وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

السيول الإسرائيلية تحاصر الفلسطينيين في المغراقة وجحر الديك

نشر بتاريخ: 26/02/2015 ( آخر تحديث: 26/02/2015 الساعة: 14:11 )
غزة - معا - في ساعة متأخرة من ليل السبت الموافق 21 شباط/فبراير 2015 م، أقدم الاحتلال الإسرائيلي على جريمة تضاف إلى سجل جرائمه بحق سكان قطاع غزة عندما فتح أحد السدود الواقعة شرقي القطاع، مما أدى إلى اندفاع كميات كبيرة من المياه تجاه قطاع غزة، وتسبب بغرق عشرات المنازل إضافة إلى مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في المنطقة الواقعة في محيط وادي غزة.

وبحسب إفادات شهود العيان الذين إلتقاهم باحثو مركز حماية لحقوق الإنسان، فإنهم لم يتلقوا أي تحذير أو إشعار من أي جهة كانت بشأن موعد فتح السد المذكور، وأن سلطات الاحتلال قامت من طرفها بفتح السد دون إعلام الفلسطينيين لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي وقوع الأضرار التي لحقت بهم، كما أكدوا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تقم بتحذيرهم قبل فتح السد، وأنهم فوجئوا بمياه السد تجرف ممتلكاتهم وتقتحم عليهم بيوتهم ، منوهين إلى أن هذه المرة الرابعة التي تقوم إسرائيل بتكرار فتح سد المياه المجاور لقطاع غزة خلال بضعة سنوات مما أوحى لاعتقادهم أن إسرائيل تتعمد فتح السد بصورة مفاجئة دون أي اشعار للفلسطينيين، لتلحق بهم وبممتلكاتهم أضرار بليغة.

المسنّة "غالية عبد أبو عمرة" ، التي غمرت المياه طابقين من منزلها وأتت على جميع محتوياته - والذي تعرض لأضرار بليغة خلال عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة صيف 2014 م _ قالت بأنها استيقظت من نومها على صوت هدير المياه التي غمرت منزلهم فجأة وحاصرتهم داخله، ولم تتمكن من الخروج هي وأبنائها -الذي يعاني بعضهم من إعاقات جسدية- إلا بمساعدة طواقم الدفاع المدني.

وقالت المواطنة "عبير نبيل قروط" ، أن المياه بدأت تغمر منزلهم قبل الثانية عشرة ليلا، وأنها لم تتمكن من الخروج إلا بعد حضور طواقم الدفاع المدني مصطحبة معها جرارا زراعيا وسفينة صيد صغيرة "حسكة" دخلوا بها إلى منزلهم الغارق بمياه السيول، وأخرجوا الأطفال أولا ثم النساء.

المواطن "وحيد يوسف عايد"، الذي غادر منزله مع سماعه أخبار فتح السد للانتقال للعيش في مركز الوفاء الطبي الذي خصص للنازحين من السيول قال: إنه اضطر لإجلاء أبناءه عن المنزل بعد أن غمرته السيول عبر حصان، مؤكدا أن كل الأجهزة الكهربائية تضررت بسبب دخول المياه لمنزله. 
 
وتروي المواطنة "نجوى عواد الفيشاوي" ، أن الدفاع المدني حاول إجلائهم قبل وصول السيول لمنزلهم غير أن الوقت لم يسعفهم، حيث اندفعت المياه إلى الداخل بمجرد فتحهم باب البيت الذي تعيش فيه مع 17 شخص من أفراد عائلتها، مما أدى إلى تضرر منزلهم إضافة إلى مزرعة للدواجن خاصة بهم وحانوت لبيع المواد الغذائية.

يقول الضابط في جهاز الدفع المدني "عصام الصالحي" أن السيول بدأت بالاندفاع في حوالي الساعة 11:30 من مساء السبت، وقامت طواقم الدفاع المدني على إثرها بالنداء على المواطنين عبر مكبرات الصوت لإخلاء منازلهم فورا، وبعدها قامت بعمليات إنقاذ للمنازل التي غمرتها السيول باستخدام سفن صيد صغيرة "الحسكات" ، ليتمكنوا من إنقاذ 30 أسرة ممن داهمتهم مياه السد، مشيرا إلى أن المياه ابتلعت المنطقة بأسرها بعد ارتفاع منسوبها بشكل كبير.

"يوسف أبو هويش" رئيس بلدية المغراقة - البلدة الأكثر تضررا جراء اندفاع مياه السد - أكد أن مياه السيول كانت قد غطت المنازل المجاورة للوادي، وأن طواقم الدفاع المدني قامت بإخلاء النازحين عن منازلهم إلى مقر الدفاع المدني ومسجد التقوى ، قبل أن تتم إعادة نقلهم إلى مراكز إيواء.

وذكر هويش أن عمليات حصر الأضرار الناجمة عن السيول لا زالت مستمرة، وأن الحصيلة الأولية تبين غرق مزارع للدجاج وموت عدد من المواشي ، ومن قبل تضرر العديد من المنازل وتلف ما فيها.

يتضح من خلال شهادات الشهود - الموثقة لدى مركز حماية لحقوق الإنسان- من المتضررين بأن سلطات الاحتلال فتحت السد في ساعة متأخرة من الليل رغم علمها بتواجد المواطنين داخل منازلهم، وأنها تقصد مباغتتهم وهم نيام بكميات الماء الهائلة التي اندفعت من السد لتغرق كل شيء في طريقها.

وقال المركز إن فتح إسرائيل للسدود المائية المحاذية لقطاع غزة دون سابق إنذار يعطي انطباعا بأنها تتعمد الإضرار بسلامة المواطنين وصحتهم لما تحمله السيول الجارفة من مواد ملوثة في طريقها خاصة النفايات ومياه الصرف الصحي وهو ما يعد انتهاكا لنص المادة (56) لاتفاقية جينيف الرابعة التي توجب على الاحتلال اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة في المناطق المحتلة والمادة (32) من اتفاقية جينيف الرابعة التي تحظر القيام بأي تدابير من شأنها التسبب في معاناة بدنية أو إبادة للأشخاص المحميين.

وأضاف أن قيام إسرائيل بإغراق منطقة وادي غزة يعتبر عقابا جماعيا في سلسلة طويلة من العقوبات الجماعية التي انتهجتها إسرائيل ضد قطاع غزة كان أبرزها الحصار المضروب على القطاع منذ أكثر من 8 سنوات ، وهو ما يشكل مخالفة لنص المادة (33) من اتفاقية جينيف الرابعة التي تحظر العقوبات الجماعية.

وقال إن قيام إسرائيل بتعريض حياة السكان المدنيين للخطر فضلا عن تدمير ممتلكاتهم قد يرقى إلى اعتباره جريمة "إبادة جماعية" من خلال فتح السد وإغراق السكان وممتلكاتهم بالسيول وإلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بهم ، فضلا عن إخضاعهم عمدا لأحوال معيشية تؤدي إلى إهلاكهم كليا أو جزئيا، كما يعتبر من الأعمال أللإنسانية الحاطّة بالكرامة، وهو ما يشكل مخالفة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .