نشر بتاريخ: 12/03/2015 ( آخر تحديث: 12/03/2015 الساعة: 20:51 )
اعادة التدوير مصطلح يعني اعادة تشكيل النفايات الصلبة ليعاد استخدامها من جديد، وإعادة التدوير لا يتم الا لمواد استفذ استخدامها ولم تعد صالحة، وهذا ينطبق سياسيا على حل الدولتين، عشرون عاما من المفاوضات وبيع الاوهام للشعب الفلسطيني والمراهنة على حصان خاسر انجلت عن فشل ذريع، فشلت المفاوضات ، والاهم انه ليس من فشل هو المفاوض ذاته ولا اُسلوب المفاوضات وإنما الذي فشل هو الفلسفة التي قامت عليها المفاوضات، ببساطة شديدة استندت اسرائيل في مفاوضاتها الى ميزان القوى الذي يميل بشكل صريح وواضح لصالحها، واعتقدت ان ميزان القوى هذا يعطيها الفرصة والإمكانية والحق لابقاء القدس عاصمة لها، السيطرة على الاغوار، وكذا الحدود والمعابر والمجال الجوي والمياه ، وابقاء المستوطنات ، وعدم التعاطي مع موضوع اللاجئين، وأكثر من هذا مطالبة الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة ، وما تبقى بعد ذلك ياخذه الفلسطينيين ويسمونه دولة فلسطينية !!!!!!! ولم لا ؟!! ميزان القوى يعطي اسرائيل ذلك.
الفلسطينيون انطلقو من مفهوم العدالة النسبية ، اخذين في الاعتبار ميزان القوى طبعا ولكن في ذات الوقت اخذين في الاعتبار بعض من العدالة وبحدها الأدنى ، هذا جعلهم يعتبرو ان دولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ ، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار ١٩٤ ، هذا هو الحد الأدنى المقبول فلسطينيا . ان الهامش الكبير بين فلسفتي الطرفين في المفاوضات كانت ستؤدي حتما للفشل ، لهذا كان الفشل تحصيل حاصل وحتمية لمفاوضات كهذه .
الذي لا يقوله الفلسطينيين وخاصة النخبة المفاوضة ان فلسفتهم للمفاوضات غير محصنة بما بكفي لتحقيقها في ظل المعادلة الإقليمية والدولية ، فالطرف الأهم وهو الامريكي ينحاز وبشكل مطلق للموقف الاسرائيلي ويبحث عبر المفاوضات للمخارج للطرف الفلسطيني للقبول بالموقف الاسرائيلي ، اما الوضع الإقليمي فهو متهافت للحل لفتح الطريق امام تحالف اسرائيلي في وجه الخطر الإيراني ، ويعتبر بقاء المسألة الفلسطينية عالقة عقبة في وجه هذا التحالف ، لهذا فهو يمارس اللامبالاه احيانا والقناع الهادئ حينا للطرف الفلسطيني لدفعهم لحل باي ثمن .
هنا نصل الي بيت القصيد ، ان حل الدولتين قد فشل قبل ان يبدأ ، وفشله في سياق الظروف التي واكبت المفاوضات حتمية مؤكدة ، اضافة لهذا فات التطورات على الارض قد اوصلت الوضع الى استحالة الفصل لتحقيق حل الدولتين ، فالتداخل السكاني ، وارتباط كثير من العناصر بعضها ببعض كالمياه ، البيئة ، تداخل الحدود ، القدس ، انفصال الضفة عن غزة والحاجة لممر اسرائيلي ، كل تلك وغيرها ظروف لا تمكن حل الدولتين من الإقلاع ، والاهم ان اللاجئين الذين لن يعيدهم حل الدولتين سيكونو قنبلة موقوته لتفجير هذا الحل في اي وقت تتغير موازيين القوى ، بمعنى ان حل الدولتين اصبح سياسيا ووقعيا وافق مستقبلي معدوم الإمكانية ، وباتت المراهنة عليه ضرب من المراهنة على الاوهام .
هذا ليس الموضوع ، الموضوع الأساس ، ما عسى المجلس المركزي الذي سينعقد خلال بضعة ايام ان يقرر امام هذا الوضع ؟؟!!!! ان تجاهل هذا الموضوع هو نوع من الهروب من الحقائق ، والهروب من الحقيقة لا يلغيها ، اما اعادة تدوير المراهنة على حل الدولتين هو اعادة انتاج للفشل ذاته الذي نواجهه الان ، ان تغيير أدوات الحل مع الإبقاء على أسس هذا الحل هو مراوحة مكانية واجترار الخيبة والاحباط.
ان المطلوب من المجلس المركزي ان يجيب على : ما هي الاستراتيجية الفلسطينية للمرحلة التالية على اعتبار اننا وصلنا الى مرحلة فشل استراتيجية وأدوات وووسائط حل الدولتين ، ولا معنى مطلقا لإعادة العمل لهدف قد فشل وبأدوات اخرى مختلفة ، والذي يعتقد ان قرار من مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطينية في الضفة والقطاع وتحديد فترة زمنية للمفاوضات قد يغير شيئا عليه ان يتذكر ان اسرائيل لا زالت بفعل التحالف الامريكي خارج سياق القانون الدولي ، مع تفهمنا بان المعركة على الساحة الدولية تعتبر تراكم نضالي جيد احداثه ولكن دون الركون اليه لإجراء متغيرات دراماتيكية.
المسألة الاخرى ان المتغيرات في التحالف الامريكي الاسرائيلي هي متغيرات استراتيجية ناشئة من تلاشي الدور الوظيفي لإسرائيل ومن الرؤى المختلفة للمتغيرات في الإقليم ، ولكن حتى يؤتي هذا المتغير أكله نحتاج لسنوات طوال ، وسيكون لهذا المعطى تأثيره العميق ولكن على المدى البعيد وليس الآني.