|
نعم هناك اسباب للتفاؤل
نشر بتاريخ: 04/04/2015 ( آخر تحديث: 04/04/2015 الساعة: 22:31 )
الكاتب: عوني المشني
صديقي الذي لا اشك في ذكاءه يسالني : لماذا انت متفائل ، وكيف تتفائل وانت ترى الاستيطان والتهويد والغطرسة الاسرائيلية ؟ كيف تتفاءل وانت ترى التشرذم الفلسطيني ؟ كيف تتفاءل وانت ترى الحالة العربية ؟ ايوجد ما يدعو للنفاؤل ؟!!!!
وهنا انا اجيب ، وبطريقتي الاسرائيلي يفرض حقائق على الارض ، الفلسطيني يفرض مفاهيم سياسية ، وعندما يصطدم الواقع مع المفاهيم السياسية السائدة فان من يجيد ادارة المعركة هو من يحقق نقاطا جديدة لصالحة ، خسر الاسرائيليين المعركة على تقمص دور الضحية ، وهم في طريقهم لخسارة المعركة على تقمص دور الواحة الديمقراطية في الشرق ، استبدل العالم مصطلح واحة الديمقراطية بمصطلح التمييز العنصري ، ربما ان هناك فصل وهمي بين اسرائيل والحكومة اليمينية في اسرائيل ، في العقل الرسمي الاوروبي ، هذا الوهم سينتهي لان العنصرية ليست فكر حزبي اسرائيلي وانما هي تشريعات ونظم وقوانين وخيرا اصبحت ثقافة اسرائيلية ، الاسرائيلي ، خسر معركة ايران ، ومعركة ايران بعمقها الاستراتيجي معركة اكبر من حدود الجغرافيا واعمق من خلاف على اتفاق على النووي الايراني ، المعركة هنا تتمحور حول المصالح فالمصلحة الامريكية هي العليا ، هذا هو جوهر الخلاف ، واكثر من هذا فان امريكيا تستطيع التخلي عن الدور الوظيفي الاسرائيلي وربما ايران تستطيع القيام بما لم تقم به اسرائيل ،هذا غير دول الخليج ، اذن خسارة معركة ايران خسارة بالمفهوم الاستراتيجي لدور وتراجع المصلحة الاسرائيلية في المفهوم الاستراتيجي الامريكي ، واكثر من هذا فان هذا الموقف الامريكي ينسحب على الموقف الاوروبي وبشكل اعمق وهذا يزيد الخسارة الاسرائيلية ويضاعفها . اسرائيل تخسر ايضا ، الانضمام الى الجنائية الدولية على وجه الخصوص ، هذا الانضمام لن يجلب قيادات اسرائيلية الى المحاكم والسجون ، ولكنه سيقيد اليد الاسرائيلية ولن يترك اسرائيل قادرة على ممارسة جرائمها بحرية مطلقة كما كان الامر سابقا ، سيضع قيودا جديدة وحتى لو كانت محدودة ، اما معركة المقاطعة فتلك قضية اكبر واعمق بكثير ، المقاطعة استطاعت حتى الان ان تحول اسرائيل في الرأي العام من واحة الديمقراطية الى مستنقع التمييز العنصري ، من دولة القانون الى دولة السلب والاحتلال ، من شعب الضحية الى المجتمع الجلاد ، ومن الدولة الصغيرة المعرضة للعدوان الى القوة الغاشمة المعتدية ، هذا حتى الان ، والحبل على الجرار ، المقاطعة تقتحم امريكيا بمؤسساتها الكنسية والاكاديمية ، تقتحم الشركات العملاقة في اوروبا ، وتقترب من اقتحام مجال الرياضة والثقافة والفنون ، المقاطعه سلاح ناعم ولكنه سلاح قاتل . واذا كانت اسرائيل تفرض حقائق على الارض فانها حقائق تزيد الازمة الاسرائيلية ولا تخففها ، المستوطنات التي امتدت كالسرطان في الضفة ، يقابله التمدد الديمغرافي الفلسطيني الذي اصبح اكثر من نصف سكان فلسطين التاريخية ، تطبيق قوانين اسرائيلية في الضفة يقابله تصاعد قوة الجمهور العربي داخل الخط الاخصر ليصبح ثالث قوة في البرلمان الاسرائيلي ، واذا كانت اسرائيل بتلك الحقائق قد اجهزت على حل الدولتين فانها قد فتحت الباب واسعا على حل الدولة الواحدة ، باختصار شديد ، نعيش اللحظة الصعبة ، العسيرة ، والمؤلمة ، ولكن الاسرائيلي ، يعيش المستقبل القلق ، الغامض ، والموجع . الجديد الذي يعزز تفائلي هو نجاح اليمين الاسرائيلي ، هذا النجاح الذي سيعجل عزلة اسرائيل الدولية ، سيعمق ازمتها مع الولايات المتحدة ، ويعزز واقع حل الدولة الواحدة ، هذا النجاح الذي قطع الطريق على انعاش مفاوضات الوهم ، واسقط المراهنة