نشر بتاريخ: 12/03/2015 ( آخر تحديث: 12/03/2015 الساعة: 16:42 )
رام الله -معا - نظم معهد الحقوق في جامعة بيرزيت، سلسلة لقاءات قانونية في الضفة الغربية وقطاع غزة حول قوانين الإيجار وتمليك الطوابق والشقق؛ بهدف الوقوف على الأبعاد القانونية والاجتماعية وعلاقتها بحماية المستهلك، بحضور نخبة من القانونيين والمحامين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني.
وعقد اللقاء الأول في الضفة الغربية تحت عنوان الطوابق والشقق: إشكالية القروض البنكية والجوانب القانونية لحماية المستهلك؛ بهدف إلقاء الضوء على الإشكاليات التي تعتري عمليات التمويل المصرفي (البنكي) لمشاريع الإسكان في فلسطين، والإشكاليات القانونية المرتبطة بحماية المستهلك في هذا المجال. تحدث في اللقاء الخبير الاقتصادي والمصرفي الأستاذ بشارة دباح، وأستاذ القانون التجاري في كلية الحقوق– جامعة بيرزيت الدكتور محمود دودين.
وافتتح اللقاء الدكتور غسان فرمند القائم بأعمال مدير معهد الحقوق، مرحبًا بالمتحدثين بالحضور مشيرًا في الوقت نفسه إلى أهمية موضوع اللقاء وآملًا تحقيق أكبر قدر ممكن من التفاعل والمشاركة بالآراء. بخاصة أنه يأتي في ظل تزايد احتمالات حدوث إشكاليات كبرى تتعلق بالتمويل العقاري في المرحلة القادمة.
واستهل الأستاذ بشارة دباح اللقاء بعرض حول إشكاليات القروض البنكية لمشاريع الإسكان في فلسطين. والذي ركز فيه على المخاطر والعقبات التي تقف أمام الأفراد عند رغبتهم بشراء عقارات بتمويل بنكي. فأشار في هذا السياق، إلى جملة من المؤثرات التي تلقي بظلالها على عملية التمويل العقاري ككل، والتي تترك بدورها؛ أثرًا بالغًا على طريقة معيشة المواطنين وخياراتهم، وبخاصة من كان منهم مستهلكاً في المجال العقاري. وأضاف أن أي أزمة عقارية على غرار تلك التي حصلت في الولايات المتحدة أواخر العام 2007، سيكون لها أثر على انخفاض قيمة العقار، وما يستتبع ذلك من إشكالية حول قيمة الأقساط المستحقة. وأشار إلى أن التسهيلات البنكية والمبنية على سياسة سلطة النقد في هذا المجال، قد سهلت الحصول بشكل كبير على العقارات، وأدت في الوقت نفسه إلى ارتفاع أسعار هذه الأخيرة بشكل كبير.
وقدم دباح مجموعة من الخيارات المتاحة أمام المستهلك من أجل تفادي العقبات المستقبلية في مجال التمويل العقاري، والتي ساعدت في بلورتها السلطات المختصة "سلطة النقد" من خلال تحديدها قيمة نقدية دنيا يجب أن تكون بحوزة الموظف الساعي إلى التمويل العقاري من البنك.
هذا واستعرض المتحدث طرق شراء عقارات السكن في فلسطين، مبينًا محاسن ومساوئ كل طريقة؛ فأشار إلى أربع طرق رئيسية في هذا المجال، الشراء المباشر وغالبًا ما تتم على العقارات غير المسجلة وهي أكثر الطرق خطراً، وطريقة التمويل العقاري غالبًا ما تكون على العقارات المسجلة، ويكون العقار مرهون للبنك ومسجل باسم المشتري، وطريقة القرض الشخصي، والتي من أهم سماتها نسبة فائدة عالية، ومدة السداد قصيرة، وتعدد الكفلاء. والطريقة الأخيرة؛ طريقة التمويل الإسلامي أو الإجارة المنتهية بالتمليك. كما استعرض الأنواع المختلفة من الفائدة؛ الثابتة والمتغير والقابلة للتغير، مسديًا نصيحة للأفراد الراغبين بالتمويل العقاري باللجوء إلى الفائدة الثابتة في هذا المجال.
من جانبه، تحدث الدكتور محمود دودين، حول الإشكاليات القانونية التي تعتري حماية المستهلك في مجال التمويل العقاري، مشيراً في هذا السياق، إلى ضعف المنظومة القانونية الفلسطينية في توفير الحماية المطلوبة للمستهلك في جميع مراحل التعاقد، بدءًا من المرحلة الأولى حيث يلزم توفير رأس المال اللازم للأفراد للحصول على حقهم في السكن، في المرحلة الوقائية والتي يلزم فيها توفير أكبر قدر من المعلومات حول العقارات، وفي مرحلة التعاقد من حيث تمكين المستهلك من التفاوض وفرض الشروط، مستشهداً في هذا الإطار، بالعديد من تجارب دول الاتحاد الأوروبي التي منحت المستهلك في المجال العقاري جانب كبير من الحماية القانونية.
