|
الترقيم يُقلل التهريب
نشر بتاريخ: 21/03/2015 ( آخر تحديث: 21/03/2015 الساعة: 11:20 )
الخليل - تقرير معا - الارتفاع المضطرد بأعداد المصابين بالحمى المالطية، في الضفة الغربية منذ بداية موسم هذه الحمى، (130) حالة بحسب الدكتور أسعد الرملاوي مدير عام الرعاية الاولية والصحية في وزارة الصحة -حتى ساعة إعداد هذا التقرير- هذا الارتفاع دفع بوزارة الزراعة والصحة والضابطة الجمركية لتشكيل لجنة مشتركة هدفها التعامل مع هذه الظاهرة، والحد من عمليات تهريب المواشي -سليم ومريض- من داخل اسرائيل.
أتيح لمراسل معا في الخليل، محمد العويوي، مرافقة الضابطة الجمركية ووزارة الزراعة في جولة ميدانية شملت السفوح الشرقية الجنوبية لمحافظة الخليل، حيث تكثر عمليات التهريب في هذه المنطقة، التي تقدر مساحتها بنحو 350 كيلو متر مربع. ووفقاً للدكتور الرملاوي:" مع بداية موسم الربيع تنتشر امراض الحمى المالطية خاصة في جنوب الخليل وبيت لحم (اكثر المناطق التي ينتشر فيها تربية المواشي) لعدم تطعيم بعضها ضد المرض، فضلا عن عمليات تهريب المواشي من اسرائيل الى مناطق الضفة". وسجلت وزارة الصحة في العام 2014 اصابة نحو 400 مواطن بمرض الحمى المالطية، 60% منها في الخليل و15% في بيت لحم و25% في بقية المناطق الفلسطينية. الجولة الميدانية والتي أشرف عليها مدير الضابطة الجمركية في محافظة الخليل الرائد عبد الكريم البسايطة، وبمرافقة مدير الضبط القضائي في وزارة الزراعة محمد هدى الأسمر، وبحضور ممثلين عن مديرية زراعة يطا، هدفت بالدرجة الرئيسية للتعرف على اماكن تهريب المواشي ووضع خطة لمكافحة التهريب، من خلال اللجنة المشتركة. الجولة بدأت من منطقة عرب الكعابنة والجهالين الصرايعة ومناطق الرشايدة ومسافر بني نعيم، والرواعين وواد الغار وخشم الدرج ومسافر يطا والمنيزل والمفقرة ومغاير العبيد، وخشم الكرم وأم الدرج وطويل الشيح وتجمعات سكانية كثيرة لا يمكن معرفة متى تبدأ حدود هذه التجمعات ومتى تنتهي، حتى يُخيل لك بأنك تسير في سفوح الكرك الأردنية خاصة اذا كان جهاز تحديد المكان على هاتفك المحمول قد ارسل رسالة يُخبرك فيها بأنك متواجد في الكرك، كان آخر تلك التجمعات التي وصلنا اليها تجمع الدقيقة وهي أقرب منطقة الى بئر السبع. الدقيقة الأقرب لحدود 48 من هذه المنطقة تبدأ عمليات التهريب - الدقيقة- حيث تتداخل حدود (48) مع حدود (67) ولا يمكن لأي شخص التمييز بين سكان هذه المنطقة ومواشيهم فالمراعي واحدة وأماكن السقاية واحدة، وتتحرك قطعان الماشية بين هذه الحدود بحرية تامة، على الرغم من الوجود المكثف في بعض الاحيان لقوات الاحتلال الاسرائيلي، هذا ما ذكره الرائد البسايطة. الرائد البسايطة يعرف الكثير عن تلك المناطق كونه ولد وترعرع في أحضانها، وكما قال:" ولدت هنا وقبل التحاقي بجهاز الضابطة الجمركة كنت اقوم برعاية المواشي في هذه المناطق". وخلال توجهنا الى السفوح الشرقية الجنوبية لمحافظة الخليل، طلب الرائد البسايطة من سائق سيارة وزارة الزراعة "عبد" بأن يتولى هو قيادتها، كونه ابن المنطقة، وخلال الجولة شعرنا بأننا نسير على طريق سهل رغم وعورة المنطقة وكثرة الحفر بفعل الامطار الجارفة، حتى أن "عبد" علق على سياقته بالقول:" تسير وسط وعورة المنطقة وكأنك تسير على طريق مُعبد". وفي نهاية الجولة التي استمرت نحو 6 ساعات، قال لنا الرائد البسايطة:" لقد شاهدتم بأعينكم بان المنطقة مفتوحة وشاسعة، ولا يمكن السيطرة عليها بسهولة، خاصة وأن هذه المناطق تقع تحت السيطرة الاسرائيلية مناطق (C)، وعلى الرغم من ذلك