وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

التنقيب.. مسار العثور على الآثار والكنوز

نشر بتاريخ: 06/04/2015 ( آخر تحديث: 07/04/2015 الساعة: 10:11 )
التنقيب.. مسار العثور على الآثار والكنوز
بيت لحم- تقرير معا - يعتبر الاهتمام بالمعالم والكنوز الآثرية حالة حضارية تحمل في طياتها قيماً ودلالات تاريخية عظيمة، فهي الشاهد على عمق الحضارات التي توالت عبر الأزمنة والعصور، كما توفر تصوراً واسعاً عن نمط البناء وفنون العمارة الذي يستهوى الكثيرين.

وزيرة السياحة والآثار رولى معايعة أوضحت لـ معا أن المواقع الآثرية في المناطق المصنفة إسرائيلياً (C) تتعرض للنهب والتدمير، إضافة إلى سرقة وتجارة غير مشروعة بها، نتيجة عدم السماح لموظفي وزارة السياحة والآثار دخول هذه المواقع.

وأوضحت معايعة أن الوزارة يسمح لها بالتنقيب عن الآثار فقط في المناطق المصنفة (A) و(B)، حيث نجحت في اكتشاف العديد من المواقع الآثرية التي تعود لحضارات سكنت أرض فلسطين.

تقنيتان للتنقيب

وعن عمليات التنقيب عن لقى آثرية، قال القائم بأعمال مدير عام التنقيب والمتاحف في وزارة السياحة والآثار جهاد ياسين لـ معا، إن في فلسطين تقنيتين مستخدمتين للكشف عن الآثار، الأولى تتمثل بالتنقيب المنظّم والمدروس ضمن خطة شاملة تحدد موقع التنقيب والفريق وموعد البحث، ويتم ذلك بالشراكة مع الجامعات الفلسطينية والدولية.

أما التقنية الثانية فتتمثل بالحفريات الانقاذية أو الطارئة، وهي التي تتم على ضوء أعمال البناء والتوسع العمراني ومشاريع البنية التحتية.

بدء المهمة والتحرك للموقع

وما أن تصل معلومة تفيد بالعثور على موقع آثري أو الاشتباه باحتوائه على آثار، تتحرك الفرق المختصة إلى المكان وفق القوانين والمعايير الدولية وتبدأ بإجراء عمليات التنقيب حسب عدة أسس علمية، من بينها طريقة "حفر المربعات" من خلال تقييم المنطقة وربطها بخارطة المساحة، ثم الحفر طبقة تلو الأخرى، يرافقها أعمال التوثيق بالرسم والصور.

ويقول ياسين لـ معا إن عملية التنقيب تتطلب حذراً ودقة شديدة أثناء الحفر؛ حتى لا تتعرض أي لقى آثرية للتلف أو تغيير معالمها، الأمر الذي دفع إلى توفير اخصائيين عن التنقيب بحسب المادة التي يتم العثور عليها.

وشدد على ضرورة أن يفكر كل أخصائي في كل لحظة وفي كل خطوة يريد أن يخطوها أثناء التنقيب واستخراج اللقى الآثرية، مؤكداً أن أخطاء عالم الآثار أثناء التنقيب قد تشوه معالماً تاريخية وحضارات بائدة تركت بصماتها في تاريخ الإنسانية.

من الحفريات إلى المختبرات

وبعد أن يستخرج المنقبون القطع الآثرية من موقع الحفرية، يمضي الباحثون في طريق الكشف عن تاريخ وعصر اللقى الآثرية، حيث تنقل إلى مختبرات خاصة تخضع فيها للفحص والدراسة لتحديد نسبها وحقبتها الزمنية.

وبين ياسين أن اللقى الآثرية تنقل للمختبرات ويتم فحصها بطرق علمية من بينها طريقة "الكربون 14" والتي من خلالها يتم قياس العمر الزمني للمادة الآثرية عن طريق تحليل مخبري يعتمد اخذ عينات من المادة تخضع للفحص وتحمل هامش خطأ يقدر بـ 500 سنة قبل أو بعد العصر الذي وجدت فيه.

