|
حوار حول المتغيّرات بظل "عاصفة الحزم" وتأثيرها على فلسطين
نشر بتاريخ: 11/04/2015 ( آخر تحديث: 11/04/2015 الساعة: 16:29 )
البيرة – معا - ناقشت مجموعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والنشطاء المتغيرات في المنطقة العربية، لا سيما في ظل "عاصفة الحزم"، وتأثيراتها وتداعياتها على القضية الفلسطينية، وعلى الأمن القومي العربي.
وتناول الحوار موقف القيادة الفلسطينية والفصائل مما يجري في المنطقة، بما في ذلك السياسة المطلوبة إزاء انكشاف التجمعات الفلسطينية في بلدان تشهد نزاعات داخلية على مخاطر تهدد أمنها ووجودها. وتنوعت آراء الحضور حول ذلك، فهل تساند القيادة والقوى والوطينة والإسلامية طرفًا في مواجهة طرف، أم تتبع سياسة النأي بالنفس، أم تدخل في تحالفات من شأنها إعادة إحياء القضية الفلسطينية وجعلها على سلم أولويات هذا الحلف أو ذاك، أم تحمل طرفي النزاع في أي دولة عربية مسؤولية ما يجري وعدم الوقوف إلى جانب أحد الطرفين ضد الآخر، كون القضية الفلسطينية تتطلب الدعم والتضامن من كل القوى والأطراف العربية والإقيمية والدولية، أم تجمع ما بين سياسة النأي بالنفس عن أي صراع داخلي وسياسة الدفاع عن المبادى والقيم الأساسية، المتمثلة بالحرية والعدالة والتنمية والديمقراطية والاستقلال واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية؟ وأجمع الحضور على أن القضية الفلسطينية تتأثر سلبًا وتتراجع بسبب ما يعصف بالمنطقة من متغيرات، وخاصة في ظل "عاصفة الحزم". وأشاروا إلى أن شكل الدولة العربية ما بعد الاستعمار، لاسيما من حيث اقتراب بنيتها وممارساتها وتحالفاتها من النظام السياسي أكثر من الدولة، لم يخدم القضية الفلسطينية، بالرغم من دعم الشعوب للقضية الفلسطينية ووقوف الأنظمة إلى جانب دعم الموقف الفلسطيني في معظم الأحيان، وتقديم المساعدات للفلسطينيين. واعتبروا أن هناك عدة أسباب وراء ذلك، من أبرزها أن بناء الدولة العربية لم يقم على أساس المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية في نفس الوقت الذي تعرضت فيه المنطقة إلى مؤامرات من أطراف متعددة، على رأسها إسرائيل وقوى الاستعمار القديم والجديد؛ سعت إلى تدمير الدولة وتقسيم البلدان وحرف الصراع وكأنه صراع ديني بين المسلمين والمسيحيين ومذهبي بين السنة والشيعة والأقليات. وقال الحضور في ضوء ذلك إنه يتوجب على الفلسطينيين تحديد موقف قائم على دعم مفهوم الدولة السيادية التي تلتزم بقيم المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية، ودراسة شكل الدولة المتناسب مع ذلك ما بعد الثورة، مثل نموذج تونس، إذ اتفقت الأطراف فيها على شكل الدولة قبل إجراء الانتخابات، وهذا الشكل أتاح لمعظم أطياف العمل السياسي والاجتماعي التونسي الدخول في حكومة وحدة وفي شراكة سياسية. وأكدوا أن الانطلاق من هذه الرؤية لبناء الدولة العربية لا يعتبر تدخلا في الشؤون العربية، بل ينسجم مع كون فلسطين جزءا من النظام العربي وعضوا في جامعة الدول العربية، ومن حقها وواجبها الإسهام في تطوير هذا النظام العربي. وتطرقوا إلى ما يتعرض له مخيم اليرموك من مذابح وحصار وتجويع وقصف، وإلى ضرورة ارتقاء القيادة الفلسطينية والقوى إلى مستوى الأخطار والتحديات التي تواجه المخيم وتهدد بتعرضه لمجزرة جماعية. جاء ذلك خلال لقاء عصف ذهني نظمه المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) حول تأثير المتغيرات العربية في ظل "عاصفة الحزم" على القضية الفلسطينية، بحضور عدد من السياسيين والأكاديميين والنشطاء. وافتتح اللقاء، هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، حيث أشار إلى أن للقضيّة الفلسطينيّة خصوصيّة نابعة من أنها