فقد تمكنا في الضابطة الجمركية من ضبط الكثير من شاحنات التهريب والتي تحوي على بضائع فاسدة وحيوانات من إنتاج المستوطنات الاسرائيلية المنتشرة في المنطقة، وكان بضمنها ضبط 4 بقرات مصابة بالحمى القلاعية كانت قادمة من مستوطنة اسرائيلية الى أسواق مدينة الظاهرية". وتابع في حديثه:" من خلال حرص الضابطة الجمركية على حماية الأمن الاقتصادي والأمن الغذائي، نحن على أهبة الاستعداد بناء على تعليمات من قيادة الجهاز وعلى رأسه العميد إبراهيم الجزرة، لمد يد العون والمساعدة لأي جهة رسمية كانت أو أهلية للحفاظ على سلامة وصحة مواطننا أغلى ما نملك". من جانبه قال الأسمر:" ما دفعنا للقيام بهذه الجولة، هو نتائج الفحوصات المخبرية التي تجرى على المواشي المهربة بأنها مصابة بمرض الحمى المالطية، من خلال الجولة تبين أن المنطقة شاسعة جداً وتتشابك مع بعضها البعض، ولا يوجد خطوط أو حدود بين (48) و(67) ولا يوجد فرق بين المواشي الفلسطينية أوالموجودة في (48) ومن الصعب التمييز بينها وهي خاضعة لسيطرة الاسرائيلية في كلا الطرفين (48) و(67)". وزاد في حديثه:" عملية ضبط التهريب في المنطقة بحاجة الى جهد كبير وتضافر كافة المؤسسات للعمل سوية، كما أننا بحاجة الى الكادر للمتابعة والمراقبة والضبط، وقد نصل الى هذا اليوم من خلال مشروع ترقيم المواشي الذي بدأنا به في وزارة الزراعة قبل 4 أشهر ويستمر حتى نهاية العام الحالي حيث نأمل بأن يتم ترقيم كافة المواشي في فلسطين. الترقيم من السهل على اللجة المشتركة -وزارة الزراعة ووزارة الصحة والضابطة الجمركية- ترقيم المواشي داخل المدن والبلدات والقرى، لكن من الصعب ان تتم عملية ترقيم المواشي خاصة في مناطق مسافر يطا ومسافر بني نعيم، خاصة إذا رفض صاحب القطيع ترقيم مواشيه. وأشار الأسمر، الى أن عدداً من مربي المواشي لا زالوا يرفضون ترقيم مواشيهم، وقد يسبب ذلك تأخر الانتهاء من مشروع الترقيم، وفي هذا السياق أوضح الدكتور الرملاوي:" مشروع الترقيم سيعمل على الحد من عمليات تهريب المواشي للسوق الفلسطيني، ويتيح لجهات الاختصاص سواء في وزارتي الزراعة والصحة القضاء على المواشي المهربة وحماية سلامة وصحة المواطنين". وخلال جولتنا شاهدنا عدداً من رعاة الاغنام يقومون برعاية الاغنام، وقد أخبرني أحد السكان المحليين بأن عدد قليل من رعاة الاغنام في (48) يقومون برعي أغنامهم داخل (67) كما أن بعضاً من رعاة الاغنام في (67) يقومون برعي أغنامهم داخل (48)، ومشيراً الى أنه شاهد عمليات تهريب أغنام من داخل اسرائيل الى الضفة الغربية. ولدى سؤال الأسمر عن عدد المواشي المهربة الى الضفة الغربية، قال:" لا يمكن التكهن بأعداد المواشي المهربة ونحن في وزارة الزراعة لا نملك الاعداد، كون عمليات التهريب تتم بعيداً عن الاعين". النقطة الأردنية تشرف على كل المنطقة قادنا الرائد البسايطة الى جبل يُشرف على منطقة شاسعة، وفوق هذا الجيل لا زالت آثار النقطة التي كانت تتبع للجيش الأردني حتى العام 1967، رابضة في مكانها تراقب عن كثب كل ما يدور، يمكنك أن ترى من مكانك هنا، جبال الكرك والأغوار الاردنية والفلسطينية، وإن توفر الأمن واصبحت هذه المنطقة تحت سيادة دولة فلسطين، فقد يتمكن المستثمرون في الاستثمار هنا وبناء منتجع سياحي. غزالين وخلال الجولة التي كنا نقوم بها، تفاجئنا بوجود غزالين في منطقة جبل طويل الشيح، حيث كانا يأكلان العشب الاخضر، وما ان ترجلنا من السيارة حتى هربا دون ان ندركهم، كان من الجيد ان نرى هذين الغزالين ينعمان بالدفء والعشب الأخضر. تقرير: محمد العويوي |