على انقاذ حل الدولتين ، ومنع ترميم العلاقات مع الولايات المتحدة . نجاح ليس لليمين الاسرائيلي وانما نجاح لاسرائيل العنصرية الواضحة ، وتسريع وتيرة السير على طريق الازمة . للذين لا يرون هذا عليهم ان يتذكرو جيدا ان هناك انجازات قد تحققت ايضا ، شعبنا تجاوز مرحلة الذوبان ، فرض كينونته السياسية ، حاضرا على الخارطة بكثافه ، هذا ليس بسيطا ولم يكن سهلا ، هذا فشل كبير للصهيونية بفكرها ، فشل ذريع لمقولة ارض بلا شعب ، وفشل لمنطق الكبار يموتون والصغار ينسون للذين لا يرون ذلك عليهم ان يدققو النظر جيدا ، نحن في صعود والاسرائيلي في تراجع ، هذا الوضع هو عكس الصورة التي كانت سائدة خلال الستون عاما الماضية اسرائيل تجيد تضييع الفرص ، لا بل تجيد اغلاق الابواب امام الفرص ، كان رابين فرصة اسرائيل فقتلوه ، ياسر عرفات كان فرصة فريدة لن تتكرر ، قتلوه ايضا . ابو مازن شكل لربما الفرصة الاخيرة ، وان لم يقتلوه فقد افشلوه ، نعم فشل ابو مازن فشلا ذريعا في استراتيجيته القائمة على المفاوضات كوسيلة وحيدة لتحقيق السلام ، تحولت المفاوضات الى منهج اسرائيلي يراد منه تكريس الاحتلال ، ادرك ابو مازن هذا فوضع شروطا للمفاوضات تجعل منها اداة عمل للوصول الى سلام وهذا وضع حدا لاستمرار العبثية في المفاوضات . انه اليمين الذي لا يرى ابعد من انفه ، جنون القوة ، المنطق التقليدي للاستعمار الكولونيالي ، هناك بعض الاسرائيليين يدركون ذلك ويفهمون صيرورة التاريخ ، لكنهم على درجة من الجبن من صلف اليمين الى حد الصمت ، او على درجة من الضعف الى حد فقدان التاثير ، عشرات المثقفين ، عشرات الجنرالات ، عشرات الاعلاميين ، كلهم بالعشرات ، وعشرات الاصوات الخجولة لا تكفي لاحداث تغيير في الوعي الجمعي لمجتمع . هذا لا يكفي للتفاؤل ؟!!!! ربما لا يكفي لمن يعيش الم اللحظة الحاد والقاسي ، لكن الايمان الذي يصل حد الهوس يفقد الانسان احساسه بالالم وهو ينظر بوعي الى المستقبل ، واعترف بدون خجل انني مسكون بايمان لا يتزعزع بالمستقبل ، ورغم كل ما قرأت عن حتميات التاريخ فانني لم افهمها كما يجب الا بعد قرائتي المتانية لمسيرة اسرائيل ، اسرائيل تجسد الحقيقة اليقينية الاهم وهي ان الاستعمار الكولونيالي مساره الهزيمه ، واذا لم تتوفر قوى تهزمه فانه يحمل بذور هزيمته في ذاته ، وهي كذلك اسرائيل ، فانها بمسلكها تضع مقدمات فشلها بل تكرسه ، اعلن بدون تردد انني متفائل ، واعلن بدون شكوك بانني ارى نهاية المشروع الكولونيالي الصهيوني ، واعلن بدون خجل اننا في منتصف الطريق ، اكثر او اقل قليلا ، باتجاه دولة ديمقراطية واحدة ، واعلن ودون اوهام بان اليمين الاسرائيلي هو اكبر واقوى حليف - بدون وعي منه - للتحولات التي ستقود لهذه الدولة وباسرع وبما لا يقارن مما يتوقع الكثيرون . بالمقابل هناك تخوفات مشروعه ، ان نستعجل الحلول وباي ثمن ، تخوف له ما يبرره ، يعزز هذه التخوفات شخصنة المفاوضات من البعض ، يعتبر فشل المفاوضات فشلا شخصيا له ، وشيئ اخر هناك من ارتبطت مصالحه باستمرار التفاوض وايا كانت المفاوضات والى اي نتيجة وصلت ، هذا يجعلني متخوفا ، خاصة ان هناك من يتجاهل الازمة الاستراتيجية الاسرائيلية المنفاقمة مع الوقت ، ومتخوف من الاخفاق في ادارة شئوننا الداخلية ، نحتاج الى ادارة معقدة ، ادارة للزمن اولا ليصبح يعمل لصالحنا ، ادارة لاقتصاد صمود يعزز صمود شعبنا في وطنه ، ادارة للاختلاف السياسي ، ادارة لمقومات الكفاح وان كانت متواضعه ، انها ادارة تحتاج الى ابداع وجدية ومسئولية ، هنا انا اتخوف ، وتخوفي على ضوء ما نشاهد له مشروعية على كل الاحوال ، وحتى في ظل هذه التخوفات المشروعه هناك ما يدعوا وبقوة للتفاؤل ، وتفاؤل دون تردد او شكوك ، |