|
الاستراتيجية الجديدة للموقف السياسي الفلسطيني
نشر بتاريخ: 24/03/2015 ( آخر تحديث: 24/03/2015 الساعة: 13:23 )
الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات
قادت العديد من الصراعات الداخلية والخارجية الكثير من الدول الى تغيرات كبرى في مواقعها وتغير خارطتها الجغرافية والديمغرافية وتوزعت ادوارها السياسية ومواردها الاقتصادية وثرواتها البشرية وتصفية امكانياتها العلمية وترابطها المجتمعي ، نتيجة لسياسة الاحتكام الى لغة السيطرة والقوة والتحكم بالمتناقضات وأصبح طريق حلها مستعصيا داخليا لتدخل قوى اقليمية ودولية ونوعيات جديدة من السياسيين الجدد لعدم معرفتهم باللعبة السياسية والتناقضات والتوازنات الاقليمية والدولية قديما وحاضرا ومستقبلا.
ولان اصحاب الحكمة والمعرفة البصيرة من كبار الساسة في محيطنا الداخلي الفلسطيني والخارجي العربي وان اختلفنا او اتفقنا معهم بسياساتهم عرفوا تلك الاهداف مبكرا وتحسبوا لها وكانوا يتماشون مع بعض السياسات التي تفرض عليهم حتى لا تصل الامور الى ما وصلت اليه ، الامر الذي ادى الى هندسة صراع جديد يقود الشعوب العربية بالاصطدام المباشر مع رؤسائهم وحكوماتهم بما يسمى الربيع العربي والتي تخدم مشاريع مهندسي تلك المشاريع من الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية واللاعب الرئيسي في ملعب انشاء الصراعات وتغذيتها الاحتلال الاسرائيلي ، وقادت تلك الدول مخططات وصول بعض التيارات المتشددة وصاحبة الافق الضيق الى سدة الحكم او دعمهم لمحاولة السيطرة على الحكم بقوة السلاح لتخدم الاستراتيجية العليا للدول الداعمة لهم في مرحلة معينة لخلط الاوراق الداخلية ، الامر الذي ادى الى تدمير مكونات ومقدرات وبنية وتاريخ والحضارة التي بنيت عبر التاريخ كما حصل ويحصل في العراق ،لبيبا ،فلسطين ، تونس ، سوريا ، لبنان ، السودان ، الصومال ، مصر ، البحرين ، اليمن ، بالإضافة الى الاخطار التي تحدق بدول الخليج من العراق واليمن والبحرين التي تدعمهم الجمهورية الايرانية والمغرب العربي لقربهم لاماكن الصراعات الدائرة والمملكة الاردنية الهاشمية للتغير الديمغرافي السكاني النازح من دول الجوار نتيجة الصراعات والحروب الداخلية بشقيها السياسي والطائفي. ولان الحكمة السياسية لإدارة الصراعات الداخلية غائبة والبصيرة في حلها عمياء لبعض الاتجاهات السياسية في تلك البلدان التي ترفض الحوار الداخلي وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه بين المتناحرين في بعض الدول او بين من يفرض امرا واقعا ويتحدى سلطة الشعب الذي اختارته يوما قادت التمسك بمواقفهم المرتبطة سياسيا اقليميا ودوليا الى حروب داخلية مشتعلة عسكريا وتشكل نوعا جديدا من التفكير السياسي الصبياني السطحي ووضع علامات كبرى على مستقبل شعوبهم ودولهم . والشعب الفلسطيني الذي حقق انتصارات معنوية كبيرة ومصيرية عبر تاريخ نضاله الطويل اتخذ سياسات جديدة عبرت عنها في جملة القرارات التي اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والقرارات الذي اتخذها الرئيس "محمود عباس" والذي وضع حكومة الاحتلال الاسرائيلي والدول الداعمة له ، موقع الدفاع لتغير بعض الدول مواقفها المتشددة اتجاه وجود حل يقود الى اقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وفق القرارات والمرجعيات الدولية وخاصة قرار 242 - 338 ، الذي يمثل في جوهره الجديد للسياسة الفلسطينية على مزيج من الهجوم الدبلوماسي الحكيم وفق منهجية تعتمد تنفيذها على مراحل تقودها الظروف المؤاتية لصالح القضية الفلسطينية باسترجاع القضية الفلسطينية الى