|
غزة تستصرخكم.. متى تغلبوا المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية؟
نشر بتاريخ: 12/04/2015 ( آخر تحديث: 12/04/2015 الساعة: 11:27 )
الكاتب: فهمي شراب
وقع الشعب الفلسطيني ضحية التجاذبات السياسية في أدنى سُلم (هرم ماسلو) للاحتياجات البشرية، حيث تدور فئات عريضة تتسع دوائرها يوماً بعد يوم، وحرباً بعد حرب، في ساقية البحث عن المأكل والملبس والمشرب، ويضاف إلى ذلك الحاجة إلى الكهرباء، التي يراها الشعب في غزة ثمانية ساعات في اليوم كأقصى أمانيه ، وذلك منذ ثمانِ سنوات، وقد تمددت أطياف الفقر والمرض والعوز في جميع مناحي الحياة الفلسطينية، وتراجعت المستويات المعيشية والصحية والاجتماعية بشكل غير مسبوق على حساب انحسار أكبر لبوارق الأمل على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، وخاصة بعد معركة العصف المأكول على قطاع غزة في يوليو 2014، هذا الانتصار الذي لم يتم استغلاله وقطف ثمار غراسه، وذلك بفعل التجاذبات الداخلية داخل مكونات النظام السياسي الفلسطيني.
إن الشعب الفلسطيني الذي دفع من دمه وحياته وبيته الثمن المرتفع يتطلع لحياة أفضل مثل باقي الشعوب، يريد أن يتنسم هواء الحرية والكرامة والعزة والاستقلال، لكنه واقع ضحية للخلافات الهيكل القيادي المشكل لجميع الأطر التنظيمية التي يسبقها ذلك الشعب في كل مستويات الشعور بالمسؤولية والتضحية. إن الشعب الفلسطيني الآن يتطلع لعنوانه العريض "منظمة التحرير" ذات الثقل الكبير والإرث التاريخي الحافل، التي كان من المفترض أن لا تدع أي خلاف يسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في فلسطين. وان تكون عنوانه العريض، فان الشعب لن يغفر لفتح وحماس تعطيلهما للمصالحة، تلك المصالحة التي بات يتطلع الشعب إليها كمنقذ ومخلص لهذا المأزق الذي لا يوجد مثيله في تاريخ فلسطين. إن السلطة الفلسطينية تقول بأنها في حلٍ من القيود الإقليمية والدولية وان تلك المتغيرات ليس لها أي تأثير عليها ولا تمثل أي ضغوط تجاه إنهاء الانقسام، وتنفيذ بنود المصالحة بنسخها المتكررة، ونفس الشيء تقوله حماس، وتؤكد بأنها تتمتع باستقلال في اتخاذ قراراتها وليس عليها أي قيود إقليمية أو دولية، وتستطيع أن تكون اليوم مع إيران، وغداً مع السعودية، وأنها في حلٍ من أي قيود خارجية، كل ذلك يجعل دوائر الاتهام حول الطرفين تضيق أكثر واكثر مع اتضاح الرؤيا وانكشاف الأطراف. إن القيادات الفلسطينية ما زالت تتخذ "الفلسطيني" كأداة وليس هدف، فهي ترمي به في معارك ليس لنا فيها ناقة ولا جمل، ففي الليل تنادي بتجنيب الفلسطينيين أي صراعات في الدول المجاورة، وفي النهار تلقي بهم في متاهات الردى، وساحات القتال المشتعلة. لا يمكن أن تستمر هذه الخلافات إلى ما لا نهاية، فان الكثير من الدول وحتى العربية الشقيقة تعزف عن المشاركة بأي مساهمة مالية بسبب استمرار الخلاف والشقاق الفلسطيني. إن عشرات الآلاف ممن قصفت منازلهم ومبانيهم وباتوا في العراء تحت الأمطار يلعنون ليل نهار جميع القيادات، و المسبب لتعطيل المصالحة ومسيرة الاعمار. وخلاصة القول، فان الذي يستحق أن يقود هذا الشعب الرائع الذي ضرب كل أشكال البطولة والتضحية هو الطرف الذي يبذل جهد حقيقي لمساعدته والتخفيف عن كاهله، والذي يبدي تنازلات جمة من اجل حل مشاكل هذا الشعب، فالطرف الذي يلتصق من هموم الشعب أكثر ويبدي تنازلا من اجله، لا يخسر، لأنه يطبق نظرية Win-Win Theory وليس zero-sum theory والتي يكسب فيها الجميع, ويحقق ذلك الحزب انتصارا للشعب وإرادته ويلمس تلك النتيجة في أول انتخابات قادمة، فليتنافس الأطراف من اجل تقديم تنازلات حزبية أكثر من اجل هذا الشعب، وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية. فيما استشكل فلسطينياً، فمفهوم حل الأزمات لا يحتاج إلى تحليلات معمقة، بل يحتاج إلى تصويب المسار، وتصحيح التوجه، ليعود توجه وطني يخدم الشعب الذي يجب منحه سبل الحياة الكريمة التي يفتقدها، وتمكينه ورفع مستويات معيشته لكي يحافظ على منسوب عالٍ من مقومات الصمود أمام الاحتلال الإسرائيلي. إذا كان البعض ما زال يراهن على الخارج والقوى الإقليمية والمجاورة لكي يُخرِجوا له حلاً جذرياً من قبعة الساحر، فقد نسي أن الحل يأتي من الداخل، من خلال مصالحة ووحدة حقيقية، كشركاء في الدم والقرار والمصير. فإعادة ترتيب البيت من الداخل هو الحل، وليس برفع درجة الخصم السياسي إلى مرتبة العدو. ما زال الفشل يحيط بنا من كل جانب، والانقسام يتزايد ويأخذُ شكلاً مؤسساتياً، والموقف الفلسطيني في ضعف، والفشل عنواناً دائماً للمفاوضات، والمقاومة ليس لها ظهير سياسي، والنظام العربي تنصل من مسئولياته، و جعل من القضية الفلسطينية " شأناً فلسطينياً بحتاً"، واللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات بدون مأوى وبدون أدنى سبل الحياة. على ماذا نراهن؟ والى أين يريد أن يأخذنا البعض بعد أن تبين أنه ضل الطريق؟ لم يتبق أي رماد لذرها من جديد في عيون الفلسطينيين؟ ولم يتبق في قوس صبر الفلسطينيين منزع. فعلى من تقرئين مزاميرك يا قياداتنا؟ |