الموعود. وعليهم العودة إلى وطنيتهم الجامعة و روح الشعب الفياضة بالأحلام والآمال والحزن والآلام، وعليهم التكاتف مع بعضهم بعضا للتأسيس لخيارات الشعب المسلوب الحرية، والنبش في الإبداع الحقيقي في مكنوناته الحقيقية، فإذا لم يفعلوا ذلك سيتحملون المسؤولية إذا ما ثار الشعب عليهم ليبرز هويته، لا هويتهم الحزبية والفصائلية الضيقة. فالشعب لن ينتظر تبرير الانقسام وعدم إعادة الإعمار والعجز في الموازنة وحجز اموال الضرائب، والسيطرة على القطاع بالقوة، والحصار والفقر والبطالة والخوف من العدوان القادم، وعلى رغم الصعاب فالشعب هو من سيبحث عن هويته المهددة بالضياع، وسيأتي الفرح ويحطم الشعب من ساهموا ومازالوا في تعزيز الانقسام ومن كانوا سبباً في الانتكاسات والانكسارات التي حلت بمشروعهم الوطني. |