|
فلسطين ليست اليمن
نشر بتاريخ: 29/03/2015 ( آخر تحديث: 29/03/2015 الساعة: 09:48 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
ليس مستغرباً ما حدث و يحدث في اليمن الذي كان سعيداً، هذا هو حال الدول الضعيفة التي تتجاذبها السياسات والأيادي الدولية والإقليمية والعربية في لعبة النفوذ والسيطرة، فهو يحدث في ليبيا وحدث في دول كثيرة من العالم في السنوات البعيدة و القريبة، فهي لعبة منذ الازل قديمة جديدة لعبة الاقوياء مقابل الدول العربية الضعيفة والمستباح دمها وخيراتها.
ما يحدث أمامنا هو نسخة جديدة من العاب الحاسوب الامريكية وبنكهة عربية، دولة ضعيفة مفككة بفعل الجيرة والصراع الداخلي، من دولة ذات تاريخ عميق وحضارة عظيمة إلى دولة من القبائل والانهيار و يباع فيها السلاح على قارعة الطريق، و لا تدرك قيمة قارعتها على قارتين وهي المدخل لأهم ممر ملاحي في العالم. منذ سنوات واليمن تتلاشى ما جعلها مطمعاً ومكاناً للتنافس الدولي والإقليمي، غاب لاعبين كبار من قماشة الاتحاد السوفيتي و عبد الناصر، وظل لاعبين متمسكين بها كملعب مهم وفي مقدمتهم أمريكا والسعودية الحليف الوفي للأولى، وبرزت إيران التي لم تغيب وكرست نفسها كلاعب لا يتخلى عن جهوزيته واستعداده الكامل للاستحواذ على الملعب للانطلاق وتهديد ملاعب مجاورة والسيطرة عليها. كانت لعبد الناصر اطماع استراتيجية لحماية الامن القومي المصري وأهمية باب المندب له و حلمه بتعميم القومية العربية وتحرير اليمن من نظام الامام الرجعي الذي كان يحكم اليمن بمساعدة وهيمنة السعودية، فغرق عبد الناصر في مستنقع اليمن وخرج ولم يعد، ولم تعد مصر كما كانت وانعزلت وأغلقت الأبواب على ذاتها حتى عهد مبارك مرورا بالسادات. وبقيت المنطقة العربية ومنها اليمن على حالها راكدة تنبعث من مياهها الآسنة رائحة التخلف و ترزح في الظلام و تغرق في الاستحواذ و الاستقطاب والأحلاف التي تحافظ على الأنظمة وسيطرتها على مقدرات الشعوب ونهب خيراتها وغياب العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية. اليمن كباقي الدول العربية حقق وحدته شكلا بعد حروب أهلية، لكنه ظل منقسماً، ولم يستطع مشايخه وحكامه تشكيل دولة اليمن الحقيقية وبناء دولة المؤسسات ومنها الجيش على أسس وطنية لحماية مقدرات الدولة والشعب، وليس جيش لحماية النظام وقبيلته وعند اول اختبار سقط وانهار في وحل الانقسام والتمييز وإشعال الطائفية التي لم نسمع عنها من قبل إلا بعد ان زرعت السعودية وإيران مجموعاتها المسلحة من القاعدة الى انصار الله. هذا الانقسام كان وما زال برعاية سعودية ايرانية وفشل شيخ قبيلته على عبد الله صالح، وبعدم قدرة اليمنيين على فهم واقعهم ومصلحة بلادهم، كان همهم وما زال السيطرة وبسط كل فئة نفوذها على اليمن وتحقيق اجندات دولية و اقليمية وعربية بصبغة طائفية وغياب أي اجندة داخلية لحماية اليمن وأهله، إلى ان غرقوا في الدم بالتناحر القبلي والطائفي. وفي ظل حالة الهوان العربي نبقى نحن الضحية وننظر بحسرة و ألم لهذا التحالف وموقفنا منه، تحالف شكلته السعودية بنكهة طائفية وتستغله بشكل عربي، والقيادة الفلسطينية ومشايخها تحمسوا لهذا التحالف وطالبت أن تستكمل عاصفة الحزم والحسم كي تقضي على الفتن في مناطق وأماكن عربية اخرى ومنها فلسطين خاصة غزة التي تمردت على الشرعية. نحن اصحاب حق و نعاني الانقسام المستمر بفعل ايدينا وتدخلات خارجية اقليمية ودولية، هذه ليست معركتنا ويجب ان لا تكون كذلك، والمطالبة بعاصفة حزم في غزة هو خطير جداً ولا يعبر عن الاهداف الفلسطينية بإنهاء الانقسام ومقاومة الاحتلال. هي حرب السعودية بدعم أمريكي ضد ايران وتم ترتيبها و تكييفها مع المعايير الدولية، تلك المعايير التي ما زالت تسمح باحتلال فلسطين وتحاصر قطاع غزة وتهويد القدس وغول الاستيطان والعنصرية، وهي التي أعطت مؤخرا الضوء الاخضر للاحتلال لاستباحة الدم الفلسطيني طوال 51 يوماً وما زالت تستبيحه. فلسطين ما زالت ترزح تحت الاحتلال ويجب ان لا نكون ضمن أي حلف من هذه الاحلاف وتجاربنا السابقة في تأييد دولة على حساب اخرى دفعنا ثمنه وما زلنا باهظاً، وذاكرتنا ليست ضعيفة ففي مثل هذه الايام من العام 2002، عقدت القمة العربية في بيروت وقوات الاحتلال كانت تحاصر مقر الرئيس الراحل ابو عمار! القيادة الفلسطينية وضعت نفسها في هذا التحالف ولم تتعلم من تجارب الماضي فتلك الدول تعمل لمصلحتها، كان على القيادة الفلسطينية ان تدعو القمة العربية الى تبني تشكيل لجنة لحل الازمة ودعوة اليمنيين إلى الحوار وليس المطالبة بعاصفة حزم في فلسطين، كما يجب عليها ان تدعو الجامعة العربية الى التدخل الجدي وتحقيق المصالحة الفلسطينية وفرض حل ملزم وما التوصل اليه الفلسطينيين من اتفاقيات وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني. |