اولويات اجتماعات هيئات الامم المتحدة ومجلس الامن والسياسات الخارجية لمعظم دول العالم ، ولكن تبقى المعركة السياسية والشعبية ما تزال مستمرة مع الاحتلال الاسرائيلي . بالرغم من النجاحات التي احرزت على ملف الدبلوماسية الفلسطينية والخطوات السياسية التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة السياسية ، وبدون الدخول بالتفاصيل ، مع وضع اولوية الى الوضع الداخلي التي لا ينبغي لها ان تشغل عن الغابة العميقة خلفها ، فحالة الجمود في تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية وعدم اعطاء حكومة التوافق الوطني حريتها في تسير اعمالها في المحافظات الجنوبية والتي تعتقد بعض الاطراف في تلك المحافظات انه يمكن التعايش مع الواقع الذي فرض منذ العام 2006م ، باعتبار ان الخطر يحدث في الاطراف غير ابه الى ان القلب متعب وغير مستقر ولا يعيش ايام طيبة ،ويحتاج لتحصين اوردته وعضلاته الداخلية والى انكشاف لا يشغلنا عن حقيقة الصراع القائم مع الاحتلال الاسرائيلي وهي قائمة ومستعرة ، ولها ثمن فادح دفعه الشعب الفلسطيني والكثير من قياداته ، وما لا يقل خطورة عن هذا وذاك ان الانقسام وسياسة الفصل بين شطري الوطن التي تلمح اليها بطريقة غير مباشرة بعض الاطراف السياسية اصبحت نقطة ابتزاز جديدة للقيادة وللشعب الفلسطيني ولا يحل هذه المعضلة الا وجود استراتيجية وطنية عليا تقوم على تنفيذ اتفاق المصالحة مبني على اساس الوثائق والمبادرات وقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الذي دعى الى الالتزام بتنفيذ اتفاق المصالحة ، وإذا تعذر ذلك مشاركة او تشكيل تحالف عربي اسلامي من جامعة الدول العربية ومنظمة العالم الاسلامي يقوم على اساس الالتزام الامين لتنفيذ على ما تم الاتفاق عليه وتقوم بواجباتها بفرضه لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وإعادة الوطن الى حضن الشرعية من خلال صندوق الانتخابات . وبصراحة القول ان المجتمع السياسي الفلسطيني لم يكن لديه استراتيجية للمواجهة المباشرة دبلوماسيا وبشكل مفتوح مع المحيط الاقليمي والدولي في وقت سابق كما في هذه المرحلة ، لان تلك الدول لم تعتمد استراتيجية لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للدولة الفلسطينية كما حدثت مع كثير من دول العالم على تنفيذ قرارات مجلس الامن والأسرة الدولية لإنهاء قضية معينة ، والذي مثل له الغطاء للاستمرار في احتلاله ومصادرة الاراضي وبناء المستوطنات وتوسيعها بالإضافة الى الانتهاكات والاعتداءات اليومية بحق الشعب الفلسطيني ، من هنا يتوجب العمل جماهيرياً ، فصائيلياً ، نقابياً ، اجتماعياً ، مؤسساتياً ، افراداً ، وجماعات منظمة هدفها دعم المصالحة الفلسطينية ، وحكومة التوافق الوطني ، وتحصين الجبهة الداخلية والاعتماد على برنامج سياسي ونضالي متفق عليه يأخذ بالاعتبار التغيرات الاقليمية والدولية والتوقيت المناسب ، وتشكيل موقف عربي اسلامي ودولي قادر على التأثير للتحرك وتعطي رسالة لمن يهمه الامر ان استمرار وضع الاحتلال الاسرائيلي لأراضي الدولة الفلسطينية لن يكون مقبولا على الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية خاصة وعلى الشعوب العربية والإسلامية وقياداتهم السياسية عامة ، وان المنطقة مشتعلة بالرغم من تبعثر اهدافها الداخلية والخارجية ، ولكن ستزيد من اشتعالها وتتوحد التوجهات والاستراتيجيات اتجاه القضية الفلسطينية ان فقد الامل لان التاريخ لا يعيد نفسه بالطبع ولكن على الاقل تبقى حروفه وتبقى الدروس الفلسطينية باقية لفترة طويلة في قلب الطاولة الاقليمية والدولية. |