قضيّة عادلة قادرة على الحصول على دعم كل الأطراف من دون الانحياز لطرف ضد الطرف الآخر، وأن هذا اللقاء سيخصص لبحث تداعيات المتغيرات العربية، وخاصة في اليمن، والاتفاق الأميركي الغربي الإيراني، وتطورات مخيم اليرموك، على القضية الفلسطينية، وعلى كيفية الخروج من حالة الاستقطاب والانقسام والتنافس بين طرفي النزاع الفلسطيني نحو استمالة طرف عربي على آخر. وقدم د. عزمي الشعيبي، مفوض الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان، مدخلًا للحوار، أشار فيه إلى أن القضية الفلسطينية تأثرت سلبًا بتحديات تتعلق بالأمن القومي العربي، وفوز الإسلام السياسي في انتخابات ما بعد الثورات، والتهديد المتمثل بالتيارات الإسلامية المتشددة. ونوه إلى أن هناك حوارت جرت بين الأطراف الإقليمية والدولية الرئيسية التي لها مصالح في المنطقة، والمتمثلة في الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا وتركيا وإيران وإسرائيل، للاتفاق على ما يجري في المنطقة من متغيرات، بما في ذلك تبني مقاربة مفادها أنه يترتب على الإسلام السياسي إذا وصل إلى الحكم مكافحة الجماعات الإسلامية المتطرفة، واحترام الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، والحفاظ على النفظ والمحافظ النقدية. وأضاف أن موقف السلطة الفلسطينية وحركة حماس مما يجري في المنطقة ملتبس، ولم يأخذ بالاعتبار مصلحة القضية الفلسطينية أولا، وعلينا أن ننأى بأنفسنا عن التدخل في الصراعات العربية الداخلية، فتجربتنا كفلسطينيين تظهر أن أي حلف عربي أو إقليمي لم يضع القضية الفلسطينية على سلم أولوياته، فالتحالفات العربية تركز على الأمن القومي العربي، وكل دولة تبحث عن مصالحها، أو يمكن تحميل الطرفين المتنازعين مسؤولية الصراع، وعلى القيادة والفصائل الفلسطينية أيضًا إعادة النظر فيما يجري في المنطقة في ضوء مصلحة القضية، وما يخدمها في سياق التحرر من الاحتلال وإنجاز الحقوق، مؤكدا أن النأي بالنفس لا يعني عدم تبني رؤية فلسطينية إزاء شكل الدولة العربية المنشودة. وأشار الحضور إلى أن الأمن القومي العربي يستهدف حماية الأنظمة والشرعيات القائمة، ولا يستهدف حماية الوطن والدولة والشعوب وما يحيط بهما من أخطار، وبالتالي يدفع هذا الأمر إلى تقارب في المصالح ما بين الأطراف العربية وإسرائيل، على قاعدة ما يسمى "المخاطر والتهديدات المشتركة"، الأمر الذي قد يؤدي إلى تسويات انتقالية للنزاعات في بعض دول المنطقة هدفها الحفاظ على استقرار الأنظمة وفق مقاربات أمنية، وقد تجري محاولات لكي تكون القضية الفلسطينية جزءًا منها، لاسيما في ضوء موقف إسرائيل الداعي لمعالجة الصراع الفلسطيني في سياق إقليمي وفق حلول مؤقتة لا تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو أمر سيكون على حساب الحقوق والأهداف الفلسطينية، وهذا ما حذر منه الحضور. وبين البعض أن هناك مشروع فلسطيني يتعلق بشكل الدولة، متمثل بوثيقة إعلان الاستقلال التي تضم أسسًا سليمة يمكن في حال تطبيقها أن تقدم نموذجًا للدولة، وأن المطلوب إجراء حوار ونقاش بين الأطراف الفلسطينية على اختلاف توجهاتها الوطنية والقومية والإسلامية، من أجل بلورة شكل مناسب للدولة الفلسطينية، إضافة إلى تحديد الخطوط العامة للسياسة الفلسطينية فيما يخص الصراعات والتحالفات العربية والإقليمية، لتكون القضية والحقوق والأهداف الفلسطينية على سلم الأولويات والاهتمامات. واعتبر البعض الآخر أن ما يجري في المنطقة هو تقويض لفكرة الدولة القومية أو الوطنية، وهذا ما حصل ويحصل في العراق وسوريا وليبيا واليمن. وخلص الحضور إلى أهمية هذا الموضوع، وأنه بحاجة إلى حوار عميق وأوسع من أجل المساهمة في بلورة السياسات المطلوبة. |