واستعرض دودين تفصيلًا العديد من الإشكاليات في مجال التمويل العقاري وحماية المستهلك، منها إشكالية أنواع العقارات، الأمر الذي أفرز محدودية الأراضي المسجلة وارتفاع أسعارها، وبالتالي، التأثير السلبي على الخيارات المتاحة أمام المستهلك العقاري، وأشار هنا إلى الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا الفلسطينية في التعامل مع قضايا حماية المستهلك في مجال العقارات بشكل عام، وأضاف بأن لجنة التسجيل المجدد التي استحدثها مجلس القضاء الأعلى على خلاف أحكام القانون، سوف تؤدي مستقبلًا إلى نزاعات تقوض الحماية القانونية للمستهلك العقاري، إذا ما تم النظر إلى بطلان أعمالها كونها مشكلة على خلاف القانون. كما أن الأراضي ذات الملكية الشائعة "على الشيوع"، تخلق من -وجهة نظر المتحدث- إشكالية أخرى في مجال حماية المستهلك، إذ إن البنك غالبًا ما يتجنب منح القروض على أموال شائعة. وأضاف إلى هذه الإشكاليات؛ إشكالية التنظيم والبناء، إشكالية التشريعات المالية، ودورها في تقويض حماية المستهلك في مجال التمويل العقاري.
وأكد دودين على أن قانون تمليك الطبقات والشقق، لا يقدم حلاً واضحاً للمشكلات المترتبة على عدم تسجيل الأراضي، وأضاف أن هذا القانون ركز على جوانب نقل ملكية العقار أكثر من تركيزه على جوانب إدارة العقار، فهو لم ينص على صلاحيات للجنة التخطيط والأبنية تتخذها في مجال إدارة العمارة، مما قد يشكل خطراً على حق المستهلك.
وفي ختام اللقاء جرى طرح العديد من الأسئلة والمداخلات من جانب الحضور. تمحورت في مجملها على ما يجب أن تكون عليه التشريعات الفلسطينية من حيث توفيرها للحماية القانونية للمستهلك في مجال التمويل العقاري.
وعقد اللقاء الثاني في قطاع غزة بعنوان "قانون إيجار العقارات في غزة: الأبعاد القانونية والاجتماعية"، افتتحت اللقاء الأستاذة لينا التونسي– منسق أعمال معهد الحقوق في غزة، مرحبة بالمتحدث والحضور ومعرفة ببرنامج لقاءات بيرزيت القانونية، ومؤكدة على أهمية عقد مثل هذه اللقاءات القانونية في إطار رؤية ورسالة معهد الحقوق وقيمه المتبناة في مجال تعزيز سيادة القانون وتقوية النظام القانوني الفلسطيني.
بدوره استهل الأستاذ غسان القيشاوي محامي العيادة القانونية في نقابة المحامين الفلسطينيين، مداخلته بالحديث عن تاريخ تشريعات الإجارة في قطاع غزة منذ العهد العثماني إلى يومنا هذا وتأثير الظروف السياسية والاقتصادية التي رسمت العلاقة ما بين المالك والمستأجر.
ثم تطرق القيشاوي للتعريف بقانون رقم (5) لسنة 2013 بشأن إيجار العقارات الصادر في قطاع غزة الذي ترتب عليه إلغاء بعض التشريعات السارية الموروثة عن الحقبة الانتدابية والأردنية مشيرًا إلى أن هذا القانون تضمن أحكام قانونية تقضي بوجوب تسجيل عقود الإيجار لدى الهيئات المحلية، متأثرًا بذلك بالتشريعات الموروثة عن الحقب السابقة.
كما أكد على أن القانون سابق الذكر احتوى في ثناياه على نصوص قانونية تلزم المستأجر بإخلاء العقار بعد انتهاء مدته، بالإضافة إلى إلزام المستأجر بإخلاء العقار قبل انتهاء فترة الإيجار في حال عدم التزامه بأداء الإيجار بموعده، الأمر الذي قد يستتبع بعض الإشكالات القانونية والاجتماعية والتي ستظهر على أرض الواقع عند تنفيذ القانون. منوهًا إلى بعض نصوص القانون خلقت نوع من التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر وفي مواقع أخرى جاءت نصوص القانون بأحكام تعسفية بحق المستأجر.
واختتم اللقاء بطرح مجموعة من المداخلات والتوصيات من قبل الحضور كان من أهمها أن هذا القانون يؤخذ عليه عدم مراعاته لفئة المستأجرين عمومًا، ولأغراض السكن خصوصًا، ومن هنا كان يتوجب على هذا القانون أن يوائم كافة شرائح المجتمع بما يحقق العدالة الاجتماعية.
يذكر أن فعاليات هذه اللقاءات نظمت بدعم مؤسسة كونراد أديناور الألمانية- رام الله