وأشار إلى أن هذه العملية تتم على بعض القطع الآثرية التي يصعب تحديد معالمها والتي قد تحتاج في بعض الاحيان إلى الترميم، وتتم في مختبرات عالية التقنية بجامعات دولية، ولا توجد في فلسطين نظراً لما تحتاجه من تجهيزات مكلفة جداً.

التسجيل والتوثيق

إن تسجيل اللقى الآثرية بالوسائل العلمية الدقيقة ثم توثيق النتائج ودراستها وتقييمها يحتل مكاناً مرموقاً بين النشاطات الآثرية، وتبين أعمال التسجيل والتوثيق الحالة الفعلية للآثار في وقت من الأوقات.

وأكد ياسين أنه يتم تسجيل كل قطعة اثرية حسب المعايير العلمية، حيث تسجل المادة المصنعة منها وتقنيات التصنيع والشكل والحجم والمقياس واللون... إلخ، وبعد ذلك تمنح كل قطعة اثرية رقماً وطنياً يعطي هوية لها.

وتابع: التسجيل والتوثيق يحمي الموقع الآثري وما يحتويه من الضياع وقت الحروب والكوارث، ويحميه من التعرض للسرقة أو التزوير.

الحفظ والتخزين

لحفظ وتخزين الآثار أهمية كبيرة في ابقائها على الشكل الذي وجدت عليه، وعدم تعرضها للتلف أو التزوير أو السرقة، وهو ما حدثنا عنه مدير عام حماية الآثار في فلسطين صالح طوافشة.

وقال طوافشة لـ معا إنه وبعد انتهاء عملية التسجيل والتوثيق ودراسة القطع والمواقع الآثرية يتم نقلها إلى مخازن ومستودعات خاصة تخضع لمعايير علمية وتقنية.

وأضاف أنه يتم عرض بعض هذه القطع في المتاحف، على أن يتم تفقدها بشكل دوري للتأكد من عدم تعرضها لأي تغييرات بفعل عوامل طبيعية أو بشرية.

حماية المواقع الآثرية

ونظراً لخصوصية الوضع السياسي والأمني في فلسطين جراء الاحتلال، وعدم الترابط الجغرافي بين المدن والمحافظات والسيطرة الإسرائيلية على غالبية المواقع الآثرية، يصعب حماية المواقع الآثرية بالشكل المطلوب.

وأكد طوابشة أنه ووفق القانون الفلسطيني تتحمل إدارته المسؤولية عن حماية المواقع الآثرية من السرقة والتخريب، وتتابع ما يجري في المواقع الآثرية من خلال جولات ميدانية تقودها طواقم متخصصة بالتنسيق مع شرطة السياحة والآثار لوقف أي اعتداءات أو مخالفات في هذه المواقع.

تجارة الآثار

ولفت مدير عام حماية الآثار في فلسطين إلى أن ابرز الصعوبات التي تواجه الطواقم المختصة في الحماية، تتمثل بعدم القدرة على حماية المواقع الآثرية في المناطق (C)، ما يجعلها فريسة سهلة أمام جشع لصوص الآثار، ويعرضها للتزوير من قبل إسرائيل.

ونوه إلى تنامي ظاهرة "تجارة الاثار" بشكل كبير مع تشجيع الاحتلال للصوص الآثار، مذكراً بأن وزارة السياحة والآثار واجهت صعوبات بالغة منذ نقل الصلاحيات على المواقع الآثرية في العام 1994 بحمايتها والسيطرة عليها.

وأكد طوافشة على أهمية تعاون المواطنين في التبليغ عن أي سرقات تتعرض لها المواقع الآثرية، مشيراً إلى أنه في السنوات الخمس الأخيرة نجحت الوزارة في نشر الوعي بين المواطنين بأهمية حفظ الآثار والتراث.
يذكر أن علم الآثار الفلسطيني هو نتاج عملية تاريخية متعددة جرت على أساس التداخل بين عناصر التكوين التاريخي لعلم الآثار في أوروبا والنشاط الاستشراقي.

واستغلت الحركة "الصهيونية" العالمية نمو علم الآثار في إعادة تكوين "الغيتو اليهودي" المغلق في فلسطين بعدما أدركت استحالة المحافظة عليه في أوروبا وفق أسس ما تدعيه بـ"الأحقية التاريخية في أرض التوراة".

تقرير: أحمد تنوح